نجحت ادارة مانشستر يونايتد أخيراً في اتخاذ قرارين قد يكونا حاسمين لمستقبل النادي على المديين القريب والمتوسط، الأول اقالة المدرب النرويجي أولي غونار سولشاير بعد تردد طويل في اتخاذ قرار الاقالة الذي بدا منطقياً للمتابعين والنقاد والاعلاميين، والثاني تعيين المدرب الألماني رالف راغنينك، الذي يبدو مغموراً لكثيرين، حتى نهاية الموسم.
النجاح ليس في أخذ القرار، بل بأخذ القرار الصحيح، خصوصاً ما يتعلق براغنيك، رغم انه لن يقود الفريق سوى لشهور قليلة قبل أن يسلم العهدة الى ماريسيو بوتشيتينو في الموسم المقبل اذا سارت كل الامور مثلما هو متوقع لها، برحيل المدرب الأرجنتيني من تدريب باريس سان جيرمان، في أي وقت من الآن وحتى نهاية الموسم، وتسليم العهدة الى زين الدين زيدان.
البعض قد يتساءل، كيف سيكون مانشستر يونايتد وجد ضالته برانغنيك اذا كان سيرحل في نهاية الموسم؟ في الواقع رانغنيك سيبقى في النادي بحسب العقد لعامين ونصف العام، والهدف هو بناء الهيكلية الكروية في النادي ككل وليس الفريق وحده، مثلما فعل في السابق كمدرب ومدير كروي مع هوفنهايم وشالكه ولايبزيغ في المانيا وضمن فريق مشروبات الطاقة «ريد بول» المالكة للايبزيغ وسالزبورغ النمساوي، وهو بالضبط ما يحتاجه النادي وعانى من غيابه في السنوات الماضية، وهو وجود مدير كروي خبير باللعبة، يخطط ويبني مشروعاً كروياً ويكون صلة الوصل مع الادارة التي تدير الاعمال التجارية والتسويقية باقتدار لكنها تفتقر الى الثقافة الكروية، وهو ما يعني تطوير الفئات السنية والأكاديمية وتوسيع شبكة الكشافين والتركيز على نجوم من نوعية خاصة تتلاءم مع رؤية المدرب الألماني القائمة على الضغط العالي والمستمر واللعب الهجومي أو ما يسميه أسلوب «الهيفي ميتل» أو الموسيقى الصاخبة، بل راغنيك يعتبر الأب الروحي لهذا الأسلوب من اللعب المعروف بـ«غيغنبريس»، بل هو صاحب التأثير الكبير على اثنين من المدربين اللذين يعتبران من الأفضل في العالم حالياً، وهما يورغن كلوب مدرب ليفربول، وتوماس توخيل مدرب تشلسي، بل امتد تأثيره أيضاً الى مدرب ساوثهامتون الحالي رالف هازنهوتل ومدرب بايرن ميونيخ الحالي يوليان ناغلسمان.
كلوب اعتبر أن وصول المخضرم رانغنيك إلى رأس الجهاز الفني للغريم مانشستر يونايتد، يشكل «خبراً غير سار للفرق الاخرى» في الدوري الإنكليزي، نظراً للخبرة الكبيرة التي يتمتع بها مواطنه وقدرته على تنظيم الفرق. وقال: «للأسف، مدرب جيد آتٍ الى إنكلترا، الى مانشستر يونايتد. رالف مدرب ذو خبرة كبيرة جدا جدا. لقد بنى فريقين من العدم إلى قوة ضاربة في ألمانيا مع هوفنهايم ولايبزيغ. سيكون يونايتد منظما على أرض الملعب، يجب أن ندرك ذلك، من الواضح أن هذه ليست أخبارا سارة للفرق الأخرى». وتولى رانغنيك منصب مدير كرة القدم في لايبزيغ عام 2012 وساهم في قيادته من الدرجة الرابعة الى الاولى والتي خاض غمارها لأول مرة في موسم 2016-2017 وحل ثانيا خلف البايرن. وخلال تلك الفترة، تولى منصب المدرب في النادي في موسمي 2015-2016 وقاده مع نهايته الى دوري النخبة، ومن ثم في 2018-2019، كما صعد بهوفنهايم من الدرجة الثالثة الى الأولى في موسمين متتاليين بين 2006 و2011 عندما تركه الى لايبزيغ.
السؤال الكبير الآن، كيف سيتفاعل نجوم مانشستر يونايتد الكبار مع الاسلوب الجديد المتطلب لرانغنيك، فهل سيكون باستطاعة كريستيانو رونالدو القيام بالضغط العالي واغلاق المساحات على الخصوم بطاقة عالية وجهد كبير في كل دقيقة من الدقائق التسعين من المباراة؟ وهو سؤال أيضاً لجميع اللاعبين الذي خذلوا أنصارهم في الشهور الماضية ولم يقنعوهم بقدرتهم على مجاراة هذا الأسلوب عندما تواجهوا مع ليفربول ومانشستر سيتي، وربما نرى اليوم ضد تشلسي النسخة الأخيرة من هذا الفشل، تحت قيادة المدرب المؤقت والمساعد السابق لسولشاير، مايكل كاريك، قبل ان يتم الاعلان رسميا غدا الاثنين عن تعيين رانغنيك، وعن نهاية الحقبة البائسة لهذا النادي منذ تقاعد السير أليكس فيرغسون في 2013.
اليوم جماهير مانشستر يونايتد تشعر بتفاؤل حقيقي، اكثر مما شعرت به بعد تعيين الاسكتلندي ديفيد مويز أو الهولندي لويس فان خال أو البرتغالي جوزيه مورينيو، وبالتأكيد تشعر بثقة أكبر بعد رحيل سولشاير، أن مستقبل النادي سيكون بخير، لأن أخيراً الادارة وجدت ضالتها بمن سيعيد بناء هذا النادي ضمن المتطلبات العصرية، بل ربما سيتجرأ أنصار «الشياطين الحمر» للمرة الأولى منذ زمن طويل قول كلمة «سننافس» مانشستر سيتي وليفربول وتشلسي على لقب الدوري الانكليزي، وبايرن ميونيخ وباريس سان جيرمان وريال مدريد على لقب دوري أبطال أوروبا، هذا كله لأن الادارة اخذت للمرة الأولى قراراً صائباً.