على مدار السنوات التسع الماضية ظل مانشستر يونايتد، أحد أكبر الأندية في انكلترا والكرة الأوروبية، يصارع من أجل ايجاد خليفة مناسب لمدربه الاسطوري السير أليكس فيرغسون، من دون أن يحالفه الحظ، لكن اليوم يعم التفاؤل أنصار «الشياطين الحمر» بعد الاعلان عن تعيين المدرب الهولندي ايريك تن هاغ بدءاً من الموسم المقبل.
تن هاغ سيصبح المدرب الثابت الخامس للفريق الذي يعاني من تخبطات داخلية انعكست بسوء عروض في أرضية الملعب قادت الى معاناة حتى في التأهل الى دوري أبطال اوروبا، منذ رحيل السير الاسكتلندي، بعد خيار تعيين مواطن الأخير ديفيد مويز وبعده الخبير المحنك لويس فان خال ومن بعده البرتغالي المتخصص في اصطياد الالقاب جوزيه مورينيو ومن ثم الخيار العاطفي النوستالجي أولي غونار سولشاير، وبينهم المؤقتون راين غيغز ومايكل كاريك وحالياً الألماني رالف رانييك. ورغم انفاق أكثر من مليار و200 مليون جنيه استرليني على ضم لاعبين جدد خلال تلك الفترة، ما زال الفريق والنادي يعانيان من المزيد من التخلف والتراجع والتخبط وفقدان شريحة من الشعبية العالمية.
لكن الامل عاد مع تعيين تن هاغ، لأن بحسب بعض الجماهير سيكون هو المدرب الأول التكتيكي والمتخصص في صقل المواهب، منذ 9 سنوات، وسيرون في شخصيته الرزينة والمتواضعة والصارمة نقطة لبداية جديدة، فهو لم يأت هنا من أجل المال (يقدر عقده بـ4.9 مليون جنيه سنوياً) خصوصاً أنه يتحدر من عائلة مقتدرة، بل والده التاجر مليونيراً على غرار أخويه اللذين يعملان مع الوالد في شركته الخاصة، وكانت لديه الفرصة ان يشاركهم الثراء، وما زال، لكنه فضل كرة القدم، وهو لم يهرب يوما من التحدي، لكن المهمة الأكبر في مسيرته ستكون إعادة الهيبة الى يونايتد، مثلما أعادها الى أياكس، فريقه الحالي، بعدما أعاد الى الفريق كبرياءه في دوري الأبطال وسيطر محليا خلال السنوات الأربع التي قضاها على رأس جهازه الفني. ولم تكن مسيرته كلاعب ملفتة، إذ أن أفضل الفرق التي لعب معها كانت المغمور تفينتي (على ثلاث فترات)، وتوج معه بلقبه الوحيد في 2001 عندما أحرز كقائد كأس هولندا. وكان تفينتي أيضا المكان الذي أطلق فيه مسيرته التدريبية عندما عمل الى جانب مساعد مدرب مانشستر يونايتد ومدرب منتخب إنكلترا السابق ستيف مكلارين. وفي مهمته التدريبية الاولى في 2012، قاد تن هاغ فريق غو أهيد إيغلز الى دوري النخبة في هولندا. لكن عوضا عن اختبار نفسه في دوري الاضواء، اتخذ القرار الجريء بالإشراف على فريق الاحتياط في بايرن ميونيخ في دوري الدرجة الرابعة الالمانية. وتزامنت السنتان اللتان قضاهما في ميونيخ مع فترة تدريب بيب غوارديولا للعملاق البافاري، مع حرص تن هاغ على اكتساب أكبر قدر ممكن من المعرفة والخبرة من مدرب مانشستر سيتي الحالي وثقافة العمل مع نادٍ أوروبي عملاق.
تين هاغ صاحب الـ52 عاماً سيحظى بالوقت الكافي قبل بداية الموسم المقبل، لدراسة الفريق لمعرفة كيفية البدء بالهدم ومن ثم اعادة البناء، بعدما ترسخت ثقافة انهزامية بلا هوية في السنوات الأخيرة، أي أنه سيبدأ بترسيخ ثقافة جديدة تكون من ادارة قوية تسانده، مثلما الحال سيكون بحلول المدرب الحالي رانييك في دور المستشار الفني، والأمر قد يتطلب سنتين او ثلاث لتنظيف الفريق من العقبات ومن اللاعبين أصحاب الاجور العالية، ليبدأ من جديد بشخصية وهوية مختلفة، كي تتسنى له مقارعة مجموعة من أفضل المدربين في العالم، على رأسهم غوارديولا ويورغن كلوب وتوماس توخيل وأنطونيو كونتي.
كثيرون من أنصار يونايتد حول العالم يعتقدون أن تن هاغ الرجل المناسب في الوقت المناسب لإعادة ثقافة طال انتظارها في يونايتد، مثلما اعتقدوا أنه كان من المفترض أن تساعد عودة النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو الصيف الماضي فريقا مدججا بالنجوم على المنافسة على اللقب هذا الموسم، لكن ها هم على بُعد 23 نقطة من الجار السيتي المتصدر. لكن التفاؤل ينبع من تاريخ تن هاغ الذي حافظ على تقليد أياكس المتمثل في استخدام أكاديمية النادي كنموذج مستدام للنجاح. فمثلما نجح في صقل مواهب فرنكي دي يونغ وماتيس دي ليخت ودوني فان دي بيك (لاعب يونايتد الحالي) والمغربي حكيم زياش ضمن الفريق الذي وصل الى نصف نهائي دوري الابطال في 2019 قبل أن يفترقوا ويتم بيعهم الى أندية أوروبية كبرى، تم بناء الفرق العظيمة في يونايتد تحت قيادة فيرغسون بمزيج من مواهب الاكاديمية وتطوير اللاعبين الموجودين تحت تصرف الاسكتلندي، وهو ما يتعين على تن هاغ فعله لاستعادة تلك السمة المفقودة كنقطة انطلاق في طريق طويل للعودة إلى التحدي على الألقاب الكبرى وإعادة هيبة «الشياطين الحمر» محليا وقاريا، وهو سيكون بأمس الحاجة الى مساعدة من الادارة التي يجب أيضاً أن تشملها عمليات التغيير ووضع هيكلية جديدة على أسس علمية عصرية للبدء بمشروع مواز لمشروعي السيتي وليفربول الناجحين.
المان يو فريق عريق والمدرب المقترح بعيد عن قيمة النادي الكبير فهو لم يدرب خارج هولندا وليس له من الكفاءة التي تساوي أو تقترب من إمكانيات لاعبي الفريق الذي سيشرف عليه ..لذلك شخصيا لا أتوقعه جديرا بالنهضة التي يريدها عشاق المان يو بل ولا يمكنه تسيير فريق له تاريخ طويل مع البطولات المحلية و التتويجات القارية ..وفقط