يشير علم السياسة إلى أن المبادئ الديمقراطية ثلاثة: السيادة الشعبية، الحرية الفردية، والمساواة بين المواطنين. كما يؤكد أن النظام الديمقراطي يقتضي من داخله قطيعة كاملة مع جميع أشكال الاستبداد. فالاستبداد قائم، ولكن حركة التاريخ قادرة على تجاوزه، نحو ظواهر أكثر رحابة في مسألة العلاقة السياسية. لكن هل العالم العربي استثناء عن غيره في هذا الفهم؟ الجواب لا.
إن ما تسمى التجربة الديمقراطية العربية، تم استحضارها بناء على الفكر الغربي، ولم تتطور ضمن المعايير العربية، اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا
صحيح أن للعالم العربي عقبات خاصة به، لكنها ليست عصية على الحل، فعلى الرغم من أن تاريخ الاستبداد في عالمنا العربي عميق الجذور، ولا يزال قائما وفاعلا في مجتمعاتنا، لكن هنالك تحولات بدأت في تغيير نظام الاستبداد ومؤسساته، وهذا التغيير لا بد له من أن تتراكم حلقاته حتى نصل إلى ما نريده من نظام ديمقراطي.
ولضمان أن تنجح الحياة الديمقراطية في الواقع العملي، لا بد من بناء التصور الصحيح والمتماسك للديمقراطية، كشرط أساسي كي تنجح عملية التغيير على أرض الواقع. ولكي نبني مجتمعا قائما على المبادئ الديمقراطية الثلاثة لا بد من الوطنية، لأن المساواة بين المواطنين تفترض أن يكون المواطنون منتمين إلى مجتمع وطني واحد. ومفهوم الوطنية يجر إلى مسائل كثيرة متفرعة عنها مثل، التراب الوطني، المصلحة الوطنية، الهوية الوطنية، الرموز الوطنية، الاقتصاد الوطني، الدفاع الوطني، والتراث الوطني. وهنا تصبح الوطنية هي أساس المجتمع، الذي يريد أن يؤسس نظامه السياسي على مبدأ المساواة بين المواطنين. فلا مواطنة حقيقية بين المواطنين من دون انتماء وطني، لأن في هذا الانتماء يصبح جميع المواطنين متساوون في الوطنية. لكن السؤال المطروح هو، هل يثق المواطن العربي بالديمقراطية؟ تشير الاستطلاعات إلى أن أكثر من نصف سكان المنطقة العربية يربطون بين ضعف الأداء الاقتصادي والأنظمة الديمقراطية. وأنهم يعجزون عن شراء احتياجاتهم من الطعام، ويؤمنون بأن الأداء الاقتصادي ضعيف في ظل الأنظمة الديمقراطية. ويبدو أن هذه الرؤية تشكلت لديهم بعد أكثر من 11 عاما من بداية ثورات الربيع العربي، التي لم تنتج شيئا نافعا لهم على صعيد الواقع. خيبة الأمل بالديمقراطية تتصل اتصالا وثيقا بعجز الكثيرين عن تحقيق أمنهم الغذائي. في أغلب الدول العربية أكثر من النصف يقولون إن طعامهم نفد ولم يمتلكوا المال لشراء المزيد، ويتصدرهم في ذلك المصريون بنسبة 68%، ثم الموريتانيون بنسبة 65%، والسودانيون بنسبة 63%. علما أن هذا الاستطلاع تم إجراؤه قبل الأزمة الأوكرانية، وعليه فإن هذه المعلومات تجعل من الحديث عن العلاقة بين الديمقراطية والتنمية حديثا ذا أهمية كبيرة، لكن يجب الإشارة إلى أن هنالك وجهة نظر تربط الصراع القديم بين الليبرالية القديمة الاقتصادية من أجل ليبرالية سياسية، وهذه تسمى نظرية التحديث، لكن هذا انتهى مع صعود الليبرالية الجديدة أو النيوليبرالية، التي تعتبر الاقتصاد هو الأكثر أهمية من سواه. مثال على ذلك الصين، حيث يجري التركيز على الاقتصاد في ضوء غياب الحريات، ولكن في السياق العربي يجب أن يكون هناك حد أدنى من الحريات تضمن انطلاقة التنمية. أيضا وفي سياق الحديث عن العالم العربي، يجب القول إنه لا توجد طبقات اقتصادية منافسة، لأن غالبية أدوات وعوامل الإنتاج الاقتصادي تكون عادة من فوق، بالتالي القوى الاقتصادية تكون عاجزة عن تقديم بدائل اقتصادية وسياسية، وهنا يبرز العراق وتونس كوسيلة إيضاح مهمة في هذا المجال، فمن جاءوا بالانتخابات لم تكن لديهم برامج اقتصادية، لعدم قدرتهم على التحكم بعوامل الإنتاج، فاكتفوا بتقديم شعارات رومانسية غير قادرة على إحداث تنمية اقتصادية حقيقية. كما لم يكن هنالك من تغيير في بنية الدولة والمجتمع. بالتالي سقطت ما تسمى الديمقراطية والانتخابات في ذهنية المواطن، لأنها لم تجلب الرفاه الاقتصادي، بل على العكس من ذلك حيث ازداد الفقراء فقرا. وعليه فإن تحميل الديمقراطية كل الموبقات عن السياسيات الاقتصادية غير القويمة، من دون الأخذ بنظر الاعتبار ظروف الديمقراطية والتشويه والتزوير الذي لحق بها، يصبح حديث لا معنى علمي له. وهنا تصبح الديمقراطية ديمقراطية صندوق لا أكثر، بينما مفاصل الدولة في يد نظام عسكري، أو طائفي، أو عميل مرتهن للخارج. كما ليس من الإنصاف الحديث عن الديمقراطية باعتبارها المعامل القانوني الوحيد للحكامة غير المعتدلة. الحكامة الحصيفة في المعايير الدولية تختزل في ثلاثة عوامل: المشاركة، الرقابة، والمحاسبة، أي التداول السلمي للسلطة، الحقوق، الحريات، وجود جهات رقابية على الحكومات والسياسات النقدية والاجتماعية والسياسية، ومن ثم محاسبة المسؤولين واستبدالهم. ومعظم هذه الآليات غير موجودة في المنطقة العربية. إن مطالب الناس الأساسية هي الحريات السياسية، والحياة الاقتصادية التي تأخذ بنظر الاعتبار الحاجات الإنسانية، لكن لو نظرنا إلى الدول العربية التي حصل فيها تغيير في الأنظمة السياسية، العراق، مصر، اليمن، وتونس، نجد أن الوضع الاقتصادي، انحدر انحدارا شديدا، ففي تونس على سبيل المثال حصلت فيها ثلاثة انتخابات وأكثر من عشر سنوات من الديمقراطية، لكن الحال مضى إلى مرحلة أكثر سوءا مما سبق. إذن إذا الديمقراطية لا تنفع ولا تُحسّن الوضع الحياتي للمواطنين فما فائدتها؟
إن ما تسمى التجربة الديمقراطية العربية، تم استحضارها بناء على الفكر الغربي، ولم تتطور ضمن المعايير العربية، اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا، بالتالي يجب أن يكون هنالك نهج ديمقراطي يتلاءم مع التركيبات الاجتماعية الموجودة في الوطن العربي، حتى المفاهيم مثل الشراكة، المشاركة العامة في العمل السياسي، والرقابة والمحاسبة، لا تجعل تصنيفات الدول حتى على التقارير الدولية الاقتصادية، أو التقارير العالمية للحوكمة الرشيدة قائمة. فهنالك دول لديها مثلا سياسات اقتصادية شديدة الجودة، لكن ليست لديها شراكة في الحكم، وليست لديها جهات رقابية ولا محاسبة. من ثم لا تكون على رأس الهرم في هذه التقارير. إذن السؤال هو هل يمكن خلق نموذج خاص بالعالم العربي مختلف عن النادي الليبرالي الغربي، ومختلف عن الحوكمة في شرق آسيا مثلا؟
كاتب عراقي واستاذ في العلاقات الدولية
” إن ما تسمى التجربة الديمقراطية العربية، تم استحضارها بناء على الفكر الغربي، ولم تتطور ضمن المعايير العربية، اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا، إهـ
ما هو رأيكم يا دكتور حفظكم الله , بتلك الديموقراطية التي كانت بعهد الملكية الدستورية بالعراق ؟
العسكر هم العدو الأول للديموقراطية , ثم التخلف والفساد !!
و لا حول و لا قوة الا بالله
الاخ العزيز الكروي حفظك الله وبعد التحية والتقدير . لا نستطيع أن نسمي ما كان في العهد الملكي ديمقراطية حقيقية . نعم كانت هنالك شفافية لكنها ليست ديمقراطية . وصدق الشارع معروف الرصافي حين قال ( علم ودستور ومجلس أمة …كل عن المعنى الصحيح مُحرّف) . كانت أنتخابات مجلس الامة قائمة على الولاءات العشائرية والوجاهية ,وتدخلات السفارة البريطانية. وكان هنالك محاربة للظاهرة الحزبية . وكانت سياسات الدولة تُرسم من قبل بريطانيا . نعم أتفق معك تماما بأن دخول العسكر الى معترك السياسة لم يدمروا الديمقراطية وحسب , بل دمروا البلدان . كما أن التخلف والفساد هما العائق الاكبر أمام المسار الديمقراطي ليس في العراق وحسب بل في كل بلد …..خالص التقدير
الديمقراطية جاء بها مونتاسكيا و روسوا في القرن الثامن عشر في ظروف سياسية معينة يعلمها أصحاب العقول السليمة . جائت الثورة الفرنسية لتطبيقها كا هي . ثم عرفت إنتكاسات عدة حتى إستقرت كما هي عليها اليوم . مشاكلها و تبعاتها تتحملها البلدان ” الغنية ” . أما في بلداننا الفقيرة فالديمقراطية دمار شامل و لكم في التجربة التونسية خير دليل . الحل : ما يقوله الرئيس قيس سعيد .
الديمقراطية هي هبل العصر احيكت على قياس الجنس الأبيض لا غير .
نحن العرب لدينا العلم والحضارة ولكن ابتلينا بدول الاستعمار التي مزقتنا لدول ووضعت حدود وعملاء يسومون هذا الشعب العذاب والسرقة وووو لذلك نستغفر الله ونتوب اليه وندعوه برفع البلاء —
لدينا قدرة عجيبة على إلصاق كل مصائبنا بالاخرين، أول مستبد في العالم العربي كان بنو أمية، لكن أنظر لكتب التاريخ و ألدين التي تقدسهم