هل يراهن أبو مازن على الانتخابات الإسرائيلية المقبلة؟

حجم الخط
0

قلت لأحد المقربين، إن ما سيكون عليه أبو مازن هو ارتكابه الخطأ إثر الخطأ. فأجاب يفعل الأمور ذاتها التي اعتادها منذ سنين، باستثناء أن العالم من حوله تغير.

إذا كان ثمة شيء ما يفترض بالسلطة الفلسطينية أن تستوعبه في هذه المرحلة، فهو أن تدخّلها في الانتخابات الإسرائيلية سيلحق بها ضرراً أكثر مما يحقق لها نفعاً، وهو مثابة خدمة لنتنياهو الذي سارع كالمعتاد لاستخدامها. فإذا كان زعماء الوسط – اليسار يصلون في الماضي بين الحين والآخر إلى لقاءات مع أبو مازن، فإنه في فترات القطيعة بينه وبين إسرائيل الرسمية اليوم، تجدهم يبتعدون عن المقاطعة وكأنها منطقة مصيبة.

إن المعانقات مع نوعا روتمن، التي وصلت إلى رام الله بصفتها حفيدة إسحق رابين، لم تستقبل على نحو جميل في الطرف الآخر أيضاً. فالعلامة التجارية “أوسلو” محبوبة في الرأي العام الفلسطيني حتى أقل من الرأي العام الإسرائيلي. “هذه سكين في ظهر الأمة”، قالوا في الجبهة الشعبية. “لم يجد أبو مازن الوقت في عيد الأضحى ليلتقي عائلات الشهداء، ولكنه وجد الوقت لحفيدة رابين”، قالوا في حماس. وقالت محافل في فتح لغير الاقتباس: “كيف يمكن مهاجمة دول عربية على التطبيع مع إسرائيل حين يتعانق الرئيس الفلسطيني مع مرشحة إسرائيلية للكنيست؟”. وأظهرت النائبة المرشحة نفسها ربطاً هزيلاً جداً بالواقع حين بلغت أن “أبو مازن” الذي لم تطأ قدمه غزة منذ أكثر من عقد، وعد بأن “يساعد حيال حماس” في موضوع أبرا منغيستو.

في السنوات الأخيرة، يجتاز أبو مازن عملية تحول عرفاتي في الرأي العام الإسرائيلي. فبعض من النقد اكتسبه باستقامة، ولكن بعضه خطوة سياسية محسوبة هدفها نزع الشرعية عن التسوية المستقبلية مع السلطة. فتجميد أموال ضرائب السلطة عقب دفعات عائلات السجناء والشهداء وإن كان خلق وجع رأس كبيراً لجهاز الأمن، الذي يرى في حفظ الاستقرار الاقتصادي في الضفة مصلحة إسرائيلية صرفة، ولكن طرح التمويل الفلسطيني المؤطر للإرهاب ضد الإسرائيليين، والذي حظي في الماضي بموقف الظاهرة الطبيعية، هو أحد الخطوات الفاعلة لليمين في السنوات الأخيرة.

وثمة دليل آخر على سلوك غريب الأطوار اتسم به الرئيس، وهو إلغاء اللقاء الذي كان مخططاً له مع 31 عضو كونغرس جمهورياً وصلوا إلى المنطقة في إطار وفد من لوبي ايباك، بعد أن طرحت في لقاء مواز مع أعضاء كونغرس ديمقراطيين أسئلة عن موضوع تمويل الإرهاب، الذي يطارده كالظل. فأن يقاطع البيت الأبيض ومبعوثيه شيء، ولكن رفض الفرصة لنقل رسائله إلى أعضاء كونغرس يؤتى بهم إلى حافة مكتبه من قبل اللوبي المؤيد لإسرائيل في واشنطن هو أمر يشهد على قدر كبير من الانقطاع واليأس من الساحة الأمريكية. “يبدو أننا لا نستحق زمنه”، قال أحد أعضاء الكونغرس. الفلسطينيون يعولون على الجناح المناهض لإسرائيل الصاخب في داخل الحزب الديمقراطي ويتخلون عن 90 في المئة من واشنطن. هذا ليس سلوكاً حكيماً.

أبو مازن ينزف ذخائر للمشروع الوطني الفلسطيني على نحو مستمر: قطاع غزة، أي السيطرة على نصف الشعب؛ والدعم الأمريكي السياسي والمالي؛ والاهتمام الدولي الذي كان في الماضي شبه تلقائي؛ وبالطبع – الدعم غير المشروط من الدول العربية، الذي أصبح تاريخاً. يمكن أن نضيف إلى ذلك أيضاً السيطرة على الحرم، حيث الأردنيون من جهة والإسلاميون من جهة أخرى.

بقلم: شمريت مئير

يديعوت – مقال افتتاحي – 15/8/2019

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية