هل يستيقظ رئيسا وينام خارج القصر؟

حجم الخط
2

استيقظ محمد مرسي هذا الصباح رئيسا لجمهورية مصر، وليس من المؤكد ان يمضي هذه الليلة لينام رئيسا، كما تكتب صحيفة ‘الاندبندنت’ البريطانية اليوم.
ويوافق 84 مليون مصري على ذلك. دعا الفريق السيسي بحسب أنباء منشورة مختلفة مرسي الى التنحي. فاذا لم يكن هذا انقلابا عسكريا فهو على الأقل ضربة رحمة الجيش المصري.
يُفضل الجيش المصري على نحو عام ان يكون عمله سريا، فمن النادر جدا ان يعلن تصريحات. فان فعل فهذه اشارة الى ان الوضع في مصر خطر حقا. والحال اليوم كما كانت في 2011. بعد ان جند الجيش نفسه للمعركة أول أمس حينما أنذر الرئيس مرسي أولا واقترح أمس خريطة طريق، فلا شك في ان لحظة الحسم قد اقتربت.
يجب ان نتذكر ان أول شيء قام به الرئيس المنتخب مرسي، وهو من الاخوان المسلمين، حينما دخل القصر الرئاسي في تموز/يوليو 2012، كان الغاء ‘الاعلان الدستوري’ الذي منح المجلس العسكري الأعلى أكثر السلطات. ويقترح الجيش الآن مع عدم الاتفاق بين السلطة والمعارضة فض مجلس الشعب، حيث توجد اليوم أكثرية للاسلاميين والغاء الدستور واعلان انتخابات مبكرة.

جميع أخطاء الاخوان

تعلمت المعارضة العلمانية بواسطة ‘جبهة ثلاثين يونيو’ دروس الماضي وألقت على أحد ممثليها الكبار، وهو محمد البرادعي، مهمة اعداد ‘الفترة الانتقالية’.
واخطأ الاخوان المسلمون في مقابل ذلك كل الأخطاء الممكنة: فهم لم يستطيعوا انشاء حوار مع الشعب والمعارضة، ولم يُحسنوا وضع مصر الاقتصادي ايضا، ودفعوا الى الأمام بالمتطرفين من رفاقهم وبالايديولوجية الاسلامية بصورة أثارت امتعاض نصف الشعب، واختاروا أقل الناس قوة حضور رئيسا لهم. وهناك شيء آخر وهو أنهم ركلوا الى الخارج المجلس العسكري الأعلى من قيادة الدولة بدل ان يرعوا الحلف غير الطبيعي الذي نشأ بينهم وبين الجيش بعد عهد مبارك. وكان يمكن ان يساعد هذا الحلف اليوم مثلا.
لا يوجد للاخوان في مصر اليوم أحد سوى الاخوان، حتى ولا السلفيون. ويتصرف مرسي بالضبط مثل الزعماء العرب في اثناء الربيع العربي. وهو لم يدرك أن هذه هي النهاية مثل مبارك وصالح والقذافي وابن علي. إن الجيش معني بأن يكون صاحب القرار في مصر (فهو يملك 25 في المئة من الانتاج الوطني الخام في الدولة) من غير أن يدير الامور. وهو ينوي لذلك ايضا أن يؤلف المجلس المؤقت الذي سيدير شؤون الدولة في أكثره من مدنيين. إن الفريق عبد الفتاح السيسي أكثر واقعية من سلفه المشير الطنطاوي. ويتذكر السيسي جيدا كيف تظاهر الجمع المتحمس في ميدان التحرير على الطنطاوي ايضا، وآخر شيء يريده السيسي أن يسمع في ميدان التحرير قولهم ‘إرحل يا سيسي’.

أضاعت الولايات المتحدة الفرصة مرة اخرى

ولا يجوز ان ننسى اوباما في المعادلة المصرية. يدعو رئيس الولايات المتحدة مرسي الآن الى الموافقة على انتخابات مبكرة. وهو اوباما نفسه الذي رعى مرسي. وعلى العموم فان امريكا لا تربح في الشأن المصري، فقبل اسبوع فقط أوصت السفيرة الامريكية آن بترسون المعارضة باحترام نتائج الانتخابات. ويصعب ان نؤمن بأن امريكا التي تعلم وتسمع كل شيء، حسبما يقول المُسرب ورجل الـ’سي.آي.ايه’ السابق ادوارد سنودن، لا تنجح في استماع ما يستطيع كل واحد ان يستمعه في الشارع في القاهرة.
كانت مصر تُجند نفسها على مرسي منذ شهر نيسان/ابريل، ووقع 22 مليون انسان على عريضة تدعوه الى الرحيل. ولم تكن واشنطن وحدها متنبهة الى التجنيد العام، ويصعب عليها ان تفهم مصر. من المثير ان نعلم أقد يفكر سنودن في لجوء الى القاهرة.
وعلى العموم يبدو ان ادارة اوباما تعيش في كوكب آخر، وقد تساءلت حتى صحيفة ‘نيويورك تايمز’ التي لا تعتبر ضمن منتقدي اوباما، أهذا هو وقت اجراء وزير الخارجية جون كيري جولات مكوكية في المنطقة بين اسرائيل والفلسطينيين وكأن سورية ومصر غير موجودتين. تغير الشرق الاوسط وتغيرت ايضا ترتيبات أولوياته، لكن امريكا تختار ان تشغل نفسها خاصة بـ’تل ابيب الوادعة’ كما تُعرفها صحيفة ‘تايمز’.
لا يُظهر مرسي الى الآن علامات انطواء ازاء حركة تمرد التي تنجح في تنحيته رغم نتائج صناديق الاقتراع وتأييد اوباما. لن تتحول مصر في الغد في الحقيقة الى ديمقراطية برلمانية، لكن الشعب المصري قال كلمته مرة اخرى فهو لا يريد مستبدا غير مجدٍ واسلاميا ايضا. كما زعمنا منذ البدء بالضبط: ‘ربيع الشعوب العربي’ لم يولد من الهبة الشعبية العربية في 2011. وبدأ ‘الشتاء الاسلامي’ من جهة اخرى يتلاشى. وقد يكون هذا الشيء الايجابي الوحيد الذي يحدث، فليس من العجب ان يفضل كيري ان يقضي الوقت في تل ابيب.

بوعز بسموت
اسرائيل اليوم 3/7/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول هدهد الدريقات:

    انقلاب أبيض نظيف خفيف يحسدهم عليه غيرهم …مصري بامتياز يحدث ما يشبه يوليو 1952 …ولكن هناك من لا يحب أن يستفيد من التاريخ …الاخوان ضيعوا علي أنفسم فرصة التاريخ كله …وسيتأثر بهم غيرهم في تركيا وسوريا والخليج …وضاع الاسلام السياسي في مهب الرياح العاتية القادمة !

  2. يقول حامد:

    انقلاب ابیض او اسود الحمد لله الذی زال الهم وهاذا الکابوس عن صدور المصریین وانشاء الله ان یزیل الظلم عن المظلومین جمیعا

إشترك في قائمتنا البريدية