قانون حالة الطوارئ المصري سيئ الصيت والسمعة، يعطي محافل الأمن والشرطة صلاحية كاملة في الدخول مفاجأة ودون إشعار مسبق إلى مباني السكن والمكاتب الخاصة والحكومية والمباني التي تبدو مهجورة، لاعتقال كل من هو في المحيط. وبهذا يمكن القبض على المشبوهين بظلمة الليل أو في منتصف العمل، بما في ذلك داخل القطار السفلي، وفي الشارع وحتى عند السفر بالسيارة.
السجون المصرية – ومئات منها تكتظ بالسجناء السياسيين- هناك من ينتمون إلى حركة الإخوان المسلمين، ومنهم أيضاً صحافيون وشخصيات عامة ممن اجتازوا الخطوط الحمراء، وهناك مديرون ونشطاء من منظمات حقوق الإنسان. باختصار، كل من لا يعجب الحكم يجد نفسه على بؤرة الاستهداف، والطريق من هناك إلى المعتقل قصير. وفي اللحظة التي يدخل، ولا أحد يعرف سوى الله كم من الوقت سيحتجز هناك، ومتى ستعقد المحاكمة، إذا ما عقدت أصلاً.
استمر هذا الوضع حتى صباح أمس، منذ نهاية حكم الرئيس السادات، عبر 30 سنة من حكم الرئيس مبارك. وسمحت قوانين الطوارئ بكل شيء تقريباً. في سنة الولاية القصيرة للرئيس الإسلامي مرسي، وإن كانت فتحت المعتقلات، ولكن آلاف المواطنين، خصوصاً المسيحيين، فضلوا الفرار إلى أماكن بعيدة. ومنذئذ، وفي سبع سنوات حكم عبد الفتاح السيسي، بقيت قوانين الطوارئ واستؤنفت، حسب العرف، كل ثلاثة أشهر.
أما الآن فألقى السيسي بقنبلة بإعلانه إلغاء قوانين الطوارئ. كيفما نظرنا إلى هذا، وبأي قدر من الشك، فهو قرار يعد سابقة. وحسب تعريف الرئيس، فإن مصر آمنة وهادئة وليس هناك ما يدعو لمواصلة التصرف حسب قوانين تعسفية. أحقاً؟ جلس أمس خبراء لتحليل القرار، يشيرون إلى نيتين، ليستا خفيتين: قبل كل شيء؛ الأولى بهدف استئناف تيار التصدير وأساساً الاستيراد إلى مصر، وإعادة رجال الأعمال الأجانب، العرب والغربيين، لتمويل إقامة مشاريع جديدة. والنية الثانية مهمة بقدر لا يقل: جلب السياح من كل العالم. السياحة هي فرع أساس في مداخيل المالية المصرية، ولكن منذ سنتين لا يوجد سياح، حتى قبل كورونا. تملك مصر الكثير لعرضه على السياح، ولكن هؤلاء في معظمهم يفضلون دولاً جديدة، أقل تكلفة، وبالأساس أقل خطراً. وفي السياق المحلي، من المهم المتابعة بحذر، وبالطريقة التي ينظر فيها نظام السيسي إلى إسرائيل. فمن جهة هو نفسه فاجأ، في الشهر الماضي، حين دعا المواطنين المصريين لعقد الصفقات معنا. من جهة أخرى، لا يزال السيسي يفضل الحفاظ على هذه العلاقات رغم التصريحات الجديدة، على نار هادئة ومن خلف الكواليس. مثلاً، لم نعد نرى منذ عقد على الأقل مجموعة تجار مصريين يجرون اتصالات مع نظرائهم عندنا. رجال تكنولوجيا عليا إسرائيليون ضربوا أعينهم على “مدينة التكنولوجيا العليا” قرب القاهرة وقفزوا لعرض التعاون – لم يستجابوا.
بعد أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، يخطط لزيارة رسمية لوزيرة الاقتصاد اورنا بربيباي، إلى القاهرة. إذا كان السيسي يعتزم بجدية فتح مصر، فهذه هي الفرصة: دعوة بربيباي، واقتراح مرافقة رجال أعمال، والتقاط الصور معها ومع مرافقيها، ونشر الصور في مصر أيضاً. وعندها، يعلن بأنه يحيي رجال الأعمال المصريين الذين يصلون إلينا. إذا حصل، فسيكون هذا بالتأكيد قراراً تاريخياً خاصاً.
بقلم: سمدار بيري
يديعوت 27/10/2021