ربما لا يجادل أحد في توقع فوز عبد الفتاح السيسي برئاسة مصر، لكن السؤال يظل قائما عن الذي يأتي من بعد، وعن هوية السيسي حين يصبح رئيسا، وعن اختياراته في السياسة والاقتصاد والثقافة والمجتمع، وهل نكون بصدد جمال عبد الناصر آخر كما يوحي حماس قواعد شعبية واسعة؟ أم نكون بصدد رجل أكثر عملية وبراغماتية على طريقة فلاديمير بوتين في التاريخ الروسي المعاصر؟
بالطبع لا يتصور أحد أن تتطابق صورة السيسي مع صورة جمال عبد الناصر، وإن ظل الإيحاء المشترك واردا، فقد تغيرت الظروف والملابسات بشدة، والتاريخ لا يعيد نفسه، وإن تشابهت حوادثه، ولو عاد جمال عبد الناصر نفسه افتراضا، فسوف تكون له تطبيقات مختلفة عن صيغة الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين، وهي الفترة ذاتها التي ولد فيها السيسي، وتكون فيها وعيه الأول، وارتدى فيها زيه العسكري الأول خلال مرحلة الدراسة الثانوية، وتظل ملامحها حية في ذهنه، مؤثرة في وجدانه. فهو من جيل الوطنية المصرية على طريقة جمال عبد الناصر، ويؤمن أن مصر كانت تمضي في طريق نهوضها السليم حتى النصر في حرب أكتوبر 1973، ثم جرى الانكسار بعدها، ووقعت مصر ضحية الهزيمة الحضارية الشاملة، وانتهت إلى انحطاط تاريخي. ‘وقعت من قعر القفة’ في سباق السلاح والتصنيع والتكنولوجيا والتقدم، ‘وقعت البلد في الثلاثين سنة الأخيرة’ بنص تعبير السيسي، وهو ما قد يعني ـ بالضرورة ـ توقع سلوك مختلف من السيسي حين يصبح رئيسا. فهو لا يريد أن يصبح مبارك معدلا، وهو يحتقر بشدة عجز وفساد ودونية جماعة مبارك، لكن السؤال المشروع يطل برأسه، ويمكن صياغته على النحو البسيط التالي، وهو إلى أي مدى تحدث القطيعة في اختيارات السياسة والاقتصاد؟ وهل نكون بصدد ثورة دراماتيكية بانحياز وطني واجتماعي صريح على طريقة جمال عبد الناصر؟ أم أننا سنكون بصدد إصلاحات جزئية ترمم النظام نفسه، وتعطيه دفعات من كفاءة يفتقدها، وقدرا أفضل من الرضا العام، وخلق ‘بيئة شعبوية’ من حول السياسات نفسها؟
توقع سلوك ‘براغماتي’ في الاقتصاد، و’انضباطي’ في الإدارة، قد يغري بقدر من المشابهة بين طريقة السيسي المنتظرة، وطريقة بوتين في روسيا ، ومع الأخذ في الاعتبار وجود اختلافات بين مصر وروسيا، لكن المدار العام لنكبة البلدين فيه القدر المعقول من التشابه، فقد كانت مصر هي درة التاج في المشروع القومي على طريقة جمال عبد الناصر، وكانت روسيا ـ في صورة الاتحاد السوفييتي ـ هي درة التاج في المشروع الاشتراكي العالمي على طريقة فلاديمير إليتش لينين. وفيما بدت كبوة مصر متدرجة، واتصلت إلى القاع على مدى أربعين سنة بعد حرب أكتوبر 1973، فإن كبوة روسيا جرت بطريقة متسارعة جدا، ولم تستغرق سوى عشر سنوات بعد انهيارات موسكو الشيوعية أوائل تسعينيات القرن العشرين، فقد انفرط عقد العالم الروسي سريعا، وفقدت روسيا نفوذها ‘السوفييتي’ في شهور، وانفصلت عنها جمهوريات الاتحاد السوفييتي الآسيوية والأوروبية، وجرى نهب ثرواتها وأصولها العامة في زمن أسرع بكثير مما جرى في مصر، وكان بوريس يلتسين ـ المخمور دائما ـ هو العنوان الجديد لروسيا الضائعة، تماما كما ظل مبارك عنوانا على الضياع المصري، وكان بوتين ـ رجل الكي .جي . بي ـ ممن عينهم يلتسين إلى جواره، في ديوانه الرئاسي، وفي وظائف أمنية عليا، ثم في رئاسة مجلس الأمن الفيدرالي الروسي. وفيما بدا كواحدة من صور’مكر التاريخ’، جرى تعيين بوتين في أواخر 1999 كقائم بأعمال الرئيس، وبقرار من يلتسين نفسه، والذي اختفى تماما من المشهد بصورة فجائية، وكأنما ابتلعته ماسورة صرف صحي. كان الانقلاب سريعا ومباغتا وسلسا، وأحل بوتين كرجل قوي محل يلتسين كرئيس مريض، ذاهل عن الدنيا وما فيها، ثم أصبح بوتين رئيسا بالانتخاب من سنة 2000 إلى 2008، ثم ترك الرئاسة صوريا للدوبلير ميدفيديف حتى 2012، ظل خلالها في وضع ‘القيصر’ كرئيس وزراء لروسيا، ثم عاد إلى الرئاسة بعد انتهاء فترة ميدفيديف، ونجح في صياغة دور روسي مختلف عن الصيغة السوفييتية القديمة، فلم يعد من خلاف أيديولوجي بين موسكو وواشنطن، بل صار الخلاف على مواضع النفوذ في الفضاء السوفييتي السابق، ثم في صياغة نظام عالمي متعدد الأقطاب، أنهى سيرة القطب الأمريكي الواحد المسيطر، وتفاعل بكفاءة مع متغيرات الدنيا في سباقات السلاح والاقتصاد، والتي نزعت عن أمريكا صفة ‘القوة العظمى’ بالألف واللام وجعلتها مجرد ‘قوة عظمى’ بـــين متعددين، وجعلت لروسيا مكانة المنازع الأول مع الأمريكيين، ليس في قوة الاقتصاد الذي تمضي الصين إلى سدة عرشه الدولي، بل في السلاح وفوائض المواد الخام من البترول والغاز الطبيعي بالذات، وكلها قوى كامنة كانت متاحة لروسيا حتى في أيام الرئيس المريض يلتسين. لكن بوتين هو الذي بلور القوة الروسية، وأخرجها من مخازن الصدأ، وجعل العالم يرقص متقطع الأنفاس على وقع أقدام الدب الروسي.
هل من تشابه منتظر لدور السيسي مع دور بوتين؟ تبدو القصة مغرية بالفحص والدرس، ولكن على نطاق إقليمي في حالة مصر، وليس على نطاق دولي كما هي حالة روسيا. فالسيسي ابن الدولة ومخابراتها، تماما كما بدأت حالة بوتين، و’مكر التاريخ’ حاضر في حالته، تماما كما في حالة بوتين. كان السيسي قائدا للمخابرات الحربية بقرار من مبارك نفسه، تماما كما كان بوتين رئيسا لمجلس الأمن الروسي بقرار من يلتسين، وكان بوتين يزدري هوان يلتسين معدوم الكفاءة، تماما كما يزدري السيسي مبارك وجماعته، وأعد السيسي ـ أيام مبارك نفسه ـ خطة طوارئ الجيش السرية للتحرك. كان التصور أن يجري التنفيذ في ايار/مايو 2011 مع إعلان ترشح جمال مبارك للرئاسة خلفا لأبيه المتداعي. وحين قامت ثورة 25 كانون الثاني/يناير 2011، كان السيسي هو الذي كتب بخط يده بيان 2 شباط/فبراير 2011، والذي أعلن انحياز الجيش لمطالب ثورة الشعب وبقية القصة معروفة. وإلى أن تكرر ‘مكر التاريخ’، وصار السيسي وزيرا للدفاع بقرار من مرسي، ثم كان عزل مرسي بثورة الشعب الذي انحاز له السيسي. والمحصلة: أن السيسي ‘ابن دولة’ ساقته الأقدار إلى حكمها، وهو يعرف أنها دولة مهترئة ومتحللة وفاسدة، ولم يعد ممكنا أن تواصل الشوط دون إصلاحات جوهرية شاملة، وهو ما يغري بتوقع أن يلجأ السيسي لتكوين نخبته الخاصة، وأن يبتعد بحساب متدرج عن نخبة مبارك التي تتقافز حوله الآن، ودون أن يتماهى بالضرورة مع مطامح الثوريين في الشارع. فأولويات السيسي ـ على ما يبدو ـ هي للإدارة والاقتصاد، ولدمج صناعة السلاح مع الصناعات المدنية، ولخلق ديناميكية اقتصاد تزيد معدلات التشغيل والإنتاج، وتطوير نوع من تكامل المجمع الصناعي العسكري، وتشبيك قطاع دولة يبدأ من الجيش مع مبادرات لرأسماليين جدد، ومع ميل ظاهر لتصفية نفوذ مليارديرات جماعة مبارك الفاسدين، وزيادة الاعتماد على تدفق الاستثمارات الخليجية بالذات. وهو ما يعني ـ ببساطة ـ أننا قد نكون بصدد إجراءات براغماتية راديكالية لا تنقلب على النظام، بل تقدم له نخبة أكثر انضباطا وكفاءة، وهو نمط سلوك أقرب إلى صيغة بوتين في روسيا، والذي افتتح دوره الرئاسي بقمع تمرد الشيشان، تماما كما يبدأ السيسي بتصفية جماعات الإرهاب، وبزيادة قوة الداخل المصري اقتصادا وسلاحا، ودون خوض معارك متعجلة مع هيمنة الإدارة الأمريكية ومضاعفات ما تسمى’معاهدة السلام’مع إسرائيل، بل الاعتماد على خطوات تدريجية مدروسة بعناية، توازن التبعية المزمنة لأمريكا بعلاقات متطورة مع روسيا، وتبني نفوذا لمصر يعتمد على كسب المحور الخليجي، وتعظيم قوة الجيش المصري الأكبر في المنطقة العربية، وإلى حدود قد تمكنه من تخطي قوة الجيشـــــين الإسرائيلي والتركي، وبما يمكن مصر من استعادة دورها المفقــــود في تحولات أقطار المشرق العربي. وهذه ـ مرة أخرى ـ صيغة أقرب لصيغة بوتين في روسيا، مع التسليم باختلاف ظروف كثيرة، وربما يفسر ذلك بعض ما جرى ويجري، فالإعجاب الشخصي يبدو متبادلا بين بوتين والسيسي. وكان لافتا أن الرئيس بوتين خرق تقاليد البروتوكول، وعبر مبكرا عن تأييده لترشح السيسي لموقع الرئاسة المصرية، برغم أن السيسي وقت زيارته لموسكو كان لا يزال وزيرا للدفاع، ولم يكن قد استقال، وأعلن ترشحه. وقتها غضبت الإدارة الأمريكية من تصرف وإشارة بوتين الروسي، وكأنها تخشى أن يصبح السيسي ‘بوتين مصر’ .
‘ كاتب مصري
ما لم يقم السيسى بثورة كاملة فى مصر بعد تسلمه الرئاسة التى تشير كل المؤشرات أن هذا ما سيكون، فإن مصر ستبقى على حالها دولة لا وزن ولا كرامة لها. أول ما يجب على السيسى القيام به هو تكوين لجنة حكماء من الإختصاصيين الكبار فى مجال الإقتصاد والصناعة والتعليم. يقوم أيضا بالقضاء على كل المطبلين فى الإعلام المصرى الذين رباهم مبارك. يجب على السيسى القضاء على الفساد وإجراء مراجعة كاملة لعهدى السادات ومبارك وكذلك القضاء على كل القضاة الذين عينهم مبارك. يكفى أن أحمد الزند رئيس القضاء متهم بإلإستيلاء على أراضى شاسعة دون وجه حق. على السيسى أيضا الوصول إلى نقطة إلتقاء مع الإخوان لأنهم جزء كبير من المجتمع المصرى لا يمكن إقصاؤه. مهمة السيسى أو أى رئيس قادم لمصر ستكون صعبة جدا جدا لأن مصر عاشت أربعة عقود فى ظل فساد لم يسبق له مثيل، دمر الإقتصاد المصرى والإنسان المصرى. يجب على الرئيس القادم أن يكون خادما للشعب ومحققا لكل أمانيه فى العيش الكريم والأمن والأمان…
من هو بوتين حتى تتشبهوا به..انه لص روسيا الاول زج بمعارضيه في السجون و شردهم في البلدان و اعطى المناصب و الشركات لمقربيه و حاشيته.
بالتأكيد السيسي هو بوتين مصر … مثال بوتين اثبت نجاحه و نهضت روسيا من جديد و تتقدم الى الامام … بفضل تراكمات و انجازات داخلية حققها بوتين طيلة عشر سنوات … مع التقدير لحمدين صباحي … مسار السيسي لن يختلف عن مسار حمدين صباحي لناخية التوجه السياسي لكن مصر بحاجة الى مسار و انجازات يومية لكي تستطيع النهوض بحاجة الى شخص نشيط مثل بوتين .. لا يجلس في قصره الرئاسي و يعطي توجيهات عامة بل يذهب الى المصانع و المزارع يشرف على انتاجها يوميا .. بوتين عمل و ما زال يعمل 16 ساعة يوميا … يذهب الى الكرملين فقط للاستقبالات و المناسبات الرسمية … يلاحق الادارات و عملها يعفي المقصرين من مسؤولياتهم .. يستبدلهم بمسؤولين يعول عليهم لناحية الادراة الصحيحة و النشاط
مقاربة ومقارنة مميزة، تستند إلى فكر سياسي واستراتيجي يفتقر إليه العقل السياسي العربي الحالي الذي هجره الخيال وبردت أدوات تفكيره وآلياته واجتاحته الدغمائية المغلقة ووهم امتلاك الحقيقة المطلقة..
بواسطة الدراسة المقارنة وفلسفة التاريخ يفتح المقال زاوية أخرى في تأمل الوضع المصري تغري بالقراءة والتأمل وتحفز أكثر لمزيد الفهم المنهجي والتمعن الرصين.
ما هذا الخلل
اصبح بوتين الملحد قدوتنا
ثم ماذا جلب عبد الناصر غير الهزاءم
وهل نتوقع من قاتل طاغوت خيرا…
مصر أصبحت تشبه باكستان
السيسي يشبه برويز مشرف
كلاهما غرقا بسبب الحرب على الارهاب و الانقلابات
كلاهما قاما بمجزرة ضد الأبرياء **رابعة*المسجد الأحمر**
كل منهما صناعة أمريكية بتغليف محلي
لذا أتوقع أن يكون مصير السيسي كمصير برويز مشرف
السيسي هايكون فرعون مصر
مستحيل وألف مرة ان يكون السيسي ” جمال عبد الناصر رقم 2 “.
1 – شخصية الرجلين مختلفة .
2 – قلب ضمير وصوت حتي ، عبد الناصر لم يكون لدى السيسي.
3 – عبد الناصر جاء في ضروف تحرير الشعوب العربية المستعمرة . فنجح في ذلك ما عدى تحرير فلسطين.
يالتأكيد يا أستاذ والدليل المعطف الروسي الذي أهداه أياه في زيارته لموسكو …
بل هو مبارك بعينه و قد باركه ميمي من سجنه و قال انه سوف يرشح سيسي وبعدها سوف يري الجميع كيف سيرقص ميمي و سيسي علي الوحدة و النص
اه يا حنين، يا بتاع الحكومة الي هتفوز
هرتنا مقالات في الدمقراطية والان أصبحت من المهلين و المطبالين للرئيس، الثورة الحقيقية قادمه لا محاله لتنظف السيسي و الي حوليه