واشنطن: من الذي سيحرس الحرس؟ مع بدء الحشد لحملات الانتخابات الرئاسية التي ستشهدها إيران الصيف المقبل، ربما بدا واضحا أن إيران في طريقها لعسكرة مؤسساتها السياسية.
فأقوى المرشحين المحتملين لخوض السباق المقرر في حزيران/ يونيو، لخلافة الرئيس حسن روحاني، ينتمون للحرس الثوري، الذراع العسكري الأقوى للجمهورية الإسلامية.
ووفقا لمقال رأي للكاتب الصحافي الأمريكي بوبي جوش، نشرته وكالة “بلومبرغ” للأنباء ، توضح المؤشرات المبكرة أن العميد حسين دهقان مرشح بارز. كما أن من بين منافسيه المحتملين برويز فتّاح وسعيد محمد.
وينتمي الثلاثة إلى مؤسسة الحرس الثوري الإيراني. وسبق أن شغل دهقان منصب وزير الدفاع، ويعمل حاليا مستشارا للمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي، بينما يترأس فتاح “مؤسسة المستضعفين” التجارية التي يسيطر عليها خامنئي أيضا، ويترأس محمد مؤسسة “خاتم الأنبياء” جناح الإنشاءات والهندسة التابع للحرس الثوري.
وحتى المرشح المحتمل صاحب الفرص الضئيلة رئيس البرلمان السابق علي لاريجاني هو أيضا كان من رجال الحرس الثوري، إلا أنه لا يُعتقد أنه قريب بصورة خاصة من النخبة الحالية كما هو الحال بالنسبة للثلاثة الآخرين.
ومن شأن وصول رجل عسكري إلى منصب الرئاسة، أن يزيل واحدة من إحدى العراقيل القليلة المتبقية أمام الحرس الثوري. وسيعمّق أيضا من عداء الجمهورية الإسلامية تجاه الولايات المتحدة التي تصنف الحرس الثوري منظمةً إرهابية. كما أن الكثير من كبار قادة الحرس يخضعون لعقوبات أمريكية.
ويقول جوش إن الحرس الثوري الإيراني يسيطر بالفعل على معظم أذرع الدولة الإيرانية. كما أنه يتحكم في قطاعات من الاقتصاد، من بينها أنشطة تجارية غير قانونية مثل تهريب النفط والمخدرات.
تجدر الإشارة إلى أن رئيس مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) الحالي محمد باقر قاليباف هو الآخر قائد سابق بالقوات الجوية التابعة للحرس الثوري.
ولا تقتصر سلطة الحرس على الشؤون الداخلية، فقاسم سليماني القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس كان المسؤول عن تسيير أمور السياسة الخارجية قبل أن تغتاله الولايات المتحدة مطلع هذا العام.
ولكن حتى الآن، لم يصل شخص عسكري إلى منصب الرئاسة في إيران.
وربما كان للرئيس السابق محمود أحمدي نجاد بعض الخبرة القتالية في حرب 1988-1980 مع العراق، لكنه كان عنصرا في الميليشيا، وليس فردا نظاميا في الحرس.
وسبق أن ترشح القائد السابق للحرس الثوري الإيراني محسن رضائي للرئاسة ثلاث مرات إلا أنه لم يلق الكثير من القبول لدى الناخبين. وكان الحرس قد اقترب من مقعد الرئيس عام 2013 عندما هزم روحاني قاليباف.
ويستغل خامنئي الحرس الثوري لقمع الاحتجاجات في الداخل وتهديد الأعداء في الخارج. إلا أن المرشد الأعلى، الذي تولى هو نفسه الرئاسة لولايتين، يميل إلى تفضيل أن يتولى رجال دين الرئاسة. (وكان أحمدي نجاد هو الاستثناء الوحيد للتقليد الذي يعود لعام 1981).
ورغم النفوذ المتزايد للحرس الثوري الإيراني، فإن خامنئي يتمتع بالسلطة اللازمة التي تمكنه من ضمان أن تذهب الرئاسة إلى أصحاب العمائم وليس للعسكريين – نظريا على أي حال. فالمرشد الأعلى يسيطر على “مجلس صيانة الدستور” الذي يفحص طلبات الترشح للانتخابات، ويستغل هذا لضمان أن يتمكن الناخبون فقط من الاختيار من بين المرشحين الذين يراهم مناسبين.
ومع ذلك، فإن استخدام المجلس كقيد لمحاولة الحرس للوصول إلى الرئاسة سيكون أمرا أكثر صعوبة. لسبب واحد، هو أنه لا يوجد منافس واضح من بين رجال الدين. وربما كان المرشح الأكثر ترجيحا هو إبراهيم رئيسي، الذي خسر أمام روحاني في عام 2017. وهو يترأس حاليا السلطة القضائية، حيث يبدو أنه تتم تهيئته لخلافة خامنئي.
ونظرا لأن رئيسي يتطلع إلى ما هو أعلى، فمن المستبعد أن تكون لديه رغبة في العودة إلى المنافسة السياسية، خاصة في ظل وجود احتمالات بأن يتلقى رفضا مهينا مجددا من جانب الناخبين.
ومن المعروف أنه يتم اختيار المرشد الأعلى في إيران من جانب “مجلس الخبراء” الذي يعج بالموالين لخامنئي.
كما لا يوجد منافس واضح من بين ما يسمى بالتيار الإصلاحي، والذي كان ألقى بثقله خلف روحاني في دورتي الانتخابات السابقتين.
وقد تسبب فشل روحاني في تحقيق الإصلاح الذي وعد به في إلحاق الضرر بمصداقية هذا الفصيل بين المواطنين الإيرانيين.
ويظل هناك دوما احتمال أن يفوز شخص من خارج دائرة التوقعات، تماما كما حدث بالنسبة لأحمدي نجاد في انتخابات عام 2005. ويبدو في الواقع أن أحمدي نجاد حريص على الترشح مرة أخرى، ولكن من المرجح بشدة أن يستبعده مجلس صيانة الدستور كما حدث عام 2017.
وبالنسبة لخامنئي، الذي يرى أن مواجهة إيران مع الولايات المتحدة هي بمثابة حرب في كل شيء ما عدا الاسم، فإنه ربما يريد مُحاربا في منصب الرئيس هذه المرة. ومن وجهة نظره، ربما يكون إعطاء الحرس فرصة لحماية إرثه هو أكثر الأمور منطقية.
(د ب أ)
محمد باقر قاليباف هو الأرجح ليكون خليفة لخامنئي؟؟؟؟