خروج القوات الأمريكية، والاجتياح التركي، ودخول جيش الأسد إلى شمال شرق الدولة، كلها تدل على انتهاء محتمل للأعمال العدائية وبدء مرحلة الإعمار في سوريا. فإعمار الدولة، بعد تسع سنوات من الحرب الأهلية، يقدر بنحو 250 مليار دولار. روسيا وإيران ليستا جاهزتين لتحمل العبء، ولكن الغرب قادر على ذلك، وفقاً لشروطه. سوريا نفسها يمكنها أن تستعين بجهتين للتصدي جزئياً لمهام الإعمار: المقدرات الطبيعية التي عادت إليها، والنخبة الاقتصادية الجديدة.
عندما نشبت الحرب الأهلية في سوريا في 2011، سادت في الدولة شريحة من رجال الأعمال، في غالبيتهم الساحقة من مؤيدي عائلة الأسد. أما وفاة عبد الرحمن في السنة الماضية، بعد خصام مع عائلة الرئيس، فقد خلفت فراغاً شغلته شريحة اقتصادية جديدة من المقربين من الأسد.
هذه النخبة الاقتصادية الجديدة تتشكل من ثمانية جبابرة مال. الأول علوي، وهو رامي مخلوف، ابن خال الرئيس، أما الباقون فجلهم سُنة. في نهاية أيلول الماضي، التقى الثمانية في فندق شيراتون بدمشق، بحضور محافظ البنك المركزي. وضعوا أيديهم على قلوبهم وأقسموا أمام كاميرات التلفزيون بدعم الاقتصاد السوري وبعملته، الليرة السورية. وبالتوازي، أعربوا عن ولائهم غير المتحفظ للرئيس بشار.
خمسة من بين الوجوه الثمانية جديدة، وهم: حسان قطرجي، ووسيم قطان، ومحمد حمشو، وبراعة قطرجي، وسمير فوز. الثلاثة الآخرون الأقدمون هم: ابن الخال الأسطوري للرئيس، رام مخلوف، وطريف أخرس، ونادر قلعب. وقد استغنى الثمانية باستغلال الحرب وقربهم من الرئيس. كلهم تحت نظام العقوبات الأمريكية بسبب التعاون مع الأعمال الفظيعة لحكم الأسد. ويقدر رأسمال كل واحد منهم بـ 5 – 7 مليار دولار. واستهدف احتفال القسم في فندق شيراتون أن يراهم الجمهور وهم على نية المساعدة في إعمار سوريا، وأملهم ألا يعرقلهم الجمهور عن الثراء على حسابه.
إن عودة نظام الأسد إلى شمال شرق سوريا كفيل بأن يحسن اقتصاد الدولة. فالمنطقة غنية بالمقدرات الطبيعية كالنفط والمياه، ومناسبة لزراعة القطن والقمح. وهذه ستضمن للأسد مداخيل جميلة تساعد اقتصاد سوريا وبالأساس تحررها من التعلق بالنفط الإيراني وبالقمح الروسي.
مع خبو المعارك ستبدأ مرحلة الحل السياسي، ربما وفقاً لمسار جنيف وسوتشي، ما سيغير وجه سوريا. وجزء من الحل السياسي سيكون إعمار الدولة. ومن المهم إذن منذ هذه المرحلة المبكرة أن يكون واضحاً للأسد ومؤيديه التوقع بأن تحرر النخبة الجديدة الكثير من المال في صالح الإعمار. فبعد كل هذا، فإن المال الذي جمعته هذه النخبة كان قد أخذ من الشعب، ويجب أن يعود إليه.
بقلم: اسحق ليفانون
إسرائيل اليوم 22/10/2019
* * *
اظن انه كاتب يهودي محب للخير.
هو هذا الجرم بيحكم البلد حتى يبنيها!