رحلة نفتالي بينيت إلى موسكو أصبحت إحدى المفاجآت الصاخبة لعشرة أيام الحرب في أوكرانيا. قبل الغزو الروسي عج الكرملين بالزوار رفيعي المستوى – زعماء دول الغرب جاءوا تباعاً، في محاولة لإقناع بوتين بألا يخرج الهجوم إلى حيز التنفيذ. ولما تبين أن جهودهم لم تعط ثمارها، حكم على بوتين بالعزلة السياسية، التي تحطمت الآن بلقائه مع رئيس وزراء إسرائيل.
في طريقه إلى موسكو، استند بينيت أيضاً إلى إنجازات سلفه بنيامين نتنياهو. فالمكانة الخاصة رفعت المستوى الاعتباري السياسي لإسرائيل، والأهم من ذلك أنها سمحت لها بتعطيل أخطار أمنية وسياسية في الوقت نفسه (اعتراف: الموقّع أدناه عمل كمستشار لنتنياهو).
هل يعني هذا أن بوسع إسرائيل أن تشكل وسيطاً ناجعاً بين روسيا وأوكرانيا في هذا الوقت، أو للدقة بين روسيا والولايات المتحدة؟ ثمة شك بأن يكون لمهمة الوساطة أي احتمال. فكي تنجح الوساطة، يحتاج الوسيط إلى وسائل إقناع ملموسة من نوعين – الجزر والعصي. وبدونها، لا يكون الوسيط أكثر من رجل حديث، واقتراحاته محكومة بالرفض من الطرفين الصقريين. ليس لإسرائيل دوافع تأثير حقيقية على روسيا وأوكرانيا؛ ولا يمكنها أن تهددهما بعصا، ولا أن تعرض عليهما جزرة. لهذا السبب، فإن احتمالاتها في إيقاف الحرب صفري. لا يضيرنا لو نذكر الحالمين بأكاليل محققي السلام بأن مصير الوسيط الفاشل سيئ ومرير: بعد فشله، سيبقي له الطرفان ضغينة ويعلقان عليه الذنب في مواصلة الضحايا والمعاناة.
إلى جانب ذلك، لا ننسى أن زيارة بينيت العاجلة إلى روسيا جاءت على خلفية اشتداد الضغط عليه لاتخاذ موقف إزاء الحرب في أوكرانيا، وكذا على خلفية أنباء عن التوقيع القريبة على صفقة النووي الجديدة بين القوى العظمى وإيران. في هذا السياق، فإن تطوع رئيس وزراء إسرائيل ليكون وسيطاً يعطيه إفلاتاً من واجب التحيز، ويتوقع الناس من الوسيط الحفاظ على الغموض وألا يطلق تصريحات عن حق أو عدم حق أي من الطرفين.
من ناحية مواطني إسرائيل، يمكن لرحلة بينيت إلى بوتين أن يكون لها مبرر واحد فقطـ وهو إحباط صفقة النووي. مع كل الأسف على ما يجري في أوكرانيا، فإن لاستسلام دول الغرب أمام الملاحقة المريضة من جانب آية الله للنووي، آثار خطيرة أكثر بأضعاف. إذا كانت الزيارة إلى موسكو ستحبط هذا السيناريو، فسيكون رئيس وزراء إسرائيل قد فعل الأمر الصحيح. أما إذا كان أضاع وقته على وساطة عابثة بدلاً توظيف جهده في وقف التحور النووي الإيراني، فإن سلم الأولويات المخطئ هذا سيكلفنا غالياً.
بقلم: أرئيل وولشتاين
إسرائيل اليوم 6/3/2022