منذ نحو عشرين عاما طرح الحسن الثاني فكرة حكم الإسلاميين غداة فوز جبهة الإنقاذ بالانتخابات الجزائرية في حديث صحافي، مصرحا حينها بأنه كان على الساسة الجزائريين تسليم السلطة للإسلاميين حتى تكون بمثابة مختبر للعالم العربي حتى يرى الجميع كيف يحكمون، لكن هؤلاء لم يكترثوا لتلك الحكمة الرشيدة للحسن الثاني، فغرقت الجزائر في أعقاب ذلك في حمامات من الدماء لم تسلم منها إلى يومنا هذا.. وكان الغرب منذ انفجار الثورة الإسلامية الإيرانية ونجاح الحكم الإسلامي بتركيا فجعلا من بين مصاف الدول الاقتصادية العالمية، وسار بها الطيب أردوغان إلى مدارج الرقي. لكن اليوم يبدو في ظل المسار الديمقراطي أجبرت الدول العربية على سلكه لم يعودوا يأخذون الصورة النمطية التي أخذت عن التيار الإسلامي من قبل في وقت أن الناخب العربي وضع ثقته في التنظيمات الإسلامية التي اتجهت لصياغة نظم سياسية في العالم العربي عقب نحو عامين على انطلاق الربيع العربي إذا اتخذت العدالة والتنمية والنهضة بتونس والإخوان المسلمين بمصر من الحكم برنامجا وليس أيديولوجية وأن يلتزموا بالديمقراطية والتداول السلمي على السلطة وأن يتعاملوا مع الطبقات المسحوقة وهمومها وأن يتفهموا أكثر بمطالبها واحتياجاتها الأساسية والمشروعة في العيش الكريم لأن هذه الشريحة المعوزة يئست من أنظمة فاسدة حرمتهم من ديمقراطية ظلوا حقب من الزمن يتشوقون إليها ويسمعون بها دون أن يلمسوها ولا يروا أثرا لها في حياتهم .. فهؤلاء هم أشد حاجة إلى هذه الديمقراطية بمفهومها الإنساني لأن الشعب العربي المقهور من المحيط إلى الخليج لم يجد إلا أن دعته الضرورة إلى تعميق البحث منذ مدة عانى خلالها الأمرين من القهر والاستبداد والفساد عن آلية أفرزت التظاهر في الشارع العربي للوصول إلى ديمقراطية حقيقية ترسخ في وعي الإنسان أساس وجوهر إنسانيته لأن ما يمكن ملاحظته في مجريات الوقائع التي تتناوب على عالمنا العربي خصوصا بشكل جارف في الأونة الأخيرة هو الخصاص المعيشي لدى السواد الأعظم الذي يعيش تحت عتبة الفقر جعله يثور من أجل لقمة العيش ..و السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هل سينقذ الإسلاميون الطبقات المسحوقة من الفقر الذي بات يهددها في ظل لا إنسانية تنشدها ليبرالية متوحشة آخذة في الاتساع مع تفاقم الأزمة الاقتصادية بسبب رفع أسعار المواد الأساسية ما أدى إلى مآس إنسانية غضت عدة دول بصرها عنها وبررتها في الكثير من الأحيان بأشكال فجة تفتقر إلى الإحساس بالعدالة الإنسانية والحس الأخلاقي من قبل ولاة أمورنا وهي أشكال براقة لم تبدو منطقية واتكأت على ممارسات يائسة حيال المقهورين أخفت خلفها لردح من الزمن تعصبا قصر حقوق العيش في أمن وسلام على بشر دون آخر في استنفار لا إنساني ، الشيء الذي أدى إلى موجات التظاهر بالشارع العربي سياسيا واجتماعيا ما أفضى بالجوعى إلى الثورة بالعديد من الدول العربية أنهت دكتاتوريات بنعلي، مبارك والقذافي والبقية تأتي وتصاعدت التساؤلات لدى الرأي العام العربي عن وسيلة للخروج من هذا الوضع المزري فلن تجد الشعوب العربية مناصا من إيصال الإسلاميين إلى سدة الحكم عبر صناديق الاقتراع الشفافة والنزيهة لتحقيق الديمقراطية ليس فحسب بملامحها السياسية بل بمضمونها الإنساني العميق من أجل احترام حقوق الإنسان العربي كإنسان والدفاع عن حقه في الحرية والكرامة والحياة ، فعلى سبيل المثال إن الشعب العربي يريد أن تكون القيادات الإسلامية عند مسؤولياتها في توفير الحقوق المشروعة في مقدمتها العيش الكريم ، توفير العمل وإن لم يتوفر ذلك مساعدة الأسر المعوزة ماديا كالذي طرحه حزب التقدم والاشتراكية ذي التوجهات الاشتراكية 1000 درهم شهريا للأسر المحتاجة التي لم تستطع مد يدها للتسول ، لكن حكومة بنكيرا لا زالت لم تتماش والاقتراح الصائب بالرغم من اللغط حول المسألة وليضع الغنوشي وبنكيران ومرسي مظلمة هؤلاء تحت وساداتهم ا يوم يلقون الله كتلك التي وضعها عمر بن الخطاب يوم أطعم الأطفال الجائعين وأمهم منذ 15 قرنا خلت. لكن الشعوب العربية لم تعد تطيق أوضاعها المزرية وأرادت أن تكون الحاكمية إلا لله لله الواحد القهار، والعبودية له وحده، ويالتالي فإن الله أقسم إلا أن يورث ـ رضه لعباده الصالحين .