غزة ـ «القدس العربي»: دعا إسماعيل هنية، رئيس المكب السياسي لحركة حماس، الرئيس محمود عباس لعقد اجتماع عاجل، من أجل الترتيب لعقد اجتماع فلسطيني موسع في العاصمة المصرية القاهرة، من أجل الاتفاق على استراتيجية موحدة، تدير ملف السياسة والمقاومة. وأعلن عن استعداد حركته للذهاب لأبعد مدى من أجل استعادة الوحدة الوطنية.
وكشف النقاب أن الجناح العسكري لحركته، كتائب القسام، يملك كل المعلومات عن عمل القوة الإسرائيلية الخاصة التي جرى كشف أمرها قبل شهر في غزة، وقال إن بين يدي حماس «ذخرا أمنيا كبيرا»، ونفى في الوقت ذاته اتهامات الاحتلال بتوجيه عمليات الضفة الغربية من قبل غزة.
وقال هنية في خطابه في مهرجان انطلاقة حركة حماس الـ 31 ، الذي أقيم في مدينة غزة، وهو يتحدث عن ملف الوحدة «مطلوب أن نذهب مباشرة للوحدة الوطنية»، مؤكدا استعداد حماس لأن «تذهب لأبعد مدى من أجل استعادة الوحدة»، مضيفا وهو يدعو لذلك «غزة والضفة تعانقت في المقاومة، فلتتعانق بالمصالحة».
وطالب من أجل الخروج من حالة الانقسام المستمرة بتشكيل حكومة حدة وطنية من كل الفصائل الوطنية والإسلامية والمستقلين، معلنا جاهزية حركة حماس لإجراء انتخابات عامة رئاسية وتشريعية ومجلس وطني بعد ثلاثة أشهر، من تشكيل الحكومة، وكذلك جاهزية حركته لتطبيق اتفاقية المصالحة الموقعة عام 2011 بملفاتها الخمسة.
ودعا لعقد «اجتماع عاجل» تشارك فيه القيادات الفلسطينية من الداخل والخارج في القاهرة، لبحث القضية والتحديات الراهنة، من أجل الاتفاق على استراتيجية موحدة. وأضاف «مستعد لعقد لقاء مع الأخ الرئيس محمود عباس في غزة أو في القاهرة، أو في أي مكان، لكي نتباحث في ترتيب لقاء فلسطيني موسع، وللاتفاق على أجندات العمل الوطني». ودعا هنية كذلك إلى وقف «التنسيق والتعاون الأمني» مع الاحتلال.
وتطرق في كلمته إلى كشف أسرار عن الوحدة الخاصة الإسرائيلية التي كشف أمرها من قبل الجناح العسكري للحركة الشهر الماضي في منطقة حدودية تقع إلى الشرق من جنوب قطاع غزة، وقال منذرا إسرائيل من مغبة إرسال وحدات خاصة أخرى الى غزة «أرض غزة حرام عليكم، من يدخل إما أن يكون قتيلا أو أسيرا».
هزيمة العدو
وأكد أن المقاومة في تلك العملية أوقعت «هزيمة أمنية وعسكرية وسياسية للعدو»، كاشفا النقاب عن أن الجناح العسكري يمتلك معلومات دقيقة حول دخول وخروج القوات الخاصة. وقال «تعلم القسام كم ساعة ودقيقة مكثوا في غزة»، مشيرا إلى أنها تمتلك «ذخرا أمنيا وفنيا مهما وكبيرا لا يقدر بثمن»، مشيرا إلى أنه سيتم الكشف عن ذلك في مؤتمر صحافي قريبا.
وجرى الكشف عن عمل تلك القوة الخاصة، التي يتردد أن مهمتها كانت أمنية استخبارية يوم 11 من الشهر الماضي، ووقتها تدخل الطيران الإسرائيلي من أجل إجلاء أفرادها، حيث انفجر عقب ذلك صدام عسكري بين المقاومة والاحتلال.
وقال هنية معقبا على تلك المواجهة، إنها كانت «نقطة تحول في إدارة الصراع العسكري مع المحتل»، لافتا إلى أن ما قامت به المقاومة في تلك الجولة من عمليات إطلاق صواريخ صوب إسرائيل يعد «شيئا محدودا لما تملكه»، وقال «لو زاد الاحتلال لزادت المقاومة».
كذلك أشار إلى أن انطلاقة حماس تأتي وقد لحقت بالاحتلال والإدارة الأمريكية «هزيمة سياسية»، بسقوط المشروع الأمريكي ضد المقاومة في الجمعية العامة، مشيرا كذلك أن ذكرى انطلاقة حماس تأتي هذا العام، على وقع ما تشهده الضفة الغربية من تصاعد لأعمال المقاومة، مؤكدا أن ما تشهده الضفة هو «رد لكل أساليب الإهانة التي يقوم بها الاحتلال، من تهويد للقدس واعتقالات وتوسع في الاستيطان». وعقب على اتهامات قادة الاحتلال بأن عمليات الضفة تأتي بتوجيهات من غزة، وقال «هذه تهمة لا ننفيها وفخر لا ندعيه». وأضاف «رجال الضفة من حماس ومن فتح ومن الجهاد والجبهات من كل أبناء شعبنا، عظماء أشداء تغلي صدورهم وليسوا بحاجة إلى توجيه بريموت كونترول». ووجه هنية في بداية خطبته حديثه للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وقال «المقاومة التي حررت بعضا منكم بطريقتها الخاصة ستحرركم بإذن الله». كما أشار إلى أن انطلاقة حماس تأتي هذا العام وسط أحداث أخرى من بينها « مسيرات العودة وكسر الحصار»، الى العديد من النقاط الاستراتيجية، ومن بينها عدم القبول بـ «صفقة القرن»، والتأكيد بأن الجيل الحالي متمسك بـ «حق العودة». وأشار إلى أن «مسيرات العودة» وضعت ملف حصار غزة على الطاولة الدولية والإقليمية بعد سنوات صعبة من الحصار، وقال إنها حققت «الخطوات الأولى على طريق كسر الحصار»، مثنيا على دول مصر وقطر والأمم المتحدة، في «استثمار هذا النضال الشعبي لكسر الحصار».
حشود كبيرة تشارك في المهرجان
وشهد مهرجان حماس الذي نظم في «ساحة الكتيبة» غرب مدينة غزة، حضور حشود جماهيرية كبيرة، غطت أرض المكان، بحضور قادة فصائل العمل الوطني والإسلامي. ووضعت حماس خلف منصة الاحتفال صورة كبيرة للمسجد الأقصى، وتشمل عناصر من الجناح المسلح وهم يطلقون صاروخ «كورنيت» صوب الحافلة الإسرائيلية التي احترقت في هجوم سابق نفذه الجناح المسلح، وكتب أسفل الصورة العملاقة شعار المهرجان «مقاومة تنتصر وحصار ينكسر».
وفي كلمة باسم الفصائل الوطنية والإسلامية، أشاد طلال أبو ظريفة عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية بحركة حماس، ودعاها لإنهاء الانقسام السياسي، والوصول إلى المصالحة والشراكة الوطنية.
وطالب الرئيس عباس بالدعوة لعقد اجتماع للإطار القيادي المؤقت في القاهرة، من أجل البدء في «حوار شامل» يستند للتفاهمات وتشكيل حكومة وحدة وطنية.
وأكد على ضرورة رفع «العقوبات» عن قطاع غزة، وعلى ضرورة تطبيق اتفاقيات المصالحة، بما يشمل أيضا إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية. وشدد على ضرورة تنفيذ قرارات المجلس المركزي، المتمثلة في سحب الاعتراف بإسرائيل ووقف التنسيق الأمني، وإلغاء «اتفاق أوسلو».
يشار إلى أن فعاليات المهرجات شهدت مشاركة فرقة «الوعد الفتية» التي قدمت من بيروت، كما شارك في المهرجان نشطاء من الجناح العسكري. وأدت «الجوقة العسكرية» فقرة فنية، وظهر أفرادها وهم يحملون بنادق رشاشة وقذائف صاروخية.
وكانت حركة حماس قد اعلنت عن تأسيسها يوم 14 كانون الأول/ ديسمبر من عام 1987، في بدايات اندلاع «انتفاضة الحجارة». ومرت الحركة بالكثير من الظروف منذ تأسيسها، من أبرزها اغتيال إسرائيل قادتها ومؤسسيها. كما شهدت مسيرة حماس مشاركتها في الانتخابات البرلمانية عام 2006، وفوزها بالأغلبية، وتشكيلها الحكومة الفلسطينية العاشرة، قبل أن تقع صدامات مسلحة مع السلطة، وتقوم الحركة بالسيطرة على غزة صيف عام 2007.