غزة ـ “القدس العربي”: دعا إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إلى تبني أربعة متغيرات مهمة، قال إنه يتوجب التعامل معها ومع نتائجها، لبناء الرؤية الاستراتيجية الفلسطينية المستقبلية.
وأكد في كلمة متلفزة له خلال مؤتمر بعنوان “السيادة الفلسطينية، المتغيرات الاستراتيجية والمسارات المستقبلية” الذي نظمته جامعة الأمة في غزة أن أُولى المتغيرات على صعيدنا الفلسطيني تتمثل في نتائج “معركة سيف القدس”، وهي الحرب الأخيرة التي شنتها إسرائيل على غزة، وقال إنها “شكّلت نقلةً نوعيةً وتحولًا استراتيجيًا في إدارة الصراع مع العدو الصهيوني”.
واشار إلى أن هذه النتائج كانت واضحة جدًا، سواء في إطار توحيد الأرض والشعب وربط معادلة القوة التي تمثلها المقاومة مع القداسة التي تمثلها القدس والمسجد الأقصى، مشيرا إلى أن القضية أيضا “استعادت مكانتها الاعتبارية على صعيد الأمة والاهتمام العالمي، وأن القدس والأقصى عادت من جديد تشكل محور الصراع مع العدو”.
وأكد هنية أيضا أن المتغير الثاني يتعلق بـ “الانكفاء الأمريكي” عن المنطقة في أكثر من ساحة، وخاصة الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، وقال “لا شك أن القوة الأمريكية المهيمنة على العالم لم تعد بهذه القدرة على بسط نفوذها العسكري والأمني والسياسي على مناطق مختلفة من العالم بما فيها منطقتنا العربية والإسلامية”.
وأشار إلى أن “الانكشاف الإسرائيلي في معركة “سيف القدس” والانكفاء الأمريكي، في سياق إعادة تموضع الولايات المتحدة واهتمامها بملفات جديدة من قبيل مواجهة الصين وروسيا والقوى الصاعدة في العالم، يشكل تغيرًا مهمًا جدًا وله تأثيرات وأبعاد استراتيجية يجب أن نقرأها قراءة دقيقة وواعية”.
وقال رئيس المكتب السياسي لحماس إن المتغير الثالث والمهم هو “الحرب بين روسيا وأوكرانيا”. وأضاف “المعركة تبدو أنها بين روسيا وأوكرانيا، لكن هي بين روسيا ومعسكرها وبين الغرب بشكل عام بقيادة الولايات المتحدة، هذه الحرب هي الحرب الأوسع والأبرز في صراع المعسكرات العالمية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية”.
وأوضح أن العالم بعد الحرب لن يكون كما قبلها. وأضاف “بالتأكيد أننا سنكون أمام عالم متعدد الأقطاب، وستنتهي حقبة القطب الواحد المتحكم في السياسات الدولية والعالمية، وهذا لا شك سيشكل متغيرا مهما جدًا ستكون له تأثيراته على منطقتنا العربية والإسلامية، وأيضا على قضيتنا وعلى الصراع مع الاحتلال”.
وأشار إلى أن المتغير الرابع هو المنطقة العربية والإسلامية التي قال إنها “تموج بالتناقضات” ما بين التطبيع ومحاولات الاختراق الإسرائيلي للمنطقة، وبناء التحالفات العسكرية والأمنية مع بعض الحكومات العربية، وبشكل بدا أن الموضوع تخطى قضية التطبيع إلى “إدماج الكيان” في المنطقة وإعادة تشكيلها وترتيبها.
وقال هنية “الأولويات الاستراتيجية في ظل المتغيرات الأربعة لا بد أن ترتكز على أربعة أبعاد، المقاومة، وبناء التحالفات الاستراتيجية، والانتقال بالشعوب من استراتيجية الإسناد إلى استراتيجية الشراكة في التحرير، بالإضافة إلى الانفتاح على المجتمع الدولي”.
وشدّد على أن المقاومة في غزة والضفة وأراضي الـ 48 والخارج على رأس الأولويات الاستراتيجية التي يجب أن تحظى بالدعم والإسناد من الشعب الفلسطيني وأحرار العالم، مؤكدًا أنها تشكل “القبة الفولاذية” لحماية القدس والأقصى والضفة والأسرى وأهالي الـ 48.
وشدد على ضرورة التحلي بالجرأة والشجاعة في إعادة بناء التحالفات الاستراتيجية، التي ترتكز على استراتيجية الانفتاح على كل من يدعم المقاومة، مشيرًا إلى الحاجة إلى أن تبني الأمة من جديد “استراتيجية الشراكة والانخراط المباشر في متطلبات التحرير”.
وقال “الرواية الصهيونية لم تعد هي الحاضرة، وإن إسرائيل لم تعد هي المكانة ذاتها التي كانت تحتلها”، مشيرًا إلى وجود متغيرات مهمة تتطلب البناء عليها بما في ذلك الانفتاح على دول كبيرة ووازنة مثل الصين وروسيا، إلى جانب إيران الإسلامية وكل الدول التي تواجه السياسة الإسرائيلية الأمريكية في المنطقة.
وأكد هنية استعداد حماس لتحقيق الوحدة وتجاوز حالة الانقسام الداخلي، “حتى لو تطلب ذلك بناء جبهة وطنية فلسطينية تحمي الثوابت وترعى المقاومة وتشكل مرجعية على طريق إعادة بناء منظمة التحرير إذا ما تعثرت الوحدة العامة”.