غزة – “القدس العربي”:
أكدت الهيئة الوطنية لدعم وإسناد الداخل المحتل، على خطورة “المخطط الإجرامي” الذي تمارسه حكومة الاحتلال بحق سكان مناطق الـ 48، والمتمثل في إطلاق يد العصابات الإجرامية، في مسلسل الجريمة الذي حصد أرواح ما يزيد عن 150 ضحية منذ مطلع العام الحالي، فيما اتهم فيه مركز حقوقي دولي السلطات الإسرائيلية، بالمشاركة في تفشى تلك الجرائم، و”التواطؤ” مع منظمات الإجرام.
وأشارت الهيئة في بيان أصدرته، عقب اجتماعها الدوري، الذي انعقد في مدينة غزة، إلى أنها ناقشت جملة من القضايا من بينها ما يتعرض له سكان مناطق الـ ٤٨ في الداخل، وسبل دعمهم وإسنادهم في مواجهة ما يتعرضون له من تهديدات ومخططات تستهدف وجودهم وهويتهم الوطنية.
ودعت في بيانها مكونات مناطق الـ ٤٨ وقواهم الحية إلى “التكاتف في وجه مخططات الاحتلال، والتوحد أمام سياسات حكومة الاحتلال التي ترمي إلى حرف نضالهم الوطني وإشغالهم بالقضايا المطلبية على حساب قضيتهم الوطنية”.
كما وجهت الهيئة نداء إلى المؤسسات الدولية والحقوقية بالضغط على الاحتلال لـ “كبح شبح الجريمة الذي ينهش أرواح الفلسطينيين في الداخل، واستنكار تواطئه مع العصابات الإجرامية ضد الأبرياء العزل”.
ودعت أيضا القوى والفاعليات الفلسطينية إلى وضع قضايا سكان مناطق الـ ٤٨ في صدارة الأولويات النضالية نظرا إلى ما يتعرضون له من جريمة منظمة وقرارات عنصرية بحقهم.
وأعلنت عن سلسلة من الفعاليات والأنشطة التضامنية مع السكان هناك، وقالت إنه سيجري الإعلان عنها في الأيام القريبة المقبلة، تأكيداً على وحدة المصير.
والجدير ذكره أن الفلسطينيين في مناطق الـ 48 يواجهون ارتفاعا خطيرا في مستوى جرائم القتل، التي تحدث يوميا، من دون أن تبادر السلطات الإسرائيلية لوقفها، بصفتها مسؤولة أمنية عن الأوضاع هناك، رغم انعدام هذه الحوادث داخل المجتمع الإسرائيلي، ما يشير إلى رضا المستوى السياسي والأمني عن تلك الحالات التي تمزق المجتمع العربي هناك.
وفي هذا السياق، كان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، دعا السلطات الإسرائيلية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وفاعلة لوضع حد لجرائم القتل والعنف الداخلي المتصاعدة على نحو غير مسبوق في الوسط العربي داخل إسرائيل.
وأعرب المرصد عن قلقه العميق من “احتمالية تواطؤ السلطات الإسرائيلية في الوصول إلى هذه الحالة من الانتهاك المبرمج للحق في الحياة وتهديد السلم المجتمعي”.
وأشار رامي عبده، رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، وهو ينتقد سياسات الاحتلال، إلى أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، دائما ما تعلن عن إحباط عشرات الهجمات ذات الخلفية القومية حتى قبل وقوعها، وقال “لكنّ ذات الأجهزة تقف متفرجة على تصاعد جرائم العنف داخل الوسط العربي في إسرائيل”.
وأكد أن المسألة لا تتعلق أبدًا بالإمكانات أو القدرات، وإنّما بالسياسة والرغبة في إدامة هذه الحالة الخطيرة.
وقال عبده “لا يحتاج الأمر إلى كثير من التحليل لملاحظة الفرق بين سلوك الأمن الإسرائيلي في التحقيق بجرائم العنف في الوسط العربي، وسلوكه في التحقيق بالحوادث المرتبطة بالهجمات ذات الدافع القومي”، مؤكدا أن النتائج تخبر بكل شيء.
ولفت إلى تنوع أسباب وآليات تنفيذ جرائم القتل، لكنه قال إن الكثير منها “مرتبط بصراعات عصابات إجرامية منظمّة يتوفر لها السلاح بسهولة، على نحو يعزز الشكوك حول دوافع التراخي الأمني في هذا الإطار”.
وأعرب المرصد الأورومتوسطي عن خشيته من احتمالية ارتباط بعض الجرائم الأخيرة بترتيبات المشهد الانتخابي مع اقتراب موعد انتخابات السلطات المحلية المقررة في نهاية أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
وأكّد المرصد الأورومتوسطي على وجود ازدواجية إسرائيلية واضحة في التعامل مع انتشار السلاح في الوسط العربي، وقال “في الوقت الذي تغض فيه السلطات على ما يبدو النظر عن وصول السلاح لمجموعات وعصابات إجرامية، فإنّها تشن حملات اعتقال ومصادرة لمجرد تقديرها أنّ هذا السلاح يمكن أن يستخدم ضمن هجمات على جنود أو مستوطنين إسرائيليين”.
وشدّد على الحاجة لتحقيق مستقل تشرف عليه الأمم المتحدة، للتحقق من الدور الإسرائيلي في شيوع جرائم القتل في الوسط العربي، والتي بلغت حصيلة ضحاياها منذ عام 2000 نحو ألفي ضحية، كما حث المرصد الجهات الفاعلة في المجتمع العربي على تنفيذ أنشطة فاعلة لتكريس الوعي المجتمعي بمخاطر جرائم القتل والعنف الداخلي وجميع مظاهر انتهاك الحق في الحياة.
وطالب كذلك السلطات الإسرائيلية بتحمل مسؤولياتها القانونية بحكم الواقع، وإجراء تحقيقات جدية في جرائم القتل، والتوقف عن “تغذية العنف الداخلي”، وجميع الإجراءات التي قد تؤدي إلى استمرار جرائم القتل وحماية العصابات الإجرامية.