تونس – “القدس العربي”: بعد ساعات من نشره في الجريدة الرسمية، تبرّأ العديد من أعضاء الهيئة المكلفة بصياغة مشروع الدستور الجديد من النسخة المنشورة، في وقت انتقد فيه خبراء في الدستور والقانون استعانة الرئيس ببعض النصوص التي قالوا إنها تعود للقرن السابع عشر لإقناع التونسيين بالنظام القاعدي الموجود داخل مسودة الدستور.
الحبيب خضر: مشروع الدستور الجديد ينص على “حكومة ضعيفة تجاه الرئيس، ونزوع لحل المجلس النيابي بسبب أو حتى دون سبب مع سلطة تقديرية واسعة جدا لرئيس الجمهورية”
وقال عميد المحامين وعضو الهيئة المكلفة بصياغة الدستور الجديد، ابراهيم بودربالة، إنّ نصّ الدستور الذي نُشر، مساء الخميس، في الجريدة الرسمية، يختلف بشكل كبير عن النسخة التي قدمتها الهيئة للرئيس قيس سعيد، مشيرا إلى أن سعيد عدّل بشكل كبير في المشروع، كما استبعد الجانب الاقتصادي الذي يفترض أن يركز المشروع عليه بشكل أساسي، باعتبار الوضع الاقتصادي المتردي في البلاد.
لكنه استدرك بقوله، لوكالة الأنباء التونسية “ثمة عدّة تقاطعات في المضامين بين المسودّة التي أعدّتها الهيئة والمشروع النهائي، تتعلق بالحقوق والحريات وشكل النظام السياسي ودعم استقلال القضاء والهويّة التونسيّة”، مشيرا إلى أن “اللجنة المكلّفة بإعداد مسودة الدستور دورها استشاري وأنّ سلطة القرار بيد رئيس الجمهوريّة”.
فيما لجأ عضو الهيئة، الخبير الدستوري أمين محفوظ إلى طريقة طريفة للتبرؤ من النسخة المنشورة من مشروع الدستور الجديد، حيث نشر على صفحته في موقع فيسبوك أغنية للفنان الفرنسي/الكاميروني فرانسيس بيبي، وتقول كلمات الأغنية “هذا ليس ابني. أنت تعرف ذلك جيدا!”.
وتحت عنوان “ملاحظات عامة عن النص المنشور”، كتب الحبيب خضر المقرر العام لدستور 2014 “تسربل (سعيّد) بدستور الثورة للإيحاء بأنه في إطار من الشرعية حال أنه خارج دائرة الشرعية تماما. توطئة ركيكة ولغة تتخللها أخطاء لا تتناسب مع علوية النص وديمومته. (هناك) استنجاد بدستور الثورة في باب الحقوق والحريات خاصة ولكن مع محاولة التميز بلخبطة ترتيب الفصول مع إضافات محدودة. وروح عامة مسكونة بسلطة سلطانية لا معقب عليها لرئيس الجمهورية لا تقتصر على بابه بل تمتد لكامل النص”.
وأشار إلى المشروع ينص على “حكومة ضعيفة تجاه الرئيس محمية من المجلس. ونزوع لحل المجلس النيابي بسبب أو حتى دون سبب مع سلطة تقديرية واسعة جدا لرئيس الجمهورية وكأنها ردة فعل على المجلس النيابي الشرعي وعدم انصياعه. وإرساء مجلس تشريعي ثنائي ضعيف ومشتت ومكبل حتى في مجال التشريع. وفتح مجال للتحكم في القضاء مع التأكيد على كونه مجرد وظيفة. وتغييب كامل للمحاماة. ومحكمة دستورية ضعيفة. وتناقضات داخلية في بعض التفاصيل الدقيقة خاصة نتيجة النقل الانتقائي غير المتبصر من دستور الثورة. وفي البدء والختام هو نص خارج الشرعية”.
https://www.facebook.com/habib.khedher.3/posts/pfbid0ms82vK1Nf21npm4RDxZhkNPm7Nowm568QhTnixA2q1akCCGZUY5mzmUfMJLnkLpDl
ودون الباحث مهدي العش “سعيّد ماض في بنائه القاعدي، بعد أن مرّر خياراته الكبرى عبر الاستشارة (نظام رئاسي/اقتراع على الأفراد/سحب وكالة من النواب). مشروع الدستور لم يكتف بدسترة سحب الوكالة من النواب والنظام الرئاسي(و)ي، ولكنه حذف أيضا شرط الانتخاب المباشر لمجلس نواب الشعب (لا فقط لمجلس الجهات والأقاليم)، على عكس انتخاب رئيس الجمهورية الذي نصّ على أنّه مباشر، وهذا دليل واضح على نيّة مبيّتة لتنزيل البناء القاعدي عبر مرسوم القانون الانتخابي، خاصّة وأنّ الأحكام الانتقالية تضمن لسعيّد مواصلة احتكار السلطة التشريعيّة بما فيها في المادّة الانتخابيّة. تحيّة خاصّة لبلعيد ومحفوظ على المشاركة في المسرحيّة”.
مهدي العش: ضمانات استقلال السلطة القضائية غير موجودة في مشروع الدستور الجديد
وأضاف “النظام السياسي رئاسي بامتياز. الرئيس يتحكم في السلطة التنفيذية، ولا يمكن للبرلمان سحب الثقة من الحكومة إلا لمخالفتها الدستور! (وهي بذلك أقرب للمسؤولية الجزائيّة منها إلى المسؤولية السياسية)، وإلا بأغلبية ثلثي الغرفتين البرلمانتين (شرط صعب جدا). أمّا الرئيس، فلا يمكن عزله ولو خرق الدستور خرقا جسيما. الاقتراع غير المباشر وعلى الأفراد للبرلمان لن يزيد هذا الأخير إلا ضعفا”.
وتابع بقوله “نظام يضعف كلّ السلطات المضادّة، أولا باعتبارها وظائف (في حين أنّ السلطة التنفيذية لا تحتاج اعترافا لتكون سلطة، فلديها الإدارة والقوة العامّة). ضمانات استقلال السلطة القضائية غير موجودة، وبالتحديد الضمانة المؤسساتية التي هي المجلس الأعلى للقضاء (بالإضافة إلى منع الإضراب على القضاة). نفس الشيء بالنسبة للهيئات “المستقلة”، إذ لا ينصّ مشروع الدستور على طريقة تعيين أعضائها، مما يفتح الباب أمام تعيينها مباشرة من رئيس الجمهورية كما حصل الآن. كذلك المحكمة الدستورية، التي تتكون حصرا من قضاة حسب الأقدميّة. أمّا اللامركزيّة، فهي في عداد الماضي، إذ عدنا لدستور 1959 مع فصل وحيد لا يقول شيئا. كلّ هذا يعزّز الطابع الرئاسي للنظام”.
https://www.facebook.com/mahdi1elleuch/posts/pfbid02pfWugTQ5i9iCWbdwu1oAihMs8adpYZvC7Me6EVqV4e6tFS1r2NTHFjiwuDqJ6r6ql
وكتب الخبير في القانون وحيد الفرشيشي “الملفت للنظر في ديباجة مشروع الدستور هو تأكيدها على التاريخ الدستوري التونسي والتذكير حتى بنصوص قديمة لم يسمع بها يوما رجال ونساء القانون وخاصة القانون الدستوري في تونس مثل ما أسمتْه دستور “الزمام الأحمر” الصادر وفقها في القرن السابع عشر. والملفت أكثر هو أن هذه الديباجة أغفلت ذكر الدستور الأول بعد الاستقلال (1959) ودستور 2014″.
وأضاف “إلا أن عدم التنصيص صراحة على هذين الدستورين في الديباجة لا يعني عدم حضورهما بشكل واضح وملفت للنظر في نص المشروع المعروض للاستفتاء. فالمشروع جاء مشكلا من فصول دستور عهد الأمان لسنة 1861 ودستور الجمهورية الأولى 1959 والجمهورية الثانية 2014. وبالرجوع إلى هذا المشروع، يتبين أنه أكّد عديد الحقوق والحريات مستنسخا الباب الثاني من دستور 2014 بصفة تكاد تكون تامة مضيفاً إليها بعض الحقوق والضمانات التي لم يحتوِها دستور 2014 “تجريم التمييز على أساس الانتماء (الفصل 19)، وضمان حرية الفرد (الفصل 26)، وحقوق الأطفال المتخلّى عنهم أو مجهولي النسب (الفصل 52)، وحقوق كبار السن (الفصل 53). إلا أنه ورغم ذلك، يحمل المشروع عديد المخاطر على الحقوق والحريات وخاصة الفردية”.
وكانت المعارضة التونسية عبرت عن رفضها لمشروع الدستور الجديد، معتبرة أنه في حال تم إقراره بشكل رسمي، فإنه عمره لن يتجاوز فترة وجود الرئيس قيس سعيد في السلطة.
في كل الأحوال سيمضي الدستور كما أراده قيس سعيد.
ههه …..النظام القاعدي هو المستقبل في إدارة الشعوب المتخلفة و حتى المتقدمة ….لكن على من تفرأ مزاميرك يا داوود … القوم يخوضون في أمور إفتراضية نضارية لا صلة لها بواقع الشعوب …قيل في الأثر ” السياسة فن الممكن ” ….