«هيومن رايتس واتش»: القوات المصرية ترتكب انتهاكات جسيمة ضد المدنيين في سيناء

حجم الخط
3

القاهرة ـ «القدس العربي»: «اللي خايف على عمره يسيب سيناء»، تحت هذا العنوان، قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، في تقرير أصدرته أمس الثلاثاء، إن «قوات الجيش والشرطة المصرية في شبه جزيرة سيناء، ترتكب انتهاكات جسيمة وواسعة ضد المدنيين، ترقى بعض هذه الانتهاكات إلى جرائم حرب، وهي جزء من حملة مستمرة ضد جماعة (ولاية سيناء) المسلحة، المرتبطة بتنظيم «الدولة الإسلامية.
وأوضحت المنظمة في تقريرها، الذي جاء في 116 صفحة، أنها رصدت انتهاكات قوات الأمن المصرية ومسلحي تنظيم «الدولة الإسلامية» في شمال سيناء»، بشكل يقدم صورة مفصلة لنزاع لا يحظى بتغطية إعلامية كافية وأسفر عن مقتل وجرح الآلاف، منهم مدنيون ومسلحون وأفراد أمن، منذ تصاعد القتال عام 2013.
ووثّق التقرير، على مدى عامين جرائم تشمل الاعتقالات الجماعية التعسفية، والإخفاء القسري، والتعذيب، والقتل خارج نطاق القضاء، وهجمات جوية وبرية قد تكون غير قانونية ضد المدنيين.
ولفتت، إلى أن القوات المسلحة وقوات الشرطة المصرية كانت مسؤولة عن معظم الانتهاكات، في وقت ارتكب المسلحون المتطرفون أيضا جرائم مروعة، بما فيها خطف وتعذيب عشرات السكان، وقتل بعضهم، والإعدام خارج نطاق القضاء بحق عناصر الأمن المحتجزين.
مايكل بيج، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «هيومن رايتس ووتش»، قال: «أبدت قوات الأمن المصرية إزدراء تاما لحياة السكان، عوضا عن حمايتهم، وحوّلت حياتهم اليومية إلى كابوس مستمر من الانتهاكات. يجب أن يدق هذا الازدراء الرهيب بحق سكان سيناء ناقوس خطر جديداً لدول مثل الولايات المتحدة وفرنسا، التي تؤيد بشكل أهوج جهود مصر في مكافحة الإرهاب».
وتضمن التقرير، مقابلات أجرتها المنظمة مع 54 من سكان شمال سيناء بين أعوام 2016 و2018، فضلا عن مقابلات أخرى عدة مع ناشطين وصحافيين وشهود آخرين، بينهم ضابطان سابقان بالجيش وجندي ومسؤول حكومي سابق عملوا جميعا في شمال سيناء، ومسؤول أمريكي سابق مختص بالأمن القومي وكان مكلفا بمتابعة الشأن المصري.
وووفق المنظمة، «الأعمال العدائية في شمال سيناء، مع استدامة القتال بين قوات ذات هياكل منظمة، وصلت إلى مستوى النزاع المسلح غير الدولي، وأن الأطراف المتحاربة انتهكت قوانين الحرب الدولية وكذلك قوانين حقوق الإنسان المحلية والدولية، إضافة إلى استهداف وإساءة معاملة المدنيين، وعدم تمييز المدنيين عن المقاتلين من قبل الجانبين، ما أدى إلى سحق الحقوق الأساسية للمدنيين وتدمير أي حيّز مُمكن للنشاط السياسي السلمي أو المعارض، كما ساهمت تلك الانتهاكات في تصعيد عسكرة الصراع، وتهجير السكان».
ونقلت عن أحد سكان سيناء قوله:» لماذا كل هذا؟ هل علينا حمل السلاح والعمل مع المسلحين، أم مع الجيش، أو القبول بـالعيش كضحايا؟ الجميع يفترسنا»، واصفاً كيف عاقبه الجيش ودمر منزله بعد أن خطفه مسلحو داعش وعذبوه. ووثقت المنظمة، قتل 3067 مسلحا مزعوما، و1226 من أفراد وضباط الجيش والشرطة في القتال، في الفترة منذ يناير/كانون الثاني 2014 حتى يونيو/حزيران 2018، وفقا للبيانات الحكومية والتقارير الإعلامية.

تعذيب وإخفاء قسري وقتل خارج القانون… والجيش ينفي «الادعاءات»

واتهمت «رايتس ووتش»، السلطات المصرية، بأنها كثيراً ما تحصي المدنيين بين المسلحين المزعومين الذين قتلوا، وأن مئات المدنيين قتلوا أو أصيبوا.
وفي شأن حملات الاعتقال التي يشنها الجيش في سيناء، خلصت المنظمة، من البيانات العسكرية والتقارير الإعلامية المصرية، إلى أن قوات الجيش والشرطة في شمال سيناء، اعتقلت أكثر من 12 ألف من السكان منذ يوليو/تموز 2013 حتى ديسمبر/كانون الأول 2018.
ولفتت المنظمة، إلى أن «الجيش أقرّ رسميا بحوالي 7 آلاف و300 عملية اعتقال، لكنه نادراً ما نشر أسماء أو اتهامات هؤلاء المعتقلين، وإلى أن كثيراً منهم تعرضوا للاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، وأن بعضهم قتلوا خارج نطاق القضاء، إضافة إلى نزوح آلاف السكان من المحافظة في السنوات الأخيرة، إما هربا من النزاع أو بعد أن أجلاهم الجيش قسرا».
ووثّق التقرير، 50 حالة اعتقال تعسفي على الأقل، من بينها 39 حالة إخفاء قسري محتمل على يد الجيش أو الشرطة، 14 منهم ما زالوا مختفين بعد أكثر من 3 سنوات، إضافة إلى 3 حالات وفاة في مراكز الاحتجاز.
وبيّن أن «الجيش احتجز المعتقلين في عزلة عن العالم الخارجي وفي ظروف بالغة السوء، بعيداً عن أي إشراف قضائي، واحتجزت قوات الجيش والشرطة أطفالاً لا تتجاوز أعمارهم 12 عاما مع الرجال البالغين، كما احتجزت النساء لكن عادة بشكل منفصل».

3 سجون سرية

وتابع: «العدد المحتمل للمحتجزين سراً لدى الجيش في قاعدة الجلاء العسكرية في الوقت ذاته خلال أي نقطة زمنية في السنوات الماضية يصل إلى نحو ألف معتقل، وهي واحدة من 3 مواقع احتجاز عسكرية رئيسية مفصلة في التقرير».
ونقلت المنظمة عن معتقلين سابقين، قولهم، إن ظروف الاحتجاز لدى الجيش والشرطة شملت شحّ الطعام والماء والرعاية الطبية، واكتظاظ الزنازين الصغيرة، إضافة إلى تورط جنود وضباط في تعذيب العديد من المعتقلين، بما يشمل الضرب والصدمات الكهربائية.
وأكد المعتقلون السابقون، أن عناصر الجيش والشرطة اقتادت بعض المحتجزين سراً إلى الصحراء وقتلوهم من دون محاكمة، ثمّ ادّعوا في وقت لاحق أنهم قُتلوا في تبادل لإطلاق النار، ووثّقت هيومن رايتس ووتش 14 حالة من هذا النوع، ووثّقت سابقا 6 حالات أخرى.
وفي ما يتعلق بالانتهاكات التي مارسها تنظيم «ولاية سيناء»، ذكر التقرير، أن هجمات التنظيم العشوائية باستخدام العبوات الناسفة اليدوية الصنع في المناطق المأهولة بالسكان، أدت إلى مقتل مئات المدنيين، ونزوح السكان قسراً.
واتهمت المنظمة، مسلحي «ولاية سيناء»، بمهاجمة المدنيين عمداً، ورجحت أن يكون عناصر الجماعة مسؤولين عن هجوم نوفمبر/تشرين الثاني 2017 على مسجد الروضة في شمال سيناء، الذي أسفر عن مقتل 311 شخصا على الأقل، بينهم أطفال، وهو الهجوم الأكثر دموية الذي قامت به جماعة مسلحة غير حكومية في تاريخ مصر الحديث.
وقالت إن» تنظيم ولاية سيناء، أنشأ في أجزاء من مدينتي رفح والشيخ زويد في شمال سيناء، محاكمه الشرعية التي أشرفت على المحاكمات غير العادلة، وأنشأت نقاط تفتيش، وفرضت بعض القواعد الإسلامية وفقاً لمفهوم «الحسبة».
وطالبت «مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، واللجنة الافريقية لحقوق الإنسان والشعوب، تشكيل لجان مستقلة للتحقيق في الانتهاكات في سيناء، نظراً لتقاعس السلطات المصرية عن فعل ذلك».
وأكدت، أن على «شركاء مصر الدوليين وقف جميع المساعدات الأمنية والعسكرية على الفور حتى تُنهي مصر انتهاكاتها، وأن جرائم الحرب، بموجب القانون الدولي، لا تسقط بالتقادم ويمكن ملاحقة مرتكبيها قضائيا من دون أي حد زمني، والعديد من الدول يسمح بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية بالقبض على الأفراد المتورطين ومحاكمتهم فيها لارتكابهم جرائم حرب في أي مكان في العالم».
وشمال سيناء، هي محافظة قليلة السكان، إذ لا يزيد تعداد سكانها عن 500 ألف نسمة، وتواجدت الجماعات المسلحة منذ فترة طويلة في شمال سيناء، لكن الهجمات على المنشآت الحكومية والقوات العسكرية المصرية بدأت بالتصاعد بعد ثورة يناير/ كانون الثاني 2011 التي أدت إلى الإطاحة بالرئيس المصري الأسبق حسني مبارك.
وتصاعد العنف بشكل كبير بعد يوليو/تموز 2013، عندما أجبر الجيش المصري الرئيس السابق محمد مرسي على ترك منصبه واعتقله، وأعلنت جماعة «أنصار بيت المقدس» المسلحة الولاء لتنظيم الدولة الإسلامية أواخر 2014، وغيّرت اسمها إلى «ولاية سيناء». ورداً على ذلك، نشر الجيش أكثر من 40 ألف جندي، بما يشمل وحدات البحرية وسلاح الجو والمشاة، و ذكرت تقارير إعلامية أن مصر نسقت عمليات الانتشار هذه مع إسرائيل، وسمحت لإسرائيل على ما يبدو بشن غارات جوية داخل سيناء على مواقع للمسلحين.

دور إسرائيل

ودعت المنظمة في تقريرها، إسرائيل إلى «التحقيق بشفافية في الحوادث التي أدت فيها غارات الجيش الإسرائيلي إلى إصابات بين المدنيين في سيناء»، فضلاً عن «الإعلان للعموم عن طبيعة انخراط القوات الإسرائيلية في نزاع شمال سيناء».
كما دعت إلى «إبلاغ نتائج هذه التحقيقات للضحايا المدنيين وأقاربهم، وتقديم تعويضات مالية واعتراف غير مادي بالضرر الذي لحق بهم، مثل الاعتذار، بغض النظر عن شرعية الهجوم الذي تسبب في الضرر».
في المقابل، نفى المتحدث باسم الجيش المصري، العقيد تامر الرفاعي، أمس الثلاثاء، صحة ما أورده تقرير «هيومن رايتس ووتش»، قائلاً إن بلاده «تتخذ كل التدابير القانونية وتراعي حياة المدنيين بسيناء».
وأوضح، في تصريحات لوكالة الأنباء الرسمية، أن «التقرير جاء مغايراً للحقيقة ومعتمداً على مصادر غير موثقة».
وأشار أن «بعض المنظمات المسيسة يسعى لتشويه صورة مصر والقوات المسلحة بادعاءات ليس لها أي أساس من الصحة».
وقال إن «القوات المسلحة اتخذت كافة التدابير القانونية وراعت المعايير الدولية بشأن حقوق الإنسان، فضلاً عن مراعاة حياة المدنيين أثناء تنفيذ العمليات العسكرية ضد العناصر الإرهابية وتنفيذ الضربات الجوية خارج نطاق التجمعات السكانية».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول good:

    من عادة الكلاب المشردة (الاستئساد) على جنسهاالكلبي.خاصة الجراء…وتموء وتنقنق وتثغو عند رؤيتها للذئاب والاسود…وهو حال هؤلاء الرعاع السيسويين…يخدمون سادتهم الصهاينة ويستأسدون على ابناء سيناء…

  2. يقول أحمد حسين، مصر:

    مرحبا بهشام عشماوي على أرض مصر. سيأتي أسود مصر بكل الجنس الكلبي يموء وينقنق ويثغو لينال كل مجرم جزاءه العادل مهما طال الزمن. إنها مصر أيها التافهون.

  3. يقول أحمد حسين، مصر:

    نقولها مرة أخرى مرحبا بهشام عشماوي على أرض مصر. سيأتي أسود مصر بكل الجنس الكلبي يموء وينقنق ويثغو لينال كل مجرم جزاءه العادل مهما طال الزمن. إنها مصر أيها التافهون.

إشترك في قائمتنا البريدية