هيومن رايتس ووتش: انتخاب السيسي لولاية ثالثة جاء بعد حملة اعتقالات وترهيب والقضاء على أي منافسة محتملة

تامر هنداوي
حجم الخط
0

القاهرة- “القدس العربي”:

قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، إن انتخاب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لولاية ثالثة مدتها 6 سنوات، جاء بعد حملة اعتقالات، وترهيب، وشروط مرهقة على المرشحين، ما منع أي منافسة حقيقية.

وأعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات الاثنين، فوز السيسي بـ89.6 في المئة من الأصوات في الانتخابات التي جرت من 10 إلى 12 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.

وبحسب بيان للمنظمة، فإن الأشهر التي سبقت الانتخابات، قمعت قوات الأمن الاحتجاجات السلمية، وضايقت واحتجزت وحاكمت عشرات الصحافيين والنشطاء السياسيين والحقوقيين.

عمرو مجدي، باحث أول في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، قال: “قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية في ديسمبر/ كانون الأول الجاري، قضت حكومة عبد الفتاح السيسي بإحكام على أي منافسة محتملة”.

وأضاف: “قضاء الحكومة على الانتخابات المستقلة هو الفصل الأخير من حملة القمع المستمرة التي دمرت إلى حد كبير الفضاء المدني وكبّلت المشاركة السياسية في البلاد خلال العقد الماضي”.

منع المنافسين المحتملين

واتهمت المنظمة السلطات المصرية، باستخدام مجموعة من الأدوات القمعية للقضاء على المنافسين المحتملين.

وتناولت حالة للمرشح أحمد الطنطاوي العضو السابق في مجلس النواب الذي ينظر إليه على نطاق واسع على أنه المنافس الأبرز للسيسي، وكيف أنهى حملته الانتخابية في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بعد فشله في الحصول على توكيلات التأييد.

ولفت تقرير المنظمة، إلى أن السلطات أحالت الطنطاوي، ومدير حملته، و21 من مؤيديه المعتقلين إلى المحاكمة أمام محكمة ابتدائية، فقط بسبب حملته السلمية لكسب الدعم، وأن الجلسة القادمة في هذه القضية ستعقد في 9 يناير/ كانون الثاني المقبل.

وقالت هيومن رايتس ووتش، إنها وثقت أساليب الترهيب غير القانونية ضد الطنطاوي، الرئيس السابق لـ”حزب الكرامة” الناصري اليساري، وعائلته ومؤيديه، بعد أن أعلن في مارس/ آذار أنه سيعود إلى مصر من الخارج للترشح للرئاسة.

هيومن رايتس ووتش وثقت أساليب الترهيب غير القانونية ضد الطنطاوي وعائلته ومؤيديه بعد أن أعلن أنه سيترشح للرئاسة

وأضافت: بعد هذا الإعلان، سارعت السلطات إلى القبض على العديد من أفراد عائلته في أبريل/ نيسان ومايو/ أيار الماضيين، لكنها أطلقت سراحهم لاحقا بدون محاكمة.

وتابعت: بعد عودة الطنطاوي إلى مصر في مايو/ أيار الماضي، تمكنت حملته من حشد دعم نادر وواضح في الشارع، كما يتضح في فيديوهات في وسائل التواصل الاجتماعي والتقارير الإعلامية، بالإضافة إلى مئات آلاف المتابعين في صفحات وسائل التواصل الاجتماعي لحملته، إلا أن حملة الطنطاوي لم تتمكن من الحصول على تأييد 20 عضوا في مجلس النواب أو 25 ألف ناخب في 15 محافظة على الأقل، وهما شرطان يلزِم القانون الراغب في الترشح في الانتخابات الرئاسية بتحقيق أحدهما.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن حملة التواصل التي قام بها الطنطاوي، وخاصة جهود جمع التوكيلات من الجمهور، واجهت قمعا شديدا من قبل الأجهزة الأمنية.

اعتقال مؤيدي الطنطاوي

تحدثت هيومن رايتس ووتش مع ثلاثة محامين حقوقيين يمثلون محتجزين من حملة الطنطاوي في مدن مختلفة يخضعون للتحقيق من قبل “نيابة أمن الدولة العليا”، قالوا إن السلطات اعتقلت الأشخاص بناءً فقط على الاعتقاد بأنهم يدعمون الطنطاوي.

ونقلت المنظمة عن أحد المحامين قوله، إن قوات الأمن اعتقلت في 20 سبتمبر/ أيلول الماضي اثنين من موكليه، رجل (42 عاما) وامرأة (45 عاما)، من منزليهما في محافظتي المنوفية والمنصورة، بعد أن نشرا تغريدات في موقع “إكس”، “تدعم الطنطاوي والتغيير الديمقراطي”.

وقال محام آخر، يمثل أربعة محتجزين، إن أحدهم، وهو موظف (36 عاما) في شركة نفط، اعتُقل في 9 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي في مقهى في مدينة السويس بعد أن فتشت الشرطة سيارته وعثرت على بيانات غير رسمية تدعم الطنطاوي، وإن من بين المحتجزين الأربعة امرأة (28 عاما) اعتقلتها الشرطة من مكان عملها في مدينة الأقصر- جنوب مصر-، بعد يوم من تنظيمه اجتماعا لبعض أنصار الطنطاوي في أحد مقاهي الأقصر، وفقا لمصدر في حملة الطنطاوي. أمرت نيابة أمن الدولة العليا بحبس الجميع احتياطيا.

ولفتت المنظمة، إلى أنه في 9 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، اعترفت وزارة الداخلية في بيان رسمي باعتقال قوات الأمن 8 أشخاص في 4 محافظات لجمعهم توكيلات غير رسمية لـ”مرشح” دون أن تسمي الطنطاوي، بحجة أنها “توكيلات مزورة”.

وقالت طالبة في جامعة القاهرة (21 عاما) ومتطوعة في حملة الطنطاوي لـ”هيومن رايتس ووتش”، إنها ذهبت في أكتوبر/ تشرين الأول مع متطوع آخر إلى أحد مكاتب الشهر العقاري في القاهرة للقاء أنصار الطنطاوي، لكن ثلاثة من عناصر الشرطة أوقفوهما، والتقطوا صورا لبطاقتيهما الوطنيتين، وفتشوا هاتفيهما الشخصيين، واستجوبوهما عن هويتهما وماذا كانا يفعلان هناك.

وقال محمد لطفي، مدير منظمة “المفوضية المصرية للحقوق والحريات” المستقلة، لهيومن رايتس ووتش إن نيابة أمن الدولة العليا اتهمت الثمانية، ومن بينهم طفل عمره 16 عاما، بـ”المشاركة في جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها”، وأمرت بحبسهم جميعا احتياطيا.

جميلة إسماعيل

لم يقتصر التضييق على الطنطاوي فقط، بحسب تقرير المنظمة، التي قالت إن السلطات نفذت المضايقات أيضا ضد جميلة إسماعيل، رئيسة “حزب الدستور” والسياسية البارزة، التي أوقفت أيضا حملتها الانتخابية في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

في 30 سبتمبر/ أيلول، روت إلهام عيدروس، الناشطة اليسارية والنسوية وإحدى مؤسسي “حزب العيش والحرية”، في فيديو بثته من أمام مكتب الشهر العقاري في حي المهندسين في القاهرة، أن مجموعة من البلطجية منعوها بالقوة هي والقيادي البارز في “حزب المحافظين” مجدي حمدان من الدخول إلى مكتب الشهر العقاري بعد أن ألمح كلاهما إلى أنهما لن يعطيا توكيلا للرئيس السيسي.

وراجعت هيومن رايتس ووتش 24 فيديو على موقع إكس، نشرها مصريون حاولوا تقديم توكيلات داخل البلاد وفي السفارات في الخارج بين 27 سبتمبر/ أيلول و7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضيين، أكدوا فيها أنهم تم منعهم من تقديم توكيلات للطنطاوي في 20 مكتبا في أنحاء البلاد وسفارتين في الخارج على الأقل.

وبحسب المنظمة، فإنه منذ أوائل العام الجاري حتى منتصف سبتمبر/ أيلول، اعتقلت قوات الأمن نحو 2028 شخصا على خلفية الممارسة السلمية لحرية التعبير والتجمع، وفقا لحملة حقوق الإنسان المستقلة “حتى آخر سجين”. وقالت الحملة إنه لاحقا أطلِق سراح 627 منهم فقط.

الحبس الاحتياطي

وأكدت المنظمة، أنه ما يزال الآلاف محبوسين احتياطيا أو يقضون أحكاما في قضايا تتعلق بالتجمع السلمي، ووسعت السلطات استخدام نظام الاتصال عبر الفيديو (الفيديو كونفرنس)، وهو منتهِك بطبيعته، لتجديد الحبس الاحتياطي دون مثول المحبوسين حضوريا أمام القاضي. قالت هيومن رايتس ووتش إن هذه الانتهاكات الواسعة والمزمنة كان لها آثار محبطة على المشاركة السياسية في الفترة التي سبقت الانتخابات.

وواصلت: كما قوّضت السلطات بشدة حرية وسائل الإعلام والحق في الوصول إلى المعلومات، وفي عهد السيسي، أدرجت منظمات مراقبة حرية الصحافة مصر كل عام تقريبا منذ العام 2014 ضمن الدول الـ10 التي تسجن أكبر عدد من الصحافيين.

وقالت المنظمة، إنه في عام 2023، استهدفت السلطات الصحافيين ووسائل الإعلام قبل الانتخابات، وأحال “المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام” في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي عاملين في موقع “مدى مصر” الإعلامي المستقل إلى النيابة العامة بتهمة “مزاولة أنشطة إعلامية دون ترخيص” و”نشر أخبار كاذبة دون التأكد من مصادرها”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية