القاهرة ـ ‘القدس العربي’سيطرت أخبار الرئيس السابق الدكتور محمد مرسي على معظم اهتمامات الصحف الصادرة امس الأربعاء 6 تشرين الثاني/نوفمبر، سواء في نقله الى سجن برج العرب بالإسكندرية، والباسه بدلة السجن البيضاء وإعطائه رقم 11253 وتوقيع الكشف الطبي عليه لاثبات حالته الصحية قبل ان تتسلمه إدارة السجن، وملاحظة ارتفاع طفيف في ضغط دمه، وأفادت الإدارة بان زنزانته عبارة عن غرفتين.
ونشرت الصحف عن إلقاء القبض على العشرات من الإخوان في مختلف المحافظات، بسبب الاشتباكات التي قاموا بها يوم الاثنين واستمرار لجنة الدستور في اعمالها.
وإلى بعض مما عندنا:
يأس الإخوان
من الظواهر التي حرصت على مراقبة ظهورها، هي سريان روح اليأس بين الإخوان، وانعكاسها على ما يكتبونه بأنفسهم وفي جريدتهم الرسمية، لا، ما يقال عنهم من غيرهم أو خصومهم، وذلك بعد الضربة التي لم يتخيلوها في الإطاحة بهم، والقبض على رئيسهم وقياداتهم بأوامر من النيابة العامة، ثم صدامهم مع الأغلبية الشعبية الساحقة، التي كان قسم كبير منها يؤيدهم في البداية، وسرعان ما انقلبوا عليهم، وهو ما أحدث شرخاً في معنوياتهم تحول إلى انهيار واسع النطاق حتى ان حاولوا إخفاءه، وكذلك سريان روح التشكيك في أهلية قياداتهم وقدراتها على التصرف الصحيح، والزج بهم في مشاكل وصدامات أدت إلى مقتل وجرح الكثيرين منهم.
وفي الحقيقة هذا أمر طبيعي، تتعرض له أي جماعة أو حزب سياسي يدخل في صدامات عنيفة ويتعرض لأخطارها، خاصة إذا طالت مدتها، حيث نجد عناصر تتحمل التضحية عند مستوى معين، وتتوقف أو تنسحب، وأخرى تكون طاقتها أكبر على التحمل الى درجة التضحية بالمصالح أو السجن. وهناك عناصر تشارك مرات في المظاهرات ثم ينتابها اليأس، إذا لم تحقق نتائج ملموسة، وترى العكس، تماماً فتنهار روحها المعنوية، خاصة إذا أيقنت أن من تقاومه يتمتع بقوة ملموسة وحيوية ودعم من أغلبية شعبية، واستمراره في تصعيد إجراءاته ضدهم، وانسحاب من تصوروا انهم انصارهم وداعموهم. وتزداد هذه الحالة إذا وجدوا أن الفرصة متاحة لهم للتعبير عن آرائهم كتابة، والخروج في المظاهرات، أي أن هناك أساليب تبعد عنهم احتمال الإصابة أو القتل أو السجن، وتزداد اكثر مع ما يمكن أن تكشف القضايا عنه من خفايا كانت غائبة عنهم ارتكبتها قياداتهم، والتلويح باستمرار من جانب أجهزة الأمن بوجود عملاء لأجهزة مخابرات أجنبية، وعليهم تسجيلات وسيتم تقديمها، والخلاصة أن انهيار الروح المعنوية بدأ فعلا، وأؤكد انه أمر طبيعي يعلمه كل من عمل بالسياسة والتنظيمات السرية ومن تصادم مع السلطات.
دورنا الان الصبر والمصابرة والمرابطة
نبدأ من يوم الثلاثاء قبل الماضي مع الدكتور محمد وهدان مسؤول التربية بالجماعة وقوله:
‘أيها الأحباب، لهذا العنوان دلالة تربوية مهمة فالمسلم ينبغي أن ينظر إلى أقدار الله سبحانه وتعالى التي يجريها في كونه على أنها خير يفهمها المسلم حينا ويعجز عن فهمها أحيانا، حتى تتضح له في ما بعد، فمن شرح الله صدره بالإيمان فهو مطمئن لقدر الله تعالى فهو البر الرحيم، ولقد شكا أحد الصالحين يوماً إلى شيخه قائلاً: أجد في نفسي هموماً وأحزاناً فقال شيخه: أحوال العبد أربع لا خامس لها:
النعمة
البلية
الطاعة
المعصية
فإن كنت في نعمة فمقتضى الحق سبحانه وتعالى منك الشكر.
وإن كنت في البلية فمقتضى الحق منك الصبر.
وإن كنت في طاعة فمقتضى الحق منك شهود المنة والفضل.
وإن كنت في المعصية فمقتضي الحق منك الاستغفار.
أخي الحبيب: هل مر عليك أو ستمر عليك حال مغايرة لهذه الأحوال الأربع؟ كلا والله، فلماذا الهم والقلق مادامت الأمور كلها من الله وبتقدير الله، ومادامت الأمور كلها من الله وبتقدير الله فالله سبحانه وتعالى قد افترض عليك في كل حال من الأحوال ألوانا من ألوان الطاعة والعبادة’.
وهذا اعتراف بأن ما حدث لهم من الله، وفي نفس عدد ‘الحرية والعدالة’ أيضا، قال صاحبنا الإخواني أحمد المحمدي: ‘ولأن الله يعلم طبيعة الإنسان أنه في حال اليسر ينسى ويعرض، وفي حال الكرب يعود ويتوب من ذنوبه ويصحح من أخطائه، فما نزل بلاء إلا بذنب، فيلجأ العبد إلى خالقه سبحانه، قال تعالى: ‘وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر كان يئوسا’، فصلت: 51’. وقال تعالى: ‘ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليئوس كفور ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور’، هود: 9-10’. فدائماً وعلى مر الزمان يكون زمن المحنة ‘التمكين’ أقل بكثير من زمن المحنة ‘الاستضعاف’، فكم بقي محمد صلى الله عليه وسلم بعد أن مكن الله له بعد فتح مكة ونصره الله نصراً عزيزاً؟ بقي عامين بعد أن ظل واحدا وعشرين عاما يحارب ويؤذى ويجاهد في سبيل الله. وكم بقي نوح بعد أن نجاه الله بالسفينة؟ قليلا بعد أن ظل قرابة ألف عام مضطهدا ويُستهزأ به، وهو يدعو الناس الى الحق، لذلك كان السؤال ماذا نفعل نحن الآن؟ دورنا الصبر والمصابرة والمرابطة، وبالفعل يعيش الأحرار والثوار هذه الحالة التي تُصنع فيها الرجال، المهم أن نكون رجالا عند المحن. ما حدث في رابعة ويحدث حتى الآن هو محنة تتخللها منحة لثقل الرجال، ستأتي المنحة عن قريب ويعود الحق الى أهله ويقولون متى هو؟ قل عسى أن يكون قريباً ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله، مكملين إن شاء الله’.
حمدي عبد العزيز: يجب التطهر
من الحزبية والطائفية والثقافة السطحية
وبعدها بيومين، أي الأحد قبل الماضي قال صاحبنا حمدي عبدالعزيز في ‘الحرية والعدالة’، وهو يقدم رجلا ويؤخر الثانية ليتغلب على رغبته في الاعتراف الكامل، رغم انه أشار الى بعضها.
‘الحديث عن الثورة الإسلامية لاسترداد الشرعية كان يعكس إدراكا غير واقعي لموازين القوة على الأرض، ووفر ذريعة تلو الأخرى للانقلابيين لشن استراتيجية استئصالية تجاه الإخوان المسلمين، تحت قصف إعلامي ودعايات سوداء استغلت خطابات المنصة عموما والحديث عن الثورة الإسلامية خصوصا، للترويج بأن الإسلاميين إرهابيون ويرغبون في إقامة دولة دينية تحكم بالحديد والنار! ومع مرور الأيام اختفي المصطلح تقريبا تحت وطأة التكاليف البشرية الضخمة التي دفعها الإسلاميون، بل تشكلت قناعات جديدة، ومن أخطر هذه القناعات ما تم تداوله من آراء غريبة بأن ما واجهناه من قتل على أيدي البلطجية وتشويه وتشف من جانب المؤيدين للانقلاب، يجب أن يجعلنا في مراجعة لعملنا الاقتصادي والخيري والاجتماعي، لكن ذلك المصطلح ‘الثورة الإسلامية’ لم يختف كلياً، أو بالأحرى واقعياً فهل حان الوقت لتفكيك هذا المصطلح والإفصاح عن مدلولاته في وعينا؟
إن التغيير الثوري له متطلبات على المستويين السياسي والاجتماعي، فعلى المستوى السياسي لابد من قيادة سياسية موحدة ومعروفة يكون موقعها واضحاً من التفاوض والحلول السياسية وتوظف متخصصين لطرح اجتهادات حول قضايا شائكة لم تحسم، كالعلاقة بين العسكري والمدني، هيكلة الشرطة، مواطنة الأقباط، والعدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية، ويتزامن مع ذلك التطهر من الحزبية والطائفية والثقافة السطحية وطرح اجتهادات حول دولة العدل والحريات وهموم شعب مصر’.
وهذه أول مرة يعترف فيها إخواني علناً وكتابة وفي جريدة حزبهم بأنهم أخطأوا عندما دخلوا في مصادمات، وأنه يحمل قيادة الجماعة المسؤولية عن الأرواح التي ضاعت.
على كل إخواني أن يزرع
بداخله الإحساس بالعزة
وفي نفس العدد، كتبت الإخوانية الجميلة فاطمة عبدالله، مقالا، رغم انها لم تنشر صورتها معه، واستبدلت بها كف رابعة، قالت:
‘يشعر بعض شباب الإخوان بما أطلقوا عليه ‘البهدلة’ من أجل شعب لا يستحق الكثيرون منه التضحيات الجسام التي يقدمها الإخوان عامة.
ولابد من طرد أي إحساس بالبهدلة فوراً وللأبد، وعدم السماح له بالاقتراب من عقل وقلب أي إخواني فلا مجال له عنده، ولابد أن يزرع كل إخواني بداخله الإحساس بالعزة وأنه يجاهد لنصرة الحق ولاعلاء كلمة الله وليس من أجل شعب، يتفق أن نسبة كبيرة منه تثير الغضب في النفوس، كلما رأيناهم أو سمعناهم، وهو ما يجب حماية أنفسنا منه، ونتذكر الدعاء ‘الحمد لله الذي عافانا’ وندعو لنفسنا ولهم بالهداية ونسارع بوضع ‘سواتر’ نفسية لمنعهم من التأثير على سلامنا الداخلي، ويكفي الإحساس بالإجهاد النفسي والذهني والبدني أيضاً بعد الانقلاب اللعين، ومن حق كل إخواني أن يحس بالتعب فهو بشر، وهنا عليه الحرص على أن يأخذ استراحة محارب وان يذكر نفسه بأنه ‘اختار’ طريق الجهاد، وعلى كل إخواني طرد الإحساس بأية مرارة أولاً بأول لأنها ‘تلتهم’ الطاقات وتسعد أبليس وجنده، وليتذكر عند إحساسه بالتعصب أو الإحباط هتافات صلاح سلطان في رابعة العدوية: ‘إن كنتم صامدين فكبروا’ وليكرر في قلبه عدة مرات: ‘الله اكبر’ حتى تمتلئ خلاياه بها، وليقم بصلاة ركعتي الحاجة يدعو فيها بنزع ملك الظالمين نزعاً مؤلماً، ويتعجل النصر والتمكين ويقرأ سورة الإخلاص، وهي تعادل ثلث القرآن الكريم لينتصر على ابليس اللعين الذي يريد سرقة طاقاته، وليكرر ذلك، وسيولي ابليس اللعين الدبر لأنه سيعلم انه يواجه مؤمناً ذكياً، وأن أبليس يخسر لزيادة إيمان المسلم ومضاعفة قواه، فضلا عن ثواب الصلاة وقراءة القرآن لذا يتوقف عن مضايقته. وفي أثناء إحدى المسيرات تحدثت مع سيدة إخوانية فأخبرتني انها تشعر بألم بالغ لأنها تحس بأن الإخوان ‘انكسروا’، ورفضت ذلك بشدة وأكدت لها أنهم يتعرضون لاختبار مهم قبل التمكين، ولنتذكر كيف بشر رسولنا الحبيب صلوات الله وسلامه عليه المسلمين بفتح الروم، وهم في أشد لحظات الحصار الظالم وحدث ذلك بالفعل، وليتذكر كل إخواني بعيد عن اسرته أن سيدنا إبراهيم عليه السلام ترك السيدة هاجر وحدها مع سيدنا اسماعيل في الصحراء، أتمنى أن تحسوا بقدر جميل من الرضا، لأن الرحمن اصطفاكم لعبادته واختاركم للتمكين، واتقوا الله في أنفسكم واطردوا أية أحاسيس سلبية أولا بأول، ولا تزيدوا الضغوط على أنفسكم فيكفي ما تتعرضون له وكونوا رحماء بأنفسكم لأنكم تستحقون ذلك، وتذكروا دوما ما قاله الشيخ محمد عبدالمقصود: إن الثبات على الحق هو في حد ذاته جزء من النصر، واسعدوا لأن الرحمن صانكم من الوقوف مع الباطل’.
أخيراً، وفي نفس العدد نشرت جماعة ‘دعاة من أجل الإصلاح’ وصايا عشرا للإخوان ليعملوا بها، وهي كفيلة إن شاء الله بإزاحة الغمة عنهم:
‘نحن نعيش في محنة وكرب شديد لعلها تدفعنا نحو التعلق والاعتصام التام به سبحانه، وعمل كل ما يمكن عمله لاسترضائه واستجلاب نصره بإذنه ومشيئته، فهو الوحيد القادر على كشف ما لحق بنا من ضرر وبلوى، احذر أخي اليأس والإحباط ولا تستجب لخطرات النفس بأنه لا جدوى ولا فائدة مما نفعله أو سنفعله بإذن الله، ولا تخدعنك الحسابات المادية التي تكشف أن كل الأدوات مع الطرف الآخر وليس معنا شيء سوى هذا الجهد الذي يبذل والأصوات التي تهتف بعودة الشرعية، إن التفكير بطريقة الحسابات المادية يتعارض مع مقتضيات الإيمان بأن الله وحده هو من يدبر أمر هذا الكون وأنه هو الذي يخفض ويرفع ويقدم ويؤخر ويقبض ويبسط ويعز ويذل’.
انخفاض الروح المعنوية
لعدد من قيادات الإخوان في السجن
اما صديقنا العزيز الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان والمجلس القومي لحقوق الإنسان حافظ أبو سعدة، الذي ترأس وفد المجلس الذي زار قيادات الإخوان في السجن، فقال في حديث نشرته له ‘الأهرام’، وأجراه معه زميلنا عماد حجاب:
‘لمست خلال زيارتي ضمن وفد مجلس حقوق الإنسان لمجمع سجون طرة انخفاضا شديدا في الروح المعنوية لعدد من قيادات جماعة الإخوان المحتجزين على ذمة قضايا العنف وقتل المتظاهرين، وبتحليل كلماتهم لوفد حقوق الإنسان يتبين انها نوع من اليأس والإحباط الذي يشعرون به نتيجة خروج السلطة من بين أيديهم، وتحديهم للسلطة شكلي ورسالة لأنصارهم للاستهلاك المحلي، وفقد الجماعة لأي شعبية وجماهيرية أو تعاطف من الشعب’.
الشعب المصري.. عبقرية
في الانجاز وعبقرية في الخيبة
وإلى محاكمة مرسي، ووضعه وأربعة عشر آخرون من قيادات الجماعة في نفس القفص الذي وضع، ولا يزال يوضع فيه مبارك وابناه علاء وجمال ووزير الداخلية اللواء حبيب العادلي وستة من مساعديه ليكون مشهدا لم يره أي شعب في الدنيا، ان يعزل رئيسين في مدة سنتين وعدة أشهر، ويحاكمهما معا وفي نفس القفص، ولم يحدث في أي دولة، لكنه الشعب المصري، الأشهر في العالم في عبقريته في الانجاز، إذا أراد، وعبقريته في الخيبة، عندما يخيب، وهو البلد الوحيد الذي ذكره الله في القرآن عدة مرات، بنى الفراعنة حضارة ومجدا لم يماثلهما فيهما شعب، آخر رغم تعدد الحضارات، وحققوا فتوحات عسكرية لا مثيل لها، وعندما خابوا كانت خيبتنا متميزة، لدرجة ان احتلنا الهكسوس مئات السنين، كما احتلتنا قبائل ليبية بزعامة سيشنق، ومصر هي التي كسرت الغزوين، المغولي والصليبي للمشرق العربي، والتي خضعت للاحتلال البريطاني أربعة وسبعين عاما، والمصريون هم أول شعب في العالم يقوم بثورة شعبية بعد الحرب العالمية الأولى مباشرة ضد الامبراطورية البريطانية، أقوى دول العالم وقتها، وتستمر ستة أشهر متواصلة بزعامة خالد الذكر سعد زغلول باشا، في اذار/مارس 1919، وأعلن فيها المصريون جمهوريتين ومملكة، وأول من قام جيشهم بانقلاب عسكري عام 1952، سرعان ما تحول الى ثورة عارمة بقيادة خالد الذكر جمال عبدالناصر، لم تقلب التركيبة الطبقية والاجتماعية في مصر فقط، وإنما في العالم العربي وامتدت آثارها لأفريقيا وآسيا في أكبر عملية مطاردة للنفوذ الاستعماري، وبنوا أكبر مشروع هندسي في القرن العشرين، وهو السد العالي بشهادة من البنك الدولي الذي كان قد سحب تمويله له، وانقذ شعبها من الغرق والموت عطشاً، ثم كانت خيبتنا بهزيمتنا في 1967، لكن عبقرية الشعب تجلت بعد أسابيع في بدء الجيش في المقاومة وحرب الاستنزاف، ليصل الى العبور في 1973 ويقدم درساً في العبقرية في التخطيط والتنفيذ، ثم تحل الخيبة بنا في اتفاقيتي كامب ديفيد والدخول تحت الهيمنة الأمريكية، وفقدان استقلالنا وتعرضنا إلى أكبر عملية نهب وسرقة لمواردنا، لكن عبقرية الشعب عادت لتحطم المخطط وتصيب أمريكا والاتحاد الأوروبي وتركيا بالجنون، لنثبت للعالم اننا شعب لا ينافسنا أحد في عبقريتنا إذا صممنا على عمل شيء، وفي في خيبتنا عندما نخيب.
فتش عن السياسة
اما في جريدة ‘الشروق’ فنتعرف مع الكاتب فهمي هويدي على جوانب المشهد الغامض في كل ما يتعلق بالرئيس السابق مرسي:
‘يُحسب للجلسة الأولى في محاكمة الرئيس السابق أنها أتاحت لنا أن نتعرف على بعض جوانب المشهد الغامض، بقدر ما أنها استدعت بعض علامات الاستفهام والتعجب. فقد عرفنا مثلا أن الدكتور محمد مرسى كان محتجزا في قاعدة بحرية بحي أبوقير في الاسكندرية خلال الفترة الماضية.
وأن أربعة قضاة تناوبوا على سؤاله بحضور محامين لم يعرفهم. الأهم من ذلك أننا عرفنا أن ترتيب الدكتور مرسي بين المتهمين الخمسة عشر هو الثاني عشر، (سبعة منهم هاربون)، وأن المتهم الأول في القضية هو المهندس أسعد الشيخة نائب رئيس ديوان الرئيس وابن شقيقته. أما الباقون فأغلبهم من أعضاء مكتب الرئيس ومساعديه.
وفهمنا من أمر الإحالة أن المتهمين من الأول إلى الحادي عشر منسوب إليهم التلويح بالعنف واستخدامه على نحو أدى إلى القتل العمد بحق ثلاثة أشخاص، كما اتهموا باحتجاز وتعذيب 54 شخصا آخرين. وفي حين اعتبر هؤلاء فاعلين، فإن المتهمين من الثاني عشر إلى الخامس عشر وصفهم قرار الإحالة بأنهم محرضون. وعلى رأس هؤلاء الأخيرين الدكتور محمد مرسي يليه الدكتوران محمد البلتاجي وعصام العريان، وآخرهم الداعية وجدي غنيم الموجود خارج مصر.
كان ملاحظا أن قرار الإحالة الذي اعتبر الدكتور محمد مرسي ضمن المحرضين على العنف في أحداث الاتحادية (التي وقعت في 5 كانون الاول/ديسمبر الماضي) لم يشر إلى تهمة التخابر مع حماس التي جرى تسريبها وإشاعتها عبر وسائل الإعلام. التي مع شائعات أخرى تحدثت عن تواطئه مع الإدارة الأمريكية، حتى وصفته بعض التعليقات بأنه ‘جاسوس’ وخائن.
الملاحظة الأهم أن قرار الإحالة خص بالذكر ثلاثة قتلوا و54 تعرضوا للتعذيب في أحداث الاتحادية، ولم يشر بكلمة إلى ضحايا آخرين سقطوا في الأحداث ذاتها، منهم ثمانية قتلوا و250 تعرضوا لإصابات عديدة بعضها بمثابة عاهات مستديمة. رغم أن ثمة بلاغات قدمت إلى النيابة بهذا الخصوص من أهالي القتلى والمصابين.
وهذه البلاغات لم يعرف مصيرها، إذ بدا مستغربا ولايزال أن يقتل الجميع أو يصابوا في موقعة واحدة حدثت في يوم وتوقيت واحد، ثم يأتي أمر الإحالة ليخص بالذكر بعضا منهم ويتجاهل البعض الآخر. ولأن المفارقة شديدة واللغز كان محيرا في البداية، فإن التفسير الذي بدا مقنعا لذلك التمييز هو أن الأمر لم يكن خطأ ولا مصادفة. وإنما يرجح أنه كان متعمدا، ذلك أن القتلى الثلاثة والمصابين الذين أشار إليهم قرار الإحالة هم من معارضي الرئيس مرسي، الذين يسهل توجيه الاتهام إلى معاونيه وإلى الرئيس ذاته بالاشتراك والتحريض على قتلهم. أما الآخرون فالثابت أنهم جميعا من أنصار الدكتور مرسي ومؤيديه، لذلك يتعذر توجيه الاتهام إليه في شأنهم. وإنما قد تشير أصابع الاتهام في حالاتهم.
إلى آخرين من خارج دائرة معاوني الدكتور مرسي، وهو ما تضمنته البلاغات التي قدمت إلى النيابة من أهاليهم ومحاميهم. لذلك فهم أن السبب في تجاهل تلك البلاغات هو الحرص على استبعاد عدد آخر من المسؤولين المشاركين في السلطة والمؤسسة الأمنية من دائرة الاتهام. وهو احتمال إذا صح فهو يعني أن أسبابا سياسية تكمن وراء التركيز في القضية على قتل ثلاثة وإصابة 54 فقط من معارضي الدكتور مرسي، في حين تم تجاهل القتلى الثمانية والـ250 مصابا الآخرين، لمجرد أنهم كانوا من أنصاره.
لقد فصلت الصحف التي صدرت أمس في عرض وقائع ما جرى في الجلسة، وإن لم تذكر شكوى المتهمين من سوء المعاملة، حيث تغلق عليهم أبواب الزنازين في حبسهم الانفرادي لمدة 22 ساعة يوميا، بخلاف ما تقضي به لوائح السجون. كما لم تشر إلى التعسف والعنت الذي لقيه المحامون عن المتهمين لحضور الجلسة، فأعطي المحامون الأساسيون خمسة تصاريح فقط للحضور، في حين أنهم قدموا 15 طلبا. وكان من بين الذين رفضت طلباتهم ثلاثة نقباء للمحامين في محافظات الإسماعيلية وأسيوط والقليوبية، في حين أعطيت تصاريح الدخول لـ350 إعلاميا، الأمر الذي فهم منه أن الاهتمام بالحضور الإعلامي كان سبعين ضعف الاهتمام بتمثيل الدفاع عن المتهمين. أما ممثلو المدعين بالحق المدني فقد عوملوا بسخاء وكرم شديدين.
مع كل ذلك فشيء أفضل من لا شيء. ذلك أننا لم نعرف من قتل ثوار 25 يناير، نحو 900 شخص، ولم يحاسب أحد على الذين قتلوا في وجود المجلس العسكري، وهؤلاء قدر عددهم بنحو (215 شخصا). صحيح أننا الآن بصدد محاكمة المتهمين بقتل ثلاثة فقط من بين 154 شخصا قتلوا في عهد الرئيس محمد مرسي، (الأرقام أوردتها الشبكة العربية لحقوق الإنسان). ولأننا ندرك أن مسيرة ‘العدالة’ بطيئة في مصر. فلست أعرف متى يمكن أن نقتص ليس فقط للقائمة الطويلة من الشهداء الذين قتلوا منذ عام 2011، وإنما أيضا للثلاثة آلاف الذين قتلوا أخيرا في فض الاعتصامات والمظاهرات بعد عزل الرئيس مرسى في تموز/يوليو 2013. إلا أننا في كل ذلك لا نستطيع أن ننحى باللائمة في عبثية المشهد ومفارقاته على تراخي القضاء وبطء العدالة فقط، وإنما يتعين أن نفكر مليا في دور السياسة في التعاطى مع الملف، أمس واليوم وغدا’.
رسالة واشنطن للاخوان
وفي نفس العدد من جريدة ‘الشروق’ نقرأ للكاتب يوسف ايوب رأيه في علاقة امريكا بالاخوان:
‘كما توقعت قبل زيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري للقاهرة الأحد الماضي، فالولايات المتحدة تجاوزت مرحلة الإخوان المسلمين ورئيسهم المعزول محمد مرسي، وبدأت في النظر لمصالحها الاستراتيجية التي باتت مهددة بالمنطقة بعد إعلان دعمها السابق للجماعة المحظورة.
كثيرون ربطوا بين زيارة كيري وبدء محاكمة مرسي الاثنين الماضي، لكن كانت المؤشرات قوية على أن واشنطن بدأت تتخلى تدريجيًا عن حليفها الاستراتيجي مرسي لأخطاء ارتكبتها الجماعة بعد 30 يونيو، كادت أن تضر بمصالح واشنطن، فضلا على مراجعة الإدارة الأمريكية لسياستها تجاه مصر، واتجاهها الأخير للسير مع الإرادة الشعبية المصرية التي خلعت وعزلت مرسي في الثالث من يوليو.
فك ارتباط العسكر بالسياسة
اما في جريدة ‘المصريون’ فيتساءل الكاتب جمال سلطان لم لا يترشح عنان للرئاسة رغم انه لا يؤيد ترشيح اي عسكري لرئاسة مصر، لنجد الجواب لديه: ‘قولا واحدا أنا شخصيا لا أتعاطف ولا أؤيد ترشح أي عسكري لرئاسة مصر، لا السيسي ولا عنان ولا طنطاوي ولا موافي ولا أي شخص ينتمي إلى المؤسسة العسكرية، لأسباب متعددة، منها وأهمها ما هو مرحلي، ونريد أن نفصل بشكل نهائي ارتباط العسكر بالسياسة، نريد أن نؤسس لدولة مدنية، ونرسخ تلك الثقافة في مؤسسات الدولة لعشر سنوات على الأقل، لأن الثورة المصرية قامت بالأساس في وجه حكم عسكري بلباس مدني مزور، ومصر ظلت محكومة طوال ستين عاما أو أكثر قليلا بمنظومة عسكرية وأذرعها الأمنية والاستخبارية التي هيمنت على كل شيء في البلد وسيطرت بشكل مطلق فأضاعت البلد.
وكل الهياكل التي تم تصنيعها من دستور وبرلمان وحكومات وأحزاب وغير ذلك، كان مجرد ديكور لتجميل البيت من الخارج، فقط لا غير، وهذا ما أضر بمسار مصر ونهضتها كثيرا، سواء على المستوى السياسي، حيث ظلت مصر تقبع في قعر النظم السياسية في العالم الثالث، حتى أن بعض دول أفريقيا التي كان زعماؤها وقادتها يدرسون ويتعلمون في مصر تطورت وأسست لكيانات ديمقراطية معقولة، بينما مصر ما زالت دولة الأجهزة والقمع والخوف والأسرار، وأيضا على الصعيد الاقتصادي حيث بسهولة يمكن ملاحظة حجم التفاوت عند المقارنة بين مصر وبين دول أخرى كانت قريبة منا أو متخلفة عنا، مثل كوريا وماليزيا، والطفرات التي تحققت هناك خلال الستين عاما التي هيمن فيها الجيش على القرار السياسي المصري حتى الآن، ما زالت مصر دولة ريعية يعيش اقتصادها على دخل قناة السويس ودخل السياحة وعائد العاملين في الخارج، وعلى مستوى كرامة الإنسان، أصبحت كرامة المصري في الداخل والخارج مضرب الأمثال في الهوان وانعدام القيمة، سواء مع دولته ومؤسساتها أو عند الآخرين بالتبعية، لأن كرامة المواطن تنشأ من كرامته في وطنه أولا.
فهذا رأيي أولا لأقطع أي تأويلات أو تفسيرات ظلامية، ولكني أعلق على الجدل والهوس الذي نشأ في بعض المؤسسات الرفيعة وفي الإعلام الموالي للفريق السيسي وأجهزته الأمنية، بعد إعلان الفريق سامي عنان نيته الترشح لرئاسة الجمهورية، وبدأت حرب شعواء على الرجل، تندد بخطوته، وكأنه ارتكب جريمة خيانة عظمى، وبدأت بعض الأجهزة تلاعبه بتسريبات هي في النهاية تهين المؤسسة كلها وليس شخص الفريق عنان وحده، إذا صحت وقائعها، كما اتصلت أجهزة أمنية رفيعة بصحف نشرت فصلا من مذكراته ووجهت إليها أمرا مباشرا، وأنا أعني ما أقول، أمرا مباشرا، بالتوقف عن نشر المذكرات، وكانت الحجة دائما بأنها تهدد الأمن القومي ولا بد من تصريح بنشرها، رغم أنها لا تختلف عن طبيعة الحواديت التي قالها الفريق السيسي لياسر رزق في وقائع ما بعد عزل الرئيس محمد مرسي، لم أفهم أي منطق للهوجة التي قامت ضد الفريق عنان، البعض قال انه لا يجوز أن يكون للمؤسسة العسكرية مرشحان، باعتبار أن ترشح السيسي مفروغ منه، ولا أعرف هل هذا نص غير مكتوب في الدستور الجديد، انه إذا ترشح السيسي امتنع الآخرون عن الترشح، أم أنه سيكون من المبادئ فوق الدستورية، وأيضا هؤلاء الذين تحدثوا عن حق السيسي كمواطن مصري أن يترشح لرئاسة الجمهورية، لماذا انحسر عندهم هذا الحق عن المواطن المصري سامي عنان، بل إنه في تقديري أن عنان هو الأكثر معقولية للترشح، باعتبار أنه انفصل عن المؤسسة العسكرية منذ قرابة عام ونصف العام، وإذا ترشح سيكون قد ترك المؤسسة منذ عامين، وبالتالي يصعب وصفه بمرشح الجيش، بينما السيسي إذا ترشح الآن، حتى لو استقال من منصبه العسكري، فإنه حتما سيكون مرشح الجيش، لأنه يأتي مباشرة بعد ترتيب الأمور، ولو أراد السيسي اختبار شعبيته وحضوره بشكل مشروع وديمقراطي فعلا، لتقدم للرئاسة بعد تركه للمؤسسة بعامين على الأقل، وإبعاد يده عن أجهزتها وأذرعها، وأنا واثق أنه لن يجد ثلاثة مواطنين فقط يومها يصوتون له، لأن مصر كلها تعرف الآن أن تلك الأذرع تدير المنظومة الإعلامية بكاملها تقريبا وتخضع أغلب حيتان الفساد ورجال الأعمال لأوامرها، وتروض أغلب الأحزاب والقوى السياسية ورموزها، خاصة أولئك المتحدرين من عصر مبارك.
بأمانة شديدة، لا أعرف سببا واحدا ـ أخــــلاقيا ووطنيا ـ للهجوم على عنان لمجرد تفكيره في الرئاسة، وأنا شخصيا إذا خيرت ـ اضـــطرارا ـ بين عنان والسيسي للرئاسة فسوف أعطي صوتي حتما لعنان، وأعصر الليمون من جديد ، لأن عنان نصــــف مدني، أما السيسي فهو عسكري صرف، والله أعلم.
Very nice topic