لندن- “القدس العربي”: نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريراً شاركت فيه ميسي رايان وكارين دي يونغ وشين هاريس وستيف هندريكس قالوا فيه إن إلغاء إسرائيل زيارة وزير الدفاع يوآف غالانت إلى واشنطن تشير إلى التوتّرات القائمة بين البلدين قبل الضربة الإسرائيلية المتوقعة ضد إيران.
فقد كان من المقرر أن يحيط غالانت وزير الدفاع الأمريكي بخطة الردّ الإسرائيلي، إلا أن الزيارة ألغيت بشكل مفاجئ يوم الثلاثاء، أي قبل يوم من اللقاء المقرر، وهي إشارة عن التوتر بين حليفين، وتثير الشكوك حول قدرة الرئيس جو بايدن على منع حرب على جبهات متعددة من الانفجار إلى حرب شاملة.
في الوقت الذي أكد فيها بايدن على حق إسرائيل بالرد على إيران، فقد حثّها على تجنّب ضرب المنشآت النفطية الإيرانية، التي قد تؤدي إلى زعزعة استقرار سوق الطاقة العالمي
وكان من المتوقع أن يستقبل لويد أوستن غالانت، يوم الأربعاء، في البنتاغون، في لقاء كان يقصد منه التركيز على توسيع إسرائيل عملياتها العسكرية في لبنان، والضربة المتوقعة ضد الهجمات الصاروخية الإيرانية، الأسبوع الماضي.
وقال المسؤولون الإسرائيليون إنهم يحضّرون لضربة مهمة رداً على ذلك الهجوم، ولكن المسؤولين الأمريكيين يقولون إنهم لم يبلغوا بأيّ شيء عمّا تخطط له إسرائيل.
وأخبرت المتحدثة باسم البنتاغون، صابرينا سينغ، الصحافيين بأن اللقاء بين أوستن وغالانت لن يعقد، كما هو مقرر يوم الأربعاء، بدون تفاصيل عن موعد آخر له، إن كان هناك واحد.
وتعلق الصحيفة بأن إلغاء اللقاء في اللحظة الأخيرة يُظهر التعقيدات بين الولايات المتحدة وحليفتها الرئيسية في الشرق الأوسط منذ هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر، التي دفعت الولايات المتحدة إلى شحن أرصدة عسكرية هائلة إلى المنطقة، وبذل جهود دبلوماسية لوقف إطلاق دائم للنار.
وقال مسؤولون إسرائيليون إن نتنياهو أخبر غالانت بأنه لا يستطيع المغادرة إلى واشنطن إلا بعد تحقيق شرطين؛ الأول اتصال بينه والرئيس بايدن، والذي يتوقعه منذ عدة أيام. والثاني هو إقرار الحكومة الأمنية على خطة ضرب إيران. وقال المسؤولون الإسرائيليون إن نتنياهو يحاول، وبدون نجاح، الوصول إلى بايدن. ونفى مسؤول أمريكي أن يكون بايدن تجنّبَ الحديث مع نتنياهو، مع أنه لم يتحدث معه منذ سبعة أسابيع.
وتزايد الصدع بين الزعيمين منذ العام الماضي، وبسبب طريقة إدارة إسرائيل للحرب في غزة، والتي قتل فيها حتى الآن أكثر من 40,000 فلسطيني. وكذا ما يراه المسؤولون الأمريكيون فشل نتنياهو بدعم وقف مبادرات دبلوماسية قدمتها أمريكا، وعدم الاستماع للنصائح لمنع ما أصبح نزاعاً متوسّعاً بالمنطقة.
ومنذ الغارات الصاروخية الإيرانية، وهي الضربة الثانية هذا العام، حثّ المسؤولون الأمريكيون إسرائيل أن تكون معتدلة في ردّها الانتقامي. ورغم التنسيق الوثيق بين البلدين، إلا أن إسرائيل قامت، وأكثر من مرة، بتنفيذ ضربات ضد منافسيها بالمنطقة، وبدون إخطار الولايات المتحدة مسبقاً، بما في ذلك عملية استهدفت قبل فترة عناصر من “حزب الله” بأجهزة اتصالات متفجرة.
وقد اشتكى المسؤولون الأمريكيون من أن مثل هذه الهجمات قد تُعرّض القوات الأمريكية للخطر. ومن جهة أخرى واجه بايدن انتقادات من داخل حزبه لموقفه من إسرائيل، ولدعمه العسكري الثابت لها.
وفي الوقت الذي أكد فيها بايدن مع مساعديه على حق إسرائيل بالرد على هجمات إيران، فقد حثّها علناً على تجنّب ضرب المنشآت النفطية الإيرانية، والتي قد تؤدي إلى زعزعة استقرار سوق الطاقة العالمي، كما نصح إسرائيل بتجنّب ضرب المفاعلات النووية في إيران.
وقال مسؤول أمريكي إن الإدارة “على تواصل مستمر مع إسرائيل، وعلى مستويات متعددة، وكانت تقول إن الزعماء سيتحدثون بعد تلك الاتصالات، وهذا أمر اتفقنا عليه الأسبوع الماضي”.
وأضاف المسؤول: “مع ذلك، إذا كانوا يقولون إننا نضغط [على نتنياهو]، ونرفض تلقّي مكالمة، فهذا ليس صحيحاً”، و”في الواقع، كنا نحضر للاجتماع بهم في وقت لاحق من هذا الأسبوع والإسرائيليون يعرفون ذلك”. وعلى أية حال، يقول المسؤول: “لم يكن من الممكن إجراء مكالمة اليوم”، لأن بايدن كان منشغلاً في جهود الاستجابة للأعاصير، يوم الثلاثاء، وسافر إلى ويسكنسن وبنسلفانيا.
وكان مسؤولو البنتاغون يأملون بتقديم غالانت، الذي تحدث مع أوستن أكثر من 80 مرة منذ هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، خطة الرد العسكري الإسرائيلي ضد إيران.
ولم يتضح بعد إن كان وزير الدفاع الإسرائيلي سيقدم تفاصيل لأوستن عبر الهاتف. وعلق مسؤول دفاعي بارز أن المسؤولين في وزارة الدفاع لا يزالون “قلقين بشأن العمل التصعيدي المحتمل من جانب إسرائيل”.
وإذا اختارت إسرائيل شن هجوم مباشر على المنشآت النووية الإيرانية، فإن خياراتها ستكون محدودة.
ويقع مركز التخصيب الرئيسي في إيران بالقرب من مدينة نطنز، على عمق 25 قدماً تحت الأرض، ومعزّز بالخرسانة، أما مصنع التخصيب فوردو فقد أقيم داخل جبل.
ويقول الخبراء إن تدمير المنشأتين سيكون صعباً إن لم يكن مستحيلاً بالنسبة لإسرائيل. فأيّ هجوم على منشأة فوردو النووية يتطلب عنصرين لا تملكهما إسرائيل؛ القنابل الضخمة التي تخترق الأرض، والطائرات القادرة على حمل الأسلحة الثقيلة إلى هدفها.
ويقول مايكل آيزنشتات، مدير برنامج الدراسات العسكرية والأمنية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: “الكثير من الأمر يعتمد على الجيولوجيا”. وأشار إلى أن إيران كانت تبني منشأة أخرى بالقرب من نطنز مدفونة على عمق أكبر.
الصحيفة: إسرائيل قد تمتلك قدرة خفية، مثل نوع جديد من الهجوم الإلكتروني الذي قد يعيق البرنامج الإيراني، ويرسل رسالة إلى طهران بأنها عرضة للحرب غير التقليدية
وقال هانز كريستنسن، مدير مشروع المعلومات النووية في اتحاد العلماء الأمريكيين: “باستثناء هجوم خارق لتدمير الجزء الداخلي من المواقع النووية تحت الأرض، يمكن أن يحاول الهجوم، بدلاً من ذلك، إغلاق مداخل الأنفاق وتدمير مداخل التهوية”، و”من الواضح أن هذا سيترك ضرراً مؤقتاً يمكن إصلاحه بسرعة”.
وقال جيمس أكتون، المدير المشارك لبرنامج السياسة النووية في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، إن إسرائيل قد تشن أيضاً ضربات على مواقع مساعدة، مثل المرافق التي قد تبني فيها إيران أجهزة الطرد المركزي الأساسية لإنتاج مواد صالحة لصنع الأسلحة.
وقال أكتون إن إسرائيل قد تمتلك أيضاً قدرة خفية، مثل نوع جديد من الهجوم الإلكتروني الذي قد يعيق البرنامج الإيراني، ويرسل رسالة إلى طهران بأنها عرضة للحرب غير التقليدية.
وفي ضوء الصعوبات لضرب المنشآت النووية الإيرانية مباشرة، فربما اختارت إسرائيل عامل الردع بضرب مواقع الصواريخ الباليستية أو الدفاعات الجوية، وقال مسؤول سابق في الأمن القومي إن إسرائيل “ستوجه رسالة قوية وواضحة لإيران”.