واشنطن بوست: اختيار “تايم” لخاشقجي كشخصية العام يحمل أكثر من بعد سعودي وعربي

إبراهيم درويش
حجم الخط
1

لندن-“القدس العربي”:

قالت محررة الأراء الدولية في “واشنطن بوست” وصديقة الصحافي جمال خاشقجي كارين عطية إن اختيارمجلة “تايم” لخاشقجي ضمن مجموعة “حراس الحقيقة” لعام  2018 تأكيد على أن حياة السعوديين والعرب مهمة وأن الصرخة الأخيرة “لا أستطيع التنفس” له  قبل مقتله  تحمل قوة وتراجيديا. وقالت فيها إن آخر مقال رأي نشر في صحيفة له “واشنطن بوست” بعد وفاته كانت دعوة واضحة وصريحة للحرية الصحافية في العالم العربي. وأشار في مقالته إلى آمال الربيع العربي وكيف كان الناس يحدوهم الأمل وتوقعات بروز عالم عربي “منير وحر” إلا أن “هذه التوقعات سرعان ما تحطمت”.

ونطق خاشقجي في الثاني من تشرين الأول (أكتوبر) ثلاث كلمات مأساوية وقوية عندما خنقه أبناء وطنه السعوديون في داخل القنصلية “لا أستطيع التنفس”.

وتقول عطية لو كان آخر مقال كتبه خاشقجي في الصحيفة هو دعوة لمساحة يتنفس من خلالها إخوانه العرب فإن آخر كلماته اليائسة قبل مقتله تمثل القسوة المدمرة التي تم فيها خنق الحيوات والأحلام عبر الاضطهاد والعنف الذي أشرفت عليه الدولة وبدون خوف من العقاب كما تقول.

وتقدم الكاتبة مقاربة بكلمات مماثلة نطقها الرجل الأسود إريك غارنر عندما خنق في مركز بوليس في نيويورك وأصبح “هاشتاغ لا أستطيع التنفس” جزء صرخة التعبئة لحركة “هاشتاغ حياة السود مهمة أيضا” ضد العنصرية الأمريكية ووحشية الشرطة.

وأصبح الهاشتاغ #ICantBreathe  ( لا أستطيع التنفس) وسما بالعربية في الشهر الماضي بعد مقتل خاشقجي وصرخة حشد حيث تم مشاركة قصص على “تويتر” عن الحياة تحت ثقل الديكتاتورية والرقابة في الشرق الأوسط.

ولم يكن غارنر مختلفا عن خاشقجي. فقد كان عمره 43 عاما، رجل أسود عمل في دائرة المتنزهات والترفيه التابعة لمجلس مدينة نيويورك.

وكان خاشقجي موظفا داخل المؤسسة السعودية الحاكمة. وظل يتنقل في منفاه بين النخبة والأكاديميين من الجامعات الراقية (أيفي ليغ) ومراكز البحث ومع الشخصيات الإعلامية.

وكان غارنر ضحية القوة المفرطة التي مارستها عليه الشرطة فيما كان خاشقجي ضحية مؤامرة اغتيال دولية أمر بها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

إلا أن المرعب في القصة هي مواجهة الإثنين نهايتهما. وفي المصير الأخير تفاهة الجرم الذي قتلا من أجله.

فقد كان غارنر يبيع حبات من السجائر في زاوية ما، اما خاشقجي فذهب إلى القنصلية بناء على موعد تخيل أنه سيحصل فيه على أوراق تتعلق بزواجه المرتقب من امرأة تركية.

“واشنطن بوست” : هناك مئات من الناس في العالم العربي ممن تدمرت حياتهم ولا نعرف اسمائهم وحياتهم.. “هل سنواصل القبول بالقتل والتعذيب والتغييب القسري للناس الأبرياء كثمن لمواصلة الصفقات مع حكومات مثل السعودية والإمارات؟

وفي كلتا الحالتين فإن اليأس هو الذي ساد عندما راقبنا إفلات القتلة من العقاب، فرغم وجود شريط فيديو يؤكد حالة غارنر وتقييم للـ “سي آي إيه” في حالة خاشقجي يؤكد تورط ولي العهد السعودي إلا أن البعض لام الرجلين احيانا على وفاتهما: لماذا قاوم غارنر الشرطة ولم يستسلم؟  ولماذا ذهب خاشقجي إلى قنصلية بلد يعرف أنها تريد إسكاته؟

وتضيف إن عدة مقالات رأي تحلل البعد الجيوسياسي للشرق الأوسط كتبت بعد مقتل خاشقجي وأخرى عن الفساد الذي يتسبب به الأثرياء والأمراء الأقوياء والغضب على دعم الولايات المتحدة للسعودية. إلا أنه يجب أن لا نفقد البوصلة ففي العام الأخير من حياته كان جمال يسعى لأن يجعل حياة الناس العاديين أفضل، وعلينا أن لا ننسى رسالة خاشقجي الحقيقية وهي أن حيوات العرب مهمة.

فعبر الحلم وقوله إن السعوديين يستحقون شيئا أفضل من قمع بن سلمان كان خاشقجي يقول إن حياة السعوديين مهمة. ومن خلال الكتابة عن الداعيات للإصلاح كان يقول إن حياة المرأة مهمة. وعبر مناشدته بنهاية حرب اليمن كان يقول إن حياة اليمنيين مهمة فهل كان العالم يستمع؟

وقد كرمته مجلة “تايم” كواحد من “حراس الحقيقة” كشخصية لعام 2018 وكان هذا اعترافا بعمل ومهمة خاشقجي.  ولكل جمال خاشقجي هناك مئات من الناس في العالم العربي ممن تدمرت حياتهم والتي لن نعرف عن اسمائهم وحياتهم. وتساءلت “هل سنواصل القبول بالقتل والتعذيب والتغييب القسري للناس الأبرياء كثمن لمواصلة الصفقات مع حكومات مثل السعودية والإمارات؟ وهل سنتسامح مع قادتنا وهم يساعدون الأنظمة القمعية والفاسدة للتستر على مقتل الصحافيين وسجن الناشطات؟  وهل يجب وزن الحياة الإنسانية بثمن السلاح وبراميل النفط؟ وهل سيواصل صناع السياسة والمؤسسات والإعلام بتجاهل الأصوات والأراء القادمة من الشعوب العربية عند صياغة المواقف والسياسات المتعلقة بالمنطقة؟ أو اننا سنقوم برفعهم ووضعهم في مركز القصص والتقارير. واجه جمال خاشقجي نهايته القاسية في الثاني من تشرين الأول (أكتوبر) ولكن مهمته لكسر قيد الاضطهاد عل المجتمعات العربية ستعيش بعده، لأن حيوات الناس السود والبنيين والعرب مهمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول alaa:

    علي الواشنطن بوست أن تلآحق المجرمين ولآ تتنازل أبدآ ..

إشترك في قائمتنا البريدية