واشنطن بوست: النيجر ليست مصر أو تايلاند ويجب مقاطعة الجنرالات فيها

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”:

تساءلت صحيفة “واشنطن بوست” عن تداعيات انقلاب العسكر في النيجر، وما يجب على الولايات المتحدة عمله.

وقالت الصحيفة: “في نيسان/ أبريل 2021، صنع محمد بازوم التاريخ عندما أصبح أول رئيس منتخب ديمقراطيا وتولى السلطة من سلفه المنتخب شعبيا منذ الاستقلال في النيجر. والآن، يقال إن بازوم عالق في القصر الرئاسي، ويستطيع التواصل عبر الهاتف، في الوقت الذي أعلن قائد الجيش، الرجل الذي كان من المفترض أن يوفر الحماية له، الجنرال عبد الرحمن تشياني، عن نفسه رئيسا للدولة. ويأتي هذا في أعقاب انقلاب آخر في البلد غير الساحلي والإستراتيجي بنفس القدر في منطقة غرب أفريقيا المعرضة للانقلابات”.

وتضيف الصحيفة أن هذا “استحواذ شائن على السلطة ولا يمكن السماح به”. وكان وزير الخارجية أنتوني بلينكن، محقّا عندما قدّم دعما غير محدود للرئيس بازوم، وشجب السيطرة العسكرية غير القانونية وغير الدستورية على الحكم.

وأضافت “واشنطن بوست” أن الولايات المتحدة لديها 1100 جندي في النيجر، بما فيها قاعدة طائرات مسيرة لمساعدة البلد على قتال تنظيمي الدولة الإسلامية والقاعدة. وقدمت الولايات المتحدة مئات الملايين من الدولارات كمساعدات عسكرية خارجية للنيجر. وعلى قادة الانقلاب معرفة أن الدعم الأمريكي سيتوقف إلا في حالة عودة بازوم للرئاسة.

وتعلق الصحيفة أن قلة من الأمريكيين ربما سمعوا باسم النيجر، وهي بلد أكبر في الحجم من ولاية تكساس، وغنية باليورانيوم، لكن سكانها هم الأفقر في العالم.

وتشترك النيجر مع جاراتها في تاريخٍ من تدخل القوات العسكرية بالسياسة، وعانت من أربعة انقلابات ومحاولات أخرى فاشلة، منذ نيلها الاستقلال عن فرنسا، عام 1960. وتقع النيجر في وسط منطقة الساحل شبه القاحلة جنوبي الصحراء الكبرى، والتي أصبحت تعرف بـ“حزام الانقلابات”. فالجارتان مالي وبوركينا فاسو، أطاحتا بحكومتين ديمقراطيتين، ولنفس الأسباب التي أشار إليها جنرالات النيجر عندما استولوا على السلطة: الفشل المفترض لقادة الحكومة المدنية، وعدم الضرب بشدة ضد المتمردين الإسلاميين وتحقيق الأمن للسكان.

وألقى الزعيم العسكري الجديد للنيجر، باللّوم على الحكومة التي تخلّص منها، ومن عدم تعاونها بشكل كامل مع النظام العسكري في مالي.

وهناك قلق بين سكان المنطقة حول التدخل الغربي المفترض في شؤونهم الداخلية، وتحديدا فرنسا التي تعرضت للغضب الشعبي، وكان هذا السبب في سحب المستعمر القديم قواته من مالي.

وأضافت الصحيفة أن مشاهد احتفال الكثيرين في النيجر دعما للانقلاب تثير القلق. والأكثر إثارة للقلق، التقارير التي قالت إن بعض المؤيدين للانقلاب رفعوا الأعلام الروسية، وطالبوا بمساعدة مرتزقة فاغنر المتواجدين في مالي، وحلّوا محل القوات الفرنسية، وتتهمهم تقارير موثوقة بارتكاب جرائم وانتهاكات ضد المدنيين.

ويجب على النيجر تجنب مصير كهذا. ووصفت وزارة الخارجية الأمريكية في تقرير لها العام الماضي، أن النيجر هي “ركيزة الاستقرار في الساحل” و”هي شريك مفتوح وناشط  للولايات المتحدة”.

ولم يكن البلدان يتعاونان لمكافحة المتمردين، بل لتقوية الديمقراطية وحقوق الإنسان في منطقة غير مستقرة، إلى جانب معالجة المشاكل التي تغذي عدم الاستقرار والاضطرابات. وهذا يضم المؤسسات الضعيفة والعناية الصحية الفقيرة، والبنى التعليمية والتهديدات المتزايدة من التغيرات المناخية، حيث تتوسع الصحراء جنوبا.

وتقول الصحيفة إن الشراكة الأمريكية- النيجرية والمنافع للبلد باتت عرضة للخطر الآن، لو لم يتراجع الجنرالات الذين استولوا على السلطة وعادوا لثكناتهم وسمحوا لبازوم المنتخب شعبيا بأن يمارس سلطاته بشكل كامل.

وأعلن الإتحاد الأوروبي عن تعليق المساعدات المالية والأمنية للنيجر، وحذر بلينكن من أن الولايات المتحدة ستعمل نفس الشيء. وقال: “تعتمد شراكتنا الاقتصادية والأمنية مع النيجر، وهي كبيرة من ملايين الدولارات، على استمرار الحكم الديمقراطي والنظام الدستوري الذي عرقل بأفعال خلال الأيام الماضية”.

وينص القانون الأمريكي على قطع المساعدات المالية عن الدول التي ينظم فيها الجنرالات انقلابات. وكانت هناك حالات مستثناة مثل مصر وتايلاند، حيث اعتُبر الأمن القومي فيها على المحك. لكن النيجر يجب أن لا تستثنى، فتجاهل القانون قد يشجع متآمرين جددا للقيام بانقلابات في أماكن أخرى.

وتقول الصحيفة إنه يجب على تشياني ومن معه، معرفة أن بلينكن لا يصدر تصريحات فارغة، وعلى الولايات المتحدة أن تفي بوعيدها.

وقد يكون قطع المساعدات خاصة الإنسانية منها أمرا صعبا على السكان العاديين، لكن يجب على الولايات المتحدة الالتزام بمبدئها القاضي بعدم التخلص من القادة المنتخبين بالقوة، ولن يكون هناك أي تعاون مع النيجر حتى يعود بازوم إلى السلطة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية