واشنطن بوست: بايدن تذكر كلمات غولدا مائير قبل 50 عاما وتناسى مليوني فلسطيني في غزة التي ستصبح مدينة خيام

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”:

علق إيشان ثارور في صحيفة “واشنطن بوست” على المقارنات المثيرة للقلق حول الحرب الجديدة بين إسرائيل وحماس وأحداث أخرى، مضيفا أن غزوا بريا على قطاع غزة بات محتوما، حيث ستمضي إسرائيل في حملة لاقتلاع حركة حماس.

وأدت القصف الجوي الإسرائيلي على غزة، إلى استشهاد أكثر من 1055 فلسطينيا، وسط تقارير وصور عن المستشفيات التي لم تعد تستوعب الجرحى، والأحياء السكنية التي سويت بالأرض.

وفي إسرائيل، استُبدلت الصدمة من الهجوم بالرد الحازم، ولكن الأسئلة لا تزال تحوم حول الفشل الاستخباراتي الذريع الذي سبق هجوم حماس، وكذا المستقبل السياسي لرئيس الوزراء الانقسامي بنيامين نتنياهو، الذي فشل في منع الهجوم.

وفي الوقت الحالي، تحاول السلطات الإسرائيلية إظهار حس من الوحدة. وقال الجنرال دان غولدفس، الذي يقود فرقة المظليين 98، يوم الثلاثاء: “قبل أن نذهب ونطرح الأسئلة الصعبة، لدينا مهمة… نتحرك في هجوم وبقدرات وزوايا عدة”. وقال إن الهدف هو تلقين الطرف الآخر درسا “بأنه لن يستطيع عمل هذا بدون أن نغير الواقع”. وهذا وضع قاتم لأكثر من مليوني نسمة عالقين في القطاع، نصفهم من النساء والأطفال.

وأدت الطبيعة غير المسبوقة لما حدث وعدم التيقن بما سيحدث لاحقا، بالمحللين للبحث عن مقارنات في الماضي، وتركز الأمر على ثلاثة أحداث، أولها، مقارنة هجوم حماس بهجمات 9/11 التي شنتها القاعدة على الولايات المتحدة عام 2001. ويقول الكاتب إن المقارنة تكمن بالصدمة والدهشة لما حدث والرغبة الكامنة بالانتقام.

وكتب آفي مير، مدير تحرير “جيروزاليم بوست” أن “أثر هذا على نفسيتنا ووعينا الجمعي المشترك، وحسنا بالأمن وثقتنا بالقدرة على العيش أحرارا وآمنين في أرضنا، سيظل حاضرا لعقود إن لم يكن لأجيال”.

لكن المقارنة تحمل معها تضمينات مقلقة، فقد أهدرت الولايات المتحدة عقدين من الزمان في الحرب على الإرهاب، والتي كانت مكلفة وغزت فيها بلدين، وحاولت ملاحقة شبكات المتطرفين. لكن لم يتم التخلص من تهديد التشدد الإسلامي، فقد عادت طالبان إلى السلطة في أفغانستان ولا يزال العراق برميل بارود متحالف مع نظام ديني في إيران. فانتصار إسرائيل على حماس لا يضمن سلاما دائما.

وقال المحلل في إيكونوميست، غريغ كارلستورم: “حتى لو افترضنا أنه يمكن تدمير حماس، فلا بايدن أو نتنياهو يستطيع الإجابة على ما سيحدث بعد الانتقام الإسرائيلي، فمن سيحكم غزة وما هو الوضع الراهن للفلسطينيين في العقلية الإسرائيلية”.

المقارنة الثانية هي مع حرب الغفران عام 1973، فحتى هذا اليوم لا يوجد يوم مثير للصدمة في تاريخ إسرائيل مثل 6 تشرين الأول/ أكتوبر 1973، عندما شنت مصر وسوريا هجوما منسقا ومفاجئا على إسرائيل في سيناء والجولان، واستطاعت إسرائيل التصدي لاحقا من خلال الدعم الأمريكي، وكانت المعركة في ذلك الوقت وجودية، وبدا للحظة أن إسرائيل قد انتهت.

وليست هذه هي القضية اليوم، في ضوء القوة غير المتناسقة بين إسرائيل والجماعات المسلحة المصطفة ضدها. لكن المنظور يظل قاتما، فقد قال الدبلوماسي الإسرائيلي السابق مايكل أورين: “النصر حتى لو كان ممكنا، فسيكون مثل رقصة انتصار فارغة” مضيفا أن “حرب 1973 خلقت الظروف للتفاوض بين مصر وإسرائيل وقادت بعد ستة أعوام إلى اتفاقيات كامب ديفيد، وكان يريد الرئيس المصري في حينه أنور السادات سلاما، أما قادة حماس فيسعون للإبادة”.

وفي خطابه، استعاد بايدن لقاءه مع غولدا مائير، رئيسة الوزراء قبل خمسة أسابيع من حرب الغفران، وقالت له إن إسرائيل لديها “سلاح سري” وهو أن شعبها لا مكان له ليذهب إليه.

وهذا الأسبوع، فالسؤال الملحّ هو أن يذهب مليونا فلسطيني في غزة. وقال مسؤول إسرائيلي للقناة 13 إن غزة ستتحول إلى “مدينة خيام”، والمعابر مغلقة وحصيلة القتل في تصاعد مستمر.

أما المقارنة الثالثة، فهي اجتياح إسرائيل للبنان عام 1982، وكان الهدف منه هو إخراج منظمة التحرير الفلسطينية، حيث حاصرت القوات الإسرائيلية بيروت لشهرين، وعندما نجح الإسرائيليون في إخراج منظمة التحرير، كان الإرث لأول حملة عسكرية ضخمة ضد جماعة عسكرية، فشلا ذريعا كما كتبت كيم غطاس في صحيفة “فايننشال تايمز”.

وقامت الميليشيات المسيحية المتحالفة مع إسرائيل بمذبحة صبرا وشاتيلا التي قتل فيها حوالي 2000 لاجئ فلسطيني. وكردّ على الاجتياح، أعلنت سوريا وإيران عن محور المقاومة الذي لا يزال يشكل المعادلة الجيوسياسية حتى اليوم.

وعلقت غطاس أن “دروس العقود الأربعة الأخيرة هي أن كل محاولة لمحو جماعة فلسطينية مسلحة تنتج تكرارا أكثر تطرفا وألغازا أسوأ” و”بعد يومين من الغزو الإسرائيلي للبنان، وصلت مجموعة من الحرس الثوري إلى دمشق، واتجهت بمباركة من الرئيس السوري حافظ الأسد إلى سهل البقاع، ومنذ وصول إيران إلى المشرق لم تخرج منه” و”الخطر هو أن مزيدا من الفشل الإستراتيجي لن يؤدي إلا لإطالة العنف لسنوات قادمة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية