واشنطن بوست: بايدن “يوبخ” إسرائيل لقتلها عمال الإغاثة لكنه غير مستعد لتغيير دعمه لحربها

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن – “القدس العربي”:

نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقرير أعدته ياسمين أبو طالب ومات فايزر قالا فيه إن الرئيس الأمريكي جو بايدن وبخ إسرائيل لقتلها عمال الإغاثة لكن سياسته من غزة “لم تتغير”. وقالت الصحيفة إن البيانات الغاضبة تكشف عن التباين والتناقض ما يين خطابه المتشدد من إسرائيل وسياسة الدعم الثابتة لها.

ففي يوم الثلاثاء تزايد الضغط بعد قتل إسرائيل سبعة من فريق المطبخ المركزي العالمي الذي أنشأه خوسيه اندريس، فقد أصدر بايدن توبيخا مباشرا ونادرا لإسرائيل التي اتهمها بخلق الظروف التي جعلت من توزيع المساعدات إلى غزة صعبا وقاتلا. وقال بايدن “هذا ليس حادثا قائما بذاته، فهذا النزاع هو واحد من أسوأ النزاعات في الذاكرة القريبة من ناحية عدد القتلى بين عمال الإغاثة”.

مضيفا أن هذا هو السبب الرئيسي الذي جعل من توزيع الطعام إلى غزة صعبا ولأن “إسرائيل لم تقم بما يكفي لحماسة عمال الإغاثة الذين يحاولون إيصال المساعدة الضرورية للمدنيين”. ومع ذلك لا توجد إشارات عن تغير في السياسة الأمريكية بعد مقتل عمال الإغاثة واحد منهم أمريكي.

ويقول الخبراء والمستشارون من خارج الإدارة وحتى بعض المسؤولين الأمريكيين أن الشجب الغاضب من الرئيس هو آخر مثال عن التناقض في سياسة الرئيس من الحرب التي مضى عليها ستة أشهر في غزة. ففي الوقت الذي أظهر فيه بايدن استعدادا ومنذ بداية الحرب للتعبير عن غضبه وإحباطه وشجبه للتصرفات الإسرائيلية إلا أنه لم يقرن دعواته لضبط النفس بخطوات جوهرية. وقال مستشارون للبيت الأبيض لم يكشفوا عن هويتهم إن بايدن والمساعدين البارزين له لا شهية لديهم لفرض إجراءات عقابية ضد إسرائيل، مثل اشتراط الدعم العسكري لها. فبعد ساعات من تعبير بايدن عن “غضبه وتحطم قلبه” على مقتل عمال الإغاثة من المطبخ المركزي العالمي، أكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، جون كيربي أمام الصحافيين أن الدعم الأمريكي الثابت لإسرائيل كما هو ولم يتغير عليه شيء، وصرح : “لا نهتم كثيرا بحقيقة أن لدينا عدد من التحفظات بشأن بعض الامور التي يقومون بها” و “لكننا لا نتردد بالقول إن إسرائيل ستظل تحصل على الدعم الأمريكي للقتال الذي يقومون به لمحو التهديد من حماس”.

وقال خوسيه أندريس، مؤسس المطبخ المركزي العالمي في تصريحات لرويترز يوم الأربعاء إن إسرائيل استهدفت قوافل المطبخ وبشكل ممنهج “سيارة بعد الأخرى”. ودعا الولايات المتحدة والدول التي قتلت إسرائيل مواطنيها التحقيق وعدم انتظار التحقيق الإسرائيلي. مع أن كيربي قال صباح الأربعاء إن الولايات المتحدة تثق بقدرة إسرائيل على القيام بتحقيق “معمق وشامل وشفاف”، مضيفا أن الإدارة لم تضع موعدا زمنيا لإكمال التحقيق. وقال إنه ليس متأكدا من أن الأسلحة التي استخدمت في الغارة هي أمريكية. ودعا أندريس الولايات المتحدة لعمل المزيد من أجل وقف الحرب، وعبر عن عدم فهمه للتناقض بين تقديم الدعم الإنساني لغزة ومواصلة مد إسرائيل بالسلاح.

وقتل في حرب غزة أكثر من 200 عامل إنساني معظمهم فلسطينيون، حيث قال مسؤول في الأمم المتحدة إنه رقم مضاعف للحصيلة المسجلة في أي نزاع وعلى مدى عام. وقالت كامالا هاريس نائبة الرئيس إنه “لا يوجد أي مبرر” لعدم تسهيل المساعدات الإنسانية إلى غزة. لكن الولايات المتحدة قالت في الشهر الماضي إن إسرائيل لا تعرقل المساعدات الإنسانية، وهو شرط للدول التي تتلقى الدعم العسكري الأمريكي. وقاد خطاب كهذا محللين للقول إن التناقض بين الخطاب والفعل أدى لسياسة متشوشة من الحرب وبدون أي توجه للضغط على إسرائيل لتغيير نهجها. وقال فرانك لوستين، المسؤول السابق في الخارجية، الذي ساعد في المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين في 2014 أثناء إدارة باراك أوباما “الأفعال هي ما يهم، وليس الخطاب، وإن لم تقرن الكلمات بتلك الأفعال التي تلفت انتباه إسرائيل، فهي بدون معنى، كما أظهر التاريخ”. وأضاف لويستين “في الوقت نفسه الذي نتحدث فيه عن غضبنا من الوضع الإنسانس الخطير وتوزيع المساعدات الذي يشهد حوادث متطرفة، فإننا نعبر عن موقفنا وهو أن إسرائيل تصرفت بناء على القانون الدولي والأمريكي” و “لو قلنا إن إسرائيل لم تفعل أي شيء خطأ ولا توجد هناك عواقب، فلماذا نريد تغيير سلوكهم؟”.

وهناك عدد متزايد من الديمقراطيين والمسؤولين الأمريكيين يطالبون الإدارة بالدعوة إلى وقف إطلاق النار ومنع المساعدات العسكرية أو على الأقل اشتراطها. وقال النائب الديمقراطي عن كاليفورنيا رو خانا إن “مقتل سبعة من موظفي المطبخ المركزي العالمي هو مثال آخر مدمر ومأساة كان يمكن منعها والتي كما وصفها الرئيس “صارخة””. وعلق خانا إن الرئيس بايدن قال إن على إسرائيل القيام بعمل أحسن لحماية حياةالمدنيين، وعليه الآن أن يوضح أننا لن نعطي الضوء الأخضر لأسلحة قتالية إلى إسرائيل والدعوة لوقف دائم للنار والإفراج عن الأسرى لدى حماس.

وتركت سياسة بايدن المشوشة أثرها على شعبيته التي تراجعت بين قطاع واسع من الأمريكيين بمن فيهم العرب والملونون والتقدميون والشباب. ولكن بايدن لم يتزحزح ولو شبرا عن موقفه الداعم لإسرائيل، ففي احتجاج كبير صوت 50,000 من الناخبين الديمقراطيين في وينسكسن، وهو ضعف الرقم الذي قاد لفوزه في الولاية عام 2020، بـ “وفد بلا تعليمات”، في إشارة واضحة لبايدن بضرورة تغيير موقفه وإلا خسر الإنتخابات في تشرين الثاني/نوفمبر.

وفي الوقت نفسه اتهم الجمهوريون بايدن بالخنوع لليسار وقدموا أنفسهم كحلفاء أفضل منه لإسرائيل. وحتى عندما اختلف مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سارع مساعدوه للتخفيف من أهمية الخلافات. وقال جيرمي كونيدك، رئيس منظمة اللاجئين الدولية والمسؤول السابق في وكالة التنمية الدولية الأمريكية أثناء إدارة أوباما إن تردد بايدن في فرض ثمن على إسرائيل ترسل رسالة إلى نتنياهو وحكومته بأنه لا داعي للإنصات إلى تصريحات الرئيس العامة وما “تقوله لإسرائيل إنها مجرد كلام، وهذا القلق هو خطابي، وهي وسائل اتصال حتى يظهر أنها غير ذلك”، و “بهذه الطريقة يتعامل نتنياهو مع هذا، وهو يتعامل مع هذا كأمر يمكنه تجاهله، ولديه ستة أشهر من التصريحات التي تظهر أنه يستطيع والجيش الإسرائيلي تجاهل ما يقوله لهم الرئيس وبدون تحرك”.

وكانت التداعيات واضحة عندما التقى الرئيس ونائبته والمساعدين في البيت الأبيض مع مسلمين رفضوا دعوة بايدن للإفطار، لكن قبلوا مناقشة سياسته. وقدمت نهرين أحمد من منظمة “ميدغلوبال” وثائر أحمد طبيب الطوارئ، الذي أتم مهمة طبية في غزة راوية من الدرجة الأولى عن الوضع في غزة. وترك أحمد، وهو فلسطيني – أمريكي اللقاء احتجاجا على سياسة الرئيس من غزة، لكن نهرين أحمد بقيت لوصف انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي في غزة. وعبرت عن قلقها من مقتل عمال الإغاثة السبعة. وقالت “تم تقديم اللقاء ومع الرئيس لمناقشة بشأن ما يجري في غزة من الذين كانوا هناك” و “بدلا من ذلك، فقد كان اللقاء محاولة لجلب المجتمع المسلم معا والحديث وإخبارهم بضرورة التقليل من التوقعات بشأن رد الإدارة على الحرب”.

وتساءل آدم تايلور في نفس الصحيفة عن خطوط بايدن الحمراء، فرغم أن مقتل 7 عمال إغاثة يعتبر حسب محللين “نقطة تحول” في الحرب إلا أن بايدن لم يغير موقفه بل وفعل العكس حيث طلب زيادة تاريخية في المساعدة العسكرية لإسرائيل. وبعد أشهر من القلق حول زيادة عدد القتلى بين المدنيين لا يزال السلاح الامريكي يتدفق. وفي مقابلة الشهر الماضي مع شبكة أن “أس أن بي سي” كان بايدن ناقدا جدا لنتنياهو، لكنه لم يقدم أي إشارة عما سيفعله وإن كان سيتوقف عن دعم إسرائيل. وفي الوقت الذي اعتبر فيه الهجوم على رفح بالخط الأحمر إلا أنه عاد ونقض كلامه بالقول “لن أتخلى أبدا عن إسرائيل والدفاع عنها يعتبر حيويا” و “لهذا لن يكون هناك خط أحمر أقوم من خلاله بقطع الأسلحة لدعم القبة الحديدية وحمايتهم”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية