واشنطن بوست: بوتين “قيصر بدون إمبراطورية” يروج لصناعة الموت ويحتاج لنصر عسكري كي ينجو

ابراهيم درويش
حجم الخط
7

لندن- “القدس العربي”: نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا أعده روبين ديكسون وكاثرين بيلتون قالا فيه إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو “قيصر” بدون إمبراطورية وهو بحاجة لنصر عسكري كيف يظل في الحكم.

وأضاف الكاتبان أن الرئيس بوتين يحب تصوير نفسه بأنه بيتر العظيم أو إيفان الثالث الإمبراطور في القرن الخامس عشر المعروف بـ”جامع الأراضي الروسية”، لكن حرب بوتين التي مضى عليها عام في أوكرانيا فشلت في السيطرة على الأراضي التي يأمل بأن تكون جزءا من بلاده، وهناك مخاوف في روسيا بأنه يقودها إلى فترة مظلمة من النزاع والركود، وربما أسوأ.

ويقول البعض من داخل النخبة إن الزعيم الروسي بحاجة وبشكل يائس لنصر وبأي شكل من الأشكال كي يظل في السلطة. وقال ميلياردير “في روسيا لا يوجد ولاء كامل”. وبدأ غزو بوتين بنوع من الغطرسة والحماسة على أمل تغيير النظام العالمي. لكن مع الهزائم التي تكبدها جيشه وبشكل متكرر، تراجع موقعه العالمي وأدى لاتهامه بجرائم ارتكبتها قواته، جعلته يرد بتقوية سيطرته في الداخل واستخدم الحرب لتدمير المعارضة أو هندسة مجتمع مغلق يعيش رهابا ومعاد لليبراليين والمثليين والهبيين والقيم الغربية وبخاصة الديمقراطية.

ويرى المطبلون له أن الرئيس الروسي لا يمكنه الخسارة وهذا بسبب القوة النووية والطاقة النفطية وثروة البلاد الهائلة والعدد الكبير من الجنود الذين يمكن زجهم في ساحة المعركة.

ويرى هؤلاء بوتين كقائد عظيم يخرج من رماد أوكرانيا ليقود أمة متغطرسة يعلمها نبذ الغرب لها، أمة كبيرة ونسخة أكبر من إيران.

لكن رجال الأعمال والنخبة في مؤسسات الحكم يرون أن موقع بوتين كرئيس محفوف بالمخاطر حيث تزداد المخاوف والشكوك من طريقة إدارته للحرب وأساليبه. وبالنسبة للكثير من النخب، فقد قامر بوتين بالتقدم الذي حققته روسيا على مدى الثلاثين عاما الماضية، منذ انهيار الاتحاد السوفييتي. إلا أن رؤية بوتين لروسيا تخيف الكثير من الأوليغارش ومسؤولي الدولة والذي يتحدثون فيما بينهم أن الحرب كانت خطأ كارثيا وفشلت في تحقيق أي هدف. لكنهم يعانون من الشلل والخوف والتزموا الصمت.

بالنسبة للكثير من النخب، قامر بوتين بالتقدم الذي حققته روسيا على مدى الثلاثين عاما الماضية، منذ انهيار الاتحاد السوفييتي

وقال بوريس بونداريف، الدبلوماسي الروسي الوحيد الذي استقال من منصبه احتجاجا على الحرب “بين النخبة، التي يعرف أفرادها أن الحرب كانت خطأ، لكنهم لا يزالون خائفين من عمل أي شيء بأنفسهم”، والسبب كما يقول “لقد تعودوا على بوتين وأنه يقوم بكل شيء”. وهناك البعض يعتقد أن بوتين قادر على البقاء في السلطة حتى بدون نصر، طالما واصل الحرب حتى يتعب الغرب وتقل إمداداته العسكرية. لكن بالنسبة لأشخاص مثل بونداريف “عليهم معرفة أن بوتين يقود البلد إلى انهيار كامل، ويعتقدون أن الوضع ليس سيئا طالما ظل بوتين يقصف ويهاجم. ويجب أن تكون هناك خسارة كاملة وعندها سيكتشفون الحاجة لعمل شيء”.

وما يتفق عليه الجميع هو أن بوتين لم يظهر أي نية لوقف الحرب، فكما أظهرت الأشهر الأخيرة، قام مع تدهور الوضع بتغيير القادة العسكريين للجبهة وزاد من ضرب البنى المدنية الحيوية وهدد باستخدام السلاح النووي.

والآن وقد عزز الجبهة بمجندين جدد ومجرمين أطلق سراحهم، يحتاج الرئيس البالغ من العمر 70 عاما الانتصار لكي يظل محافظا على مصداقيته. ويقول مسؤول أمني أوكراني “يحتاج بوتين بعضا من النجاج ليظهر أمام مجتمعه أنه لا يزال ناجحا”.

ومع تزايد القتلى في أوكرانيا والجثث التي تملأ المقابر في كل أنحاء روسيا، حافظت العاصمة موسكو على مظهر براق يهتم بالملذات وغير مبال. فمطاعمها ومقاهيها مكتظة بالأغنياء والشباب الذين يرتدون الأزياء الغربية ويأخذون سيلفي في هواتف آيفون ويتناولون وجبات البيتزا أو البط مع مشروب كحولي.

لم يظهر بوتين أي نية لوقف الحرب، فكما أظهرت الأشهر الأخيرة، قام مع تدهور الوضع بتغيير القادة العسكريين للجبهة وزاد من ضرب البنى المدنية الحيوية وهدد باستخدام السلاح النووي

وخلف هذا المظهر البراق يقوم بوتين بخلق مجتمع قومي معسكر، يتغذى على الدعاية ومهووس بحرب وجودية أبدية ضد الولايات المتحدة والناتو.

وحتى هذا الوقت لم يعترض أي من المسؤولين في دولة بوتين الجديد علنا على الأقل. ويقول قسطنطين ريمتشكوف مدير تحرير “نيفازيمايا غازيتا” “مهما قال يؤخذ كهذا” محدثا صوتا في أصابعه.

ومنذ وصول بوتين إلى السلطة عام 2000 ارتكزت شعبيته وموقعه في روسيا على قدرته منح الأعطيات لمن حوله، وتجريد الخارجين عن طوعه من أرصدتهم أو رميهم في السجون، إلا أن الحرب في أوكرانيا تركت ندوبا على سلطته. وظل الزعيم الروسي ملاحقا بشبح انهيار الاتحاد السوفييتي حيث كان ضابط استخبارات صغيرا يخدم في درسدن عندما انهار جدار برلين واعتقد أن الاتحاد السوفييتي “تخلى عن موقعه لأوروبا”.

وهذا البحث عن الإمبراطورية الضائعة والماضي دفعه لرمي بلده في مرحلة رمادية من القمع والعزلة. وبالنسبة لبوتين، مهمته هي تصحيح الأخطاء القديمة، ولهذا تعامل برؤية تصحيحية للتاريخ رأت أوكرانيا جزءا من روسيا. وحتى ولو نجح بوتين في إخضاع أوكرانيا أو دفعها للتخلي عن مناطق احتلها، فسيخسر الذين يقفون في المعسكر الليبرالي. وستظل العقوبات الغربية في مكانها، وسيجبر أفراد النخبة الثرية على المساهمة في إعادة بناء البلاد.

بالنسبة لبوتين، مهمته هي تصحيح الأخطاء القديمة، ولهذا تعامل برؤية تصحيحية للتاريخ رأت أوكرانيا جزءا من روسيا

ويتوقع المحللون عملية تطهير واسعة للأوليغارش وغيرهم ممن يشك في وطنيتهم. والواحد يعثر على صورة عن روسيا الجديدة في موسكو اليوم. فقد تم اعتقال زوجين في مطعم كراسوندار وقيدا ودفعا على الأرض عندما تم التجسس عليهما وهما يشتكيان من حرب بوتين في أوكرانيا. وفي حادث آخر تم جر امرأة مسنة من مقعدها في حافلة ودفعها الركاب بطريقة فظة خارج الباب لأنها قالت إن روسيا هي إمبراطورية ترسل جنودها للقتال وهم يرتدون بساطير مطاطية رخيصة. وأظهرت لقطات فيديو عناصر فاغنر وهم يضربون “خائنا” بمطرقة.

ووصفت مديرة المصرف المركزي السابقة الكسندرا بروكوبنكو المناخ الذي يخشى فيه المسؤولون من سجن المخابرات لهم والتخويف. وقالت “هذا يقلق كل عضو في النخبة الروسية” وهي “مسألة عن النجاة بالنسبة للمسؤولين الكبار والمتوسطين الذين ظلوا في روسيا، والناس خائفون جدا على سلامتهم الآن”.

ويواجه بوتين الآن حنقا من الصقور القوميين الذين يرون أنه كان يجب السيطرة على كييف والليبراليين الذين يعتقدون أن الحرب كانت فكرة خاطئة. ولهذا أحاط نفسه بدائرة من المتشددين والمتملقين وقضى على المعارضين وشدد من قبضة الأجهزة الأمنية. ويرى الموالون للكرملين أن الطريق للنصر هو زيادة عدد الجنود في الميدان وتعزيز الإنتاج العسكري، وهذا خيار مناسب لشخصية بوتين. لكن أحدا لا يعرف مدى نهاية لعبة بوتين وما يمكن اعتباره نصرا. ويرى البعض أنه قد يرضى بضم الأجزاء في لوهانسك ودونستيك وهما المنطقتان اللتان دعمت فيهما روسيا الانفصاليين، لكن آخرين يرون أنه لم يتخل عن حلمه باحتلال كييف.

ومع تزايد أعداد القتلى يردد دعاة الحرب رؤية عبثية عن الموت وتقديسه، حيث يقولون إن من الأفضل الموت دفاعا عن روسيا بدلا من حادث سيارة أو نتيجة الإدمان على الخمر أو بسبب السرطان. وقال بوتين مخاطبا مجموعة من الناس “في يوم ما سنغادر هذا العالم” و “السؤال هو كيف عشنا، وبالنسبة لبعض الناس، سواء عاشوا أم ماتوا، فمن غير الواضح لماذا ماتوا، بسبب الفودكا أو شيء آخر. وعندما يذهبون فمن الصعب القول إن كانوا عاشوا أم ماتوا، فقد ماتوا للاشيء ولم يلاحظهم أحد”. ولكن من مات في الحرب “لم يغادر الحياة بدون هدف، وحياته كانت مهمة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول قلم حر في زمن مر:

    بل بوتن رجل عبقري وملهم يريد أن يعيد مجد روسيا القيصرية يا عينيا، والله ينصر روسيا على أمريكا اللعينة الخبيثة التي قتلت الشعوب العربية في فلسطين والعراق ووسوريا واليمن والصومال و أفغانستان ??????????????????????

  2. يقول قلم حر في زمن مر:

    بوتن رجل أمة الروس بكل فخر وثبات أعلن التمرد على قوانين اللصة أمريكا و تابعها الوفي الاتحاد الأوروبي المنافق العنصري البغيض المتغطرس الذي يكيل بمكيالين ??????????????????????

  3. يقول الحوار المتمدن:

    تشبه جلسة وpicnic لستالين مع صديقه كيروف Kirov الذي اغتيل لاحقا.

  4. يقول امجد:

    هذا جزء من حملة لتشويه سمعة الرئيس بوتين

  5. يقول يعرب القحطاني:

    و مع كل الهرج و المرج ، في نهايةالمطاف ، ستنتصر روسيا

    1. يقول قلم حر في زمن مر:

      اي والله اي والله لأن القوانين الإلهية أثبتت عبر التاريخ أن الانتصار يكون إلى جانب الأصلح لا الفاسد وأمريكا والاتحاد الأوروبي العنصري البغيض المتغطرس الذي يكيل بمكيالين صارت مجتمعات فاسدة بكل المقاييس يا عتريس ???????

  6. يقول تيسير خرما:

    دراسة جماعة (إني أريكم ما أرى) من فرعون وكسرى وقيصر مرورا بهتلر وستالين وصولاً لخامنئي وتشي وبوتين يظهر تشابههم بإخضاع نخبة أوصلته للحكم لرؤيته الفاسدة وتهميش من يأبى وتطهير جيش وأجهزة أمنية من معارضيه وتسليم موالين له مفاتيح الحكم ومصادر الثروة وإدارة شركات كبرى وإفقار غيرهم وإخضاع رئاسات دينية وقمع كل معارضة شعبية وتعديل قوانين وأنظمة وتعليمات لإدامة سلطته ثم ينطلق لإخضاع شعوب مجاورة وسلب ثرواتها ومنع تهديد خارجي له ثم يتطلع لإخضاع الكوكب لكن يكتشف بعد فوات أوان أن الله استدرجه لنهايته المظلمة

إشترك في قائمتنا البريدية