لندن-“القدس العربي”:
يرى كريستيان كاريل المحرر في صحيفة “واشنطن بوست” أن خطأ مدير شركة “تويتر” في الدعاية لحكومة ميانمار وكونها بلد يرحب بالسياحة وتجاهله لجرائمها ضد المسلمين الروهينجيا يثبت أن قادة سيلكون فالي لا يستطيعون وليسوا مؤهلين لحكم العالم.
وقال إن جاك دورسي قرر أن يرتاح من عمله كمدير تنفيذي ومؤسس لشركة “تويتر” للراحة والتأمل لمدة عشرة أيام. والبحث عن الراحة لا يدعو لعاصفة من الجدل ولكن هذا ما فعله بالتأكيد دورسي.
وكتب تغريدة “لعيد ميلادي قضيت عشرة أيام في تأمل صامت “فيباسانا” وهذه المرة في بين أو لوين، ميانمار. وقمنا بالتأمل الصامت في ليلة عيد ميلادي، الـ 19 وهذا ما أعرفه”. وإن كان هذا كل ما يعرفه عن ميانمار فهو قليل كما يقول كاريل.
لأنه يكتب عن بلد قام فيه قادته البوذيون بحملة إرهاب لطرد حوالي 800.000 من مسلمي الروهينجيا من بيوتهم ودفعهم للهروب نحو الجارة بنغلاديش “وهذه عملية إبادة حسبما تصفها الأمم المتحدة ومتحف الهولوكوست التذكاري في الولايات المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، وهي نتاج سنوات من سياسات التمييز العنصري التي نفذها نظام الطغمة العسكرية الذي حكم البلاد طويلا، ضد الروهينجيا، ولم يذكر أي شيء من هذا في توليفة دورسي عن زيارته. ولكنه قام بتقديم أغنية رعوية عن تجربة التأمل وقدم بعدها عددا من التفاهات الحماسية” من مثل “الناس مليئون بالمتعة والطعام خيالي”. وقال: “ميانمار بلد جميل جدا، والناس يملؤهم الفرح والطعام خيالي. زرت مدن يانغون، ماندلاي وباغان. وزرنا وتأملنا في الكثير من الأديرة في كل أنحاء البلد”. ويتساءل عن المتعة التي يتحدث عنها دورسي في بلد مزقته الحرب الأهلية ويحاول تجاوز سنوات الديكتاتورية. ويبدو أنه لم يلاحظ أيا من هذا بسبب إيمانه بنسخة من البوذية والتي لها جاذبية رومانسية في الغرب مثل النسخة التيبتية باعتبارها تعبير عن الأصالة.
وعندما سأل كاريل مصدرا في “تويتر” للتعليق على ما كتبه دورسي فأجاب “جاك كان في ميانمار للتأمل والعزلة وفي رحلة شخصية والتي شملت على زيارات لمعالم وتجول. وهي ليست رحلة عمل ولم يقم فيها بأي مقابلة عندما كان هناك”. لكن دورسي كان بإمكانه سؤال من حوله في عزلته وتأمله وربما علم شيئا عن وضع البلد. والكاتب تعلم الكثير من حواراته مع الرهبان البوذيين أثناء رحلاته إلى ميانمار خاصة أن هؤلاء الرهبان يلعبون دورا مهما في سياسة البلد. فقد قابل رهبانا تحدثوا عن التسامح والسلام وبالمقابل لقي رهبانا تحدثوا صراحة وبعنصرية تامة وبدون اعتذار عنها وامتلأت عقولهم بنظريات المؤامرة عن المسلمين الذين يخططون للسيطرة على البلاد مع أن نسبتهم لا تتجاوز 4.3% من السكان مقابل 90% من السكان البوذيين. وقابل واحدا من الرهبان في غرفة مليئة بالصور الفظيعة للأجساد المقطعة والتي قال إنهم ضحايا الإرهاب الإسلامي. ويتعاون بعض الرهبان مع الجيش الذي يستخدم جاذبية الشوفينية البوذية من أجل تقوية موقعه في السلطة. ويقول الكاتب إن دورسي لم يسمع بالراهب ويراثو، القومي المتطرف التي أدت خطاباته إلى ذبح المسلمين. وعندما سأله صحافي عن أثر خطاباته في اغتصاب الجيش للنساء المسلمات رد قائلا “مستحيل فأجسادهن قذرة جدا”.
وقال إن هناك تاريخ طويل في الغرب أدى فيه وله الغرب بالمثالية البوذية لتجاوز الجانب العنيف فيها. إلا أن عدم لامبالاة دورسي بالجانب المظلم لبحثه الروحي مهم من ناحية أخرى. فوسائل التواصل الاجتماعي المرتبطة بـ “فيسبوك” في ميانمار متورطة في نشر خطاب الكراهية.
ومع أن “تويتر” لا يستخدم بنفس الدرجة في ميانمار إلا أن ناشطي حقوق الإنسان يعتمدون عليه. ويعرفون أن أي تعاطف مع الروهينجيا سيؤدي إلى هجمات من الذباب الإلكتروني. ويمكن لشركات التواصل الاجتماعي معالجة هذه المشاكل عندما تفهم أن منتجها ليس بدون مشاكل. ويلعب “فيسبوك” و”تويتر” وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي دورا مهما في حياة الكثير من المجتمعات، وبعضها مثل ميانمار هشة وعرضة لخطر التلاعب. ومن هنا فالسلطة التي يملكها مدراء سيلكون فالي واسعة جدا ولكنهم يقومون بالتلويح بها بطريقة ضعيفة. وسيكون لهم أثر لو فهموا تعقيدات المناخ الذي تعمل فيه منتجاتهم. وفي النهاية فالمشاكل لا تعالج كما يعتقد هؤلاء من خلال الإصلاح التكنولوجي. وحتى هذا الوقت فقلة من رجال سيلكون فالي يعترفون بمسؤوليتهم عن آثار منتجاتهم على الواقع السياسي. وهل هذا لأنهم لا يعرفون أي شيء أو القليل عن العالم الحقيقي.