لندن- “القدس العربي”:
قالت صحيفة “واشنطن بوست” إن الجمهوريين هم الراديكاليون عندما يتعلق الأمر بإسرائيل لا الديمقراطيين. وفي مقال للمعلق إيشان ثارور، قال فيه إنه مع التحضير لخطاب الرئيس الإسرائيلي اسحق هيرتسوغ أمام الكونغرس، يوم الأربعاء، دخل الكونغرس في مشاحنات حزبية، ففي نهاية الأسبوع أثارت النائبة الديمقراطية براميلا جايابال ردة فعل عندما أصدرت تعليقات استفزازية حول إسرائيل في مؤتمر ليبرالي بمدينة شيكاغو، فقد عطل ناشطون مؤيدون لفلسطين جلسة كانت تشارك فيها النائبة التي حاولت التخفيف من الوضع والتوضيح للناشطين بأنها تتفهم قضيتهم وقلقهم. وقالت: “كشخص كان في الشوارع وشاركت كثيرا في التظاهرات، أريدكم أن تعرفوا أنني أقاتل من أجل التوضيح أن إسرائيل هي دولة عنصرية وأن الفلسطينيين يستحقون تقرير المصير والاستقلال وأن حل الدولتين بات بعيد المنال”.
الوضع الراهن للحزب الجمهوري أصبح راسخا نتيجة للرئيس السابق دونالد ترامب الذي قدم التنازلات لنتنياهو مثل الحلوى وقدم رؤية لحل النزاع في الشرق الأوسط حرمت الفلسطينيين من سيادتهم على أرضهم.
ومهما كان أثر تدخلها على المؤتمر إلا أن تصريحاتها انفجرت وأصبحت مادة لكل نشرات الأخبار الوطنية. فقد شجب الجمهوريون والديمقراطيون المعتدلون تصريحاتها، حيث اقترح بعضهم أن تصريحاتها معادية للسامية وألمحوا إلى أنها ترفض الصهيونية وبالتالي حق إسرائيل بالوجود. وفي بيان فزع وضَّحت فيه جايابال يوم الإثنين موقفها، وقالت إنها لا تعتقد بفكرة إسرائيل كدولة عنصرية، ولكن سياساتها التي تنفذها الحكومة الحالية. ويرى الكاتب أن فكرة إسرائيل عنصرية تدعمها المنظمتان الأهم عالميا في مجال حقوق الإنسان، هيومان رايتس ووتش وأمنستي انترناشونال واللتان وضحتا حكم الوضع القائم الذي تمارسه إسرائيل على الفلسطينيين في المناطق المحتلة وكذا السياسات التمييزية ضد الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل بأنه شبيه بنظام الفصل العنصري. وقالت جايابال إن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو متورطة في سياسات تمييز وعنصرية واضحة، في إشارة إلى وجود فصائل اليمين القومي المتطرف فيها. وقالت “هناك عنصريون متطرفون يدفعون بهذه السياسة داخل القيادة في الحكومة الحالية”.
ومع ذلك وجدت جايابال نفسها في مؤخرة الركب وسط موكب من الشجب الموجه لها ولحفنه من الليبراليين الذين تحدثوا دفاعا عنها. وفي يوم الثلاثاء، أجبر الجمهوريون في مجلس النواب تصويتا من أجل التأكيد على دعم الولايات المتحدة الذي لا يتزعزع لإسرائيل وأعلنوا أنها “ليست أبارتيد أو عنصرية”. وكان القصد وراء التحرك الذي صوت عليه بواقع 412 ضد 91 هو خلق صدع داخل الديمقراطيين وزيادة الثمن لمن يتجرأ على نقد إسرائيل. والمفارقة هي أن جايابال التي تدعم حل الدولتين وتعارض التوسع الاستيطاني باتت تمثل الموقف السائد، وبالتأكيد بين الناخبين الديمقراطيين، فبحسب استطلاع “غالوب” نظم هذا العام وكشف أن الناخبين الديمقراطيين أكثر تعاطفا مع الفلسطينيين وأكثر من تعاطفهم مع إسرائيل وبهامش 11 نقطة. ومعظم جيل الألفية أبدى تعاطفا مع الفلسطينيين.
وفي استطلاع أجراه باحثون في جامعة ميريلاند مع إبسيوس وجد أنه في غياب حل الدولتين، فإن ثلاثة أرباع الأمريكيين بمن فيهم 80% من الديمقراطيين و64% من الجمهوريين سيختارون إسرائيل ديمقراطية ليست يهودية أو دولة يهودية لا تعطي المواطنة الكاملة أو المساواة لغير اليهود تحت سيادتها. وكشفت الاستطلاعات أن غالبية اليهود الأمريكيين يشترطون دعمهم لإسرائيل لحد ما. إلا أن الجمهوريين في الكونغرس هم من يعلون أجندتهم بناء على حركة الاستيطان المتطرفة والجماعات المتطرفة المؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة. وربما كانوا واضحين في دعمهم غير المشروط وملء الفم لإسرائيل، ولكن المخفي في خطابهم أكثر دلالة. فمع عودة التظاهرات المناهضة للإصلاحات القضائية ومحاولة نتنياهو استخدام هامشه في الكنيست لحرمان المحكمة العليا من استقلاليتها، لم يظهر أي جمهوري دعما لحركة العمل المدني في إسرائيل. وعندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين فلطالما احتقر الحزب الجمهوري فكرة حل الدولتين ولا يمكن للتيار السائد الاستماع لأي حديث عن حق ملايين الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي، ذلك أن الحزب غير مستعد للاعتراف بحقيقة الاحتلال. ففي مشروع قرار تقدم به الجمهوريون هذا العام لتهنئة إسرائيل على مرور 75 عاما على إنشائها جرد من أي لغة تدعم حل الدولتين، في تحرك أثار دهشة الديمقراطيين. وأفرط أعضاء بمجلس الشيوخ الأمريكي بوصفهم قرار إدارة بايدن وقف تمويل مشاريع بحث معينة في مستوطنات إسرائيلية- غير قانونية حسب القانون الدولي، بانه معاد للسامية.
تقرب ترامب من المانحين اليهود الأمريكيين المتطرفين وعين سفيرا مؤيدا للمستوطنين في إسرائيل، واعترف أن الدافع جاء للحصول على دعم القاعدة الإنجيلية وليس اليهود الأمريكيين الذين يصوتون عادة للديمقراطيين.
وفي الوقت نفسه يهيمن على حكومة نتنياهو حفنة من المتطرفين الرافضين للدولة الفلسطينية ويدعون لمشروع استيطاني وضم للضفة الغربية، بناء على فكرة التفوق اليهودي، وهي أمور رفضتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة، على الأقل نظريا إن لم يكن بالعمل. وفي منبر للمسيحية الصهيونية عقد خارج واشنطن هذا الأسبوع، تسابق المرشحون الجمهوريون الذين يأملون بتمثيل الحزب في انتخابات الرئاسة العام المقبل بالتأكيد على إيمانهم ودعمهم لرؤية إسرائيل المتفوقة. ورفض حاكم فلوريدا، رون دي سانتيس علنا حل الدولتين بناء على حدود عام 1967، بما فيها عاصمة فلسطين في القدس الشرقية. وقال إنه لا يعتقد أن الضفة الغربية “محتلة”، وفي خطاب بالقدس بداية العام الحالي، وصل فيه لحد إنكار وجود الشعب الفلسطيني. وقدمت نيكي هيلي، ممثلة الولايات المتحدة السابقة في الأمم المتحدة وكذا مايك بنس، نائب الرئيس السابق سجلهما الداعم لإسرائيل ولجمهور من الإنجيليين الأمريكيين. والمجموعة التي دعت للمؤتمر “المسيحيون المتحدون من أجل إسرائيل” أنشأها القس التكساسي جون هاجي والذي يرى في هيمنة اليهود على الأرض المقدسة خريطة الطريق لعودة المسيح المخلص.
وهذا تلخيص عن المدى الذي غير فيه الجمهوريون موقفهم، فقد اضطر المرشح الجمهوري جون ماكين لرفض دعم هاجي في عام 2008 عندما علم أن القس تحدث عن أن الرب أرسل هتلر لكي يجبر اليهود على العودة إلى الأرض التوراتية. واليوم لا يريد أي من الجمهوريين الدخول في السباق الرئاسي بدون دعمه.
ويعتقد الكاتب أن الوضع الراهن للحزب الجمهوري أصبح راسخا نتيجة للرئيس السابق دونالد ترامب الذي قدم التنازلات لنتنياهو مثل الحلوى وقدم رؤية لحل النزاع في الشرق الأوسط حرمت الفلسطينيين من سيادتهم على أرضهم. وتقرب ترامب من المانحين اليهود الأمريكيين المتطرفين وعين سفيرا مؤيدا للمستوطنين في إسرائيل، واعترف أن الدافع جاء للحصول على دعم القاعدة الإنجيلية وليس اليهود الأمريكيين الذين يصوتون عادة للديمقراطيين. ونشر ترامب على منصات التواصل الاجتماعي “لا رئيس أمريكيا عمل لإسرائيل مثلما عملت” و “من المثير للدهشة، فإن الإنجيليين الرائعين كانوا أكثر امتنانا لهذا من أصحاب الديانة اليهودية وبخاصة الذين يعيشون في أمريكا”.