لندن – “القدس العربي” – من إبراهيم درويش: كتب المدير التنفيذي لصحيفة “واشنطن بوست” فرد رايان والذي عمل مساعدا للرئيس رونالد ريغان، مقالا عن بيان الرئيس دونالد ترامب الذي أكد فيه وقوفه مع السعودية وولي عهدها محمد بن سلمان، رغم ما حصل للصحافي السعودي جمال خاشقجي.
ووصف رايان بيان ترامب يوم الثلاثاء، بالغريب وغير الدقيق والصاخب و”بيّض” فيه صفحة السعودية من الجريمة الوحشية وقتل الصحافي جمال خاشقجي. وفي عملية “التبييض” افترى الرئيس كذبا وزورا على الصحافي الجيد خاشقحي وشوه سمعته، عندما قال إنه “عدو الوطن”، وهو وصف لم يستخدمه السعوديون أنفسهم، معلنا للعالم أن ولي العهد البالغ من العمر 33 عاما مهم بدرجة كبيرة ولا يمكن لمقتل صحافي ان يؤثر على العلاقة معه.
وقال الرئيس إنه مهما كانت الإعتراضات على حرف النظر عن اغتيال خاشقجي فهي لا تتفوق على العائدات (التي يبالغ فيها الرئيس) المتوقعة من صفقات السلاح الامريكية- السعودية. إلا أن ريان أكد هنا على أثر اغتيال خاشقجي على الكثيرين في الصحيفة “هو أمر شخصي” فقد “كان زميلا يحظى باحترام وخسارته تركت أثارها الواضحة” و “لكننا واعين لمهمتنا في الخدمة العامة” خاصة عندما “يتخلى المسؤولون هنا في واشنطن عن المباديء التي انتخبهم الشعب للتمسك بها فمن واجبنا جلب الإنتباه إليها”.
وأكد رايان إن الصحيفة ستعمل كل ما يمكنها على الكشف عن الحقيقة “توجيه الأسئلة الصعبة وملاحقة المعلومات الحقيقية بدأب مستمر والكشف عن الأدلة المهمة”.
وأضاف رايان أن الرئيس ظل طوال الأزمة الحالية يقول إنه يعمل لحماية “مصالحنا القومية” ولكن رده لا يدعم المصالح القومية الأمريكية “بل وتخونها” وتقدم العقود التجارية المقدرة بالدولارات على حساب القيم الأمريكية العزيزة والتي تحترم الحرية وقيم حقوق الإنسان. وتضع العلاقات الشخصية فوق العلاقات الإستراتيجية للولايات المتحدة.
وأكد الكاتب أن علاقة الولايات المتحدة ومنذ نهاية الحرب العالمية قامت مع السعودية على الثقة والإحترام، إلا أن ترامب يؤكد اليوم أن الولايات المتحدة لا تطلب من حلفائها الدوليين الصدق أو القيم المشتركة.
ورغم موافقة رايان على ما قاله ترامب حول أهمية الأمن، إلا أنه قال “لا نجعل العالم أكثر أمنا من خلال المعايير المزدوجة للدبلوماسية والتي تتخلى فيها الولايات المتحدة عن القيم لأي شخص يعرض شراء سلاح أكثر”. و”لا نجعل العالم أكثر أمنا من خلال التخلي عن “التزامنا بالحريات الأساسية وحقوق الإنسان”.
وأشار رايان إن السعودية ارتكبت في ظل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان جرائم لو ارتكبتها دولة أخرى لدفعت الولايات المتحدة للتحرك وشجبها، وأحصى سجل ولي العهد القاسي من التدخل في اليمن الذي أدى لأكبر كارثة إنسانية، وسجن الناشطات الداعيات لحقوق المرأة وقيادتها للسيارة، إلى تعذيب رجال الأعمال الذين رفضوا الإنصياع لأوامر ولي العهد واحتجاز رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، فعلى مدى 17 شهرا من حكم محمد بن سلمان قاد نظام إرهاب وترك ميراثا مظلما من العداء لحرب الصحافة، وحذر الكاتب من أن فشل الولايات المتحدة المطالبة بالمحاسبة على هذه الجرائم لم يحقق الأمن لأمريكا.
وقال إن المجتمعات المستقرة والسلمية التي يحكمها قادة يحترمون حقوق الناس هم بحاجة إلى صحافيين لفضح الأخطاء ومحاسبة الأقوياء. وليس غريبا أن الكثير من أسوأ منتهكي حرية الصحافة هم أسوأ اللاعبين الدوليين وأخطرهم.
ودعا رايان ترامب بأن يكشف عن سبب تجاهله لتقييم المخابرات المركزية “سي آي إيه” التي أكدت أن هناك “درجة عالية من الثقة” تشير إلى أن أمر قتل خاشقجي جاء من محمد بن سلمان.
ويرى الكاتب أن المهمة الآن تقع على عاتق الكونغرس بعد فشل القيادة وغياب الدليل لأخذ القياد ووضع المصالح الأمريكية في المقدمة والدفاع عن القيم الأمريكية المقدسة والمصالح الدائمة، وأن الدعم المشترك من الحزبين، الجمهوري والديمقراطي يعني أن القضية لم تعد مصلحة حزبية بل ومصلحة أمريكية.
ويجب على الكونغرس الطلب أكثر من أكباش فداء وضربة خفيفة على اليد، بل وعليه استخدام قوته للتحقيق وسلطته لاستدعاء المسؤولين قانونيا والضغط من أجل تحقيق مستقل وعميق، مهما كانت نتيجته.
وعلى الكونغرس استخدام سلطاته على الميزانية وسلطته لتنظيم العلاقات الخارجية والمطالبة بفرض عقوبات وجزاء على قتلة خاشقحي وتعليق صفقات السلاح الأمريكية- السعودية.
وذكر الكاتب بالمواقف الجريئة التي اتخذها الرؤوساء من جون أف كيندي إلى رونالد ريغان في الدفاع عن حقوق الإنسان خاصة عندما زادت صفقات السلاح عن حدها، فعبر أفعال هؤلاء الرؤوساء علم العالم أن قوة أمريكا نابعة من المباديء الأمريكية.
ففي عيد الشكر يشعر الأمريكيون بالإمتنان من انهم يعيشون في ظل دستور يؤكد على حكم القانون لا حكم رجل متقلب. ويساعد فرع من الحكومة على ترميم فشل الآخر، وقدم الكاتب شكره للجنود الذين عملوا على دعم هذه الحقوق والحفاظ عليها، وثمن أيضا دور الإعلام وحيويتع في حماية مباديء الدستور الأولى التي تحاسب الأقوياء والمؤثرين “ونأمل أن ننجز هذه المهمة في قضية جمال خاشقجي. فهذا البحث عن الحقيقة والعدالة هو ما يستحقه هذا الرجل الذي ذبح بوحشية وما تطالب به القيم الامريكية الحقيقية”.
بن سلمان قدم فرصة في غاية الأهمية لترامب ليأخذ ما تبقى للسعودية من الأموال البرولية التي جمعتها على مر السنين مقابل السكوت عن دم خشفجي الضحية. هذه غنيمة وفرصة ابتزاز للسعودية لا تعوض بثمن. هنيئا للترامب وتبا لبن سلمان الصبي المراهق
الذي لا يفقه في السياسة شيئا…