“القدس العربي”: وصف ماكس بوت، الصحافي المتخصص في شؤون الأمن القومي الأمريكي مشاركة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في قمة مجموعة العشرين بالأرجنتين بأنها ربما تكون “أنجح رحلاته الخارجية”.
وأضاف ساخرا أن ذلك النجاح لم يكن بسبب إنجازه أي شيء ذي أهمية، بل لأنه ببساطة لم يرتكب هفوة كبيرة كما اعتاد أن يفعل في مناسبات مماثلة.
وقال بوت، في مقال بصحيفة “واشنطن بوست”، إن حكام العالم “المستبدين” يسخرون من ترامب ومن أمريكا بعد أن بات رئيسها غارقا في مشاكله الداخلية.
وأشار إلى أن ترامب لم يتعرض لأي مواقف “محرجة” خلال قمة بوينس أيرس التي اختتمت، السبت، كتلك التي اضطرته لمغادرة اجتماع مجموعة الـ7 في كيبيك الكندية في يونيو/ حزيران الماضي، ورفضه التوقيع على البيان الختامي، أو عندما تصرف كشخص “خاضع” أمام نظيره الروسي فلاديمير بوتين في قمة هلسنكي في يوليو/ تموز الماضي.
وأضاف بوت أنه حتى الضجة الإعلامية التي صاحبت إبرام صفقة ترامب مع نظيره الصيني بخصوص العلاقات التجارية المشتركة، لم تكن سوى “اتفاق يضمن استمرار النقاش حولها ليس أكثر”.
وقال بوت إن ترامب لم يبد أي إشارة تنبئ بأنه شرع في إقناع قادة الحزب الديمقراطي من أجل التصدي للخطر الوشيك القادم من الصين أو روسيا، أو تحميل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مسؤولية قتل الصحافي جمال خاشقجي.
ومضى شهران حتى الآن منذ حادثة اغتيال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في اسطنبول، وأسبوع على احتجاز موسكو ثلاث سفن حربية أوكرانية بمضيق كيرتش في البحر الأسود، وما يزال الجناة لم يدفعوا ثمن جرائمهم، على حد تعبير بوت.
ويشير الكاتب إلى الصورة التي التقطت لولي العهد السعودي وبوتين وهما يتصافحان ويتبادلان الضحكات والابتسامات على هامش قمة بوينس أيرس، ويرى أنها تعيد إلى الأذهان الفيلم الكارتوني الذي بُث عقب توقيع المعاهدة بين ألمانيا النازية والاتحاد السوفياتي عام 1939 والذي أظهر أدولف هتلر وجوزيف ستالين ينحنيان بأدب لبعضهما البعض.
وفي الفيلم لقطة تظهر هتلر يوجه كلامه للزعيم السوفياتي قائلا “أظنك من حثالة البشر”، ويرد عليه بالقول: “أعتقد أنك القاتل الدموي للعمال”.
ومع أن بن سلمان وبوتين ليسا هتلر وستالين، فإن أيديهما ملطخة بدماء الضحايا ممن سقطوا جراء الغارات السعودية على اليمن أو الروسية على الأراضي السورية.
الضعف الأمريكي
وتطرق بوت إلى إلغاء ترامب للقاء مع بوتين، على هامش القمة في الأرجنتين، قائلا إنه لم يكن سوى مؤشر على الضعف الأمريكي الذي سيدفع بوتين لارتكاب مزيد من الانتهاكات. ثم إن إنكار ترامب للأدلة الدامغة التي تؤكد ضلوع بن سلمان في جريمة قتل خاشقجي يؤشر على أنه لا يتشدد في أمر تحميل حليفه مسؤولية ما حدث.
ويرى بوت أن بن سلمان أظهر عدم احترام للولايات المتحدة بالتودد لبوتين، وإصراره على إمكانية شرائه لمنظومة الدفاع الجوي الروسية من طراز إس- 400. ويضيف أن بن سلمان أضعف بذلك تلك الحجة التي ظل ترامب يسوقها لتبرير انصياعه له وهي معارضة السعودية لإيران، علما بأن روسيا حليف رئيسي لطهران.
غارق في إنقاذ نفسه
ويتابع الكاتب أن بوتين سخر أيضا من ترامب حين قال “إن زورقين صغيرين منحتهما الولايات المتحدة لأوكرانيا لم يتمكنا حتى من عبور مضيق كيرش”.
وختم بالقول إن “طغاة العالم” يضحكون على الولايات المتحدة، وإن ترامب يسمح لهم بالإفلات من العقاب، مشيرا إلى أن الأخير الذي بدا في كثير من الأحيان شاردا عما يدور بأروقة قمة العشرين في الأرجنتين، كان مستغرقا تماما في إنقاذ مستقبله السياسي في بلاده.