لندن- “القدس العربي”: قال الباحث والمعلق في صحيفة “واشنطن بوست” شادي حميد إن العرب الأمريكيين لن يصوتوا للرئيس جو بايدن في انتخابات 2024 ولسبب وجيه. وأوضح أنه، وقبل حرب غزة، كان العرب والمسلمون في أمريكا يفقدون الثقة بالحزب الديمقراطي لأسباب لا علاقة لها بالسياسة الخارجية، وأصبحوا، وبشكل متزايد، شاكين بالتحول اليساري داخل الحزب من القضايا الاجتماعية والثقافية، مثل تدريس الموضوعات المتعلقة بالمثليين (أل جي بي تو أو+) في المدارس العامة، والتي تحولت لنقطة نقاش ساخنة، وأصبحت هذه النقاشات صغيرة وعابرة اليوم.
وفي زمن الحرب الحقيقية، فإن الحرب الثقافية تعتبر ترفاً، وخلال احتفالات عيد الشكر، فإن خيبة الأمل ببايدن، ودعم إدارته لإسرائيل أثناء قصفها لغزة، كانت مزاج الموسيقى في المحادثات على مأدبة العشاء التي أعدّها الكاتب وبين الأصدقاء وأفراد العائلة. أربعة منهم عرب أمريكيون، وقالوا إنهم لن يصوتوا لبايدن في انتخابات 2024، كما فعلوا في 2020.
الصحيفة: يدرك العرب الأمريكيون بأن ترامب أقل تعاطفاً مع الفلسطينيين من بايدن، لكنهم يبحثون عن طرق للتعبير عن اشمئزازهم
ويظل أربعة أشخاص مجرد أربعة، ولكن النقاشات حول التصويت لبايدن وعدمه واسعة.
ووجدت دراسة مسحية، جرت في تشرين الأول/أكتوبر، بين العرب الأمريكيين، أن نسبة 17% تخطط لمنح صوتها لبايدن، وأقل من نسبة 35% في نيسان/أبريل، و 59% في 2020. ولأول مرة، ومنذ بداية متابعة “زغبي ستراتيجيز” عام 1996، فإن معظم العرب الأمريكيين يعرفون أنفسهم بداعمي الحزب الجمهوري (32%)، وأكثر من دعمهم للديمقراطيين (20%). وقالت نسبة 67% بأن معالجة بايدن لحرب غزة كانت سلبية. ويقول حميد إنه عندما شارك الحوار الذي جرى على مائدة عيد الشكر، على منصة إكس، حصل على تعليقات من 7 ملايين مشارك. وجاءت مئات التعليقات من الليبراليين، وأخرى من معارضي دونالد ترامب، وأشار الكثيرون إلى أن ترامب “يريد ترحيلنا”.
ولكن الكاتب يرى أن الجدال الأبوي الذي يدعو العرب للبقاء مع بايدن والتصويت له مهما كان موقفه لن يكون ناجحاً. و”يجب القتال من أجل الحصول على أصواتهم”، أي العرب الأمريكيين.
فخطر ترامب الحقيقي لا يحل الديمقراطيين من المسؤولية، وتقديم جدال قوي من أجل مرشحيهم. ويعتبر منح الصوت فعلاً مكثفاً، ليس فقط للعرب الأمريكيين، الذين يفترض أنهم يعانون عماءً عاطفياً دائماً بسبب القضية الفلسطينية. فتوقع أي شخص في مركز الاقتراع حساب المنافع الحقيقية لصوته، يتجاهل ما هو معروف عن سلوك المقترع، وقد عثر كل من الباحث السياسي كريستوفر أشين ولاري بارتليز، أن “أهم عامل في حكم المقترع، هو التقارب الاجتماعي والنفسي مع الجماعة”، وبعبارات أخرى، كل السياسات متعلقة بسياسة الهوية. وكل شخص لديه عتبة لا يمكنه تجاوزها، والتصويت لمرشح بعينه، وحتى لو وافق معه في كل الموضوعات.
ولو استيقظ بايدن يوماً وقال إن المرأة لا يحق لها القيام بالإجهاض، فلن يكون مستغرباً عدم تقديم الليبراليين دعمهم المطلق له. ويقول حميد: “في السراء والضراء، لدي غزيزة مناقضة، وذكرت عيّنتي من العرب الأمريكيين بأن ترامب أقل تعاطفاً مع الفلسطينيين من بايدن. وقالوا إنهم يفهمون المخاطر، لكنهم يبحثون عن طرق للتعبير عن اشمئزازهم.
وأشاروا لتعليقات بايدن حول الموتى الفلسطينيين، وإن كانوا موتى في الحقيقة”، وذلك عندما قال: “ليس لدي فكرة أن الفلسطينيين يقولون الحقيقة حول عدد الأشخاص الذين قتلوا”، و”أنا متأكد من أن أبرياء قتلوا، وهذا هو ثمن شن حرب”.
ويعلق حميد بأن الفلسطينيين الذين “جردوا من كرامتهم في هذه الحياة، حرموا منها في الممات، وربما كان كلاماً، ولكنه عبّر عن إحباط عمره عقود، حيث إن الساسة الأمريكيين، ومن كل الأطراف، غير مستعدين، أو غير قادرين، على ما يبدو، للنظر للفلسطينيين على أنهم بشر.
حميد: الفلسطينيون الذين جردوا من كرامتهم في هذه الحياة، حرموا منها في الممات،.. والساسة الأمريكيون غير مستعدين للنظر إليهم كبشر
وكما قال المسؤول السابق في إدارة باراك أوباما، بارنيت روبن، قبل فترة: “أحياناً، احترام الذات يتفوّق على مصلحة الذات”، وستكون إهانة التصويت لبايدن، بعدما صفّق وموّل وسلّح الأشخاص الذين ذبحوا 15.000 من إخوانهم العرب”.
وفي كل انتخابات رئاسية يقرّر ملايين الأمريكيين، وبناء على مبادئ، عدم التصويت لأي من المرشحين، هذه ديمقراطية.
وفي انتخابات 2024، فإن العرب الأمريكيين قد يكون عددهم كبيراً لإحداث فرق.
وفي دراسة مسحية قام بها الباحث السياسي يوسف شهود، وجد أن كل 10% من المصوّتين الذين جاءوا من الشرق في ميتشغان، والذين سيمتنعون عن التصويت، هناك خسارة 11.000 صوت. لكن شهود أكد أن إجراء تحليل كمي لهذه المجتمعات “صعب جداً”، ولو امتنع العرب والمسلمون الأمريكيون عن التصويت، فربما تبعتْهم تجمعات انتخابية أخرى، وعليك أن تأخذ بعين الاعتبار أن نسبة 70% من شباب الأقليات في أمريكا لا يوافقون على طريقة معالجة بايدن للحرب. وسنرى، في الأشهر المقبلة، إن ظلّت تداعيات الحرب، والتقليل من حياة الفلسطينيين، ظاهرة في الحياة الأمريكية اليومية. وفي ما ينظر إليه على أنه جريمة كراهية أطلق النار على ثلاثة فلسطينيين بولاية فيرمونت، فالكثير من العرب الأمريكيين الذين يقولون إنهم لن يصوتوا لبايدن يتحدثون عن تمييز وخوف على سلامتهم الشخصية، وبالنسبة للديمقراطيين، فلم تعقد الانتخابات بعد، وفي السياسة العام هو وقت طويل، لكن الذكريات تبقى أيضاً لمدة طويلة.