واشنطن بوست: قمة بايدن للديمقراطية تضم مدعوين لا يمكن وصمهم بالديمقراطية

إبراهيم درويش
حجم الخط
3

لندن- “القدس العربي”: نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا أعدته أشلي باركر وجون هدسون، قالا فيه إن “قمة الديمقراطية” التي سيترأسها الرئيس جو بايدن يوم الخميس، تضم دولا لا يمكن تصنيفها بالديمقراطية.

وجاء في المقال، أن وزارة الخارجية الأمريكية انتقدت باكستان في تقريرها السنوي، وقالت إنها تعاني من عدة مشاكل تتعلق بحقوق الإنسان، من القتل الفوري وبدون محاكمة إلى الاختفاء القسري في زنازين الحكومة أو على يد عملائها إلى المعتقلين السياسيين وتقييد الحرية الدينية والاتجار بالبشر. ولكنها ستكون من بين 110 دول مشاركة في “قمة الديمقراطية” التي ستعقد على مدى يومين، وبهدف تعبئة العالم ضد الأنظمة الشمولية.

وتعلق الصحيفة أن الإدارة الأمريكية في إعدادها لجنة مدعوين، يبدو أنها قسمت العالم إلى أخيار وأشرار، هذا رغم النفي القوي من البيت الأبيض بأن النية هي كذلك. إلا أنها أدت إلى خلق حالة من الغضب والتوتر مع دول أخرى، كما كشفت أن العالم لا يمكن تقسيمه أو النظر إليه عبر رؤية ثنائية، فبعض الدول التي وجهت لها دعوة لا يمكن الشك بديمقراطيتها وأخرى ديكتاتورية بشكل واضح، إلا أن هناك الكثير من الدول التي تقع في منطقة رمادية وغامضة.

الإدارة الأمريكية في إعدادها لجنة مدعوين، يبدو أنها قسمت العالم إلى أخيار وأشرار، هذا رغم النفي القوي من البيت الأبيض بأن النية هي كذلك

وبحسب تقرير وزارة الخارجية، فحكومتا باكستان والفلبين، مسؤولتان عن “قتل تعسفي وغير شرعي”. ومن الدول الواقعة بين بين، هي هنغاريا، العضو في الاتحاد الأوروبي، وتركيا، عضو الناتو، اللتان شهدتا في السنوات الأخيرة تآكلا في ضمانات حماية الديمقراطية.

وتعلق الصحيفة أن البيت الأبيض لم يقدم توضيحات حول الكيفية التي اختار فيها الدول للمشاركة في المناسبة التي تشرف عليها شانثي كلاثيل، منسقة الديمقراطية وحقوق الإنسان في مجلس الأمن القومي.

وعندما سُئلت عن المعيار الذي استُخدم في دعوة الدولة إلى القمة، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي يوم الإثنين إن “الشمول أو الدعوة لا تعني الموافقة على نهجهم من الديمقراطية ولا يعني الاستبعاد رفضا أو معارضة لهذا”. وبعض الدول المستبعدة لم تشتر هذا الكلام، فقد اشتكى قادة هنغاريا بأنهم عوقبوا لعلاقتهم القريبة مع الرئيس السابق دونالد ترامب. وحاولت هنغاريا، وهي الدولة الأوروبية الوحيدة التي استبعدت، منع مفوضة الإتحاد أورسيلا فون دير لاين التحدث باسم الكتلة الأوروبية في القمة. وستشارك فون دير لاين في القمة وتلقي كلمة فيها، لكن البيان الأوروبي في المناسبة والذي يجب أن يحظى بموافقة كل الدول سيتم تخفيفه.

ووصفت السفارة الهنغارية في واشنطن، قرار بايدن بأنه ينم عن “عدم احترام”. وجاء في بيان للسفارة اطلعت عليه “واشنطن بوست”: “وصلت العلاقات الهنغارية- الأمريكية ذروتها أثناء رئاسة ترامب، والظاهر من قائمة المدعوين، أن القمة ستكون شأنا محليا، وعليه فالدول التي كانت على علاقة صداقة مع الإدارة السابقة لم تدع”.

وقال مسؤول بارز في إدارة بايدن: “أستطيع إخبارك أن الاعتبارات السياسية المحلية الأمريكية لم تكن حاضرة في العلاقات مع شركائها”. وأضاف أن الولايات المتحدة لا تزعم أنها “المحكم” في شرعية الديمقراطية والنابعة من “سكان الدولة”، وقالت ساكي إن الولايات المتحدة لا تحاول إصدار أحكام أو ادعاء التفوق. وأضافت: “تحاول دائما تطوير نفسك للأحسن، دفع الدول الأخرى لكي تكون أحسن، وهذه فرصة لعمل هذا بالضبط”، مؤكدة: “أتفهم، طبعا، الاهتمام بالحصول على دعوة ولكن هذا لا يعني الحصول على ختم الموافقة أو عدمها، بل قُصد أن يكون هناك مدى واسع من الأصوات المتنوعة وممثلون في النقاش”.

لكن الدول لا تنظر إليها بهذه الطريقة، فهم يرون في بايدن، سانتا كلوز، يهبط ويعلن أن هذه الدولة شقية، وهي بالتالي تهديد. وهذا نمط ليس من الصعب تجاوزه، فقد تحدث ترامب بطريقة متملقة عن رئيس الوزراء الهنغاري فيكتور أوربان والذي تحول إلى نموذج لدى البعض في حركة ترامب “لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى”. كما تحدث ترامب بنفس الطريقة عن الرئيس البرازيلي جائير بولسونارو، والرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي، وقد وجّه بايدن الدعوة لهما لحضور القمة.

كما تحدث ترامب عن عبد الفتاح السيسي، الرئيس المصري، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وكلاهما لم يدعَ إلى القمة.

تدور موضوعات القمة جول ثلاث قضايا: “الدفاع عن الديمقراطية ضد الديكتاتورية ومكافحة الفساد ونشر احترام حقوق الإنسان”

ونقلت الصحيفة عن مدير “فريدم هاوس” مايكل ابراهموفيتش قوله: “لا أعتقد أن هذه إدارة تختار رابحين وخاسرين أكثر من محاولتها تعبئة الشركاء المشاركين لها في الرأي ودفع الدول التي لا تفعل شيئا أن تكون أحسن”. وقال ديريك ميتشل، السفير الأمريكي السابق في ميانمار، ورئيس المعهد الوطني الديمقراطي للشؤون الدولية: “أعتقد أن هذه ليست مبادرة لتشكيل ناد خاص للديمقراطية ولكن الاحتفال بموضوع الديمقراطية”. مضيفا: “لكنك لا تستطيع تجنب الجيوسياسة هنا”. فربما كان من الصعب تجنب باكستان ودعوة منافستها الهند بدون أن تخلق صدعا دبلوماسيا. وتريد الإدارة الحالية تعاون باكستان معها في التعامل مع حركة طالبان بعد خروج الولايات المتحدة من أفغانستان.

وتدور موضوعات القمة جول ثلاث قضايا: “الدفاع عن الديمقراطية ضد الديكتاتورية ومكافحة الفساد ونشر احترام حقوق الإنسان”. وطُلب من المشاركين تقديم تعهدات جدية لتعزيز الديمقراطية في بلادهم، وفي قمة ثانية في العام المقبل. وستكون قمة هذا العام افتراضية بسبب فيروس كورونا. ووجّه البيت الأبيض دعوات لناشطين ورجال أعمال على علاقة بعمل المنظمات غير الحكومية. ويقوم البيت الأبيض بدعوة الدول والسير وسط حقل من الألغام الدبلوماسية، ولكنه يعتمد في الوقت نفسه على الخارجية لاختيار الناشطين ودعوتهم.

ولا يعتبر بايدن الرئيس الأمريكي الوحيد الذي يحاول استخدام الديمقراطية ومحاولة نشرها، وتقسيمه العالم -قصد أم لم يقصد- لأخيار وأشرار، فقد وصف رونالد ريغان الكتلة السوفييتية بـ”إمبراطورية الشر”، ورسم جورج دبليو بوش “محور الشر” (العراق وإيران وكوريا الشمالية) في حربه الدولية ضد الإرهاب.

ووُلدت فكرة القمة من مقال لبايدن نشره في دورية “فورين أفيرز” أثناء الحملة للرئاسة في 2020 واتهم فيه ترامب بتقويض مصداقية وتأثير الولايات المتحدة.

وتساءل في مقاله: “لماذا يجب على أمريكا القيادة من جديد؟ إنقاذ السياسة الخارجية الأمريكية بعد ترامب” ووعد في حالة انتخابه بـ”اتخاذ خطوات مباشرة لإحياء الديمقراطية الأمريكية والتحالفات وحماية مستقبل الاقتصاد الأمريكي وقيادة أمريكا العالم من جديد”.

وتم استبعاد كل من الصين وروسيا من القمة، وهذا ليس مستغربا. وفي مقال رأي بمجلة “ناشونال إنترسيت” اتهم سفيرا البلدين في واشنطن، بايدن بتبني “عقلية الحرب الباردة” وحذرا من إثارة القمة “مواجهة أيديولوجية وصدعا في العالم وخلق خطوط انقسام جديدة”.

ويرى ميتشل، السفير السابق في ميانمار، أن الدعوة إلى القمة وما ينطوي عليها من النظر للدولة بأنها ديمقراطية صديقة، هي مهمة. و”تظهر أهمية تبني الدول مصطلح “الديقمراطية” لكي ينظر إليها كديمقراطية، حتى تلك الدولة التي تظهر وبشكل مضحك أنها غير ديمقراطية” فهي “تريد أن تكون جزءا من المجموعة”.

فقد أغضبت دعوة تايوان واستبعاد الصين قادة بكين، وخلقت جوا من عدم الارتياح بين الدول الآسيوية المدعوة، وكيفية نظر الصين إلى مشاركتها. وقال مسؤول في الإدارة الأمريكية: “ليست الصين هي الوحيدة المعادية، لكن هناك الكثير من الدول داخل آسيا، حتى الديمقراطية تشعر بالقلق”، فكوريا الجنوبية لديها علاقات تجارية وسياسية قوية مع الصين، وحاولت التقليل من ظهورها في القمة، ورفضت إرسال وفد على مستوى عال إليها. وتحاول ماليزيا وإندونيسيا تجنب الوقوع في وسط الخلاف الجيوسياسي بين بكين وواشنطن.

الولايات المتحدة نفسها، ليست مثالا تاما عن الديمقراطية، فـ”فريدم هاوس” الذي يصنف الدول بناء على أداء الديمقراطية فيها، منح الولايات المتحدة في تقريره 2021 علامة 83 في تراجع واضح عن علامة 94 قبل عقد

وتواجه إدارة بايدن تحديا آخر، وهو أن الولايات المتحدة نفسها ليست مثالا تاما عن الديمقراطية، فـ”فريدم هاوس” الذي يصنف الدول بناء على أداء الديمقراطية فيها بمراتب من 0-100 منح الولايات المتحدة في تقريره 2021 علامة 83 في تراجع واضح عن علامة 94 قبل عقد. فالهجوم على الكونغرس في 6 كانون الثاني/ يناير أضعف الديمقراطية الأمريكية في عين حلفائها.

وأثارت مناسبات محلية على مستوى الولايات مثل عملية إصلاح نظام الانتخابات التي قادها الحزب الجمهوري في ويسكنسن، قلقا بين ناشطي الديمقراطية. وحذرت لورا ثورنتون، مديرة “التحالف من أجل تأمين الديمقراطية” في صندوق مارشال الألماني، في مقالة يوم السبت بـ”واشنطن بوست” من أن الولايات المتحدة لم تكن لتتسامح مع عملية تغيير للنظام الانتخابي في ويسكنسن لو حدثت في بلد آخر.

وقالت: “لو حدث هذا في بلد آخر تقدم له الولايات المتحدة الدعم، لكانت وصفت ذلك بالتهديد على الديمقراطية”. وقالت ثورنتون التي قضت عشرين عاما في الخارج تعمل على قضايا الديمقراطية والانتخابات: “لقام الدبلوماسيون الأمريكيون بكتابة برقيات وهدد صناع القرار بقطع تدفق المساعدات”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ميساء:

    فعلا إنها ديمقراطية على المقاس،الديمقراطية كما تراها أمريكا

  2. يقول محمد الجزائر:

    لماذا لم يذكروا الهند و جرائمها في حق الأقلية المسلمة.

  3. يقول داود. الاردني:

    الموضوع ليس له علاقة بالديمقراطية اصلا ولكن يتم تقسيم الدول المعاديه للهيمنه الامريكيه ومحاولة عزلها وبناء تحالف دولي ضدها وتم استبعاد بعض الدول الحليفة لامريكا في محاوله لصرف النظر عن الهدف الحقيقي للقمة.

إشترك في قائمتنا البريدية