لندن- “القدس العربي”:
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا لكلير باركر، أشارت فيه إلى أن مصر رأت في الحرب الأوكرانية وارتفاع الطلب الأوروبي على الغاز الطبيعي، أنها فرصة لا تعوض، ولكن بعد مرور سنة واحدة دفع نقص الغاز، للمرة الأولى، العاصمة المصرية إلى انقطاعات متكررة للتيار الكهربائي.
وجاء في التقرير أن الحكومة المصريّة كثّفت شحنات الغاز عبر البحر الأبيض المتوسط بعد أن جرى اكتشاف حقل بحري ضخم عام 2015. لكن بعد مرور عام واحد على تكثيف الشحنات، أصبحت مصر تكافح خلال فصل الصيف القائظ من أجل الحفاظ على الكهرباء. وأثار ذلك الاستياء العام في الشارع المصري مع استعداد الرئيس عبد الفتاح السيسي للترشّح لولاية ثالثة.
وتقول الصحيفة إن مكيّفات الهواء تتوقف عن العمل لمدة ساعة يوميا. فيما تتوقف المصاعد عن العمل، وتنقطع شبكة الإنترنت، ويستخدم البعض مصابيح المركبات للإضاءة. وتشهد المناطق الريفية انقطاعات للتيار الكهربائي أكثر تكرارا ولفترات أطول.
وقد أدّى تضخم عدد السكان مع قدوم الصيف الأكثر حرارة إلى زيادة الطلب المحلي على الكهرباء، مما تسبب بإعياء شبكة الكهرباء وهي التي تعتمد بشكل كبير على الغاز الطبيعي في توليد الطاقة الكهربائية.
ويقول محللون إن مصر فشلت في التخطيط لتنويع مصادر الطاقة التي تزود شبكتها بالكهرباء. ففي بداية الصيف، بدأت الكهرباء تنقطع بشكل عشوائي وعلى فترات متباينة. وفي مدينة المحلة، في دلتا النيل، لا يزال انقطاع التيار الكهربائي “عشوائيا للغاية”، إذ تتراوح الانقطاعات يوميا من 5 دقائق إلى 3 ساعات، وذلك وفقا لأحد السكان.
وفي حزيران/ يونيو، أوقفت الحكومة المصرية صادرات الغاز بعد أن تيقنت أن شبكة الكهرباء كانت تحت الضغط. ولكن موجة الحر القاسية أعقبت ذلك بأقل من شهر واحد، ولذلك أعلنت الحكومة في تموز/يوليو عن إجراءات لتقنين الطاقة، بما في ذلك جدول زمني لانقطاع التيار الكهربائي يوميًا في كل مناطق البلاد، كما أعلنت الحكومة أنها ستستورد المزيد من الديزل لتشغيل محطات توليد الكهرباء.
أما المناطق الساحلية في مصر، التي تجتذب السياح الأجانب، فأعفيت من انقطاع التيار الكهربائي المجدول. وقال رئيس الحكومة مصطفى مدبولي إن “السياح الأجانب يأتون ويدفعون بالعملة الصعبة.. وإذا قطعنا الكهرباء عن المناطق الساحلية، فلن يأتي السياح”. كما أعفيت بعض الضواحي الراقية في العاصمة من انقطاعات الكهرباء.
وقال تيموثي كالداس، نائب مدير معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط، إن أزمة الطاقة “لا يمكن أن تأتي في وقت أسوأ” للحكومة المصرية. وتابع أن “البلاد تعاني من نقص هائل في العملة الصعبة، ولديها التزامات خارجية ضخمة بسبب ديونها، كما أن قدرتها على الوصول إلى التمويل الخارجي محدودة للغاية”، وهو ما يضع أعباء إضافية على الدولة.
يشار إلى أن المرة الأخيرة التي شهد فيها سكان القاهرة انقطاعات واسعة في التيار الكهربائي كانت بين 2012 و2014 في أعقاب ثورة يناير/كانون الثاني 2011 التي أطاحت بالرئيس السابق محمد حسني مبارك.
وفي آب/أغسطس الماضي، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن تقنين الحكومة المصرية لاستهلاك الكهرباء، وما سمته بالتمييز في قطع التيار يهددان حقوق قطاع واسع من المواطنين في مصر.
وأوضحت في تقرير أن قطع التيار يستمر لفترات أطول في المناطق الريفية، التي تشهد معدلات فقر أعلى من المدن، ما يحرمهم من الكهرباء والمياه، في ظل ارتفاع درجات الحرارة، كما يعيق قدرتهم على أداء وظائفهم، كحال بعض الكوادر الطبية. وطالبت المنظمة بمعالجة جذور الأزمة وضمان “عدم التمييز في قطع التيار”.