لندن – “القدس العربي”:
تحدثت صحيفة “واشنطن بوست” عن أثر المواجهة الحالية بين الولايات المتحدة وإيران على “مصداقية” الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في وقت يطالبه فيه الحلفاء بأدلة مقنعة عن دور الجمهورية الإسلامية في تفجير ناقلتي النفط وهما تعبران خليج عمان قرب مضيق هرمز الأسبوع الماضي. وجاء في تقرير لها إن حلفاء الولايات المتحدة يضغطون على إدارة ترامب تقديم أدلة قوية ومقنعة تربط إيران بالهجومين، في وقت قال فيه وزير الخارجية مايك بومبيو إن أدلة جديدة ستقدم قريبا. وطالبت كل من اليابان وألمانيا بأدلة جديدة غير الفيديو المثير للشك الذي نشرته وزارة الدفاع (البنتاغون) وأظهر قاربا تابعا لخفر السواحل الإيراني وهو يزيل شيئا من واحدة من الناقلتين، وقيل إنه لغما لم ينفجر.
وقال بومبيو في برنامج “واجه الأمة” على قناة “سي بي أس” و “فوكس نيوز صاندي” إنه أمضى معظم العطلة الأسبوعية وهو يتحادث مع نظرائه وزراء خارجية الدول الأخرى شارحا لهم الوضع. وكان واضحا من كلامه أن عليه عمل المزيد لإقناع العالم بالإتهامات الأمريكية لإيران التي نفتها، وأنها “لا تدعو للشك” و “ليس فيها أي مجال للخطأ”.
ففي مقابلة مع “فوكس نيوز صاندي” “لا شك بهذا فلدى المجتمع الأمني الكثير من البيانات والأدلة. وسيرى العالم معظمها، وعلى الأمريكيين الاطمئنان من هو المنفذ لهذين الهجومين وهجمات أخرى حول العالم على مدار الـ 40 عاما الماضية”. وتعلق الصحيفة أن الهجومين على الناقلتين الأسبوع الماضي كشف عن مشكلة مصداقية زادت من أعباء إدارة ترامب خاصة أنها تواجه شكوكا من حلفائها الذين حثوها على تجنب سياسة “الضغط الأقصى” وتحولها إلى مواجهة مفتوحة بين الولايات المتحدة وإيران. وفوجئ بومبيو من اقتراح وزير الخارجية الألماني هيكو ماس الذي قال إن الإستنتاج الأمريكي غير واضح وطالب بمعلومات جديدة. وعلق بومبيو إن الوزير الألماني شاهد أشياء أخرى غير الفيديو. وأضاف أن بعض الدول تريد مرور هذه الأزمة ولكن”حق المرور في المياه الدولية ومضيق هرمز أساسي وتحاول إيران حرمانها منه”. وعلق الوزير الأمريكي “أنا واثق من قدرتنا على بناء الحقائق ولن تقبل دول العالم الحقائق الأساسية والتي لا شك فيها بل ستقبل بها كمهمة من أجل العالم”.
إلا إن عدم الوضوح مستمر، حسب الصحيفة، وجزء منه متجذر بالشك من ترامب الذي أطلق في الماضي عددا من التصريحات المضللة. فيما يتعلق بعضها الآخر بمستشار الأمن القومي جون بولتون الذي دعم عام 2003 غزو العراق والتأكيدات الكاذبة عن ملكية صدام حسين أسلحة الدمار الشامل. وهناك شكوك من بومبيو نفسه الذي قدم قائمة بأفعال إيران الأخيرة ومنها هجوم 31 أيار (مايو) في العاصمة الأفغانية كابول والذي استهدف قافلة عسكرية أمريكية أصيب فيه أربعة جنود أمريكيين بجروح طفيفة. وأعلنت حركة طالبان مسؤوليتها عن الهجوم إلا أن بومبيو قال إنه يجب عدم تصديق الحركة ملقيا اللوم على طهران و “نحن واثقون أن إيران هي التي حرضت على الهجوم” و “لم أكن لأقول لو لم يقتنع المجتمع الأمني بهذا”.
وزاد التوتر بين إيران والولايات المتحدة منذ قرار الأخيرة الشهر الماضي استهداف نفطها وشل عمليات تصديره. وقالت البنتاغون إن إيران أو الجماعة الحوثية في اليمن حاولت استهداف طائرات أمريكية مسيرة. ورغم تجنبه الأسئلة حول إرسال قوات إضافية إلى الخليج إلا أنه أكد أهمية تأمين مضيق هرمز للملاحة الدولية، مؤكدا على أن هذا هو”تحد دولي” ومهم لكل العالم، وأن الولايات المتحدة ستلجأ لكل الطرق الدبلوماسية وغيرها لتأمين الملاحة في الخليج. ويرى ديفيد آون ميللر، المسؤول السابق في الخارجية ويعمل حاليا في مركز ويلسون أن بومبيو يحاول بناء إجماع دولي ضد إيران بحيث لا تتحرك أمريكا بمفردها إن أرادت الرد. وثارت الأسئلة حول الإتهامات الأمريكية بعد إعلان الشركة المالكة لناقلة “كوكوكا كريجس” أنها ضربت بهدف طائر لا لغم مزروع في البحر. وقبلت السعودية وبريطانيا الرواية الأمريكية حيث دعا ولي العهد السعودي محمد بن سلمان المجتمع الدولي لاتخاذ موقف حازم ضد “التوسع الإيراني”. ولم يقدم محمد بن سلمان في مقابلته مع صحيفة “الشرق الأوسط” أي أدلة جديدة على الرواية الأمريكية. وتتعامل السعودية مع إيران كعدو ودعمت إلى جانب الإمارات العربية وإسرائيل سياسة الضغط القصوى التي تمارسها إدارة ترامب على طهران. إلا أن المانيا ترى أن الفيديو ليس دليلا كافيا لاستخلاص النتيجة النهائية، وكذا الحكومة اليابانية التي عبرت عن عدم اقتناعها، وطلبت طوكيو من واشنطن أدلة أقوى، حسبما نقلت صحيفة “جابان توداي” عن مسؤول بارز. وطالب زعيم المعارضة البريطاني جيرمي كوربن بأدلة “موثوقة”. وترى الصحيفة أن هذه التصريحات مجموعة تؤكد رفض المجتمع الدولي تصديق التقييم الأمريكي الحالي. وفي داخل أمريكا أثار مرشحو الرئاسة الديمقراطيين أسئلة حول مصداقية ترامب، في وقت طالب مشرعون أن أي قرار للحرب يجب أن يمر عبر الكونغرس.