واشنطن تمول عملية سرية للمساعدات الغذائية في حلب و60 بالمئة من اموال الدعم الخارجي نهبت

حجم الخط
0

لندن ـ ‘القدس العربي’: قالت صحيفة ‘الغارديان’ ان الاردن وافق على فتح حدوده واخذ دور قيادي في عملية لتسليح المعارضة السورية، في تطور قالت انه يتزامن مع تحويل السعودية مليار دولار كمساعدات له.
وتقول الصحيفة ان هذا التطور يعبر عن تحول في الموقف الاردني، الذي كان يحاول احتواء اثار الحرب الاهلية السورية ومنعها من الانتشار داخل حدوده، الى لعب دور فاعل لانهاء الحرب قبل ان تصل اليها.
وقالت الصحيفة ان الدور الاردني كممر للسلاح الذي تم شراؤه بالمال السعودي برز في الشهرين الماضيين، في الوقت الذي اشارت فيه تقارير الى زيادة الدعم الخليجي والامريكي والبريطاني للمعارضة من اجل وقف تقدم القاعدة والجماعات المتطرفة من السيطرة على الثورة. ونقلت عن مسؤولين قولهم ان الدافع وراء تعزيز الدور الاردني هو هزيمة القاعدة وليس الاطاحة بنظام الرئيس بشار الاسد، مشيرين الى انهم لا يستبعدون عمليات انتقامية من جارهم ‘المحشور في الزاوية’.

تهديد القاعدة

ويقول دبلوماسيون غربيون وعرب في العاصمة عمان ان الحكومة الاردنية تتعامل مع صعود القاعدة في الثورة السورية كتهديد وجودي عليها، كما يخشى المسؤولون الامنيون من انتصار الاسلاميين في سورية لتعزيز دور الاخوان المسلمين وموقعهم في الاردن. وظل الملك عبد الله الثاني حتى وقت قريب مترددا في لعب دور مباشر في الازمة السورية، ففي الوقت الذي فتح فيه حدود بلاده لتدفق اللاجئين والمنشقين عن النظام الا انه رفض السماح باستخدام الحدود كمعابر لنقل السلاح او لعب دور في انهاء حكم آل الاسد في سورية. ويعتقد مسؤول غربي ان الحسابات الجديدة للملك تقوم على انه كلما امكن انهاء الازمة بسرعة وسمح للعناصر المعتدلة بهزيمة الاسد كلما كانت هناك فرص امام هذه العناصر لتولي زمام الامور في البلاد.
وقال دبلوماسي غربي ان ما يجري الآن هو ‘سباق بينهم (القاعدة) والمعارضة النظامية للوصول الى دمشق’، مضيفا انه ‘ليس من مصلحة احد انتصار القاعدة’.
وكانت المعارضة السورية قد عبرت عن قلقها من اعلان جبهة النصرة بيعتها لتنظيم القاعدة بعد بيان ابو بكر البغدادي، زعيم دولة العراق الاسلامية عن دمج الجماعتين.

لا خوف من المخابرات

وتقول الصحيفة ان اسلحة خفيفة ومتوسطة تم ارسالها في الفترة الاخيرة عبر الاردن للمقاتلين السوريين وباشراف من المخابرات الامريكية التي بدأت معسكرا لتدريب المقاتلين السوريين منذ بداية العام الماضي، وتم نقل بعض الاسلحة من كرواتيا وعبر الطيران الاردني.
وفي الوقت الذي لم توضع فيه شروط على المساعدة السعودية للاردن الا انها الاولى منذ عام، ونقل عن وزير الصناعة الاردني حاتم الحلواني، قوله في مؤتمر عقد في قطر لمساعدة المعارضة السورية ان المبلغ يصل الى 1.25 مليار دولار امريكي.
وفي عام 2011 حصل الاردن على مبلغ 1.4 مليار دولار من السعودية لكن في عام 2012 لم يحصل على اي من المبلغ المتوقع وحصل في بداية العام الحالي على مبلغ 200 مليون دولار فقط. ومع زيادة تدفق اللاجئين السوريين الذين وصل عددهم الى 470 الف لاجئ، وتفاقم المصاعب الاقتصادية طالب عدد من النواب الاردنيين باغلاق الحدود مع سورية. وكان ناطق باسم الحكومة الاردنية قد قال الاسبوع الماضي ان الاردن ليس جزءا من الازمة السورية، وانه مع الحل السياسي، لكن مسؤولا في المعارضة قال ان الاردنيين ‘عبروا عن استعداد لنقل الدعم ولكنهم قالوا ‘لا تضعونا على الجبهة’، حيث كانوا خائفين من اجهزة الاسد الامنية لكنها الآن ‘ضعيفة ويشعرون بالجرأة للعب دور فاعل’.

انجازات مثيرة ولكن

وحقق المقاتلون السوريون في الاسابيع الماضية انجازات في الجنوب، خاصة في درعا ومنطقة حوران، حيث اغلق الاردن معبر القنيطرة الحيوي لمرتفعات الجولان. وكان عدد من الدول المشاركة في الوحدة الدولية قد سحبت قواتها من المنطقة العازلة بين سورية واسرائيل، وفي حالة قرار النمسا سحب قواتها التي تشكل ثلث القوة فستحدث فجوة، ونقل عن وزير الخارجية النمساوي مايكل سبندليغر قوله ان فيينا قد تسحب قواتها حالة قيام الاتحاد الاوروبي برفع حظر السلاح للمعارضة.
وقد يدفع انسحاب القوات النمساوية اسرائيل التي تراقب الوضع وتتعامل بحذر مع اعادة نشر اكثر من 20 الف جندي الى اجتياز الحدود الدولية وانشاء منطقة عازلة. وقال دبلوماسي غربي ان انجازات المعارضة في الجنوب، على الرغم من اهميتها على الورق الا انها قد تبطئ من تقدم المعارضة للعاصمة تماما كما حدث مع الشمال، حيث قال انهم ‘تعجلوا بدخول حلب العام الماضي مما ادى الى حالة من الجمود ولست متأكدا ان كانت الحدود الجنوبية ستغير من المعادلة في الوقت القريب’. وما دام الاردن يخشى من تهديد القاعدة الوجودي فبريطانيا بدأت في الشمال مشروعا لمواجهة النصرة.

نهب وسلب

وفي تقرير لصحيفة ‘ديلي تلغراف’ قالت ان الحكومة البريطانية دخلت مباشرة الى سورية لدعم وحدة تنسيق الدعم الانساني التي اعلنت عنها المعارضة كي تقوم بتوزيع المساعدات في المناطق التي خرجت عن سيطرة الحكومة السورية بالكامل. والدافع هو محاولة التصدي لنشاطات وتأثير الجهاديين واظهار انهم ليسوا الجهة الوحيدة القادرة على ادارة المناطق الواقعة تحت سيطرتهم. ولمواجهة المشاكل التي عانت منها عملية الدعم، خاصة ان نسبة 60 بالمئة من الدعم الخارجي تمت سرقته او نهبه من جماعات المقاتلين، فيما تم بيع المساعدات في حالات اخرى لشراء الاسلحة، اضافة لمواجهة الاوبئة والامراض التي اندلعت خاصة في حلب من مثل التيفوئيد والكوليرا والملاريا.
ويقول التقرير ان الحكومة البريطانية تضع ثقلها خلف الوحدة حيث قدمت الحكومة البريطانية ودربت 90 من موظفيها للاشراف على وتنسيق عمليات الاغاثة، كما دفعت الحكومة اموالا لفتح مكاتب وشراء اجهزة اتصالات. ونقل عن منسق وحدة الدعم الانساني انور بنود قوله: ‘البريطانيون يقدمون لنا كل ما نريده’.
وظلت الجماعات المسلحة تعتمد على المنظمات المحلية في الحصول على المساعدات بسبب حظر تركيا للمنظمات غير الحكومية استخدام اراضيها، وهو ما ادى الى ‘استخدام الجماعات المسلحة المساعدات لاثراء نفسها وليس لمساعدة الناس’ حسب مسؤول تركي. وفي الوقت الذي تم فيه انشاء الوحدة للرد على هذه الاوضاع الا ان البعض يقول انها تفتقد الخبرة والكفاءة.
ورد مسؤول تنفيذي في اللجنة بالقول انهم كانوا موجودين على الحدود يراقبون ما يحدث ويعملون بصمت، مشيرا انه ‘حان الوقت للاعلان عن انفسنا’. وتعتبر الوحدة نفسها الآن القناة التي يجب ان يعبر من خلالها كل الدعم وانها ‘النظام’ حسب بنود. ويعترف دبلوماسيون ان الدعم الدولي له دوافع سياسية، ويقدره مسؤول بـ 790 مليون يورو، وقال دبلوماسي انه في حالة ربط السكان الدعم بالتحالف الوطني فانه سيؤدي الى كسب عقولهم وقلوبهم مما يعطيه الشرعية كبديل عن نظام الاسد. ويعترف الكثير من الداعمين الغربيين ان العقبة الكبرى امام هذه الجهود هي صعود جبهة النصرة كحركة جهادية واجتماعية، ففي الوقت الذي لا يدعم فيه السكان ايديولوجيتها الا انهم يخشون من تردي حياتهم واوضاعهم المعيشية بدونها. فبعد عام بدون خدمات حكومية تعاني المدن من انتشار اكوام النفايات وانقطاع التيار الكهربائي ونقص دائم في مياه الشرب الصحية. ونقل عن مسؤول في الوحدة ان النظام قد ينتصر في حلب ليس عسكريا ولكن بسبب انتشار الكوليرا.
ونقل عن متحدث باسم وزارة التنمية والدعم الدولي البريطاني قوله ان الحكومة البريطانية تعمل على زيادة كفاءة وحدة تنسيق المساعدات وكفاءتها بالتعاون مع الامم المتحدة وبقية منظمات الاغاثة من خلال تحديد احتياجات السوريين وتنسيق ادخال الدعم والتبرعات الدولية’.

واشنطن تساعد

وليست بريطانيا وحدها فالادارة الامريكية تمول عملية سرية لاطعام حلب، حيث يعيش عمال اغاثة غربيون بشكل خفي في مجتمع قروي ويتنقلون في سيارات غير معلمة متجاهلين القصف ومخاطر الاختطاف لتوزيع الغذاء على السوريين وكله من امريكا. وقالت صحيفة ‘واشنطن بوست’ ان العملية سرية لدرجة لا يعرف عنها اي سوري، والسبب هو المخاوف من استهداف من يقدمون ويتسلمون المساعدات من الجيش السوري. ولهذا السبب هناك شعور بالغضب في شمال سورية على تردد الولايات المتحدة بتقديم الدعم ونقلت عن مواطن قوله ان’امريكا لم تقدم لنا اي شيء’. فيما اثنى الرجل واسمه محمد فؤاد على جبهة النصرة التي تقدم الطحين للمواطنين.
واضاف انه على امريكا فعل شيء ان كانت تعتبر نفسها صديقة للشعب السوري. وقالت الصحيفة انها تلقت دعوة من الهيئة القائمة على الجهود لمشاهدة ما تقوم به بشرط ان لا تكشف اسم المنظمة ولا هوية او جنسية العاملين معها، مشيرة الى ان سرية العملية تقدم صورة عن معضلة ادارة باراك اوباما التي تحاول البحث عن طرق لتعزيز الدعم للمعارضة.
وقدمت الادارة حتى الان 385 مليون دولار بحسب مسؤولي يو اس ايد. مشيرة الى ان منظمات الامم المتحدة في دمشق تجد صعوبات في ايصال المواد الغذائية لمناطق المعارضة بسبب القيود المفروضة من الحكومة على تحركاتها. ونقلت عن مسؤول امريكي له علاقة بالعملية قوله: ‘يقول السوريون لا نحصل على اي مساعدة ، وهذا يثير احباطنا’. ويقول السوريون العارفون بالجهود الامريكية في حلب ان المساعدات تركت اثرها، فالطحين الذي توفره يوزع على 210 آلاف شخص كل يوم، كما ان الوجبات الغذائية تساعد 400 الف سوري وينام 168 الفا منهم تحت بطانيات قدمتها الحكومة الامريكية. وتقدم امريكا دعما لـ144 مستشفى ميدانيا، وتتبرع بنسبة 90 بالمئة من المواد الطبية التي تصل الى مناطق المقاتلين. وامريكا ليست وحدها التي تقدم الدعم في هذه المناطق فتركيا تظل من اكثر الدول التي تتبرع بالدعم اضافة الى منظمة اطباء بلا حدود. ولكن المعارضة تقول ان واشنطن تحتل موقع القيادة في تقديم الدعم الانساني. وعلى الرغم من كل هذا فحتى المشاركون من السوريين في العملية يقولون ان الغذاء مهم لكن ما يريدونه من الولايات المتحدة هو منطقة آمنة لوقف غارات الجيش اكثر من حاجتهم للطعام والدواء، ونقل عن ابو عمر قوله ‘نعم، امريكا تساعدنا، لكننا نلومها لكونها قوة عظمى، ونعاني من غارات وقصف يومي ولم تفعل لنا شيئا’. ولاحظ التقرير ان جبهة النصرة تحظى بشعبية ووصفوا بالناس الطيبين.

مسؤول بريطاني سابق

وفي محاولة المعارضة السورية ايصال صوتها في الامم المتحدة والدوائر الامريكية قررت الاستعانة بخدمات دبلوماسي بريطاني استقال عام 2004 من وزارة الخارجية احتجاجا على خلفية حرب العراق. وسيقوم كارني كروس، الذي عمل في فريق بريطانيا بمجلس الامن بتقديم النصح والاستشارة الى المعارضة لايصال صوتها للعالم، خاصة انها لم تستطع بعد على الرغم من الاعتراف الدولي بها الحصول على الدعم العسكري والدبلوماسي الذي تريده، وتطمح بالحصول على مقعد سورية في الامم المتحدة بعد ان منحت الجامعة العربية المقعد لها في مؤتمر القمة الشهر الماضي الذي انعقد في الدوحة. ومن خلال مجموعته الاستشارية ‘اندبندنت دبلومات’ ( الدبلوماسيون المستقلون) سيقدم النصح للجماعة التي يقول انها تقع ضمن اطار اهتماماته، فـ’الدبلوماسيون المستقلون’ كما يقول روس ‘تعمل مع الدول والجماعات السياسية المهمشة والمستبعدة من النقاشات السياسية لاي سبب كان. وتقوم فلسفتنا على اهمية ضم الممثلين الشرعيين للشعب للنقاشات السياسية هذه، وعليه فالائتلاف (السوري) يقع ضمن هذا التعريف’، حسبما نقلت عنه صحيفة ‘اندبندنت’ التي قالت ان الائتلالف الوطني السوري يعاني من انقسامات في ظل مخاوف من اختطاف جماعات متطرفة مثل جبهة النصرة للثورة السورية. وعمل روس في السابق مع جمهورية ارض الصومال التي لا تحظى باي اعتراف دولي، وكذا مع الصحراء الغربية في المغرب وكوسوفو كما انه تعاون مع جماعات ‘احتلوا وول ستريت’ في نيويورك.
واكد روس ان عمله مع المعارضة السورية سيتركز على تقديم النصح حول الكيفية التي تسمع فيها صوتها في الولايات المتحدة خاصة الامم المتحدة، ونيويورك حيث مقر مجموعته ‘سيكون التركيز على الامم المتحدة والنقاش المتواصل فيها بشأن سورية’، مضيفا: ‘من الواضح شعور المعارضة بالاحباط حول الدبلوماسية الدولية فيما يتعلق بسورية’. ودعا روس في الاونة الاخيرة الدول الغربية للبحث عن طرق جديدة غير عسكرية للتدخل في سورية، مثل فرض العقوبات واعتراض شبكات الانترنت التابعة للنظام، والتشويش على خطوط الامداد للجيش.
ويؤكد روس اليوم ان هذه هي اراؤه الشخصية ولن يقدم نصائح للمعارضة تتعلق بالشؤون الداخلية، حيث اكد ان ما يهم ‘هو صوتهم وليس صوتي’. وكان روس قد استقال من وزارة الخارجية بعد ان قدم شهادة سرية للجنة بتلر التي حققت في حرب العراق. وقال في شهادته ان بريطانيا والولايات المتحدة لم تنظرا الى اسلحة العراق على انها تهديد مناقضا الرواية الرسمية.

اخاف من فقداني الاحساس

لم يعد اهل دمشق بعيدون عن الحرب، فكما يقول ايان بلاك مراسل ‘الغارديان’ ان اصوات القصف وصرير الدبابات واطلاق الصواريخ، التي تسمع ‘طوال النهار والليل’ تصم اذانهم. ويقول بلاك ان ‘قوس الاهداف’ الذي تضربه الحكومة يمتد ما بين دوما والقابون شمال العاصمة، الى داريا في الجنوب. وفي ظل هذه الحرب الدائرة حول العاصمة تعود سكانها عليها وبحسب جورج الذي يعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات ‘في الحقيقة فانك تتعود عليها بعد فترة’ اي الاصوات، لكن لا احد في دمشق يعرف ‘ما الذي يقصفونه’، وهذا يتضح بعد ذلك في اشرطة الفيديو التي توضع على الانترنت والتي يرفقها صوت ‘الله اكبر’.
وفي ظل هذا الجو فالحكومة تحاول تأكيد نوع من العادية، وينقل عن ضابط قوله ‘ كما ترى كل شيء عادي هنا ولكننا نقوم باستهداف الارهابيين والمتطرفين’. ونقل عن مسؤول يتعرض طريقه للبيت في داريا للقصف ‘لو كنت خائفا لاغلقت باب بيتي على نفسي، علي ان اعمل، انا لست خائفا، ان لم ادافع عن بلدي فمن يفعل؟’، هذا كلام مسؤول في الحكومة فيه لهجة تحد ولكن الاحاديث الخاصة والهامسة مع المواطنين تجدهم اقل تحديا، فزينة الطالبة تخشى ان تفقد الاحساس تجاه الالم والمعاناة وحتى المخاطر ونقل عنها قولها ‘في البداية، اي العام الماضي عندما بدأت الانفجارات اصبحت اعاني من الكوابيس’ اما الان ‘فانا اشعر بهدوء’ على الرغم من القصف واصوات القنابل. ويقول بلاك ان الخطر بدأ يقترب حتى للمناطق التي كانت تعتبر آمنة مثل ‘ساحة السبع بحرات’ التي انفجرت فيها سيارة مفخخة يوم الاثنين الماضي، وهذا الانفجار ليس الاسوأ الذي تعاني منه العاصمة ففي شهر شباط (فبراير) قتل 80 شخصا في انفجار قرب مركز لحزب البعث في المزرعة، حيث لا تزال اثاره واضحة.

تطورات جديدة

ويضيف بلاك ان الاسابيع الماضية شهدت تطورا جديدا وهو سهولة استهداف المعارضة للعاصمة بقنابل الهاون من المناطق الواقعة تحت سيطرتها. ويشير الى ان الحكومة قامت بتعزيز الحراسات الامنية على العاصمة بعد التفجير المدمر الذي قتل كبار اركان نظام بشار الاسد في تموز (يوليو) العام الماضي، حيث تم وضع الكتل الاسمنتية المدهونة بلون العلم السوري امام مؤسسات الدولة، ونقل بلاك عن دبلوماسي غربي في العاصمة قوله ان النظام استطاع اقامة ‘دائرة صلبة حول دمشق’ ويضيف لسبب من الاسباب بدأت الدائرة تتعرض للخروق مما جلب واقع الحرب لاهل العاصمة وجعل من التحرك حول العاصمة امرا صعبا ويأكل الوقت لان الحواجز ونقاط التفتيش تؤدي الى ازدحام الحركة المرورية، وفقط من لديهم بطاقات امنية يستطيعون تجنب الزحمة واستخدام الطرق السريعة. ووصف بلاك كيف قضى اكثر من ساعة ونصف الساعة عند حاجز قرب ساحة الامويين، ويحذر الكثير من السوريين الزوار من ان سائقي سيارات الاجرة هم مخابرات ينقلون اي حديث للاجهزة الامنية ولهذا ينصحون بالحديث عن الجو والياسمين الذي تنتشر روائحه على خلفية الوضع القاتم. وفي النهاية يقول انه من الصعب تجاوز السؤال الذي يدور في ذهن كل شخص هل ستكون هناك معركة في دمشق التي تعتبر من اقدم المدن في العالم، مثل التي دمرت حلب. ويقول ان هناك اجزاء من العاصمة تبدو مثل ساحة حرب، ففنادقها فارغة مع ان بعض الغرف تستخدمها منظمات دولية تقوم بعمليات الاغاثة. ويقول ان رأيا يقول ان معركة دمشق قادمة ولكن ليس بعد، والبعض يقول انها ستبدأ بعد ان يعزز المقاتلون وضعهم في جنوب البلاد، فيما يقول اخرون ان نصرا حاسما لاي طرف غير ممكن ويأملون بحل سياسي يفرض من الخارج، وبالمحصلة فهناك قلة من الناس في دمشق تعتقد ان الوضع سيتحسن.

الصور والبشاعة

ومثلما كتب بلاك من دمشق يكتب روبرت فيسك لصحيفته ‘الاندبندنت’ حيث يعلق على صور على الانترنت تتحدث عن ذبح ‘طائفي’ لسبعة من جنود وجنرالات في سلاح الجو السوري اسقطت المعارضة طائرتهم في معرة النعمان. والقصة كما وردت في الموقع انهم كانوا في طريقهم من اللاذقية الى قرى في معرة النعمان لتوزيع المساعدات على السكان ووحدة للجيش عندما تحطت الطائرة ونجوا منها لكنهم وقعوا في ايدي ‘جماعات الجيش الحر الارهابية’ التي ذبحتهم ذبح النعاج وصورت شخصا يحمل رأس احدهم. ويصف فيسك المشهد بالبشاعة وانه سمع عنها من صديق له وشاهد الصور في وزارة الاعلام حيث كان في زيارة لعمران الزعبي، وزير الاعلام الذي علق على الصور ‘لا استطيع تأكيد هذا وعلي السؤال اولا’، ولم يعلق على الموضوع كما يقول فيسك. ويتساءل فيسك قائلا ان هذه الصورة لا تمثل تحديا للانسانية بل للصحافة. ‘انا هنا في دمشق عندما يقوم موقع على الانترنت، وبشكل واضح متعاطف مع النظام بتقديم ‘ادلة’ عن جرائم الحرب وينشر قائمة بالارهاب واسماء سبعة من ‘شهداء’ القوات الجوية الذين عانوا الرعب والالم في صورة’. ويصف فيسك اثر الصورة على موظفين في الوزارة حيث لم يستطع الكثير منهم النظر اليها، فيما قامت سيدة بالخروج من الغرفة حتى لا تتقيأ. ويعلق فيسك على النبرة الطائفية التي قدم فيها الموضوع. ويبدو انه جاء من لبنان، حيث الموقع والعاملون فيه. ويقول الموقع ان ‘القتلة فعلوا ما فعل جيش معاوية برأس الحسين’ في اشارة لكربلاء والحسين بن علي، في تلميح الى ان جنود الجيش عوملوا بنفس الطريقة التي عومل بها حفيد الرسول في كربلاء في عام 680 للميلاد. ومن هنا فالموقع يريد ان يؤكد ان القتلة هم سنة والضحايا هم من العلويين. ويقول فيسك انه لا يوجد هناك اية ادلة عن دين الجنود الاموات ان كانوا قتلوا. ويتساءل لماذا يقوم الجيش الحر الذي يقدم نفسه على انه جماعة علمانية بارتكاب فعل كهذا؟ مشيرا الى ان الجماعات الاسلامية المتشددة في العراق كانت مستعدة لاستخدام الفيديو والقتل واظهار حتى الضحية وهي تتألم، كما ان سلاح الجو السوري والنظام نفسه قاما باعمال بربرية، حيث قام بقصف التجمعات المدنية في انحاء سورية المختلفة. ويتساءل في النهاية ان كان هذا العمل الشنيع قد حدث، مجيبا ‘يا للاسف، في الحرب فوتو شوب والانترنت حولنا كلنا الى اشرار’ في اشارة الى التقنيات المتوفرة على الانترنت التي تعطي الفرصة لاي مستخدم لاستخراج واخراج ما يريد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية