واشنطن- “القدس العربي”:
هناك حالة استثنائية تقترب من اللغز في طريقة تعامل البيت الأبيض وصناع السياسة في أمريكا مع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان إذ تحافظ واشنطن على روابط اقتصادية واستراتيجية وثيقة مع دولة صديقة، لم يعد زعيمها محاوراً مقبولاً، على حد تعبير موقع “واشنطن ريبورت”، الذي أكد أن هناك أدلة جوهرية وذات مصداقية على أن نظام بن سلمان المتهور لم يكن يعلم فقط بجريمة قتل الصحافي، جمال خاشقجي، بل قام بالتخطيط لها.
والسؤال الذي طرحه الموقع لحل هذه المشكلة يتلخص في ماهية الطريقة المناسبة للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ووزير خارجيته مايك بومبيو وغيرهم من كبار المسؤولين في التعامل مع بن سلمان، وهل يمكنهم الاستمرار كما لو أن جريمة القتل لم تحدث؟ بالتأكيد لن يسعى صناع السياسة في واشنطن لالتقاط الصور التذكارية مع بن سلمان كما فعل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في قمة العشرين في الارجنتين، ولكن نظراً لقرب العلاقة الثنائية فإنهم لا يستطيعون تجنبه تماماً.
ولذلك تأتي أهمية الأسئلة التي سيطرحها مجلس الشيوخ لاحقا على مرشح ترامب لتولي منصب السفير الأمريكي في السعودية، الجنرال المتقاعد جون أبي زيد، الذي يتحدث العربية وتعود أصوله إلى لبنان، وكان غارقا في شؤون الشرق الأوسط طوال حياته، ولكن مهاراته الدبلوماسية ستتعرض لاختبار صارم وهو يرد على الاسئلة المتوقعة، بما في ذلك، هل سيدعو بن سلمان لاحتفالات السفارة في عيد الاستقلال؟ وهل سيلتقط معه صوراً تذكارية؟
الكاتب توماس ايبمان، صاحب المقال، يعتقد بأنها ليست مجرد بروتوكول، بل هي تعبير عما تمثله الولايات المتحدة، وما هي الرسالة التي تريد بعثها إلى العالم. ووفقا للتصنيفات الأمريكية للزعماء الأجانب، مثل فئة الأخيار وفئة الاشرار الذين تتغاضى عنهم واشنطن، مثل الحكام المستبدين في دول أمريكا اللاتينية.
واستنتج الموقع أن إدارة ترامب قد وضعت بن سلمان ضمن فئة الأشرار الذين تتغاضى واشنطن عن عيوبهم وجرائمهم؛ بسبب أن العلاقة مع السعودية مهمة للغاية، بحيث لا يمكن تعريضها للخطر من خلال نبذ حاكمها.
ووفقا لتقرير واشنطن، فإن السعودية تنفذ بعض المصالح الأمريكية، بما في ذلك ضمان ديمقراطية العراق الهشة بحيث تبقى بغداد مقيدة بمصالح الغرب وليس مصالح طهران والمساعدة على إدارة طوفان اللاجئين السوريين وإقامة علاقات أقوى مع إسرائيل اضافة إلى المساعدة في قتال الجماعات الجهادية.
ولكن الكاتب لفت الانتباه إلى أن التجاهل الأمريكي لسجل السعودية المحزن في مجال حقوق الإنسان وصل إلى نقطة حرجة، ولم يكن هناك أي دور لحاكم سعودي سابق في قتل صحافي بارز، ولم يؤثر أي حاكم سابق بطريقة سلبية على العلاقات العسكرية الأمريكية في جميع أنحاء الخليج كما فعل بن سلمان بمقاطعته لقطر.
وقال مهران كمارفا، أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج تاون (فرع قطر) قال إن ولي العهد السعودي، مسؤول عن “كارثة دولية تلو الأخرى”، ولا يمكن إلقاء اللوم على أي شخص اَخر في الحكومة الملكية لأن بن سلمان عزز كل السلطات في يده.