قد يوحي عنوان هذه المقالة بأنها تنتمي إلى صنفٍ أخذ يستفحل من جديد في الفضاء العام العربي خلال الأيام الأخيرة، ألا وهو «نظرية المؤامرة» في تطبيقها المستجد على فيروس كورونا. وكلّنا يعلم أن وباء نظرية المؤامرة أوسع انتشاراً في منطقتنا العربية من كافة الأوبئة البيولوجية، وهذا لسبب بسيط لا يتعلّق بأي من التفسيرات «الاستشراقية» التي تُعزي كل أمراضنا الثقافية إلى «ثقافة» سرمدية، قومية أكانت أم دينية. ذلك أن دور المؤامرات الحقيقية في تاريخنا أكبر، أو أبرز على الأقل، ممّا هو في تاريخ أي منطقة أخرى من العالم. يكفي أن نُشير في هذا الصدد إلى المؤامرة الكبرى التي دشّنت الأزمنة الحديثة في تاريخ المشرق العربي، ألا وهي اتفاقية سايكس بيكو السرّية التي عقدها الاستعماران البريطاني والفرنسي بمشاركة الإمبراطورية الروسية والتي كشفت الثورة الروسية الستار عنها عندما نشرها البلاشفة، بعدما عثروا عليها في ملفات الحكم القيصري إثر استيلائهم على السلطة في خريف عام 1917.
هذا وكلّما كانت سلطةٌ ما، وفي أي بلد على الإطلاق، أكثر سلطوية واستبداداً ومركزية في صنع قرارتها، وبالتالي أقلّ شفافية وخضوعاً لمراقبة «السلطة الرابعة» التي يشكّلها إعلامٌ حرّ، كلّما زادت نزعة تلك السلطة إلى اللجوء إلى نظرية المؤامرة في تفسير ما لا يروق لها. وهذه حال الانتفاضات الشعبية في منطقتنا المتميّزة بكثافة عالية من الأنظمة السلطوية، حيث تبارت الحكومات منذ «الربيع العربي» في عزي مسؤولية انفجار الغضب الشعبي إلى مؤامرات خارجية (أنظر مقالنا «تحيا المؤامرات!» بتاريخ 29/10/2019)، وكأن أوضاعنا خالية من أسباب الغضب كي تكون ثمة حاجة إلى مؤامرات لاصطناعه.
ونرى اليوم مثالاً عمّا ذكرنا في لجوء بعض الأوساط المقرّبة من الحكم في الصين وفي إيران (أما حكومتا البلدين فما زالتا أعقل من أن تصرّحا بالخزعبلات بصورة رسمية)، لجوء الأوساط المذكورة إلى نظرية المؤامرة في تصوير الفيروس بأنه في الحقيقة سلاحٌ بيولوجيّ صنعته مختبرات سرّية أمريكية في محاولة رامية إلى إرباك النظام في البلدين. ولا يفوت أي عاقل أن الغاية من هذه النظرية الخرقاء ليست سوى إخماد الغضب الشعبي إزاء تأخّر السلطات الصينية والإيرانية في التصدّي لوباء كوفيد ـ 19، والردّ على محاولة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التملّص بدوره من مسؤوليته في تأخر التصدّي للوباء في بلده بإلقائه اللوم على الخارج من خلال تصوير الفيروس بأنه «أجنبي» (كذا!) قادمٌ من الصين.
عندما يزول خطر الوباء، ولو بعد سنة أو أكثر، وتزول معه الأسباب البيولوجية التي تردع الناس عن التجمهر، لن تستطيع أساليب القمع المعهودة الحؤول دون تجدّد الانتفاضات وانتشارها على نطاق أكبر بعد مما شهدناه خلال السنوات التسع المنصرمة
ولا عجب من أن تكون نظرية المؤامرة المتعلقة بالوباء الجديد قد وجدت من يصدّقها ويروّجها في منطقتنا العربية، ومنهم رئيس تحرير سابق لإحدى كبرى الصحف اليومية. أما عنوان مقالنا هذا فليس المقصود به بالتأكيد التلميح إلى أن قوى مضادة للثورة، أياً تكن، هي التي صنعت فيروس وباء كوفيد-19 أو أن هذه القوى هي التي تقوم بترويجه. وقد غدا استفحال الوباء أكبر كارثة بيولوجية عالمية منذ «الإنفلونزا الإسبانية» التي قتلت قبل قرن أكثر مما قتلته أي من الحربين العالميتين اللتين شهدهما القرن الماضي. ويشكّل الوباء الجديد تحدّياً عظيماً لكافة حكومات العالم، ترتعب منه جميعاً، ليس لعدد الضحايا الذي قد ينجم عنه وحسب، وقد يبقى هذا العدد دون ما تحصده من الأرواح أوبئة أخرى لا زالت مستشرية في عالمنا، بل لنتائجه الاقتصادية الوخيمة التي تنذر بأعظم أزمة اقتصادية عالمية بعد الكساد الكبير الذي أصاب العالم قبل تسعين عاماً، إن لم تكن أعظم من ذلك الكساد.
بيد أن الأنظمة تدرك هي أيضاً الحكمة التي أوجزتها الآية الشهيرة: «كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ» (216، سورة البقرة). والحال أن كافة الحكومات التي واجهت وتواجه انتفاضات وأصناف أخرى من الحراك الشعبي قد سارعت إلى اغتنام فرصة «القتال» ضد انتشار الوباء كي تقضي بواسطته على الحالة الثورية. وربّما شكّلت أسطعَ مثال في هذا الصدد مغالاة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في استخدام القاموس الحربي في الخطاب الذي ألقاه مساء الإثنين الماضي، وهو على يقين من أنها لفرصة أمامه كي يتخلّص من الاحتجاجات الشعبية الكبيرة التي ما برح يواجهها منذ أكثر من سنة، من حراك «السترات الصفراء» إلى الحراك ضد قانون التقاعد الجديد، وفرصة كي يستعيد شيئاً من الهيبة والشعبية على غرار الأنظمة التي تفتعل أوضاعاً حربية لصرف الأنظار عن مساوئها وتجديد الولاء لسلطتها.
وينطبق الأمر نفسه على كافة الحكومات التي واجهت غضباً شعبياً في الآونة الأخيرة، وفي طليعتها أنظمة منطقتنا العربية. فها أن القيادات العسكرية في السودان تحاول اغتنام الفرصة لتعزيز تسلّطها الأمني على أوضاع البلد وخنق أي ضغط شعبي على العملية السياسية الجارية فيه. وها أن الحكم الجزائري ينتهز مناسبة الوباء كي يمنع مواصلة الحراك في بلده، ثم يتدارك بعد أن تساءل الناس لماذا يحرّم الحراك وليس سواه من التجمهرات الشعبية، فيقرر إغلاق الملاعب الرياضية وسائر أماكن الاحتشاد. وها أن القائمين مقام الحكم في العراق ولبنان يغتنمون الفرصة كي يتخلّصوا من حراك شعبي لم يفلحوا في القضاء عليه طيلة شهور.
لكنّ ارتياحهم السياسي لن يدوم. فإن أزمة وباء كوفيد-19 من شأنها أن تبيّن مساوئ أنظمة منطقتنا بصورة أوضح بعد مما هو قائم، لو أمكن أن تكون الصورة أوضح بعد! وسوف يؤدّي استفحال الوباء إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية المزمنة في منطقتنا، لاسيما أبرز نتائجها المتمثّلة بالبطالة والفقر وانقسام المجتمع بين أقلية ضئيلة من الأثرياء المرفّهين وغالبية ساحقة من الهابطين من دركة اجتماعية إلى أخرى. فعندما يزول خطر الوباء، ولو بعد سنة أو أكثر، وتزول معه الأسباب البيولوجية التي تردع الناس عن التجمهر، لن تستطيع أساليب القمع المعهودة الحؤول دون تجدّد الانتفاضات وانتشارها على نطاق أكبر بعد مما شهدناه خلال السنوات التسع المنصرمة.
كاتب وأكاديمي من لبنان
لا أعرف السبب العلمي الذي دفع لتسمية هذا الفيروس القاتل ب أوفيد 19. وأوفيد هو شاعر وكاتب ايطالي في بداية عهد الرومان وله كتاب رائع بعنوان فن الحب.. فشتان بين الحب والقتل..
على كل أنظمة الدول العربية وزعماؤها الأشاوس جاءهم المدد من سيد اوفيد هذا لأن الفيروسات على اشكالها تقع
الأخ سوري…
اسم الفيروس “كوفيد 19” Covid 19، وليس “أوفيد 19″… والرقم 19 يشير إلى سنة اكتشافه 2019، والأحرف COV تشير إلى اسم تصنيف فصيلة الفيروسات ذوات البنية والصفات “الوراثية” المتشابهة… !!!
co كورونا vi فيروس dمرض 19العام الذي تم اكتشافه.
عزيز,, الاختصارات التي تشير إليها معروفة ,,
الاسم COVID-19, للإشارة إلى المرض في الاستعمال العامي
التصنيف COV للإشارة إلى فصيلة الفيروسات كورونا : SARS-CoV-2
تمييزا عن أي رقم آخر : SARS-CoV-3 ، SARS-CoV-1 إلخ
الانفلوانزا الاسبانية اصابت نصف مليار نسمة وقتلت اكثر من خمسين مليون انسان. وهذه الجائحة جاءت بعد الحرب العالمية الاولى مباشرة. واليوم كورونا تنتشر وتقتل ومع كل التقدم والتطور العلمي والطبي نرى العالم عاجزا عن صد هذا الهجوم الفيروسي. وهذا يؤكد ان الطبيعة يمكن داثما ان تصنع تحديات كبيرة امام الانسان وعليه دائما اخذ الاحتباطات. وهذه ربما جاءت من الاحتباس الحراري، واحراق غابات الامازون، والحروب التي تستخدم اسلحة كيمائية ونووية وكله بفعل الانسان
(فها هي القيادات العسكرية في السودان تحاول اغتنام الفرصة لتعزيز تسلّطها الأمني على أوضاع البلد وخنق أي ضغط شعبي على العملية السياسية الجارية فيه)…
هناك ما بين الواقع والخيال أدلة ساطعة كثيرة على أن محاولة اغتيال حمدوك الأخيرة تمت فبركتها من قبل هذه المؤسسة العسكرية السودانية لغاية أولى وأخيرة، ألا وهي إيجاد سلك مخابرات قائم بذاته بغية العمل على تعزيز التسلط الأمني الذي تتحدث عنه… !!!
ليس للثائر أي تفسير أو تعليل لحدث أو واقعة سوى المؤامرة والفبركة
1)- أظن أنه رغم أن منطقتنا تتميّز بكثافة عالية من “الأنظمة السلطوية” ، إلا أن “السلطة الرابعة؟” التي يشكّلها “الإعلامٌ الحرّ؟” ، في الدول الغربية ، التي تدعي “الديموقراطية” و”حقوق الإنسان” ، تستغل عند اللجوء إلى المؤامرات للتخلص من أنظمة الحكم التي ، لسبب أو لآخر ، لا تروق لها .
المصيبة ليست في “المؤامرات” الغربية على الشعوب العربية ، وإنما المصيبة تكمن في أن تنفيذها وتمريرها يتم من طرف بعض “الحلفاء” العرب أنفسهم ، الذين لا تكترث أمريكا ب”سلطويتهم” المستباحة ، وجهل أنظمتهم ل أب س”الديموقراطية” و”حقوق الإنسان” لأنهم باعوا الشرف والضمائر من أجل الحفاظ على التيجان .
من كثرة مؤامراتهم الدنيئة المدمرة أصبحت شعوب العالم ، وليست الشعوب العربية فقط ، لا تصدقهم حتى ولو صدقوا مرة أو أكثر .
“أسلحة الدمار الشامل” ، التي “امتلكها؟” العراق المقلص والمحاصر لسنوات طويلة ، لخير دليل على وجود “المؤامرات” الغربية والأمريكية منها خاصة .
2)- ألم يبح ولي العهد السعودي “سرا؟” كان معلوما ، المتمثل في أن نشر الوهابية ، وإرسال المجاهدين ل”الجهاد؟” في أفغانستان ، كان بطلب من “الحلفاء؟” لمنع الاتحاد السوفييتي من توسيع نفوذه في الدول الإسلامية ؟ .
التساؤل “لماذا يكرهوننا؟” جاء من أمريكا وليس من الصين أو روسيا و جنوب إفريقيا ، وهم يعرفون جيدا لماذا شعوب المعمورة كافة تكرههم ، لأنهم لا يتوقفون عن المؤامرات المدمرة من صنف “الفوضى الخلاقة” لتفتيت المفتت .
أظن أن الكاتب ، والأكاديمي من خاصة ، عليه أن يتأكد مما يكتب .
“الحكم الجزائري لم ينتهز مناسبة الوباء كي يمنع مواصلة الحراك في بلده ، … وليس سواه من التجمهرات الشعبية، فيقرر إغلاق الملاعب الرياضية وسائر أماكن الاحتشاد ، بل العكس هو الذي حدث ، والدليل أن “الحراك” خرج يوم الجمعة 13 مارس ويوم أمس الثلاثاء 17 مارس 2020 في النهار ، بينما رئيس الجمهورية ، الذي قرر : “منع التجمعات والمسيرات
كيفما كان شكلها وتحت أي عنوان كانت وغلق أي مكان يشتبه فيه بأنه بؤرة للوباء” ، بما في ذلك “تعليق صلاة الجمعة والجماعة في المساجد، وغلق المساجد، والاكتفاء بِرفع الآذان استجابة لطلب لجنة الإفتاء بعد مصادقة كبار شيوخ وعلماء الأمة” ، … ، وجه خطابه للأمة في المساء من نفس اليوم .
3)- رئيس الجمهورية كان قد دعا ، خلال اجتماع مجلس الوزراء يوم 07 مارس 2020 ، إلى إقامة المقابلات الرياضية في الملاعب بدون جمهور ، في حال اقتضت الضرورة إلى ذلك، أمام خطر انتشار وباء كورونا.
أعتقد أن الرئيس الجزائري استجاب لرغبة الغالبية المطلقة من الجزائريين ، لأنه “في حال رفض الحراكيون الإنصات للعقل والمنطق وواصلوا مسيراتهم ، فسيكون ذلك أكبر حالة غباء جماعي تهدد صحة كل الجزائريين” ، ويصبح لزاما على كل الجزائريين ، إن لم تقم السلطات المعنية بالإجراءات الردعية اللازمة نحوهم ، أن ينزلوا للشوارع وطردهم بقوة الهراوات إن لم يكن بوسائل أخرى ، لأنه من غير المنطق أن تفرض أقلية متعصبة ومتطرفة رأيها وتصرفاتها الطائشة على الأغلبية .
ثم عن أية “ثورة؟” وأي “حراك” تتكلمون ؟ .
إذا كان عن “الحراك الشعبي” ، لكل الجزائريين ، فإنه حقق جل مبتغاه : “العهدة الخامسة” انتقلت إلى مزبلة التاريخ ، ورموز “العصابة” يمرمدون يوميا في مكاتب المحققين قبل بهدلتهم أمام القضاء والجماهير .
4)- أما إذا كنتم تقصدون بقايا الحراك ، الذي انحرف عن مهمته الأولى ، المخترق من قبل تيارات متطرفة مشكوك في انتمائها الوطني ، لاستغلاله كبوق ل”تنظيمات غير حكومية معروفة (ONG)في جنيف وفي لندن، وفلول الفيس المحل، ومجموعة من الانتهازيين الذين لا يمثلون إلا أنفسهم ، بالإضافة إلى بقايا المافيا السياسية المالية ل”العصابة” السابقة ، التي تعمل دون كلل ، حتى من وراء القضبان، للتحريض على العصيان المدني والفوضى غير الخلاقة واللجوء إلى العنف ، فإن الغالبية المطلقة من الشعب الجزائري يلفظونه ويلفظونهم ولا يجدون نصيرا إلا في بعض وسائل الإعلام الفرنسية ، والعربية المصابة بمرض أحلام اليقظة و(أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين) .
ناقد .. لعبة مكشوفة… ليس هناك سوى المؤامرة والفبركة… نفس الرؤية والاهتمام ونفس الأسلوب والتعبير ونفس المنطق في الاتهام والافتراء وغيره
يخلق من الشبه أربعين
شكراً أخي جلبير الاسقر. اتفق معك ولا أومن بنطريات المؤامرة إن كان بعضها صحيحاً. بالنسبة للجزائر لا أعرف لماذا يراودني بعض الطن أن القايد الصالح رئيس الاركان الجزايري السابق لم تكن وفاته طبيعية وإنما مفتعله! والله أعلم