وثائقي على “الجزيرة” يثير جدلاً واسعاً بعد تسليط الضوء على الإلحاد والإرهاب

حجم الخط
0

لندن-“القدس العربي”: أثار فيلم وثائقي عرضته قناة “الجزيرة” الإخبارية جدلاً واسعاً بعد أن كشف عن ظاهرتي جنوح الشباب إلى الإلحاد أو الإرهاب والعنف، وذلك بعد سبع سنوات على ثورة 25 كانون الثاني/يناير في مصر، وبعد خمس سنوات على تدخل الجيش في مصر للإطاحة بحكم جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما تسبب بموجة إحباط واسعة في أوساط الشباب الذين كانوا يطمحون للتغيير قبل سنوات.

وأظهر الفيلم الذي يحمل اسم “في سبع سنين” ثمانية شباب شاركوا بالثورة وكيف كانت أحلامهم وطموحاتهم وكيف وصل الحال ببعضهم الآن، حيث أن أربعة منهم أصبحوا ملحدين وأربعة آخرين أصبحوا جهاديين، وكلا الطرفين أصبح متنكرا لأفكار جماعات الإسلام السياسي.

وتسبب الفيلم الذي يقع في ساعة كاملة بموجة من الجدل الواسع على الإنترنت وعبر شبكات التواصل الاجتماعي، بين من رأوا أنه يشكل خروجا عن المألوف من قناة “الجزيرة” التي لطالما ظلت ملتزمة فيما تعرض، وبين من رأوا فيه ترويجا للإلحاد والخروج عن تعاليم الدين الإسلامي وغيره من الأديان السماوية، فيما رآى آخرون أن هذا الفيلم يكشف عن مظاهر تسبب بها القمع في مصر ومن المهم أن تتم دراستها ومراجعتها. كما رآى البعض أن فشل الحركة الإسلامية في الحكم والثورة وانكفاءها هو أحد الأسباب أو ربما هو السبب في ذلك.

ومن بين الشباب الذين ظهروا في الفيلم شاب تحول من التدين إلى الإلحاد بعد ان كان أحد عناصر جماعة الإخوان المسلمين منذ طفولته، والشاب الذي كان يحمل اسماً حركياً في جماعة الإخوان هو (حسن البنا) يستعرض الصدمات التي تعرض لها والتي أدت به إلى ما هو عليه الآن، مشيراً إلى أن شقيقه الأكبر الذي كان في مقام والده قُتل برصاص الجيش المصري، كما قتل أحد مسؤوليه في الإخوان، وشاهد العديد من الجثث واحدة تلو الأخرى في “رابعة” وأحداث رمسيس.

أما أحد الشباب الذين جنحوا نحو العنف والإرهاب والعمل المسلح فكان ضحية لرجل أمن سادي كان يستمتع بتعذيبه وصعقه بالكهرباء رغم أنه – أي الشاب- لم يكن لديه ما يخفيه وكان مستعداً للادلاء بأي اعتراف يُطلب منه ولو كان كاذباً، لكن رغم ذلك فإن السجان كان يقوم بتعذيبه، حتى خرج إلى السجن يحمل فكرة واحدة، وهي أنه “لا حل إلا بحمل السلاح”.

جدل على الإنترنت

 

وتباينت الآراء حول الفيلم، حيث انتقده الناشط الإسلامي المعروف عبد الله الشريف واعتبر في تسجيل فيديو بثه على “يوتيوب” أن الفيلم “في سبع سنين” يُصور الملحدين بصورة وردية، ويُظهر أنهم تحرروا من القيود وخرجوا إلى العالم بحرية، بل يظهرهم وقد خرجوا من الظلام إلى النور، وهو ما رآى فيه ترويجاً للخروج عن الدين.

واعتبر الشريف أن قناة “الجزيرة” أخطأت بعرض هذا الفيلم الوثائقي، مشيراً إلى أنه يفتقد إلى التوازن، كما أنه يضع “الجهاديين في خانة الملحدين”، وذلك على الرغم من أن المسلحين أو الجهاديين وإن اختلفنا معهم فانهم مسلمون، بينما الملحد خرج عن الإسلام ولم يعد له علاقة به، وبالتالي فلا يمكن اعتبار الاثنين نتائج متطرفة لحالة “الإسلام المعتدل”.

ونشر الكاتب الفلسطيني ساري عرابي مقالاً عن الفيلم قال فيه “بالقدر الذي يمكننا أن نحمّل فيه الحركات الإسلامية قسطا من المسؤولية عن أساليبها التربوية أو أفكارها التي تساعد في فتح أبواب الفتنة، وبالقدر الذي يبوء فيه الظلمة بإثم فتنة المؤمنين، فإنّ في الفتنة جانبا ذاتيّا صرفا يتعلق بكل صاحب تجربة”، مشيراً في ذلك إلى أن من تم استعراض تجاربهم في الفيلم ليسوا سوى حالات فردية تأثروا بتجاربهم الشخصية ليس أكثر.

أما الكاتب المصري محمد توفيق فيقول في مقال نشره على موقع “إضاءات” على الإنترنت إن الفيلم “عالج أثر العدمية السياسية التي كبلت الفضاء الاجتماعي المصري بين سنوات الثورة إلى حقبة ما بعد رابعة والنهضة، إذ رأينا نموذجا لجهاديين غير جهاديين فكريا، أو جهاديين لم يجدوا متنفسا غير تنفيس ما بداخلهم إلا من خلال البندقية والرصاص، وشاهدنا ملحدين لا يعلمون لماذا اختاروا الإلحاد، غير أن العامل المشترك بينهم هو حالة القلق الوجودي والنفسي”.

وأضاف توفيق: “إن المدقق في إجابات الشباب، الملحد والجهادي، في هذا الفيلم يرى بين شفاههم قلقاً حقيقيا نابعا من العجز عن إجابة أسئلة فشل الكثيرون عن تقديم إجابات لها؛ خاصة سؤال وجود الشر وعدم صرفه عن الناس من خلال الإله، حسب ما يرى البعض”.

شبكات التواصل

 

وغرقت شبكات التواصل الاجتماعي في مصر والعالم العربي بالحديث عن الفيلم ومناقشة مضمونه، حيث كتبت الناشطة المصرية زينب القاضي على “تويتر” تقول: “بكيتُ لأجلهم ولأجلنا؛ لأجل من غابوا، لأجل من رحلوا، لأجل من قُتلوا، ولأجل من أُسرو، لأجل من ضحوا، ولأجل من فُتنوا، ولأجل الراغبين في الثبات الداعين الله ألا يُبدل ويُغير قلوبهم، ولأجل من بدلوا وغيروا، لأجل التائهين منا والسائلين منهم”.

وكتب صاحب حساب باسم “المُهَاجِر”: “ما مررنا به في سبع سنين لا يوصف في 60 دقيقة”.

القيادي السابق في الإخوان المسلمين محيي الدين عيسى، أكد أن “الفيلم، صرخة تحذير لما وصل إليه شباب وفتيات وأسباب التحول للإلحاد والتطرف”، معلنا تعاطفه مع النماذج الثمانية بالفيلم كونهم مجنيا عليهم.

وانتقد عيسى خطاب الإسلاميين بعد ثورة يناير مشبها إياه بخطاب جمال عبد الناصر إثر هزيمة 1967 ودغدغة المشاعر بشعارات دون مضمون وأفعال متناقضة، مضيفا أن الكارثة كانت أكبر بخطاب منصة اعتصام (رابعة).

وقال إن النتيجة هي تساؤل الشباب كيف تُهزم الفئة المؤمنة؟ وغيرها من علامات التشكيك بوجود إله عادل، مؤكدا أنه تلقفتهم مجموعات بمواقع الإنترنت بعقول جاهزة للتشكيك والإلحاد. وأشار إلى أن “النماذج الأربعة الأخرى بفعل الصدمة والتعذيب سافرت لحمل السلاح في سوريا، لكن سُرعان ما تبين لهم كذب وخديعة هذه التنظيمات؛ ولا يعرفون كيف التراجع عن هذا الطريق”. وختم بالقول: “تعاطفت معهم لحد البكاء على ما أصاب جيلا من صدمة جناه عليه قيادات فاشلة”.

وقلل الكاتب الصحافي قطب العربي من حجم الأزمة، مؤكدا أن “الفيلم قدم الجانب السلبي المسكوت عنه بتحولات الشباب بعد ثورة كانون الثاني/يناير وانقلاب 3 تموز/يوليو من إلحاد أو اتجاه للعنف”، موضحا أن “هذه النماذج تظل الاستثناء وغالبية الشباب ما زالوا بخير، ولدينا من نماذج الصمود الشبابية الآلاف”.

وأشار العربي، لرفض الشباب بالسجون توقيع استمارات توبة للإفراج عنهم، ونجاح الشباب المطارد والهارب بالدراسة بجامعات عالمية، وتعلم اللغات والعمل، مضيفا أن “معاناة الشباب لا ينكرها أحد ولكن الغالبية صامدة وتقاوم وتحافظ على مبادئها وتطور نفسها”.

وغرد سيف الدين الشنقيطي: “يظهر جليا بالوثائقي أن السبب الرئيسي لإلحاد هؤلاء، هي صدمات نفسية قوية، لم تجد قلوبا مؤمنة صابرة، تثبت أمام الفتن، ولا تقع بمستقع الكفر، مع أسباب أخرى منها الجهل، والتدين السطحي، والبيئة الطاردة، والتعلق بالشهوات”.

وكتب مغرد آخر: “فيلم سبع سنين فيلم سطحي جداً، محدش ولا من الجهاديين ولا الملحدين قالوا حاجه مقنعه كدافع حقيقي لتصرفهم، في الاخر الظاهره دي من فتره كبيره زادت أكتر بعد الثوره وأكتر بعد رابعة، والموضوع ليه جوانب كتير وأكتره اسقاطات شخصية ومشاكل نفسية على الجانب الديني”.

ويلفت مغرد آخر: “فيلم سبع سنين عن تحولات الاسلاميين الفكرية وصدمات بعد الثورة في مصر. ماحدث في مصر سيحدث في اليمن وسنشهد تحولات فكرية للمخدوعين بفكر الاخوان والسلفيين والإسلام السياسي بشكل عام”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية