وثائق جديدة تربط “هواوي” بشركتين مشبوهتين في إيران وسوريا

حجم الخط
0

لندن- هونغ كونغ: تتركز الاتهامات الأمريكية الموجهة للمديرة المالية لشركة “هواوي تكنولوجيز” الصينية والتي ألقت السلطات القبض عليها في كندا الشهر الماضي على صلات يشتبه أنها تربط الشركة بشركتين غير معروفتين.

تتخصص الشركة الأولى في بيع معدات الاتصالات وتعمل في طهران، والثانية هي الشركة المالكة لها وهي شركة قابضة مسجلة في موريشيوس.

وتقول السلطات الأمريكية إن المديرة المالية منغ وان تشو، احتالت على بنوك دولية وجعلتها تسوي معاملات مع إيران، زاعمة أن الشركتين مستقلتان عن هواوي رغم أن الشركة الصينية تسيطر عليهما في حقيقة الأمر.

وتصر هواوي أن الشركتين مستقلتان، وهما سكايكوم تك المحدودة، لبيع معدات الاتصالات وشركة كانيكولا القابضة المحدودة.

غير أن مستندات رسمية موجهة من الشركة لسلطات الأوراق المالية ومستندات أخرى من إيران وسوريا، تبين أن الصلات بين هواوي، أكبر شركة موردة لمعدات شبكات الاتصالات في العالم، والشركتين أوثق مما كان معروفا من قبل.

وتكشف الوثائق أن مسؤولا تنفيذيا كبيرا في هواوي قام بتعيين مدير شركة سكايكوم في إيران. وتوضح أن ثلاثة أفراد على الأقل بأسماء صينية كان لهم حق التوقيع فيما يتعلق بالحسابات المصرفية لشركتي هواوي وسكايكوم في إيران.

وتبيّن أيضا أن محاميا من الشرق الأوسط قال إن هواوي أدارت عمليات في سوريا من خلال شركة كانيكولا.

وربما تكون للصلات التي لم يسبق نشر شيء عنها بين هواوي وهاتين الشركتين أثرها في الاتهامات الأمريكية الموجهة لمنغ، ابنة مؤسس شركة هواوي، رين تشينغ في، وذلك من خلال تقويض مزاعم هواوي أن سكايكوم مجرد شريكة أعمال تعمل بشكل مستقل.

وتؤكد السلطات الأمريكية أن هواوي احتفظت بالسيطرة على سكايكوم واستخدمتها في بيع معدات اتصالات إلى إيران وتحويل الأموال من خلال النظام المصرفي العالمي.

وتقول السلطات إن البنوك قامت نتيجة لهذا الخداع بتسوية معاملات بمئات ملايين الدولارات غير مدركة أنها ربما تنطوي على مخالفة للعقوبات التي كانت واشنطن تفرضها في ذلك الوقت على التعاملات مع إيران.

ولم ترد منغ على طلب للتعليق وامتنعت هواوي عن الرد على استفسارات خاصة بهذا التقرير. ولم يتسن الاتصال بمقر شركة كانيكولا. وامتنعت متحدثة باسم وزارة العدل في واشنطن عن التعليق.

وأخلت السلطات سبيل منغ في 11 ديسمبر/ كانون الأول بكفالة قدرها عشرة ملايين دولار كندي (7.5 مليون دولار أمريكي) وهي لا تزال في فانكوفر بينما تحاول واشنطن تسلمها.

وفي حالة تسليمها للولايات المتحدة، ستوجه لها اتهامات بالتآمر للاحتيال على مؤسسات مالية متعددة. وتصل العقوبة القصوى عن كل تهمة إلى السجن 30 عاما. ولم تُعلن الاتهامات على وجه الدقة.

وفي الشهر الماضي قالت هواوي إنها لم تتلق معلومات تذكر عن الاتهامات الأمريكية: “ولا علم لها بأي خطأ ارتكبته السيدة منغ”.

ووصفت هواوي علاقتها بشركة سكايكوم بأنها “شراكة أعمال عادية”. وقالت إنها تلتزم التزاما كاملا بكل القوانين واللوائح وتشترط أن تلتزم بها سكايكوم أيضا.

وأثار القبض على منغ بناء على أمر أمريكي باحتجازها ضجة في الصين. إذ يأتي في وقت يشهد توترات متصاعدة على الصعيدين التجاري والعسكري بين واشنطن وبكين، وسط مخاوف من جانب المخابرات الأمريكية من أن معدات الاتصالات التي تنتجها هواوي تحتوي على “أبواب خلفية” للتجسس لحساب الصين.

ونفت الشركة مرارا هذه الاتهامات.

ومع ذلك فقد منعت أستراليا ونيوزيلندا في الآونة الأخيرة هواوي من بناء شبكات الهواتف المحمولة من الجيل الخامس في البلدين كما أبدت السلطات البريطانية مخاوف في هذا الصدد.

عرض لإيران

تسهب الدعوى الأمريكية بحق منغ في الاستشهاد بتقارير نشرتها وكالة رويترز في 2012 و2013 عن هواوي وسكايكوم ومنغ نفسها.

وورد في التقارير أن سكايكوم عرضت بيع معدات كمبيوتر محظورة من شركة “هيوليت باكارد” لا تقل قيمتها عن 1.3 مليون يورو إلى أكبر شركة لاتصالات الهواتف المحمولة في إيران في 2010.

وكان ما لا يقل عن 13 صفحة من العرض موسومة بعبارة “سري لهواوي” وتحمل شعار الشركة. وقالت هواوي إن الأمر انتهى إلى أنها لم تقدم هي أو سكايكوم المعدات الأمريكية.

كما أشارت إلى صلات عديدة تربط هواوي بسكايكوم من خلال معاملات مالية وأفراد من العاملين بالشركتين، من بينها أن منغ كانت عضوا في مجلس إدارة سكايكوم في الفترة من فبراير/ شباط 2008 إلى أبريل/ نيسان 2009.

وأظهرت وثائق قضائية قدمتها السلطات الكندية بناء على طلب من الولايات المتحدة في الجلسة التي نظرت فيها المحكمة طلب الإفراج عن منغ بكفالة في فانكوفر الشهر الماضي، أن عدة بنوك استفسرت من هواوي عن التقارير التي نشرتها رويترز.

وتبين الوثائق أن السلطات الأمريكية تدّعي أن منغ وموظفين آخرين في هواوي “كذبوا مرارا” في ردودهم على البنوك التي لم يُذكر اسم أي منها عن علاقة الشركة بسكايكوم ولم يكشفوا أن “سكايكوم تخضع بالكامل لسيطرة هواوي”.

وتدّعي السلطات الأمريكية أيضا أن منغ قالت في لقاء خاص مع مدير تنفيذي بأحد البنوك في أغسطس/ آب 2013 أو نحو ذلك، إن هواوي باعت أسهمها في سكايكوم، لكنها لم تكشف أن المشتري كان “شركة تسيطر عليها هواوي”.

وتقول الوثائق القضائية إن هواوي أبلغت ذلك البنك أن الشركة الصينية باعت أسهمها في سكايكوم في 2009، وهو العام التي تنحت فيه منغ عن عضوية مجلس إدارة سكايكوم.

ولم يُكشف عن هوية المشتري في الوثائق.

غير أن مستندات سكايكوم المقدمة للسلطات في هونغ كونغ حيث جرى تسجيل الشركة تبين أن ملكية أسهمها نُقلت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2007 إلى شركة كانيكولا.

وتوضح سجلات سكايكوم أن كانيكولا المسجلة في موريشيوس في 2006 ظلت تحتفظ بأسهم سكايكوم لنحو عشر سنوات.

وجاء في “ملخص الحقائق” الذي قدمته السلطات الأمريكية في جلسة المحكمة الكندية للنظر في الإفراج بكفالة عن منغ أن “الوثائق وسجلات البريد الإلكتروني تظهر أن أشخاصا وصفوا بأنهم أعضاء مجلس إدارة منتدبون في سكايكوم كانوا موظفين في هواوي”.

ولم يرد ذكر لاسم أي من هؤلاء الأفراد.

وتقول وثيقة من شركة سكايكوم قُدمت في إيران، ودخلت السجلات الإيرانية في ديسمبر/ كانون الأول 2011، إن “شي ياو هونغ” انتخب مديرا لفرع سكايكوم في إيران لمدة عامين. ويعمل في هواوي مدير تنفيذي اسمه شي ياو هونغ.

ويظهر من خلال بياناته على موقع “لينكد إن” الإلكتروني أنه كان يعمل في هواوي “رئيسا لمنطقة الشرق الأوسط” في يونيو/ حزيران 2012.

وقالت وكالة أنباء الإمارات في نوفمبر/ تشرين الثاني 2010، إنه المسؤول في هواوي عن تعاملات رئيسية مع شركة اتصالات التي تعد من شركات الاتصالات الكبرى في الشرق الأوسط وشريكا لهواوي.

وأغلق شي الرئيس الحالي لوحدة البرمجيات التابعة لهواوي الهاتف عندما سُئل عن علاقته بشركة سكايكوم.

وتتضمن وثائق عديدة قدمتها سكايكوم للسلطات في إيران أسماء من لهم حق التوقيع على حساباتها المصرفية في البلاد. وأغلب هذه الأسماء صينية. وكان ثلاثة أفراد على الأقل لهم حق التوقيع على الحسابات المصرفية لشركتي سكايكوم وهواوي.

(وورد اسم أحد الأفراد في السجلات الإيرانية بشكلين مختلفين اختلافا طفيفا غير أن رقم جواز السفر الخاص بالاسمين كان واحدا).

وتقول السلطات الأمريكية في الوثائق القضائية المقدمة في كندا، إن موظفين في هواوي كانوا يوقعون على الحسابات المصرفية لشركة سكايكوم في الفترة من 2007 إلى 2013.

وتبين سجلات في هونغ كونغ أنه جرت تصفية شركة سكايكوم اختياريا في يونيو/ حزيران 2017، وأن كانيكولا حصلت على 132 ألف دولار في إطار التسوية.

وامتنع المصفي تشان ليونغ لي، من شركة “بي.دي.أو” المحدودة في هونغ كونغ عن التعليق.

وامتنعت هيئة الخدمات المالية في موريشيوس التي لا تزال كانيكولا مسجلة فيها عن الكشف عن أي من سجلاتها، قائلة إنها سرية.

الحلقة السورية

حتى عامين مضيا كان لكانيكولا مكتب في سوريا التي تخضغ أيضا لعقوبات يفرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وفي مايو/ أيار 2014، نشر موقع الاقتصادي لأخبار المال والأعمال في الشرق الأوسط، مقالا موجزا عن حل شركة تابعة لهواوي في سوريا متخصصة في معدات آلات الصراف الآلي.

وكتب المحامي أسامة قرواني الذي وصف نفسه بأنه المصفي، رسالة طلب فيها تصحيحا موضحا أن المقال تسبب في “ضرر كبير” لشركة هواوي.

وقال في رسالته إن التقرير أشار إلى أن شركة هواوي للاتصالات نفسها قد تم حلها وليس شركة “هواوي لحلول الاتصالات المتكاملة المحدودة المسؤولية … المتخصصة بآلات الصراف الآلي”.

وقال المحامي: “نوضح لكم بأن شركة هواوي لم يتم حلها مطلقا”.

وأضاف أن “شركة هواوي كانت ولا زالت تمارس عملها في سوريا من خلال عدة شركات وهي هواوي تكنولوجيز المحدودة المسؤولية، وشركة كانيكولا هولدينغز ليمتد، المسجلة بسجل الفروع والمكاتب والوكالات الأجنبية لدى مديرية التجارة الخارجية في سوريا”.

وشركة هواوي تكنولوجيز واحدة من الشركات الرئيسية العاملة في هواوي.

ولم يرد قرواني على استفسارات بالبريد الإلكتروني عن شركة كانيكولا.

وقال شخص مطلع على التحقيق إن المحققين الأمريكيين على علم بصلة كانيكولا بسوريا. وقال آخر إن كانيكولا كان لها مكتب في دمشق وتعمل في سوريا لحساب هواوي.

وقال ذلك الشخص إن من بين زبائن كانيكولا في سوريا ثلاث شركات كبرى للاتصالات.

إحدى هذه الشركات هي “ام.تي.ان سوريا” التي تسيطر عليها مجموعة “ام.تي.ان” المحدودة في جنوب أفريقيا، ولها أنشطة في مجال الهاتف المحمول في كل من سوريا وإيران.

ولشركة “ام.تي.ان” مشروع مشترك في إيران باسم “ام.تي.ان إيرانسل” وهو أيضا من زبائن هواوي. وقال مصدر آخر مطلع إن “ام.تي.ان” قدمت لهواوي المشورة فيما يتعلق بهيكل العمل بمكتب سكايكوم في إيران.

وقال ذلك المصدر: “سكايكوم مجرد واجهة”.

وقال مسؤول لدى “ام.تي.ان” إنه لا يوجد أحد في الشركة للتعليق.

وفي ديسمبر/ كانون الأول 2017، نشر المدير العام لفرع شركة كانيكولا المحدودة المسؤولية إعلانا في صحيفة سورية لكن لم يذكر اسمه في الإعلان.

وجاء في الإعلان أن فرع كانيكولا: “توقف عن العمل في الجمهورية العربية السورية نهائيا” قبل ذلك بشهرين. ولم يُذكر تفسير لذلك.  (رويترز)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية