ساعات فقط ويستفيق العالم على نكبة فلسطينية ثالثة، بعد نكبة عام 1948 ونكبة الانقسام الفلسطيني عام 2007. النكبة الثالثة صناعة إسرائيلية متجددة، بتواطؤ وانبطاح عربي، وصمت دولي، واستباحة أمريكية انطلقت، مع نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس، مروراً بما سمي، خطة ترامب للسلام، وصولاً إلى حدث الساعات المقبلة، بضم ما يزيد عن ثلث الضفة الغربية.
أصواتٌ تعالت على مدار الأشهر الماضية، من كل أرجاء الأرض، لثني نتنياهو عن الضم، رسائل، عرائض، مواقف، قرارات، وحملاتٍ إلكترونية، كلها حاولت أن توقف إصرار إمبراطور تل أبيب، على سرقة المزيد من الأرض العربية الفلسطينية. لكن وعل الحكومة الإسرائيلية لا يكترث.. ولماذا يكترث؟ العالم اعتاد على إسرائيل الدولة فوق الدول، والاحتلال فوق الشرائع الدولية. أما العالم العربي فقد أبدى ثباتاً سياسياً متجدداً، حتى أصبح الانبطاح أمراً عادياً، إلا ما ندر ممن تبقت في عروقهم أصالة لم تندثر .فكل ضغوطات البشر لم تأت من أساطيل العروبة وزعمائها وجيوشها ومخازن سلاحها وخطبها الرنانة، وإنما جاءت من خلال ما تبقى من أصواتٍ حرة حول العالم، تجرأت على نتنياهو ولوبياته الصهيونية المتناثرة حول العالم، بكل سيوفها وخناجرها فقالت كلمة حقٍ وحقيقة.
نتنياهو الرافض لأن يستسلم لقضايا الفساد والرشى، وفضائحه المتواصلة، مصرٌ على أن لا يكرر تجربة سابقيه، بالخروج من المكتب إلى السجن، بل يريد أن يوسع منصات التاريخ، حتى يكون الحاكم الذي انطلق نحو استكمال الجهد التاريخي، لبسط سيادة إسرائيل من الفرات إلى النيل، تحقيقاً للشعار المدموغ على بوابة الكنيست، الذي سقطت في مقابله دول وتغيرت خرائط أخرى، بينما بقي الشعار ثابتاً. ولعل هذه الطاقة المتتابعة لملك تل أبيب قد شُحنت بمزيد من الإصرار، بعد أن تهاوت مؤخراً شعبية ترامب الحامي لمشروع نتنياهو، وهو ما قد يؤثر في هذا المشروع الاستعماري المتجدد، في حال خسارة ترامب للانتخابات الأمريكية المقبلة.
اليوم سقطت ورقة التوت عن العالم، أو على وشك السقوط، لكن الشعب العربي الفلسطيني، لن يسقط مع انكسارات الزمن
من «العرش إلى البرش» (مصطلح فلسطيني شائع يشير إلى الأسر في سجون الاحتلال) هو ما يخشاه نتنياهو لذلك فهو مصر على تنفيذ مشروعه من «القصر إلى النصر» حتى لو نفّذ مجزرة سياسية جغرافية إنسانية بحق شعبٍ أعزل، بقي وحيداً في معركة المواجهة. والمفارقة أن كوارث كورونا وتفشيها، وموت الناس وانتحار اقتصاديات العالم، وموجات الوباء كلها، لا قيمة لها أمام إصرار الرجل، الذي من الواضح أنه يستشهد بماضي سابقيه، الذين هددهم العالم بالفعل والفعيل، إن هم اغتصبوا فلسطين، فاستفاقوا في اليوم الذي أعقب المعركة ليجدوا أن شيئاً ما لم يحدث، وأن الهدوء كان سيد الموقف، بعد أن اشتروا صمت عواصم العروبة ومدافعها، فعادوا لنومهم هانئين، بينما حوّل دجالو السياسة العرب في عواصم العروبة الهزيمة إلى احتفالاتٍ واهيةٍ تدعي الانتصار، وأي انتصار!
اليوم سقطت ورقة التوت عن العالم، أو ربما تكون على وشك السقوط، لكن الشعب العربي الفلسطيني، لن يسقط مع انكسارات الزمن وإنما لا بد أن يعود، فالتاريخ مدرسة من العبر والشواهد تؤكد كل يوم المقولة الشهيرة: ما ضاع حقٌ وراءه مُطالب. وداعاً ورقة التوت التي كشفت عورة الراسبين في امتحان الولاء والوفاء، والقيم والكرامة، والانتماء والعروبة، والأصالة والشرف. وداعٌ مؤقت لن يطول بحول الله.. فالظلم لا يصنع أمناً ولا استقراراً، وإنما يزرع إصراراً وثباتاً نحو رفضه وصده ووأده طال الزمان أم قصر!
كاتب فلسطيني
كان الله في عون الفلسطينيين وفك كربتهم ونصرهم على أعدائهم إنه عزيز قدير وإن يقول للشيئ كن فيكون.
الشعب الفلسطيني لا يبخل بالغالي والنفيس بالمال والأرواح في سبيل قضيته،لكن بعد أوسلو المشؤومة أصبح أكثر عقلانية في التعاطي مع قياداته المفروضة عليه من الاحتلال والغرب الظالم، فللأسف تأكد للشعب متاجرة هذه القيادات بتضحياته بسبب جبروت القبضة الأمنية وخيانة المقاومة عبر التنسيق الأمني، لم تكن هذه القيادات صادقة يوما في التخلص من الاحتلال وبناء مشروع وطني يفضي إلى مجرد دويلة، لذا فقد هذا الشعب كل ثقة في هذه النخب واتكأ على عصاه الزمن علها تأتي بقيادة صادقة تخلف هؤلاء .
كلنا نعلم علم اليقين ان الاحتلال لن يرحل الا بالقوة، وعلينا ان نكون واقعيين ونعترف بان الاحتلال تغلغل في الوطن العربي ولم تعد القضية الفلسطينية القضية المركزية للعرب، فقد اغرقت بلادنا بالفكر الانبطاحي واضعنا طاقات الشباب والمجتمع لدرجة خطيرة تغيرت معها اولويات الشباب والنخب في مجتمعاتنا…..