لم يعد هناك شكّ في أن النظام الجزائري، أو ما تبقى منه، في ورطة. هي ورطة وضع نفسه فيها بسياساته الفاشلة، قبل وبعد الحراك الشعبي، وبعناده وإصراره على المضي في قرارات وتوجهات لا حظوظ لها في النجاح. ثم أكمل المجتمع، أسبوعا تلو الأسبوع، إحكام خناقه على بقايا النظام ليتركه بلا أوراق في وضع لا يحسد عليه.
هذه إحدى ثمار التجريف الخطير الذي مارسه الرئيس المخلوع وجماعته. عندما دقت ساعة الحقيقة لم يبق هناك إلا الجيش وقائده في مقابل مجتمع موحَّد كما لم يتوحد منذ الاستقلال، وبينهما غياب فادح لتقاليد التفاوض وفنون التنازل السياسي.
الجزائر أيضا في وضع لا تُحسد عليه، على الرغم من الآمال التي وُلدت في 22 شباط (فبراير) من رحم الظلم والإحباط.
تتجلى مظاهر الورطة سياسيا وواقعيا. سياسيا لأن النظام أمسى بلا حلول وبلا اقتراحات بعد أن سقطت في الماء خطته الوحيدة المتمثلة في الانتخابات الرئاسية يوم 4 تموز (يوليو). هذا ناهيك عن عجزه عن التعامل، لا بالإيجاب ولا بالسلب، مع ما يرد من المجتمع من أفكار واقتراحات، حتى لا يتحمل تبعات ذلك.
لأن النظام غير متعوّد على سقوط، أو إسقاط، خططه، اكتفى بخطة واحدة، كان يثق بأنها ستمرّ بسهولة، هي الانتخابات الرئاسية، من دون خطة بديلة.
إنقاذ قايد صالح يكفي لأنه الممسك بأغلب المفاتيح. لكن كي يتحرر، عليه أن يستمع لنبض الشارع ويثق فيه، ويؤمن بأن هذا الشارع، بعيوبه ومزاياه وتناقضاته، هو شريك ضروري له
وتتجلى الورطة واقعيا في كون رجال النظام ونسائه، عدا قائد أركان الجيش، لا يجرؤون على الخروج من مكاتبهم للقاء المجتمع ومواجهته بأفكار وبرامج، أو لإقناعه بالقليل الذي لديهم. لا يخرجون حتى ضمن مهامهم اليومية. حتى قائد الجيش يخاطب المجتمع من ثكنات محصّنة وبعيدة. عندما تضطر حكومة، أو غيرها من مكونات النظام الحاكم، للتواري عن الأنظار في ظروف عصيبة كهذه، فذلك دليل صريح على الفشل.
العلامة الأكبر والأخطر، على بقايا النظام، هي درجة الوعي الشعبي التي أصبح عليها الجزائريون بمختلف أطيافهم وتوجهاتهم. هذا الوعي، مضاف إليه التضامن الذي يبديه ـ ويتلقاه ـ الجزائريون كل أسبوع، يكفي لخلط أوراق النظام وبقاياه وإصابتهم بالشلل. ثلاثة شهور كانت كفيلة بـ«خلق» شعب آخر مختلف.. شعب أكثر ثقة في نفسه وأشد إيمانا بقضاياه وتمسكا بحقوقه. استمرار التظاهرات اليومية والأسبوعية، والتمسك بسلميتها والتصعيد المدروس في شعاراتها، علامات على أن ورطة هذا النظام مع شعبه مختلفة هذه المرة وليست سهلة. وعلامة على أن مهارة الترقيع والمناورة التي ربح بها النظام العقود الماضية لم تعد مجدية.
راهن النظام، قبل بداية الحراك، على جرعة المخدر التي تعوَّد إعطاءها للمجتمع. وراهن بعد بدء الحراك على الزمن وتسرب الملل إلى نفوس الناس، ثم على عامل الصوم، وقبل ذلك على الخلافات العقائدية واللغوية والمناطقية. لكن كل رهاناته فشلت أو تعطلت قبل أن تحقق مبتغاها. وهو فشل واضح لا غبار عليه، على الرغم من جهود بعض النخب من هذا المعسكر أو ذاك للطعن في كل ما لا يتماشى وحساباتها وأطماعها. وهي جهود الغرض منها التموقع في الخريطة الجديدة المرتقبة، أو تصفية حسابات متراكمة مع المعسكر المضاد، والانتقام منه. أقصد هنا معسكر «الوطنيين»، وهم خليط من الإسلاميين والقوميين، في مقابل «الفرنكوفونيين»، وهم أيضا خليط ممن لا يرون فائدة في الثقافة واللغة العربيتين، وممن يدّعون الانفتاح على الغرب وفرنسا بالخصوص. لأول مرة يجد «الفرنكوفونيون» أنفسهم في وضعية دفاع، و«الوطنيون» في حالة هجوم. في انقلاب 1992 وما أعقبه من طغيان وسفك للدماء، حدث العكس وتعرض «الوطنيون» لاضطهاد كبير على يد النظام الحاكم وأذرعه المتنوعة. آنذاك كان الشارع مسحوقا ومغيَّبا. اليوم يستمر الخلاف، ويبدو أكثر بروزا في الأوساط الإعلامية والسياسية، لكن في حضور الشارع الذي يسير وفق منطقه غير مكترث لهؤلاء وأولئك.
لحد الآن يبدو الشارع صامداً على أكثر من جبهة.. جبهة النظام وبقاياه، وأيضا جبهة المعسكرين المتناحرين عقائديا، كما ورد آنفا. ومن المفارقة أن صمود الشارع قد يحمل الخلاص للنظام من ورطته إذا استمع الأخير لنبض التظاهرات ومطالبها، وهي ليست تعجيزية، بالمناسبة، إلا لمن يرفضها فيبحث لرفضه إياها مسوغات.
الوجه الأبرز للنظام هو قائد أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح. ومثلما حرره الشارع من العهدة الخامسة ومن عائلة وزمرة بوتفليقة، يستطيع أن ينقذه اليوم من مأزق خطته وتمسكه بحرفية الدستور. إنقاذ قايد صالح يكفي لأنه الممسك بأغلب المفاتيح. لكن كي يتحرر، عليه أن يستمع لنبض الشارع ويثق فيه، ويؤمن بأن هذا الشارع، بعيوبه ومزاياه وتناقضاته، هو شريك ضروري له. الكرة في ملعب «القايد»، وطريقة قذفه لها ستحدد خط سير الجزائر نحو مصيرها.
كاتب صحافي جزائري
*لا أعرف لماذا لا يشكل (الحراك)
مجموعة من قادته ورموزه وفتح
نقاش مباشر مع قيادة (الجيش)؟؟
*ما فائدة إستمرار (المظاهرات)
وتعطيل اقتصاد البلد..؟؟؟
*هل الوقت في مصلحة الحراك؟؟
*أين عقلاء وحكماء الجزائر مما
يجري بالشارع ؟؟؟
*هل إسقاط الدولة ومؤسسة
الجيش يصب في مصلحة الجزائر ؟
أنا مع تولي الفريق أحمد قايد صالح الحكم مؤقتاً حتى تقام إنتخابات برلمانية (لتقوم حكومة من الأكثرية) لكي ينتج دستور جديد يستفتى عليه الشعب!! ولا حول ولا قوة الا بالله
أنت تريد تسليم الحكم للإمارات وفرنسا برئاسة رجل أمي متورط في الفساد والعشرية الدموية.
من يعول على القايد صالح للخروج من الازمة فهو واهم العسكر هو من يحكم الجزائر منذ الاستقلال ولن يسلم السلطة مهما وقع لانه يخاف يوم الحساب.
( في ملعب «القايد»، وطريقة قذفه لها ستحدد خط سير الجزائر نحو مصيرها.) ولماذا ينبغي لشعب يمتلك من الإمكانيات البشرية والكفاءات والثروات الطبيعية ما لا يملكه إلا قلة من شعوب الأرض أن يرهن مصيره برجل منذ ردح من الزمن وهو يشارك العصابة المرفوضة موائدها ويتمسح بها؟ مصيرالشعب الجزائري بيده وبيد نخبه الوطنية الشريفة وبيد شبابه التواق للحرية والعدالة وليس بيد القايد صالح ومن يريدون تسيير البلاد بجهار التحكم عن بعد.
بقي يوم غد لمعرفة الموقف النهائي للقايدصالح.
اذا اراد القايد صالح ان ينجوا من بطش مناوئيه الذين يعملون في الخفاء على الاطاحة فما عليه الا ان يستمد قوته من الشعب وبتطبيق الماده 7 و 8 وبهذا فقط قد يتقوى بالحراك ويستطيع ان ينتصر على معسكر الفرونكو علماني الدموي اتمنى ان لا يفوت علينا هذه الفرصة وخطاب اليوم ثلاثاء سيكون اهم خطاب على الاطلاق نسال الله ان يوفقه لقول كلمة حق تخدم الوطن والشعب
من يثق في الآخر؟ قايد صالح يقول على الحراك أن يثق في الجيش وقيادته، والأستاذ رباحي يقول على قائد الجيش أن يثق في الشارع(الحراك) ويؤمن به. فالثقة مطلوبة فيما بين الطرفين وهما الفاعلين الرئيسيين في جزائر اليوم. فأين اذا يكمن المشكل ومن يعطل لحد الآن تفعيل عملية الثقة المتبادلة؟ هل هناك جهات تعمل على الا تتم العملية وماقوتها وماحضوض نجاحها؟
مطالب الشارع واضحة وشرعية وممكنة التحقيق وف المقابل مواقف المؤسسة منالمطالب مقبولة في عمومها، فأين الخلل؟
الى أ. د. غضبان،
تحية طيبة. مبدأ المفاوضات انها صعبة ومضنية. لو كانت سهلة لحُلت. المطلوب، ردا على استفسارك، هو تعلم فن الاستماع وإتقان مهارة التنازل.
بدون هذين “السلاحين” أطمئنك أننا نتجه بخطى ثابتة نحو الحائط.
خالص مودتي
صدقت في تقديرك بأن الجنرال قايد صالح وحاشيته هم اليوم في ورطة لسببين أولهما أنهم يتذرعون باحترام الدستور وهم أول من يدوسون للحفاظ على امتيازاتهم والحل البديل في اجتهادهم يتمثل في فرض رموز النظام المنبوذ لتسيير المرحلة الإنتقالية فكيف يكون حلا للأزمة من كان وجوده سببا في ظهورها؟ العامل الثاني الذي يجعل قادة الجيش في ورطة هو عدم إدراكم للتحولات الإجتماعية التي طرأت في العقد الأخير وأن جيل وشباب 2019 ليس هو جيل 1999 . لكن بروز ملامح تنسيق مع عاصمة الثورة المضادة الإمارات العربية من شأنه أن يعقد الوضع بالتخطيط لمناورات محبوكة يتجاوز بها قادة الجيش المأزق ويخلطون الأوراق بزرع الفرقة في صفوف الحراك بين مكوناته الحداثية والمحافظة.
الجيش الوطني ليس في عجلة من أمره وسيقدم بدائل جديدة كلما فشلت الحلول المقترحة في حل الأزمة. خروج مظاهرات كل جمعة ليس لها تأثير بالغ على اقتصاد البلد لأنه يوم عطلة أسبوعية. في آخر المطاف سيقبل ممثلوا الحراك بحلول واقعية ترضي كل الأطراف وتستمر الحياة. أصحاب أحلام اليقظة سيستفيقون بعد حين على واقع ضرورة احترام الدستور ومؤسسات الدولة وعلى رأسها مؤسسة الجيش.
في أول تعليق له على الاحتجاجات الرافضة لترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة رئاسية خامسة، وصف نائب وزير الدفاع الوطني، الفريق أحمد قايد صالح، دعوات الخروج إلى الشارع بـ ” النداءات المشبوهة التي ظاهرها التغني بالديمقراطية”.
للأسف لم يبقى للجيش إقتراحات أخرى ليقدمها للحراك.