ورطة مشتركة

حجم الخط
0

يحتاج الحوار الاسرائيلي الامريكي الى كبير ذي مسؤولية. فقد تدهور في الايام الاخيرة الى اماكن غير مناسبة. إن جون كيري لا يدرك الحساسية في اسرائيل، وبنيامين نتنياهو لا يعي أن الامريكيين لن يمروا مرور الكرام على ملاحظاته في بداية جلسة الحكومة أمس. فيجب أن يضع شخص ما حدا لتبادل الكلام وأن يفرض على الطرفين استعمال حق الصمت.
حتى إن تصريحات موشيه يعلون ونفتالي بينيت، بيقين، غير نافعة. لأنه لماذا من المهم جدا لوزير الدفاع أن يقول لوزير الخارجية الامريكي إن ما يقوم به محكوم عليه بالفشل برغم أن من المحتمل كثيرا أن يكون تحليله صحيحا ومُحدثا؟ وبرغم أن قوله إن اسرائيل ستعرف كيف تتولى شأنها حتى من غير اتفاق، صحيح. إن طرفي الحوار يضران بأنفسهما من غير حاجة الى ذلك.
اذا كانت اسرائيل تنوي أن ترد على وثيقة كيري المتوقعة بترك المحادثات فلتتفضل. إن مواطنين مثلي سيرون ذلك خطأ شديدا لكن ليكن، لكنها اذا كانت تنوي الاستمرار في التفاوض برغم المواد الاشكالية التي تشتمل عليها الوثيقة الامريكية (في مقابل عدد من المواد النافعة) فلماذا الجدل في مضمونها مسبقا؟.
لا يخسر صائب عريقات وياسر عبد ربه شيئا حينما يعرضان الوثيقة الامريكية بأنها صدى لمطالب اسرائيل ورغبتها. لكن اسرائيل تخسر كثيرا في كل مرة تساعد فيها كيري على أن يخطيء ويُدفع الى مواقف مناوئة لها.
لا يمكن أن يرى كيري في الوعي الاسرائيلي لاعبا شريفا اذا كان يصف المقاطعة التي ستفرض عليها بالوان سوداء ولا يعبر عن معارضته؛ واذا كان يحذرها تعريضا من انتفاضة (وهم الأمن، كما قال) دون أن يبين أن تهديدات جبريل الرجوب ورفاقه بالعودة الى حمل السلاح مرفوضة ومحظورة وتضر باحتمالات السلام. وليس ذلك فقط لأنه حتى لو كان كيري في الغرف المغلقة يهمس في مسامع أبو مازن فان ذلك اخلال بكل توازن. فالرأي العام في الغرب الديمقراطي يسمع ما يقوله كيري في السماعات ومكبرات الصوت ولا يسمع همس حديثه في رام الله (اذا وجد أصلا).
إن تحليل نتنياهو في هذه النقطة دقيق لأن هذا الكلام يُقسي قلب فرعون الذي في المقاطعة. وهو يرى الامريكيين يغرقون أكثر فأكثر في الجدل مع اسرائيل ولا شيء أفضل من ذلك للفلسطينيين الذين لا يريدون السلام أصلا. يجب أن توضع هذه الخطة أمام الفلسطينيين كما هي: فلا تسوية دون اعتراف بأن اسرائيل دولة يهودية كما جاء في قرار الجمعية العمومية للامم المتحدة في سنة 1947؛ ولا حل دون أن تؤخذ في الحسبان حاجات اسرائيل الامنية حتى لو كان بعض النشطاء الفلسطينيين يذرون الرمل في العيون وكأن دولة اليهود مصابة بوسواس المطاردة.
يريد الجميع الخروج من الورطة بسلام. ويطمح كيري جدا الى النجاح. فيجب عليه في سلوكه أن يحافظ على التوازن المناسب. وبرغم أن اسرائيل شديدة الصراخ بقدر ما من عدم المسؤولية اللغوية، فانه قد يتبين له أن العائق أمام السلام موجود على مبعدة بضعة كليومترات شمالي القدس، لا في العاصمة اليهودية.

اسرائيل اليوم 3/2/2014

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية