الناصرة ـ «القدس العربي»: بعد هجمات جوية في سوريا اعتبرت الأعنف في الشهور الأخيرة، أعلنت إسرائيل مسؤوليتها عنها خلافاً لسياسة الصمت والضبابية التي التزمتها حيال هجماتها التي بلغت بالمجمل 1000هجمة، وشارك وزراء إسرائيليون في توجيه رسائل تهديد لإيران وللأسد.
وقال وزير شؤون التعاون الإقليمي تساحي هنغبي إن «على إسرائيل مواصلة سياستها المتبعة منذ سنوات والناجحة جداً فهي تصد التمركز الإيراني في سوريا مرة تلو الأخرى وتقوم بتشويش المخططات الإيرانية ببناء قواعد عسكرية وتعبئتها بعشرات آلاف المرتزقة الشيعة».
وتابع الوزير «بحوزة إيران صواريخ وقذائف ويمكنها أن تطلق المزيد منها مستقبلاً وتضعنا أمام تحديات لكننا نقوم بتدمير منشآتها تباعاً». وحول احتمال نشوب حرب، استبعد هنغبي هذا الخيار وقال إن الإيرانيين يتقنون التفاخر والتهديدات اللفظية لكن ميزان القوى لا يسمح لهم بالتورط معنا وجنودهم يرجعون بتوابيت ويبذرون ميزانيات كبيرة سدى».
وحول الضبابية قال هنغبي إنه لا يعرف إذا كانت هناك دلالة حقيقية للسياسة الضبابية، ولذلك لم يكن صدفة أن القائد الأسبق لجيشنا قد قال في حديث لصحيفة «نيويورك تايمز» إن إسرائيل نفذت 1000 هجمة في سوريا. ونفى هنغبي وجود اعتبارات سياسية وانتخابية وشخصية خلف إعلان إسرائيل عن هجماتها في سوريا، معتبراً أن هناك حاجة للمزيد من الهجمات حتى في فترة الانتخابات.
رسالة تهديد
وأرسل عضو المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر وزير الطاقة يوفال شطاينتس رسالة تهديد مباشرة للرئيس بشار الأسد بقوله إنه ونظام حكمه في خطر في حال واصل السماح لإيران بمهاجمة إسرائيل من الأراضي السورية. وتابع «لن يكون هناك وضع أن تنشط إيران ضدنا من سوريا ويقيم الأسد بهدوء داخل قصره ونحن نأخذ تهديدات إيران بجدية».
وتبعه وزير المخابرات والمواصلات يسرائيل كاتس، وهو الآخر عضو المجلس الوزاري المصغر فقال إن من يطلق النار نحو «جبل الشيخ الإسرائيلي» سيدفع الثمن. ورداً على سؤال إذاعة جيش الاحتلال حول مبادرة إسرائيل لتبديد الضبابية عن الهجمات في سوريا وإعلان مسؤوليتها عنها قال كاتس «سياسة الضبابية مستمرة وعندما نستطيع أن نرفع مستوى التحذير دون خوف من رد فعل فإننا نعلن عن هجماتنا». ورداً على تهديدات قاسم سليماني بتدمير إسرائيل تابع كاتس «النظام في سوريا الذي يتيح لإيران العمل منها يسدد وسيسدد الثمن ولن نسمح لأحد المساس بجبل الشيخ الإسرائيلي».
من جهته حذر عضو الكنيست الجنرال في جيش الاحتياط أيال بن رؤوفين من احتمال التصعيد مقابل سوريا وإيران رغم وجود عوامل تكرس الاستقرار في المنطقة. وتابع في حديث للإذاعة العامة «روسيا هي صاحبة البيت في سوريا وهي غير معنية بمعركة واسعة في المنطقة». لافتاً إلى أن إسرائيل تنتظر رداً روسياً، وأن إطلاق صاروخ إيراني نحو جبل الشيخ كان مخططاً له بنية المساس بإسرائيليين. وأضاف «ولذلك كان ردنا في الليلة قبل الأخيرة قويا ويحمل رسالة تحذير من رد أقسى».
من جهته عبر عضو الكنيست من المعارضة عمير بيرتس عن تأييده لضرب الأهداف الإيرانية في سوريا، معرباً عن أسفه أن القوات الغربية تنسحب من المنطقة مما يتيح لإيران وروسيا زيادة تدخلهما وإشغال الفراغ.
وحول المستقبل اعتبر بيرتس أن إيران هي العدو الأول الذي يمول ويدعم الأعداء. وردا على سؤال قال إن مجرد وجود روسيا كلاعب مركزي هو دلالة فشل سياسي لإسرائيل أيضا. وتابع «لا اعتقد أن إسرائيل تفعل ما يكفي دبلوماسيا في موضوع إيران وسوريا وتترك الساحة للجيش. لا اعتقد أن أحداً يقدم على استخدام الجيش خدمة لاعتبارات انتخابية ومن غير المعقول الدفع نحو حرب يقتل فيها جنود من أجل كسب نقاط نتنياهو على يد نتنياهو».
تحالف قوي
ويشير قائد الاستخبارات العسكرية سابقاً الجنرال بالاحتياط أهارون زئيف فركاش إلى أن هناك تحالفاً قوياً بين إيران وسوريا وحزب الله ومثابرة إيرانية في مساعيها لتعزيز قواتها في سوريا.
وردا على سؤال القناة الإسرائيلية الثانية قال فركاش إن إيران بعيدة عنا ولدينا سلاح جو متطور واستبعد نشوب حرب. وتابع «ننجح في تقليص النفوذ الإيراني ولم ننجح باقتلاعه. لافتا إلى أن إيران تتحرك لبناء الهلال الشيعي من إيران إلى بيروت، وهي لن تتراجع عن هدفها بسهولة». وأشار فركاش الى تبديد الضبابية وإعلان إسرائيل مسؤوليتها عن الهجمات على أهداف في سوريا. وتابع «يمكننا إحراز أهداف كبيرة من الجو خلسة والمحافظة على الضبابية. لا شك أن إيران تحاول ملء الفراغ الناجم عن انسحاب الولايات المتحدة من الشرق الأوسط واعتمادها سياسة «القيادة من الخلف». علينا التصرف بحكمة وسرية في ظل الوضع المذكور الذي يعني أن إسرائيل وحيدة في مواجهة إيران بمشروعها النووي وفي تعزيز نفوذها في سوريا « . ورداً على سؤال حول علاقة الاعتراف الإسرائيلي وتسخين الجبهة بالانتخابات للكنيست وبالتحقيقات مع نتنياهو: «أؤمن بنزاهة قادة الجيش وهم سيعربون عن آرائهم ويشاركون بالتفكير وأرجو ألا يكون خلط كهذا بين الأمني وبين السياسي «.
في المقابل وجه وزير الأمن الأسبق موشيه يعلون انتقادات قاسية لنتنياهو، معتبراً أن تبديد الضبابية حول هجمات إسرائيل في سوريا وإعلان مسؤوليتها نابع من محاولة تحقيق أرباح سياسية عشية الانتخابات العامة القريبة. وتابع يعلون في حديث لموقع «والا» متسائلا «ما الفائدة من إعلان المسؤولية عن الهجمات عدا الربح السياسي؟ كل شيء مرتبط بيوم الانتخابات في التاسع من أبريل/ نيسان المقبل. إذا تم استعباد الشؤون الأمنية لصالح السياسة فإلى أين وصلنا؟.
من جهة أخرى يعتبر الجنرال في الاحتياط يعقوب ناغال أن الجيش الإسرائيلي بدد الضبابية وإعلان هجماته في سوريا كوسيلة لإرسال رسالة لإيران مفادها «كفى ولن نسمح ببقاء قوات إيرانية في سوريا» لا كهدف بحد ذاته. أما الناطق بلسان جيش الاحتلال فقال إن الهجمة الأخيرة في سوريا جاءت رداً على إطلاق صاروخ إيراني من منطقة دمشق نحو جبل الشيخ».
ويشير المعلق للشؤون العسكرية في موقع «واينت» رون بن يشاي الى إن الإيرانيين أيضا انتقلوا لحرب علنية، فيما تلمح إسرائيل لروسيا بضرورة احترام كلمتها والتفاهمات معها حول النفوذ الإيراني في سوريا. وأوضح أن روسيا تلمح لإسرائيل أن هامش مناورتها الجوية محدود فيما يحاول الأسد الإثبات أنه بدأ يقف على قدميه وليس مستعداً لامتصاص المزيد من الضربات. وتابع «بعد يوم عنيف تبادلت فيه كل الأطراف التلميحات فإن إسرائيل ستحاول العودة لسياسة «الضبابية». ونوه بن يشاي أن «روسيا اكتفت بتعقيب مقتضب بدون اتخاذ أي موقف من التصعيد الحاصل».