القاهرة – رويترز: تعهد وزراء المجموعة الاقتصادية بالحكومة المصرية الجديدة التي يدعمها الجيش بتخفيف نقص المواد الأساسية وتسهيل أنشطة المصانع، لكنهم أشاروا في نفس الوقت إلى أن أي إصلاحات كبيرة للوضع المالي المتدهور ستجري بحذر.
ولم يصدر مجلس الوزراء الذي تشكل هذا الأسبوع بيانا تفصيليا بعد عن خططه الاقتصادية، لكن تصريحات الوزراء تنبئ بأنهم سيركزون أولا على احتواء الغضب الشعبي وتذليل العقبات التي تواجه الإنتاج الصناعي.
وستكون إصلاحات هيكلية رئيسية للسياسة الاقتصادية، مثل تعديل نظام دعم الوقود والغذاء غير الفعال وباهظ التكلفة، محل نقاش. لكن من المستبعد اتخاذ إجراءات سريعا.
ونقلت صحيفة (الأهرام) امس الخميس عن لواء الشرطة محمد أبو شادي الذي عين وزيرا للتموين قوله إنه سيعطي الأولوية لتوفير سلع أساسية مثل القمح في الحدود الآمنة.
كان نقص العملة الصعبة في ظل حكومة الرئيس محمد مرسي الذي عزله الجيش هذا الشهر قد قلص واردات مصر من القمح لتتراجع مخزونات البلاد من الحبوب.
وقال أبو شادي إنه يريد إجراء حوار مجتمعي بشأن دعم الخبز في مصر على أن يضم المنتجين والموزعين والمستهلكين. لكنه لم يحدد موعدا لاتمام مثل هذا الحوار ولا موعد اتخاذ قرارات بشأن أي إصلاحات.
ونسبت إليه وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية قوله إن أي إجراء يؤثر على المواطنين لن يتخذ قبل إجراء استطلاع رأي عام لمعرفة احتياجات الناس ومطالبهم.
ويرجع الحذر الذي تتعامل به الحكومة المؤقتة مع ملفات السياسة الاقتصادية إلى الضغوط السياسية التي ستواجهها خلال عملية تحول تشوبها التوترات إلى الحكم المدني.
والوضع المالي لمصر صعب بعد عام أمضاه مرسي في الرئاسة. فإيرادات الحكومة في الأشهر الأخيرة لا تكاد تغطي نصف إجمالي الإنفاق مما اضطرها إلى اللجوء إلى الاقتراض والمساعدات لتمويل الفرق.
لكن من بين المهام الرئيسية للحكومة المؤقتة قيادة البلاد صوب انتخابات برلمانية من المتوقع إجراؤها في غضون ستة أشهر. وقد تتأخر العملية الانتقالية جراء أي إصلاحات جذرية لنظام الميزانية تضر بمستويات المعيشة وتؤدي إلى تجدد المظاهرات.
ومن المرجح أن مساعدات اقتصادية قيمتها 12 مليار دولار تعهدت بها السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت هذا الشهر ستخفف الضغوط الفورية على الميزانية وهو ما سيسمح للحكومة بمواصلة الإنفاق في الأشهر المقبلة.
لذا بدلا من المضي في قرارات جريئة لتغيير السياسة الاقتصادية في المدى القريب يبدو من المرجح أن تركز الحكومة الجديدة على محاولة حل بعض الاختناقات وأزمات الإمداد والتموين وأوجه عدم الكفاءة التي أضرت بالاقتصاد إبان رئاسة مرسي مثل نقص الوقود الذي أثار غضبا شعبيا.
وفي وقت سابق هذا الأسبوع أبلغ شريف إسماعيل وزير البترول الجديد صحيفة (الأهرام) أنه سيركز على تلبية الطلب المحلي على المنتجات البترولية عن طريق زيادة إنتاج الغاز الطبيعي واستئاف واردات الديزل والمازوت.
وقال منير فخري عبد النور وزير التجارة والصناعة المؤقت إنه سيعطي الأولوية لاستئناف المشاريع الصناعية المتوقفة وتوفير الكهرباء للصناعة وتعزيز الأمن في المناطق الصناعية.
وفيما يبدو أنه مسعى لحشد تأييد الطبقة العاملة للحكومة قال كمال أبو عيطة وزير القوى العاملة وهو قيادي عمالي سابق إنه يعتزم تقوية الحماية القانونية للاتحادات وتحسين سياسة الحد الأدنى للأجور. لكنه لم يذكر تفاصيل.
وحتى الآن لم تذكر الحكومة بشكل واضح إن كانت ستستأنف المحادثات مع صندوق النقد الدولي بخصوص قرض قيمته 4.8 مليار دولار سيكون مشروطا بإصلاحات اقتصادية قد ترى الحكومة أنها تنطوي على مخاطر سياسية.
كان وزير التخطيط أشرف العربي قال هذا الأسبوع إن الوقت غير مناسب لاستئناف المفاوضات مع صندوق النقد نظرا لأن المساعدات الخليجية ستكفي مصر على مدى المرحلة الانتقالية.
وقال وزير المالية الجديد أحمد جلال في بيان صدر في ساعة متأخرة يوم الأربعاء إن قرض صندوق النقد ‘جزء من الحل’ لكنه لم يذكر إن كانت الحكومة المؤقتة ستسعى لتوقيع اتفاق مع الصندوق أم ستترك ذلك للحكومة التي ستتشكل في أعقاب الانتخابات.
ومن المحتمل أن تعمد الحكومة المؤقتة المكتظة بالخبراء الاقتصاديين إلى إجراء محادثات مع الصندوق وتنفيذ إصلاحات محدودة تمهيدا لتغييرات أكبر.
وقد تحال القرارات النهائية وتطبيقها وتوقيع أي اتفاق مع صندوق النقد إلى الحكومة التالية التي ستحمل تفويضا ديمقراطيا.
وقال جلال في البيان ‘نحتاج لوقت لقراءة ودراسة القضايا والملفات علي أرض الواقع للخروج بقرارات سليمة ومدروسة تمهد الطريق وتبني المستقبل للحكومات المقبلة.’
وقال إنه من المهم ترشيد الإنفاق العام واحتواء عجز الميزانية. لكنه أضاف أن مصر بحاجة لتجنب السياسات الانكماشية لأنها قد تضر بسوق العمل – في إشارة إلى تحاشي التخفيضات السريعة والحادة للإنفاق العام.
وقال مسؤول بالجيش تحدث مشترطا عدم نشر اسمه لأنه غير مخول بالحديث في المسائل الاقتصادية إن الجيش يعي أهمية إصلاح الاقتصاد ولذا سيعطي الحكومة مجالا واسعا للحركة في هذا الصدد.
وقال ‘سنترك وضع السياسات للحكومة المؤقتة وسينالون دعمنا في أي شيء يتفقون عليه بما في ذلك إذا أرادوا المضي قدما في اتفاق الصندوق.’