الناصرة- “القدس العربي”:
بخلاف التيار الصهيوني المركزي حذر وزير خارجية إسرائيل الأسبق يوسي بيلين من أن استمرار توقيع اتفاقات مع دول عربية فحسب دون تسوية مشكلتها الأهم القضية الفلسطينية سيجعلها دولة نظام عنصري تحكم فيها أقلية يهودية أغلبية عربية فلسطينية.
بيلين وهو أحد مهندسي اتفاق أوسلو قال في مقال نشرته صحيفة “يسرائيل هيوم” إنه يدعو لأن تكون السنة العبرية القادمة سنة خير على الإسرائيليين فيتخلصون من وباء كورونا وأن تصلح أحوالهم وأن يضمنوا لأنفسهم مستقبلا لا تحكم فيه الأقلية اليهودية الأغلبية العربية وأن توسع دائرة إقامة العلاقات وخلق التطبيع مع الدول العربية التي تفهم قيمة العلاقات العلنية مع تل أبيب.
وتابع: “علينا أن نفهم بأن هذه العلاقات مهما كانت واسعة وعميقة، ليست بديلا عن حل المشكلة الأصعب لإسرائيل: خطر التحول إلى دولة تحكم فيها أقلية يهودية أغلبية عربية بشكل مباشر أو غير مباشر”. وفي المقابل يزعم بيلين أن على الفلسطينيين الفهم بأن حلفاءهم الحقيقيين ليسوا مقاطعي إسرائيل في العالم وليسوا من يطلقون الشعارات البائسة المؤيدة لأهداف غير واقعية. ويضيف: “بل نحن، الإسرائيليين، الذين نعيش إلى جانبهم. فهم يأتون بدوافعهم ونحن نأتي بدوافعنا إلى الحل ذاته الذي يسمح بالعيش على قطعة البلاد الصغيرة هذه دون أن يسفك أحد عبثا دم الآخر”.
يتمنى بيلين ألا يركل “المدعون بالقيادة” المؤسسات الدولية التي أقيمت في العالم بعد الحرب العالمية وألا يسحبوا أيديهم منها
ويعود بيلين لمخاطبة الإسرائيليين متمنيا أن “يفهموا بأن الحدود بينهم وبين الفلسطينيين هي مصلحة مشتركة وحيوية للطرفين وأن يشكل من يدعون القيادة قدوة للجيش الشاب فلا يربون من ينظرون إليهم على أن المؤسسات الواعدة للوجود السليم للديمقراطية عفنة ومصابة بالسياسة وأن حتى حماة الحمى الذين عينوهم هم أنفسهم ليسوا جديرين بالثقة. ألا يربوا على أنه لا توجد ضرورة لاحترام قرار المحكمة وأن الانتصار في صندوق الاقتراع لا يحترم إلا إذا انتصروا هم، وأنه لا توجد أي مشكلة في إعادة طلب المفاوضات على اتفاقات مكتوبة وموقعة”.
كما يتمنى ألا يركل “المدعون بالقيادة” المؤسسات الدولية التي أقيمت في العالم بعد الحرب العالمية وألا يسحبوا أيديهم منها دون أن تكون لديهم فكرة من سيحل محل هذه المؤسسات، مهما كانت معقدة وإشكالية، متمنيا أيضا أن “نكون على قناعة بأن من انتخب للقيادة، يركز فقط وحصريا على الجهود بأن يضمن لنا التحسن في وضعنا الأمني، الاقتصادي والديمقراطي، وأنه لا يوجد في منصبه فقط كي ينقذ نفسه من الضائقة حتى لو جاء نجاحه على حسابنا”.
نص عام ضبابي
وتتنبه بهذا السياق محررة الشؤون السياسية في صحيفة “هآرتس” نوعا لانداو أن الاتفاقية التي وقعت في واشنطن تدعو إلى “التعايش” ولكن ليس فيها اعتراف بإسرائيل كدولة يهودية كما كانت تطالب الفلسطينيين كشرط لاستئناف المفاوضات السياسية. كما تتنبه في المقابل لعدم وجود أي ذكر لحل الدولتين في اتفاقي التطبيع بين الاحتلال وبين الإمارات والبحرين.
وتنوه أن هذه كانت مهمة غير سهلة تقف أمام من قاموا بصياغة الاتفاقات بين إسرائيل والإمارات والبحرين: “في الماراثون الذي كان يسابق الزمن والذي استمر أقل من أسبوع كان يجب عليهم أن يصيغوا بالتنسيق مع الأمريكيين ثلاث وثائق مختلفة هي (“اتفاقات إبراهيم”، اتفاق سلام مع الإمارات وإعلان سلام مع البحرين)، حيث لا يتم قول أي شيء فيها”.
وتقول إن صياغة اتفاقات سلام هي مهمة معقدة جدا عندما يكون بين طرفين، ناهيك عن أن يكون بين أربعة أطراف، لذلك فإن الهدف الأسمى في صياغة هذه الوثائق في فترة قصيرة جدا هو الابتعاد عن أي مقولة تثير نقاشات وتحفظات لدى أي طرف من الأطراف. وتوضح أن هدفا آخر كان من وراء كواليس هذه الاتفاقات وهو أنها ستشكل نوعا من الإطار الثابت حتى بالنسبة للدول الأخرى، في حال انضمت إلى مبادرة التطبيع مع إسرائيل، وفي ظل غياب تفصيل كبير سيكون بالإمكان نسخ هذه الصياغة لاحقا مثلما هي وهكذا.
وتضيف: “النتيجة التي تم الحصول عليها في نهاية المطاف هي كومة إعلانات داعمة للسلام العالمي بالأسلوب المتبع بشكل عام في مسابقة ملكة الجمال “ميس يونفيرس”، التي أشرف عليها في السابق نفس الشخص الذي يقود الآن مبادرة السلام، رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب.
لهجة ساخرة
وتشّدد لانداو أن “هذه الاتفاقات لا يوجد لها أي إلزام كاتفاق سلام بين الدول، بل الحديث يدور عن نوع من إعلان نوايا عام ورمزي لوصف الحدث في واشنطن على شاكلة: نحن الموقعين أدناه، ندرك أهمية الحفاظ على السلام وتعزيزه في الشرق الأوسط وفي أرجاء العالم، استنادا إلى فهم متبادل وتعايش واحترام الإنسان وحريته، بما في ذلك الحق الديني”.
وبرأيها هكذا استغل البيان العام الذي حتى ملكات الجمال تعلمن في السابق كيف يضعن فيه مضمونا أكثر عند فوزهن، وبعد ذلك تتعهد فيه الأطراف بالدفع قدما بالحوار بين الأديان والتعاون والتسامح. وتتابع لانداو بلهجة ساخرة: “هم يبدون دعما للعلوم والفنون والطب والتجارة التي ستثير الإلهام في الإنسانية وستقّرب بين الشعوب. القول الوحيد الذي له أهمية فعلية هو ذكر التعهد بإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. حتى إعلان السلام الذي وقع مع البحرين هو إعلان ضعيف في مضمونه بشكل متعمد، بعد أن تبين في اللحظة الأخيرة أنهم سينضمون للحدث في البيت الأبيض. كلمة سلام ذكرت هناك تسع مرات (كلمة ترامب أربع مرات)”.
وتتنبه محررة الشؤون السياسية الإسرائيلية في “هآرتس” أنه باستثناء الكثير من الكلام عن مستقبل أفضل وعن الازدهار والأمن الإقليمي وحرية الأديان، فإن الكلمات الجوهرية جدا هناك هي الالتزام بعلاقات دبلوماسية كاملة وتعاون مدني سيتم تفصيله لاحقا. هذا إلى جانب اعتراف ضبابي بـ”حقوق كل دولة في السيادة”، أيضا ذكر ضبابي للفلسطينيين، عن طريق دعم “استمرار الجهود من أجل التوصل إلى حل عادل وشامل وقابل للحياة للنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني”.
كانت صياغة لينة أكثر من الحلوى في وجبة الغداء للزعماء بعد مراسيم الاحتفال– هذا لم يكن بالخطأ
وتقول إنها “كانت صياغة لينة أكثر من الحلوى في وجبة الغداء للزعماء بعد مراسيم الاحتفال – هذا لم يكن بالخطأ”. وتضيف في قراءتها لنصي الاتفاقين: “الاتفاق مع الإمارات، وهو اتفاق حقيقي وكان هناك وقت أكبر للإعداد له، هو اتفاق فيه مضمون أكثر ولكن ليس بدرجة كبيرة. بعد التأييد العام للسلام والاستقرار والأمن في الشرق الأوسط يظهر اعتراف بأن اليهود والعرب هم أحفاد إبراهيم وتعهد آخر بالتعايش بين الأديان. بعد ذلك ذكر أيضا في الاتفاق الالتزام بـ”استمرار الجهود لتحقيق حل عادل وشامل وواقعي وقابل للحياة للنزاع بين إسرائيل والفلسطينيين” (كلمة واقعي لا تظهر في وثيقة البحرين). إضافة إلى ذلك ذكر التزام على أساس اتفاق السلام مع مصر والأردن للدفع قدما بمفاوضات لحل النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني، الذي يأخذ في الحسبان “الاحتياجات والتطلعات المشروعة للشعبين”.
وتخلص لانداو للقول: “ماذا كان لدينا حتى الآن في وثائق السلام؟ إقامة علاقات دبلوماسية، بما في ذلك تبادل السفراء والتعاون المدني، إلى جانب الكثير من التطرق إلى النزاع الديني بين الشعوب واعتراف متبادل بسيادة الدول. ولكن ما الذي لا يوجد؟ اعتراف صريح بإسرائيل كدولة يهودية من جهة، وذكر مفصل لحل الدولتين من جهة أخرى”.
تحيا الأوراق ويرحل الزعماء
ويتوافق معها لحد بعيد كبير المعلقين في صحيفة “يديعوت أحرونوت” نحوم برنيع في التقليل من قيمة اتفاق التطبيع مع الإمارات والبحرين على الأقل مقارنة باتفاقي كامب ديفد ووادي عربة. يقول برنيع في تعليقه إن “الأوراق تعيش في الشرق الأوسط أكثر مما يعيش البشر، فقد قتل السادات وبيغن لم يعد بحالة طبيعية، ولكن الاتفاق الذي وقعاه في كامب ديفيد نجا من حربين في لبنان ومن ثورتين في مصر ونار في غزة، ولا يزال باقيا. الملك حسين توفي قبل أوانه، ورابين قتل، والملك عبد الله غير مستعد لأن يلتقي برئيس وزراء إسرائيل، ولكن الاتفاق الذي وقع عليه أبوه ساري المفعول وينفذ بعناية على ضفتي النهر”.
ويقول أيضا إنه “حتى اتفاق أوسلو البائس، الذي يحتقر في الطرفين، يواصل الصمود، إن لم يكن كخطة عمل، فككرة تركل، كذريعة يتعلقون بها. عندما شاهدت احتفال التوقيع في البيت الأبيض في الأسبوع المنصرم اعتقدت أني أشاهد صفقة تجارية ناجحة: يوجد رضى، لا يوجد نقاء روحي. وبالأساس، لا يوجد ألم، لا يوجد دم، لا توجد مأساة، لا توجد رواسب داخلية. فخليط الحرب والثكل في خطاب نتنياهو كان زائدا. محاولة فاشلة لأن يشبه نفسه ببيغن ورابين”.
ويقول برنيع إنه “على الطريق يدفن الاتفاق مع الإمارات والبحرين مبادرة السلام السعودية بعدما تبنتها إدارات أمريكية سابقة وسعت هذه الإدارات لصفقة تبادل أراضي الضفة مقابل السلام الإقليمي ولكن جهودها فشلت. أما إدارة ترامب فقد سارت في البداية في أعقابها، ولكن عندما رفض أبو مازن صفقة القرن رفضا باتا، لم تسع الإدارة لتحسين الشروط وبدلا من هذا تجاوزته في الالتفافة. لا السلام مقابل الأرض بل السلام مقابل التنازل عن الضم وصفقة سلاح إشكالية. لقد حقق ترامب أكثر مما حقق بوش وأوباما”.
ويضيف برنيع: “من يدفع الآن إلى تنفيذ سريع للاتفاق هم مندوبو الإمارات: وجهتهم إلى الصفقات. متى يمكننا أن نفتح عندكم حسابات بنكية؟ كان هذا أحد الأسئلة الأولى التي سألوها. وفهم بنك ليئومي وبنك هبوعليم التلميح وبعثوا على الفور بالوفود إلى أبو ظبي ودبي. يسعى الإماراتيون لأن يبدأوا برحلات جوية مباشرة وبالتدفق الحر للسياح. بداية مع فيزا، وبعد ذلك بدونها. يسعون لأن يستثمروا في التكنولوجيا العليا، في البنى التحتية، في العقارات، في الأمن. في كل ما يدفعهم إلى الأمام ويجني لهم الأرباح. هم في حالة نشوة. قبل أسبوع من الاحتفال في واشنطن زار وفد البلاد. جلبوهم إلى وجبة غداء في مطعم الناعورة في أبو غوش. “لا تصوروا”، أمر المرافقون الإسرائيليون. أما الإماراتيون فلم يكن يهمهم فقد التقطت لهم صور مع الطفل ابن صاحب المطعم الذي ارتدى على شرف الصورة جلابية بيضاء. نموذجهم هو تركيا. وهم يسألون لماذا يمكن لتركيا الإسلامية أن تتاجر بالمليارات مع إسرائيل، وأن تملأ جدول الطيران في مطار بن غوريون وتفتح بواباتها للسياح الإسرائيليين، ونحن لا؟ أردوغان يهاجمنا على ما يفعله هو نفسه. فهو مزدوج الأخلاق. ونحن نستخف بذلك”.
إسرائيل تعتزم مد خط نفط من الإمارات عبر السعودية
وبسياق متصل كشفت صحيفة غلوبس الإسرائيلية المتخصصة بالشؤون الاقتصادية أن مسؤولين إسرائيليين أجروا خلال الأيام القليلة الماضية محادثات في الإمارات حول إقامة خط أنابيب نفط ومشتقاته يمتد من الأراضي السعودية وصولا إلى ميناء إيلات عبر البحر الأحمر ومنه إلى ميناء عسقلان.
وأضافت الصحيفة أن هذا المشروع سيكون ملائما لنقل الخام إلى الأسواق الأوروبية بشكل خاص، وسيعد التفافا على المسارات الملاحية الخطيرة في إشارة إلى مضيق هرمز وسواحل الصومال، كما سيوفر تكاليف نقل الخام بواسطة ناقلات النفط عبر قناة السويس. ورجحت الصحيفة أن تجني إسرائيل مبالغ طائلة سنويًا من هذا المشروع.
هذا التطبيع ليس مع العرب، إنه مع البلهاء والحمقى لا غير …. !