وزير الإعلام اللبناني: لن نطبع مع النظام السوري عبر النازحين

حجم الخط
0

بيروت- وسيم سيف الدين: قال وزير الإعلام اللبناني، جمال الجراح، إنه “لن يجبرنا أحد في لبنان على التطبيع مع النظام المجرم في سوريا، عبر استخدام موضوع النازحين السوريين“.
الجراح أضاف: “نتمنى عودة النازحين السوريين من لبنان إلى بلدهم أمس قبل اليوم لأسباب عديدة، منها العبء الذي يضغط على واقعنا الاجتماعي والأمني والسياسي وعلى البنى التحتية”.
ويقول لبنان إنه يستضيف 1.5 مليون لاجئ سوري، بينما تقدرهم الأمم المتحدة بنحو 997 ألف لاجئ مسجلين لديها حتى نهاية نوفمبر/ تشرين ثاني 2017، إضافة إلى لاجئين سوريين غير مسجلين.
وقبل أشهر، بدأ عدد من اللاجئين عودة “طوعية” إلى سوريا، بالتنسيق بين كل من السلطات اللبنانية والنظام السوري والأمم المتحدة.
ورأى الجراح، الذي ينتمي لتيار “المستقبل” بزعامة رئيس الوزراء سعد الحريري، أنه “يوجد عبء كبير في قضية النازحين؛ فلبنان لا يستطيع أن يتحمل مليون ونصف مليون نازح في كل المجالات، لكن يجب أن تتم العودة إلى مناطق آمنة، بإشراف الأمم المتحدة، أو بحسب المبادرة الروسية التي أُطلقت في الفترة الأخيرة”.
وتؤمّن تلك المبادرة عودة نحو 890 ألف لاجئ سوري من لبنان، بحسب ما أعلنه الرئيس اللبناني، ميشال عون، في يوليو/ تموز الماضي.
وأعرب الجراح عن أمله أن تتبلور المبادرة الروسية، وتأخذ أبعادها العملية، وأن تتم العودة عبر تلك المبادرة أو حتى مبادرات دولية أخرى.
وأردف: “من منطلق إنساني لسنا مع إجبارهم (النازحين) على العودة؛ لأن هناك نظاما مجرما يقوم في اليوم التالي بارتكاب جرائمه بحقهم، كما حصل ببعض الذين عادوا”.
وطالب الجراح بحماية دولية للعائدين، وصدور عفو معين عن النظام السوري، وأن تكون حياة هؤلاء العائدين مصانة.

إعادة تطبيع
الجراح قال إن “البعض في لبنان (لم يسمهم) يحاولون استخدام موضوع النازحين لإعادة التطبيع مع النظام (السوري)، دون الوصول إلى النتيجة المرجوة بموضوع النازحين”.
وأضاف أن “الذين يدعون إلى التطبيع مع النظام السوري لا تهمهم عودتهم (النازحين) من عدمها”.
ورأى أن “قضية النازحين السوريين تستخدم كوسيلة لأهداف سياسية نحن لسنا موافقين عليها، وهذا الكلام قلناه في مجلس الوزراء”.
وتابع: “لن يجبرنا أحد على أن يُستخدم موضوع النازحين وسيلة للتطبيع مع هذا النظام المجرم”.

مقعد سوريا
ثمة حديث عن استخدام البعض ملف عودة النازحين من لبنان للضغط على بيروت، ضمن جهود لإعادة نظام بشار الأسد إلى مقعد سوريا المجمد في الجامعة العربية، منذ عام 2011؛ بسبب اعتماده الخيار العسكري في مواجهة الاحتجاجات المناهضة له.
ما علق عليه الجراح بأن “هذا الموضوع مختلف تماما.. عودة سوريا إلى الجامعة العربية تقررها الجامعة والدول العربية”.
وأردف: “ما نسمعه من سفراء ووزراء خارجية عرب هو أن الأمور غير ناضجة لعودة سوريا، ولم ينتج التوافق على عودتها، فهناك آليات وخطوات يجب أن تُتخذ من النظام السوري للعودة إلى الجامعة.. القرار ليس للبنان لوحده، ولا للنظام السوري لوحده”.
ولبحث خيارات عودة النازحين، زار وزير النازحين اللبناني، صالح الغريب، سوريا الشهر الماضي؛ مما رفع من حرارة ملف النزوح السوري في لبنان.
ذلك الملف يكتسب بُعدا سياسيا، انطلاقا من انقسام حاد بين الأطراف السياسية اللبنانية حول العلاقة مع نظام بشار.
يرى البعض ضرورة التنسيق مع النظام السوري، نظرا لأهمية عودة النازحين، بينما يرفض آخرون هذا التنسيق، انطلاقا من اتهام ذلك النظام باغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق، رفيق الحريري، في بيروت، يوم 14 فبراير/ شباط 2005.

الحظر البريطاني
اعتبرت بريطانيا، الشهر الماضي، “حزب الله بكافة أجنحته منظمة إرهابية”، ما يعني أن كل من يدعمه أو ينضم إليه أو يروج لأنشطته يواجه عقوبة قد تصل إلى السجن أكثر من عشر سنوات.
الحكومة البريطانية رأت أن “حزب الله”، الموالي لإيران والنظام السوري، مستمر في محاولاته لزعزعة استقرار الوضع الهش في الشرق الأوسط، وهو ما ينفيه الحزب المناهض لإسرائيل، التي ما تزال تحتل أراضي لبنانية.
واعتبر الجراح أن “بريطانيا أخذت هذا القرار بناء على معطيات كدولة صاحبة سيادة”.
وأضاف أن “حزب الله مكون من مكونات الشعب اللبناني، ومشتركون في الحكومة، وله أعضاء في المجلس النيابي (البرلمان)، والدول الأوروبية لها برنامجها السياسي الخاص، ولا نستطيع أن نقول لبريطانيا وأمريكا وفرنسا كيف تكون نظرتهم لحزب الله”.
وحذرت الولايات المتحدة الأمريكية، الشهر الماضي، “حزب الله” من استغلال توليه وزارة الصحة، لتحويل أموال الوزارة إلى مؤسساته، التي وصفتها بـ”الإرهابية”.
وقال الجراح إن “وزير الصحة، جميل جبق، المحسوب على حزب الله، يمارس عمله كوزير بعيدا عن الصفة الحزبية”.
ويعتبر الاتحاد الأوروبي الجناح العسكري لـ”حزب الله” إرهابيا، بينما تعتبر كل من الولايات المتحدة وإسرائيل التنظيم بكافة أجنحته إرهابيا.

تركيا وإيران والعرب
الجراح أشاد بالعلاقات بين بيروت وأنقرة بقوله: “تربط لبنان وتركيا علاقات قوية جدا لها تاريخ في التعاون الثنائي، ونحن نثمن هذه العلاقات، ونريد لها أن تتطور إلى الأفضل لمصلحة الشعبين التركي واللبناني”.
وزاد بقوله: “تركيا دولة جارة، وعليها نفس العبء الذي يقع علينا كلبنانيين في موضوع النازحين السوريين، وهي أيضا جارة لهذا النظام السوري، ولدينا هموم مشتركة”.
وشدد على أن “تركيا من الدول المؤثرة في المنطقة، لكن لا نخفي توجسنا من علاقة تركيا بإيران، وأتمنى أن لا تؤثر على واقعنا العربي، وأن تؤخذ المصالح والرؤية العربية في الاعتبار لدى الحكومة التركية”.

الأزمة المالية
يواجه لبنان أزمة مالية أثرت على معظم الصحف والقنوات، وأدت إلى إقفال صحف، منها “السفير” و”المستقبل” و”الأنوار”، وتقليص نفقات أخرى.
وقال الجراح إن “الأزمة المالية، التي يمر بها الإعلام اللبناني، كانت مدار بحث في الحكومة السابقة، لكن نتيجة الأوضاع المالية التي يمر بها لبنان، وعجز الموازنة، لم يتم الموافقة على طرح الخطة لمساعدة وسائل الإعلام اللبنانية بمختلف مؤسساته”.
ومضى قائلا إن “هكذا مشروع يحتاج إلى مبالغ ضخمة، والدولة في الوقت الحاضر غير جاهزة لتلبية هذه المتطلبات”.
وأردف أن “موضوع انتقال القنوات إلى التشفير مطروح، لكن ليس بشكل جدي، لأنه يحتاج إلى بحث دقيق”.
وأوضح أنه لم تتقدم أي قناة بطلب رسمي من أجل التحول إلى التشفير: “نسمع في الإعلام، أما رسميا فلم يتوجه أي أحد بطلب كهذا”.

حرية الإعلام
لبنان يواجه انتقادات عديدة من منظمات دولية، بينها “هيومن رايتس ووتش”، و”العفو” الدولية”، و”مراسلون بلا حدود”.
من تلك الانتقادات: اشتداد القيود على حرية التعبير، واحتجاز والتحقيق مع نشطاء سلميين، إثر نشر تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي، فضلا عن احتلال لبنان المرتبة المئة من أصل 180 دولة، بحسب تصنيف “مراسلون بلا حدود”، في 2018.
وهو ما علق الجراح بأنه “يجب أن نميز بين حرية التعبير والأداء الإعلامي.. حرية التعبير بطبيعتها هي حرية مسؤولة، ولديها انضباط ذاتي”.
وأضاف: “معظم دول العالم اليوم تُحاسب قضائيا على الأخبار الكاذبة Fake News”.
وشدد على أن “لبنان حريص كل الحرص على صيانة حرية الإعلام والاستمرار بهذا التوجه، لكن ضمن الضوابط الأخلاقية والمهنية، التي لا يمكن أن تتم إلا إذا كانت هناك رقابة ذاتية”.
وأردف: “اليوم نرى في بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بعض الأخبار خارج المنطق الطبيعي، واللغة التي تُستعمل ليست لغة إعلام وصحافة مسؤولة”.
وشدد الجراح على أنه “يجب أن نفرق بين حرية الإعلام والفوضى الإعلامية.. ليس هناك من أحد يؤيد الفوضى الإعلامية والتجريح والتهجم والاستهداف المبني على قضايا غير حقيقية”. (الأناضول)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية