وزير الخارجية الجزائري لـ”القدس العربي”: نسعى في القمة العربية إلى جمع كلمة العرب للالتزام بالحقوق الفلسطينية

عبد الحميد صيام
حجم الخط
103

الجزائر العاصمة – “القدس العربي”: في لقاء حصري مع “القدس العربي” استمر أكثر من ساعة في مقر وزارة الخارجية الجزائرية، قال وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، إن الجزائر تشعر بدورها التاريخي الذي يقوم على مبدأ مناصرة الشعوب المظلومة وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني الشقيق. فالقضية الفلسطينية ليست سياسة رشيدة تتبعها الحكومة فحسب بل هي جزء لا يتجزأ من مكونات وعي الشعب الجزائري والتزامه الأصيل بحق الشعوب في التخلص من الاستعمار والاحتلال الأجنبي كما أثبت هذا الشعب عبر ثورته العظيمة ضد الاستعمار الفرنسي الذي دام 132 سنة.

لعمامرة: القضية الفلسطينية ليست سياسة رشيدة تتبعها الحكومة فحسب بل هي جزء لا يتجزأ من مكونات وعي الشعب الجزائري والتزامه الأصيل بحق الشعوب في التخلص من الاستعمار والاحتلال الأجنبي

وقال الوزير الجزائري إنه يرى أن يراجع بعض النقاط المهمة في تاريخ الجزائر بعد الاستقلال والدور الذي لعبته في نصرة حركات التحرر في أفريقيا وآسيا حتى أصبحت قدوة لدول العالم النامي. لكن مسلسل المؤامرات على الجزائر لحرفها عن دورها التاريخي وخلق متاعب من خارج الحدود أو من داخلها لم يتوقف.

وأضاف أن الجزائر ابتعدت لسنوات عن المسرح العربي والدولي خاصة أيام العشرية السوداء ولكنها بعد الحراك الشعبي الأخير وتولي القيادة رجال أفرزتهم الانتخابات النزيهة أعادت البلاد إلى طريق الفاعلية والتأثير الإقليمي والدولي. إلا أن المؤامرات لم تتوقف وأصبحت الجزائر تشعر الآن أنها دولة مواجهة مع الكيان الصهيوني الذي كنا نرسل قواتنا لقتاله مع الأشقاء العرب، بعد أن أصبح على حدودنا ويوقع اتفاقات عسكرية وأمنية واستخباراتية مع الجار والأخ والصديق. ومع هذا فنحن نسعى إلى لم شمل العرب في مؤتمر القمة القادم لنصل إلى موقف مشترك من دعم حقوق الشعب الفلسطيني وإعادة التمسك بمبادرة السلام العربية لعام 2002 ودون أن نتدخل في الشؤون الداخلية للدول التي آثرت أن يسبق التطبيع قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
وسنقدم فيما يلي أهم النقاط التي وردت في اللقاء المفتوح.

عودة قصيرة إلى الماضي ومسألة الصحراء الغربية

كان هناك علاقات مميزة بين الجزائر وجيرانها لغاية عام 1975 وقد طرح الرئيس الراحل هواري بومدين أمام دورة خاصة للجمعية العامة عام 1974 رؤيته للنظام الاقتصادي الجديد الذي يعيد صياغة العلاقات بين دول الشمال والجنوب، وأصبحت الجزائر في موقع قيادة العالم الثالث بلا منازع. كما أن الدبلوماسية الجزائرية آنذاك تمكنت من دعوة القائد الفلسطيني ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية لمخاطبة المجتمع الدولي عام 1974 أثناء تولي المرحوم عبد العزيز بوتفليقة، رئاسة الجمعية العامة واعتماد قرارات مهمة تثبت الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بما فيها حقه في تقرير المصير وحقه في إقامة دولته المستقلة وأصبحت منظمة التحرير عضوا مراقبا في الأمم المتحدة لأول مرة. وفي نفس العام تمكن بوتفليقة من طرد دولة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا ما عزز علاقات الجزائر مع القارة الأفريقية.

لعمامرة: الجزائر أصبحت في موقع قيادة للعالم الثالث

الجزائر كانت ملتزمة بمبادئها التي لا تحيد عنها في دعم حركات الشعوب نحو نيل استقلالها حتى لو كان الثمن باهظا. عام 1975 كان الرئيس الفرنسي، جيسكار دوستانغ، ووزير الخارجية الأمريكي، هنري كيسنجر، يريدان أن يعاقبا بومدين وخاصة بعد تأميمه للنفط، ودوستانغ يكره الجزائر وكان يتحاشى أن يحتك بالشعب الجزائري وحكومتة. فإذا ربطنا كل تلك الأمور مع بعضها البعض عرفنا لماذا بدأت مشكلة الصحراء الغربية. كان لديهم حسابات دقيقة. كيسنجر ظن أن الجزائر مدعومة من الاتحاد السوفييتي. حاولوا آنذاك تغيير النظام. بخلق حركات انفصالية لكن هذه المحاولة لم تنجح فتم فتح ملف الصحراء الغربية قناعة منهم أن الجزائر انطلاقا من مبادئها لن تتخلى عن دعم حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. كان يريده للصحراء أن تكون مستنقعا تقع فيه الجزائر ولا تستطيع الخروج منه والهدف هو إضعاف الجزائر من جهة وتمتين علاقات فرنسا وأمريكا بالمغرب كي يصبح مطواعا لكل ما تريده فرنسا أو أمريكا. لقد أرسل المغرب جنودا لزائير لحماية نظام موبوتو بدعم من أمريكا وفرنسا وساهم في مفاوضات كامب ديفيد للسلام بين مصر وإسرائيل واستقبل قيادات صهيونية عدة مرات.
قامت حركة تحرير صحراوية تطالب باستقلال الصحراء الغربية. كان هناك قبول لفكرة دور للأمم المتحدة لإجراء استفتاء للسكان الأصليين في الصحراء. لكن تبين لنا أن الهدف من قبول دور للأمم المتحدة هو كسب الوقت بالنسبة للمغرب. حتى مخطط التسوية ووقف إطلاق النار عام 1991 وإرسال بعثة لمراقبة الاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو) كان الهدف منه كسب الوقت لخلق حقائق على الأرض تصبح معها التسوية العادلة صعبة التحقيق. لقد كانت خطة جيمس بيكر عام 2003 أكبر فرصة للجميع للوصول إلى تسوية شاملة وعادلة. لقد كانت خطة متوازنة ومعقولة لكن الولايات المتحدة لم تقف وراء بيكر ولذلك استقال من موقعه بعد أكثر من ست سنوات وهو مصاب بالإحباط.

لعمامرة: المغرب يعرف أنه غير قادر على فرض رؤيته في الصحراء

إن فكرة استخدام ورقة الصحراء الغربية لتقوية المغرب وإضعاف الجزائر ما زالت قائمة. وعادت المسألة من جديد بعد قضايا الإرهاب والحراك الشعبي في الجزائر. أعيدت إثارة هذه القضية ظنا منهم أن الجزائر مشغولة في أوضاعها الداخلية. لديهم قناعة أيضا أن الأمم المتحدة انصاعت لإملاءات فرنسا وأمريكا في هذا المضمار وتخلت عن فكرة تصنيف الأزمة على أنها تتعلق بتصفية الاستعمار بل قضية تتعلق بخلافات محلية يمكن حلها بمنح الحكم الذاتي لسكان الصحراء وهو تراجع خطير من قبل الأمم المتحدة عن أحد أهم مبادئها في منح الاستقلال للشعوب والأراضي الخاضعة للاستعمار كما نص على ذلك قرار 1514 لعام 1960.
لقد أفرغت قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالصحراء الغربية من كل بعد عملي.
لكن المغرب يعرف أنه غير قادر على فرض رؤيته في الصحراء ما زال هناك قلعة صامدة هي الجزائر تدعم حق الشعب الصحراوي بحق تقرير المصير كما تدعم الشعب الفلسطيني بحق تقرير المصير. وليس في نية الجزائر، لا الآن ولا في المستقبل، أن تتخلى عن هذا المبدأ. ولهذا بدأ مخطط استهداف الجزائر مرة أخرى كأولوية لأنه لا يمكن فرض الواقع على الصحراء الغربية حتى مع اعتراف ترامب أو غير ترامب ما دامت الجزائر تقف مع الشعب الصحراوي في كفاحه من أجل حق تقرير المصير. ومن هذا المنطلق نفهم قضية التطبيع مع إسرائيل والمؤكد أن إسرائيل هي المستفيد الأكبر من مسألة التطبيع.

القمة العربية القادمة

هناك من يعمل على تقويض القمة القادمة. فإن فشلوا سيعملون على أن يكون التمثيل هزيلا. لم يعد هناك أقنعة. الكل عاد إلى معسكره الذي يعمل من خلاله. ولكننا سنعمل على جمع العرب حول قواسم مشتركة نتفق عليها.

لعمامرة: هناك من يعملون على تقويض القمة القادمة، وهناك من يستهدف الجزائر كأمة

الجزائر لديها مصداقية مع الشعوب العربية أكثر بكثير من مروجي نظرية كل دولة تتعامل مع قضاياها كما تراها هي بعيدا عن أي تنسيق جماعي كما عملت دول التطبيع مثل المغرب والسودان والإمارات. أي أنها تضع مصالحها فوق كل اعتبار. بقيت الجزائر تمثل موقفا متوازنا للسلام مع إسرائيل. نحن نرى أن السلام المعقول على الأقل يجب أن يستند إلى مبادرة السلام العربية ومبدأ الأرض مقابل السلام، وقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.
إن علاقة المغرب بإسرائيل، وأثر ذلك على قضية الصحراء وعلاقة إسرائيل بالقضية الفلسطينية في ظل التطبيع العربي، سترسم معالم العالم العربي الجديد. ولو تم محاصرة الجزائر وزعزعة أمنها الداخلي سيكون المطبعون والواقفون على المحطة بانتظار قطار التطبيع سعداء بإزاحة عقبة الجزائر التي ترفض التطبيع بشكل مبدئي.
من هنا نرى أن الأمور دقيقة جدا. وخلافا لما حدث عام 1975، الذي كان يستهدف النظام، الآن يستهدفون الجزائر كأمة، كوحدة وطنية وسيادة واستقلال وطني ووحدة ترابية. الآن الأمور أخطر. نحن نشعر أن حربا شاملة تشن ضدنا. وكل ما أخذناه من خطوات عبارة عن إجراءات دفاعية للحفاظ على أمن وطننا.

التحديات التنموية والأمنية

أوضاع الجزائر تتحسن كثيرا. لسنا في أريحية تماما. أوضاعنا الاجتماعية أفضل من قبل. انظر البيوت التي وزعت على الناس، الجامعات التي أنشئت حديثا، البنى التحتية التي يتم تحديثها. كل ذلك يشير إلى أننا الآن على طريق سليم للتنمية المستدامة. هناك دعاية تحاول تشويه الصورة الحقيقة في الجزائر. رغم أن الجزائر أكبر بلد في أفريقيا وإمكانياته هائلة من بترول وغاز وغير ذلك من موارد، إضافة إلى شعبنا الذي يزيد عن 43 مليونا يعمل على نهضة بلده فالوحدة الداخلية لم تكن أمتن مما هي عليه الآن إلا أن الدعايات المضادة تستمر في تشويه صورة الجزائر. بل وهناك من لديه لوبيات أجنبية في فرنسا وأمريكا لتشويه صورة الجزائر وتبييض صورة المغرب إلا أننا لا نأبه لمثل هذه الدعايات فلدينا ما نقوم به الآن. وعلى الدبلوماسية الجزائرية أن تتحرك في هذه الاتجاه. نحن حريصون على استقلالنا.

لعمامرة: هناك دعاية تحاول تشويه الصورة الحقيقة في الجزائر، وهناك من لديه لوبيات أجنبية في فرنسا وأمريكا لتشويه صورة الجزائر وتبييض صورة المغرب

وأضاف:” لا نقبل أحدا أن يستخدمنا لمصالحه. نحن بلد لديه مبادئ. ولا نقوم بخطوات رد الفعل. وحماية أمننا الوطني أولوية. ولذلك جاءت خطواتنا بقطع العلاقات مع المغرب ووقف مرور الغاز من المغرب ضمن هذا التصور. وهذه المواقف لديها تأييد شامل من الشعب الجزائري لأنهم يعرفون أن الجزائر مستهدفة. والشعب الجزائري كله مؤيد لحقوق الشعوب بتقرير مصيرها وخاصة الشعبين الفلسطيني والصحراوي. وأي شيء يلحق بالجزائر ويؤدي إلى ضعفها سينعكس على القضيتين. ونحن سنستقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس قبل نهاية السنة للتأكيد على مواقفنا التاريخية في تأييد القضية الفلسطينية. لن نفرط بذاكرة الجزائر وتاريخها ومبادئها ونحن نعرف أن هناك ثمنا سندفعه، لكن هذا قدر الجزائر أن تظل أمينة على مبادئها وتاريخها وذكرى شهدائها الذي ضحوا لتظل بلدهم حرة وسيدة ومستقلة وسندا للمظلومين”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سمير:

    يجب على الجزاءر ان تجمع كلمتها مع الشعب ااجزاءري فبل ان تجمع كلمة العرب

    1. يقول ميساء:

      نحن والحمد لله كلمتنا واحدة ،. احنا في احنا والبراني يخطينا

    2. يقول ميساء:

      الحمد لله كلمتنا واحدة ،. احنا في احنا والبراني يخطينا

  2. يقول ابن الوليد. ألمانيا.:

    تتمة رجاءا .. اليكم اللوحة كما هي ..
    .
    نظام الجزائر يلوح بالحرب .. يهدد جاره جهارا .. و يضع ترسانته قرب حدود المغرب .. غواصاته تجوب شواطئ المغرب ..
    .
    و المغرب يمد يده للصلح .. لطي الصفحة .. و صبور صبر ابوب الا يدخل في حرب مع الشعب الجزائري رغم هجوم البوليساربو من داخل الجزائر .. و منذ قرابة خمسبن سنة ..
    .
    و اليكم الآن اللوحة الاخرى :
    .
    الجزائر مستهدفة .. يريدون حربا معها .. الكل ضدها .. الكل ينآمر عليها منذ كيسبنجر .. و منذ ما قبل التاريخ ربما ..
    .
    و اليكم الخلاصة: انها مصيبة فعلا ..

    1. يقول Sami:

      جزاك الله خيرا اخي ابن الوليد ، وفتح الله عليك

    2. يقول ابن الوليد. المانيا.:

      بارك الله فيك و بك. شكرا.

  3. يقول Ihab Ess:

    كم العرب بحاجة لتصريحات تشفي الجروح مثل تصريح وزير خارجية الجزائر

  4. يقول ميساء:

    سعي مشكور ، لكن اتفق العرب على ألا يتفقوا هههههه هههههه هههههه

  5. يقول عربي:

    هل هذا هو الشخص الذي سيجمع العرب؟!!يا خسارتنا. …هذه اللغة هي لغة تفرقة. ..

  6. يقول ريدال محمد: المحيط الأطلسي المغرب ٠:

    نريد من الشعب الفلسطيني إماطة اللثام على نوع الدعم الذي تقدمه الجزائر لقضيتهم لنعلم و يعلم العالم معنا أن الشعب الفلسطيني يحصل على دعم جزائري؛وبالتالي يكون لنا دليل ملموس على الدعم الجزائري لفلسطين بإعتراف الفلسطينيين تلقي الدعم الجزائري.

  7. يقول حسن:

    الله اكبر الجزائر بدات تتكلم عن لم الشمل العربي لاحول ولا قوة الا بالله العظيم. اخر من يتكلم عن لم الشمل من يخلق المشاكل للعرب الجزائر من يفرق العرب والافارقة الجزائر. من يعربد ويهدد ويريد ان يفرض وصايته على الشعوب .وخاصة المغرب الجزائر. وتتبجح بلم الشمل .العربي لاحول ولاقوة الابالله.

  8. يقول منصور الكبير - الجزائر -:

    شكراً للأستاذ و ألف شكراً على هذا المقال الذي لخّص كل شيء ، مقال يقطر بالحق وضع النقاط على الحروف و كشف أهداف التطبيع الحقيقية و قام بتحليل سياسي لقضية فلسطين و قضية الصحراء الغربية “آخر مستعمرة في أفريقيا” ،و أماط اللثام عن محاولة نزع و إنتزاع الهوية و القيم الإسلامية التي تتعرض لها الشعوب ،المنطقة المغاربية اليوم تعيش حالة إهتزاز سوف تستقر بعد مدة ، و ما من شك أن هذه الحالة اللاطبيعية ستؤول إلى إنفراج شامل في المنطقة .
    مرحباً بالقدس العربي و بالأستاذ و بالشعب الفلسطيني كله في الجزائر قبلة الثوار و قلعة الأحرار .

  9. يقول Wahiba:

    لا نحيد على الحق ونصرة الشعوب المظلومة مدام هناك دولة إسمها الجزائر نحن مع دولتنا في قراراتها الصائبة وربي بنصر الجزائر

  10. يقول almulla brother:

    《إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتيكم خيرا》

1 3 4 5 6 7 9

إشترك في قائمتنا البريدية