الدوحة ـ “القدس العربي”:
قال وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بشأن العملية العسكرية التي تقوم بها تركيا في الأراضي السورية إنه لا يمكن إلقاء اللوم على تركيا وحدها، مشيرا إلى أن تركيا تحركت ردا على التهديدات التي تستهدف حدودها وأمنها، مؤكدا في ذات الوقت أن تركيا لا ترغب في السيطرة على الأراضي السورية.
وأشار رئيس الدبلوماسية القطرية في افتتاح منتدى الأمن العالمي بالدوحة اليوم إلى مشاركة المعارضة السورية في العمليات العسكرية التركية، وقال إن هدف الحكومة التركية واحد هو “القضاء على التهديد من تلك المنطقة ومن ثم إعادة اللاجئين السوريين ثم ستغادر تركيا المنطقة، فهي لا تريد الاستحواذ على الأراضي السورية”.
وتحدث محمد بن عبد الرحمن عن ما أسماه “بواعث القلق التركية”، وقال: “إن أنقره سعت لأكثر من عام مع الولايات المتحدة لخلق منطقة آمنة ولإنهاء التهديدات على حدودها، التي تأتي عبر مجموعات محددة، مثل وحدات حماية الشعب الكردية وجهات تابعة لحزب العمال الكردستاني، وهي جهات مدانة وإرهابية من قبل الجميع، وقد حاول الأتراك العمل مع أمريكا ولم يصلوا إلى حل ولا يمكنهم الانتظار حتى تنتقل التهديدات إلى داخل أراضيهم”.
وبشان دعم جبهة النصرة، قال إن بلاده دعمت المعارضة السورية المسلحة بالمجمل ولم توجه دعمها نحو جبهة النصرة كحال بقية الدول التي ساندت فصائل المعارضة المسلحة بالمجمل. كما نفى دعم بلاده لجماعة الإخوان المسلمين أو لجبهة النصرة، مؤكدا أن الدوحة لم تدعم الإخوان في مصر بل ساندت الرئيس الأسبق، محمد مرسي، لأنه كان منتخبا من الشعب المصري. وقال: “لا يوجد دعم لا لجبهة النصرة ولا للإخوان المسلمين ولا لأي من هذه المنظمات، مللنا ونحن نشرح للجميع حقيقة الأمر”.
وأضاف محمد بن عبد الرحمن قائلا: “إن الإخوان المسلمين هي قصة تم اختلاقها بعد الربيع العربي لأن بعض الدول كانت تخاف أن يصلها الربيع العربي في يوم من الأيام”، مشيرا إلى أن قطر أثبتت أنها لم تدعم الجماعة بالسجلات والتوثيق.
السعودية تنظر إلينا على أننا بلد صغير يجب أن يطيع أوامرها
وعلى صعيد الأزمة الخليجية، أكد وزير الخارجية القطري أن مشكلة بلاده مع السعودية أنها -كما قال- “تنظر إلينا على أننا بلد صغير يجب أن نطيع أوامرها، ونحن لا يمكننا قبول هذ الأمر”، وأضاف: “نحن نحترم السعودية وعلى السعودية أن تحترمنا وتحترم رأينا”، وأضاف قائلا: “هذه طريقتنا في التعامل مع جميع الدول في العالم وليس مع السعودية فقط”.
وحول علاقة بلاده مع إيران، أشار إلى وقوف طهران إلى جانب قطر والشعب القطري في مواجهة الحصار، وقال: “غير أنها قدمت لنا كل التسهيلات وأصبحت شريكا لنا وعنصرا مهما لبلادنا”. وأضاف: “إيران جارة لنا ونحن نتفق معها في بعض المسائل ونختلف معها حول مسائل أخرى عديدة في المنطقة، فلا نريد بعض أنشطتهم ولا يريدون بعض أنشطتنا، لكن هناك تفاهم على أننا جيران وينبغي علينا أن نتعايش، وقد حافظنا على هذه العلاقة القائمة على الاحترام المتبادل بين البلدين”.
ندعم غزة بطرق شفافة
وفي الشأن الفلسطيني، تحدث وزير الخارجية القطري عن الأوضاع المزرية والمأساوية في غزة، وقال: “سكان غزة يعانون الحصار ولا يجدون أبسط الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمدارس، ولو أن قطر أو دولا أخرى لم تمد لهم يد المساعدة فإن الوضع سينفجر هناك، وهذا ما لا نريده أن يحدث، بل نريدها أن تكون منطقة مزدهرة في فلسطين والتوصل إلى حل”. وأضاف: “نحن ندعم غزة بطرق شفافة، ولا ينبغي إيقاف دعمنا لغزة، ولو أوقفنا الدعم فإن أهل غزة سيموتون جوعا، وموقف قطر واضح بهذا الشأن فهي لم تمدهم بالسلاح، وما تقوم به هناك مشاريع بنية تحتية من طرق ومستشفيات وكهرباء، وما نقوم به في غزة هو أننا نقدم الدعم للأسر مباشرة بإشراف الأمم المتحدة ومكتبها هناك”.
أما عن علاقة دولة قطر بإسرائيل فقال: “علاقتنا بإسرائيل كانت ظاهرة، وكانت هناك شراكة اقتصادية ومكتب تجاري في الدوحة، وقمنا بهذه العلاقة أملا في السلام لكن عندما بدأت الحرب على غزة ورأينا الهجوم البشع عليها، قمنا بقطع كل خطوط الاتصال معها بسبب هذه الحرب، حيث رأينا أن سلوكها ليس سلميا ويدفع باتجاه المزيد من الحرب والنزاع”.
وأكد أن قطر تقف مع الشعب الفلسطيني وستستمر بالوقوف معه، والدعم الذي قدمته وتقدمه قطر إلى غزة كان يحتاج إلى خطوط اتصال فقط مع إسرائيل، وقال: “نحن نتحدث معهم فقط بغرض المساعدة لغزة وبقاء استقرار غزة، ولا نود أن نرى شيئا يدمر ما قمنا به وبنيناه هناك”.
لا نعرف ما هي صفقة القرن
وبشأن “صفقة القرن”، قال إن أية خطة سلام “لا يكون فيها اعتراف بحل الدولتين وبالقدس الشرقية عاصمة لفلسطين ومصير واضح للاجئين وحق العودة لن تكون خطة سلام شامل”، وأضاف: “نحن نريد أن ينتهي الاحتلال، وإذا أردنا سلاما حقيقيا مستداما وحلا عادلا للجميع يجب أن ينتهي الاحتلال، وإذا كانت هناك خطة سلام صممت لخدمة إسرائيل فقط فلن تكون حلا عمليا ولن يكون لها مستقبل، وإذا كان تصميمها للفلسطينيين من دون وضع الاعتبار لبواعث قلق الإسرائيليين فلن تكون شاملة”.
وأضاف: “نحن لا نعرف ما هي صفقة القرن، وكل المعلومات التي لدينا تأتي من جهات غير مسؤولة ولا يمكننا أن نطلق حكما من دون معرفة التفاصيل”. مضيفا “كنا واضحين جدا في موقفنا، وقلنا للولايات المتحدة بأن الطريقة الوحيدة التي يمكن أن نرى فيها عملية سلام هي أن ننطلق من أرض مشتركة، وخطة السلام العربية كانت ممتازة وعملا رائعا عندما تم الإعلان عنها من قبل، وتعد نقطة بداية جيدة للبدء، أما إذا أرادوا أن يتجاهلوا هذه الخطة والبدء من الصفر، فسيكون ذلك عملا غير مقبول وإطالة في عمر الأزمة”.
علاقاتنا مع واشنطن إستراتيجية
وبشأن العلاقات القطرية الأمريكية، أكد وزير الخارجية القطري على “التحالف الإستراتيجي القديم والكبير والمتين مع الولايات المتحدة في مجالات الدفاع والأمن والاقتصاد والتعليم وغيرها من المجالات”. وقال في هذا السياق إن “هناك ثقة متبادلة دائما بيننا، ونحن مستمرون في هذا المسار، ودورنا أن نهدئ الخلافات بين حلفائنا وأصدقائنا، لأنه إذا تأثرت مصالح حلفائنا فإننا أيضا سنتأثر، ودورنا يجب أن يكون قائما على نزع فتيل هذا النزاع أو الخلاف”، لكنه نفى في المقابل أن تكون بلاده تقوم بدور الوساطة بين الولايات المتحدة وإيران، وقال: “لكننا نسعى للحفاظ على أمننا، وهذا هو واجبنا وعملنا”.