وزير الداخلية الألماني: بلادنا تتعرض لتهديدات خطيرة.. وتشديدات أمنية لحراسة المساجد والتجمعات

علاء جمعة
حجم الخط
0

برلين- “القدس العربي”:
أكد وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر، أنه وفي أعقاب الهجوم اليميني المتطرف في هاناو، سيتم تعزيز تواجد الشرطة في أنحاء البلاد، ولا سيما المساجد.

وقال الوزير خلال مؤتمر صحافي في برلين إن خطر “التهديد الأمني من التطرف اليميني ومعاداة السامية والعنصرية مرتفع جدا”، معلنا كذلك “تعزيز تواجد الشرطة” في المساجد ومحطات القطارات والمطارات وعلى الحدود، واصفا التهديدات الحالية الواردة بأنها أعلى تهديد أمني في ألمانيا منذ سنوات.
وقال الوزير الألماني: “أريد أن أبلغكم اليوم بأن لدينا في النطاق اليميني وضع خطورة مرتفع للغاية بالنسبة لبلدنا وديمقراطيتنا وحماية شعبنا، وأن هذا النطاق يصدر منه الآن أعلى تهديد بالنسبة للأمن في بلدنا”، مضيفا أن السلطات تضع نصب أعينها أيضا أوضاع تهديدية أخرى، مثل التطرف الإسلامي أو مواطني الرايخ. رافضا المقارنة أو التهوين من هذه التهديدات.
وصنف زيهوفر جريمة العنف التي وقعت في مدينة هاناو الألمانية كهجوم إرهابي يميني متطرف، وقال: “الجريمة التي وقعت في هاناو هجوم إرهابي بدافع عنصري على نحو قاطع”. وذكر زيهوفر أنه لن يقبل أيضا التهوين من مسؤولية الجاني بالإشارة إلى اضطراب نفسي، وقال: “الدافع العنصري لهذه الجريمة من وجهة نظري متوفر تماما دون أي جدال، ولا يمكن التهوين منه بأي شكل”.
وكان محققون ألمان رجحوا أن منفذ الهجوم اليميني المتطرف في مدينة هاناو الألمانية كان مريضاً نفسياً. وقال رئيس المكتب الاتحادي للشرطة الجنائية، هولغر مونش، الجمعة في برلين إنه استناداً إلى تقديرات أولية أن الجاني كان على ما يبدو مصاباً بالذهان بشدة.
يذكر أن مواطناً ألمانياً (43 عاما) قتل لدوافع عنصرية ويمينية متطرفة تسعة أفراد منحدرين من أصول أجنبية في مقهيين بمدينة هاناو، كما قتل والدته ثم انتحر في منزله ليلة الأربعاء الخميس.
وفي تطور على القضية أكد المدعي العام الاتحادي الألماني بيتر فرانك، حدوث اتصال بين الادعاء العام ومرتكب هجوم هاناو في تشرين ثاني/نوفمبر الماضي. وقال فرانك اليوم الجمعة إن الادعاء العام تلقى في ذلك الحين بلاغا من الرجل ضد منظمة استخباراتية غير معروفة.
وبحسب البيان، ذكر الرجل في البلاغ أن هناك منظمة كبيرة تسيطر على كثير من الأمور و”تخترق أدمغة الأفراد وتمسك أشياء معينة بها، لتتحكم بعد ذلك بشؤون العالم”.
وبحسب بيانات فرانك، لم يتضمن البلاغ أي عبارات يمينية متطرفة أو عنصرية، مضيفا أنه لم يتم بدء أي تحقيقات بناء على هذا البلاغ.
وأشار فرانك إلى أن والد الجاني كان ملفتا للانتباه أيضا في الماضي عبر اتصاله بسلطات من خلال إرسال خطابات مختلفة، مثل شكاوى.
وذكر المدعي العام الاتحادي أن والد الجاني وصل إلى منزل ابنه خلال عملية فتح باب منزله ليلة الأربعاء الخميس، مضيفا أنه ليس متهما في التحقيقات، بل شاهد.
وما زال الهجوم الذي نفذه إرهابي يميني يثير العديد من الردود في ألمانيا. حيث طالب الأمين العام للحزب الاشتراكي الديمقراطي لارس كلينجبايل بإخضاع حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني الشعبوي لمراقبة هيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية).

وقال كلينجبايل في تصريحات لشبكة ARD الجمعة، إن هناك شخصا أطلق النار في هاناو، لكن هناك آخرون أمدوه بالذخيرة، من بينهم بالتأكيد حزب البديل من أجل ألمانيا”. وأضاف: “من الواضح تماما أنه حزب يتعين أن يخضع لرقابة هيئة حماية الدستور”، مطالبا سلطات الأمن باتخاذ قرار عاجل في هذا الشأن.
كما وصف نائب رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي في ألمانيا هوبرتوس هايل حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف بأنه مشعل حرائق فكرية، وقال هايل الذي يعمل أيضا وزيرا للعمل في تصريحات على هامش فعالية للتضامن مع ضحايا الحادث الدموي خلال تواجده بسوق مجلس المدينة في هامبورغ: “علينا أن نقف بقوة في مواجهة اليمين”.

وفي حديث مع شبكة “دويتشلاند” الألمانية الإعلامية الجمعة، تعهد هايل، بدعم شامل لأسر ضحايا هجوم هاناو. وقال: “أسر وأصدقاء الضحايا بحاجة حاليا إلى كامل تضامننا. إنهم جزء منا، وسوف ندعمهم”.
صحيفة “فرانكفورتر روندشاو” الألمانية علقت على الهجوم الذي شهدته مدينة هاناو، وقالت إنه “من الضروري الآن أن نرى أن التطرف اليميني هو الخطر الأكبر على المواطنين في هذا البلد، لأنه بينما يمارس إرهابيون يمينيون القتل، يتزايد تمثيل متطرفين يمينيين في البرلمانات، ويعمل هؤلاء على الإضرار بالديمقراطية، وقد نجحوا في ذلك جزئيا عند النظر إلى ما حدث في ولاية تورينجن”.

وأضافت الصحيفة أن “هناك حاجة الآن إلى مكافحة دفاعية كبيرة ضد التهديد اليميني، والتي تتضمن أن تعيد سلطات الأمن النظر (في كيفية التعامل مع هذا التهديد) وتركز بصورة أقوى على الشبكات اليمينية، وأن توقف جميع الأحزاب الديمقراطية كافة أنواع التودد إلى حزب البديل من أجل ألمانيا (اليميني الشعبوي)، وأن تركز على الدفاع عن الديمقراطية”.

وأوضحت الصحيفة أنه “يتعين على المجتمع أيضا أن يتصدى بوضوح لسم العنصرية”، وأضافت: “لقد تجاهل الكثير من الناس الخطر اليميني لفترة طويلة أو قللوا من شأنه. يتعين أن ينتهي ذلك الآن”.
الأوضاع الراهنة والجدل ألقت بظلها على الدورة السبعين لمهرجان برلين الملتقى السينمائي الرئيسي الأول في اوروبا هذه السنة، الذي انطلق الخميس بعيد ساعات على الهجوم العنصري.
وقد وقف الحضور مساء الخميس دقيقة صمت تكريما للضحايا قبل عرض فيلم “ماي سالينجر يير” في الافتتاح وهو خارج إطار المسابقة مع سيغورني ويفر ومارغريت كوالي وإخراج الكندي فيليب فالاردو، والذي يتناول الطموحات الأدبية لشابة تعمل لحساب الوكيل الأدبي الشهير ج. د. سالينجر.
وفي بيان مقتضب كان المهرجان قد أعرب عن “الحزن الكبير” بعد هجوم هاناو قرب فرانكفورت، مؤكدا التزامه محاربة العنف وكره الأجانب فيما تأكد الدافع “العنصري” للمهاجم.
وفي ذات السياق انضم حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني الشعبوي إلى أحزاب سياسية أخرى في إلغاء مؤتمرات انتخابية ختامية لها قبل انتخابات رؤساء البلديات في ولاية هامبورغ، وذلك في أعقاب الهجوم.

وقال الحزب، الذي تعرض للهجوم بسبب سياساته المناهضة للهجرة، إنه اتخذ هذا القرار بسبب “الدعاية الإعلامية” والخوف من عدم ضمان سلامة مؤيديه في مواجهة الاحتجاجات الجماهيرية المتوقعة. وأضاف الحزب أنه يريد بذلك تجنب اتهامه بأنه تصرف على نحو يخلو من الاحترام في ضوء ما حدث في هاناو.
وكانت أحزاب أخرى في هامبورغ ألغت أمس واليوم مؤتمراتها الانتخابية عقب هجوم هاناو. ومن المقرر أن تشهد الولاية انتخابات على منصب رؤساء البلديات الأحد المقبل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية