لندن- “القدس العربي”: أبلغ وزير الداخلية التونسي توفيق شرف الدين الصحافيين، اليوم الجمعة، بأنه استقال من منصبه وعزا ذلك إلى حاجته لرعاية أسرته بعد وفاة زوجته العام الماضي، فيما أكدت المعارضة أن السبب يعود لخلاف كبير مع الرئيس قيس سعيد بسبب “رفضه” تنفيذ تعليماته المتعلقة بسلسلة الاعتقالات الأخيرة.
وجاء إعلان الاستقالة في تصريح للوزير نقلته إذاعة “ابتسامة” (خاصة)، مساء الجمعة، قال فيه: “تصريحي هذا سيكون الأخير لي وأنا في منصب وزير الداخلية، الأمانة ساقتني إلى وزارة الداخلية التي كانت شرفا وثقة كبيرة من السيد الرئيس، كما لم تكن هذه المسؤولية هينة”.
وتابع “كان علي أن أكون قديسا أحيانا وراهبا أحيانا أخرى، وجنديا لا ينزع بزته العسكرية في أحيان كثيرة، والأمانة أيضا شاءت أن أخلع عن نفسي الآن رداء وزارة الداخلية وهذا بإذن من السيد رئيس الجمهورية”.
وأثارت هذه الاستقالة المفاجئة جدلا واسعا على مواقع التواصل، فبينما تحدث أنصار الرئيس عن تكليف شرف الدين بمهمة أخرى في الخارج، أكدت المعارضة أن سعيد أقال شرف الدين بعد رفضه تنفيذ بعض قرارته المتعلقة بحملة الاعتقالات الأخيرة، مدللة على ذلك بغياب شرف الدين عن الزيارة الأخيرة التي قام بها سعيد لوزارة الداخلية، فضلا عن تغير صيغة البيانات التي تصدرها الوزارة لتصبح شبه متطابقة مع البيانات الرئاسية.
https://www.facebook.com/100003505681501/posts/pfbid031A56fMsPMU78KpM5tWmci48mQSx8zLXGMmq2HA2hMB4Z4EGHeoQzMBXvcfr8E3hfl/?app=fbl
وكتب عبد الوهاب الهاني، رئيس حزب المجد، “إقالة وزير التدابير الاستثنائية للداخلية على الهواء مباشرة، بإذن من رئيس الجمهورية الذي “خلع عنه الأمانة” (وفق تصريح شرف الدين)، أو كيفية التحول في لمح البصر إلى كبش فداء”.
وتساءل “هل يقدم وزيرا التدابير الاستثنائية للداخلية والعدل ككبشي فداء، بنصائح من دولة صديقة للرئيس سعيد، تحسبا لاجتماع مجلس وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي الإثنين 20 آذار/ مارس لتنفيذ قرارات لائحة البرلمان الأوروبي التي تم اعتمادها بأغلبية ساحقة وتحسبا لإصدار عقوبات ضد رموز منظومة التدابير الاستثنائية وبالأخص وزيري العدل والداخلية؟ أم أنها ارتدادات إقالات وزراء الخارجية والداخلية والتعديل الوزاري الواسع في الجزائر الشقيقة؟ أم أنه الجفاء والفتور الذي بدأ يميز منذ مدة علاقة ساكن قرطاج بساكن البناية الرمادية (وزارة الداخلية) وتنفيذ قرار العزل كجزء من “القرارات التي سبق وان تم اتخاذها” قبل توقيت إعلانها وشرعنتها”.
وكتب الوزير السابق والقيادي في حركة النهضة، توفيق شرف الدين، “من خلال معرفتنا بالسلوك السياسي لقيس سعيد وخبرتنا بعقله الباطني، فإن شرف الدين تمت إقالته ولم يستقل، حتى يتم جعله كبش فداء لكل المغامرات الأمنية، ولكن انتظروا الخطوة القادمة: تعيين لطفي ابراهم على رأس وزارة الداخلية لإعادة تكريس الدولة البوليسية، ثم إقالة ليلى جفال فيما بعد أو بموازاة ذلك”.
https://www.facebook.com/100043907870831/posts/pfbid0FQFLWzEmLDpykC83Hgu2TwWd81BNiePTsRYNkiw8a395oECqXpeZ34cFc1VdVUN6l/?app=fbl
وكتب الدبلوماسي السابق، أحمد القديدي، “انتظروا إقالة وزيرة العدل ليلى جفال بعد شرف الدين. السر هو أن قيس يعتقد أنهم الاثنين متهمين من البرلمان الأوروبي بالاسم، ويعتقد أنه بنوع من الدهاء يرميهما إلى الخارج! إن شاء الله يستيقظ الآن الذين ما زالوا غافلين!”.
https://www.facebook.com/100040197053244/posts/pfbid02wRcmNudBAYJo3dvKLmRsaBNwSrpPdNDruSK11cydPMRN9rR9yQVUvrvJ5fi4Aiqbl/?app=fbl
يذكر أن توفيق شرف الدين (54 عاما) تولى منصب وزارة الداخلية في حكومة نجلاء بودن في تشرين الأول/أكتوبر 2021، ويوصف عادة بأنه من الشخصيات المقربة من الرئيس سعيد الذي قام شخصيا بزيارته في منزله ليعزيه بوفاة زوجته في منتصف العام الماضي.
ولم يعلن الرئيس بديلا لشرف الدين، الذي كان يعتبر في مرحلة ما أقرب مسؤول تونسي إلى الرئيس، لكنهما لم يظهرا معا في العلن كثيرا خلال الشهور القليلة الماضية.
وكان سعيد استقبل شرف الدين، أول أمس الأربعاء، في مقر الرئاسة حيث تطرق الاجتماع إلى “مسألة التصدي للاحتكار والمضاربة غير المشروعة، وأنه لا تسامح مع من يسعى بكل الطرق إلى تجويع الشعب لتأجيج الأوضاع الاجتماعية”.
وفق بيان صادر عن رئاسة الجمهورية التونسية، قال سعيد إن “التآمر على أمن المجتمع لا يقل خطرا عن التآمر على أمن الدولة” مؤكدا أنه لا تسامح مع من يسعى إلى المساس به.
وقبل ثلاثة أيام، التقى شرف الدين سفير الولايات المتحدة في تونس، جوي هود.
وقبل نحو أسبوعين، كرر وزير الداخلية التونسي “الخطاب التخويني” للرئيس قيس سعيد، إذ هاجم المعارضة واتحاد الشغل ووسائل الإعلام، داعيا التونسيين إلى الاصطفاف خلف الرئيس.
وخلال إشرافه على إحياء الذكرى السابعة لما سميت بـ”ملحمة بن قردان”، قال شرف الدين “إنهم (المعارضة) يعرفون صدق رئيس الجمهورية لكنهم لا يريدون إنسانا صادقا ووطنيا، فهؤلاء أشخاص يبيعون ويشترون ولا يساعدهم وجود شخص لا يُباع ولا يُشترى، وهذا ما يبرر محاولتهم تأليب الرأي العام”.
وأضاف “كان هناك حزب واحد يعاني منه الشعب (خلال حكم بن علي) واليوم هناك لوبي واحد”، في تكرار لعبارة سابقة للرئيس سعيد.
كما وصف شرف الدين بعض الإعلاميين بالمرتزقة، واعتبر أن “بعض رجال الأعمال والنقابيين باعوا الوطن، وهناك نخبة سياسية تحولت إلى نكبة سياسية، وهم خونة تحالفوا جميعا ضد الشعب التونسي”.
وطالب بـ”محاسبة كل من أخطأ، لأن عدم المحاسبة سوف يكرس التمادي، هذا الذي نراه من طرف ممثلين أمام المسرح البلدي”، وهو تعبير استخدمه سعيد أيضا لوصف معارضيه.
ودعا التونسيين للالتفاف حول الرئيس، الذي قال إنه يخوض حربا ضروسا.
وفي يوليو/ تموز 2022 أثار أمين محفوظ عضو هيئة صياغة الدستور جدلا كبيرا على مواقع التواصل، بعدما لمّح إلى “اغتيال” زوجة وزير الداخلية توفيق شرف الدين.
وقال الخبير الدستوري أمين محفوظ لإحدى الإذاعات المحلية إن جميع المحيطين بالرئيس قيس سعيد دفعوا ثمنا باهظا، مضيفا “ضحينا -أنا وزميلي الصادق بلعيد (رئيس الهيئة)- بصحتنا ووقفنا وتعرضنا لضغط كبير. لكن هذا لا شيء مقابل الثمن الذي دفعه زميلي توفيق شرف الدين”.
وتابع بقوله “شرف الدين كان محاميا يعمل هو وزوجته بهدوء وصمت، لكنه بعدما تحمّل مسؤولية وزارة الداخلية، جاء يوم فقد فيه زوجته، وفقدت عائلته عمودها الفقري”، في إشارة إلى أن وفاة زوجة شرف الدين كانت وفق “حادثة مدبّرة”.
وسقط أول عامود في خيمة قيس سعيد… نهاية كل طاغية حتمية وأحيانا تكون مؤلمة.
مافيش وزير عربي يستقيل بارادته مهما كانت الظروف والأسباب
المنصب صعب و حساس و منهك و من الطبيعي و بالاخذ في الاعتبار الضروف العائلية اثر وفاة زوجته ان يتطلع الوزير الى الابتعاد عن مسوولية جسيمة تتطلب استعداد تام و متواصل في جميع الحالات