قالت مصادر أمنية مغربية إن التحقيق الذي يجريه المكتب المركزي للأبحاث القضائية مع المعتقلين على خلفية مقتل السائحتين الإسكنادفيتين بمنطقة أمليل قرب «شمهروش» نواحي مدينة مراكش، أشرف على نهايته، وسيتم تقديم أول شخص تم اعتقاله، وهو من بين المتهمين الرئيسيين في هذه القضية، نهاية الأسبوع الجاري، في محكمة سلا الخاصة بقضايا الإرهاب.
واهتز المغرب، يوم الإثنين 17 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، على وقع جريمة بشعة، بعدما عُثر على جثتي الدنماركية لويسا فستراجر جيسبرسن (24 عاماً) والنرويجية مارين يولاند (28 عاماً) في وقت مبكر قرب قرية إمليل على الطريق إلى قمة توبقال، وهي أعلى قمة في شمال إفريقيا ومقصد شهير لتسلق الجبال.
وتمكنت الأجهزة الأمنية من اعتقال 19 شخصاً على خلفية هذه القضية التي أثارت الرأي العام، في كل من سيدي بنور، ومراكش، واشتوكة وآيت باها، وطنجة، والدار البيضاء، والصويرة.
وقال عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية المغربي، إنه بعد توقيف جميع منفذي الفعل الإجرامي الذي استهدف سائحتين، والمتورطين الذين لهم صلة به، يكون المكتب المركزي للأبحاث القضائية وضع حداً نهائياً للمشروع الإرهابي الذي كان المشتبه بهم يعتزمون تنفيذه، وتقدم بالشكر للأجهزة الأمنية لما تقوم به في مواجهة التحديات الإجرامية، وفي مقدمتها التهديدات الإرهابية.
وأوضح في تصريح في البرلمان حول مقتل السائحتين، أن من خلال الخلاصات الأولية يتبين بأن الأمر لا يتعلق بتنظيم إرهابي كبير، بل فقط بأفراد متشبعين بالفكر المتطرف، قرروا ارتكاب الفعل الإجرامي بوسائل بسيطة مستوحاة من الممارسات البشعة للتنظيمات الإرهابية.
وأضاف لفتيت: «تبني العناصر الإجرامة لهذه الطريقة الجديدة مقارنة مع الأحداث الإرهابية السابقة التي عرفتها المملكة، جاء نتيجة للنجاح في تضييق الخناق على المجموعات الإرهابية».
ودعا وزير الداخلية المغربي إلى «التحلي بخطاب واضح من طرف الأفراد والجماعات على حد سواء، والالتزام بالثبات على المواقف بعيداً عن المتاجرة في القيم الأخلاقية» وقال: «لا وجود لمنزلة وسطى في حب الوطن»، حيث إن «الخطاب المعتمد من طرف جهات معينة والتباسه حسب المصالح والمواقف والسعي الدائم إلى تبخيس مجهودات الدولة يؤدي حتماً إلى فقدان الثقة في ما يجمعنا كأمة».
وأضاف: «نموذجنا المغربي المتميز متشبع بالاعتدال ونبذ التطرف والظلامية»، مشيراً إلى أن البعض «يبحث عن ولاءات بديلة تقوم على الانغلاق، والتعصب كمنهج، والعنف كممارسة».
وأكد الوزير المغربي أن «طريق الالتحاق بمحور الشر والكراهية أصبح اليوم معبداً أكثر مما مضى»، وأن هذا العصر عصر المذاهب الفقهية الهدامة المتنقلة عبر وسائل التواصل والهواتف الذكية.
وأكد عبد الوافي لفتيت أنه مهما بلغت درجة اليقظة الأمنية لمحاربة الإرهاب، فإنها تظل دائماً معرضة للتشويش الناتج عن إصرار البعض على تبني مقاربة انتهازية، وأن المقاربة الانتهازية «يجسدها سلوك بعض التيارات داخل الوطن وخارجه، والتي تحرص على تبني خطابات عدمية تزرع الإحباط وتنشر ثقافة التيئيس لغاية مشبوهة»، وشدد على أن «جريمة مقتل الضحيتين تبرز بأن التحديات الإرهابية خطر دائم ومستمر ما دام هناك خطاب متطرف يلقى له صدى، ويتقاطع مع ما يتبناه المتطرفون المحليون، وما دامت هناك جماعات إرهابية تعمل على المس بأمننا الداخلي».
وقال إن أول خطوة للقضاء على الإرهاب تتمثل في وقاية المجتمع من المخاطر الناجمة عن استغلال الدين لتحقيق أغراض دنيئة، بعيدة عن القيم السمحة التي هي إحدى الروافد الأساسية للمثل الإنسانية السامية.
وقال مسؤول أمني مغربي كبير إن عدد المعتقلين في قضية الفتاتين الاسكندنافيتين اللتين تعرضتا لهجوم إرهابي بشع الأسبوع الماضي بالقرب من مراكش، بلغ 19 شخصاً، وسيتم اعتقال كل شخص كان على علاقة بالمتورطين في القضية التي هزت الرأي العام، أو المشتبه في حملهم التوجه الإرهابي نفسه.
وكشف عبد الحق الخيام، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، أنه تم اعتقال أول مشتبه فيه في الجريمة قبل أسبوع، فيما جرى توقيف الآخرين يوم الخميس الماضي، وفي اليوم نفسه، تم أول فيديو للمشتبه فيهم الأربعة وهم يبايعون زعيمهم المزعوم أبو بكر البغدادي.
وأفاد بلاغ الوكيل العام للملك أن الفيديو تم تسجيله قبل أسبوع من ارتكاب الجريمة الشنعاء.
وتمكنت عناصر المكتب المركزي للأبحاث القضائية من توقيف شخصين للاشتباه فيهما بموالاتهما لتنظيم «داعش».
وقال الخيام إن ثلاثة أشخاص من بين المعتقلين لديهم سوابق في تهم تتعلق بالإرهاب، وأضاف أن «أمير الخلية» يدعى عبد الصمد ايجود، يبلغ من العمر 25 سنة، وتم اعتقاله يوم الخميس الماضي بمراكش، رفقة متورطين آخرين على متن حافلة للنقل العمومي، كانت في طريقها إلى مدينة أكادير.
وأشار إلى أن عبد الصمد إيجود سبق أن تم اعتقاله في سنة 2014 على إثر محاولته الالتحاق بمقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي بسوريا، مضيفاً أنه وبالرغم من أن ايجود استفاد من تخفيض مدته عقوبته السجنية وتم الإفراج عنه، «بقي وفياً لأفكاره المتطرفة.. وقام بتأسيس شبكة تشبه خلية إرهابية بهدف التخطيط وتنفيذ مشاريع إرهابية بالمغرب».
وأكد مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية أنه «بالرغم من أن ايجود هو من كان يتحدث في الفيديو الذي تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، والذي يُظهر مبايعة المشتبه فيهم الرئيسيين لتنظيم داعش، إلا أن هذه الخلية لم تكن على تواصل مع أشخاص من تنظيم داعش الإرهابي في كل من العراق وسوريا ليبيا».