بغداد – أ ف ب: حذر وزير الكهرباء العراقي لؤي الخطيب من مغبة تسييس قطاع الطاقة في العراق الذي يعاني انقطاعا مزمنا في الكهرباء، معتبرا أن ذلك قد ينسحب سلبا على الأمن الاقتصادي للمنطقة والعالم.
وقال الخطيب في مقابلة صحافية في مقر الوزارة في بغداد إن «الكهرباء ملف أمن وطني»، معتبرا أنه «إذا انعدمت الكهرباء، سيتأثر الاقتصاد سلباً، وبالتالي لا يوجد اقتصاد ولا يوجد أمن في البلاد».
وأضاف الوزير أن «ما نرجوه هو أن يتم التعاطي مع العراق بصورة أكثر عملية ومنطقية. في النهاية أي أزمة سياسية أو أمنية أو اقتصادية ستنسحب على المنطقة مثلما تنسحب على العراق، وبالتالي الاقتصاد العالمي سيكون معرضا للتهديد. نرجو أن لا يسيّس هذا الملف».
وسمّي الخطيب، خبير الطاقة البالغ من العمر 51 عاما، وزيرا للكهرباء في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، مفوضا بتجديد البنية التحتية للكهرباء في العراق، والمتهالكة أصلا والمتأثرة بفعل المعارك ضد تنظيم «الدولة» (داعش)
لكنه يواجه اليوم تحديين سياسيين هائلين: خطر تجدد الاحتجاجات الصيفية، وتصعيد الضغط الأمريكي على إيران التي يستورد العراق الطاقة منها.
أكد أن السفارات الأجنبية في بغداد تضغط من أجل مصالحها في قطاع الطاقة
وخرجت تظاهرات في كل أنحاء العراق، وخصوصا في الجنوب، صيف العام الماضي، ضد انعدام الخدمات وانقطاع الكهرباء. وبالتالي، فإن الصيف الحالي سيكون بمثابة استفتاء فعلي حول تقدم العمل الحكومي.
بدا الخطيب متفائلا بقوله إن وزارته أعادت تأهيل محطات كانت خارج الخدمة إضافة إلى خطوط نقل ثابتة ومولدات مؤقتة إلى المناطق المدمرة، ومن ضمنها الموصل في شمال العراق.
قال وزير الكهرباء «في 25 تشرين الأول/أكتوبر، أي الأسبوع الذي استلمت فيه منصبي، كنا ننتج بين 9,5 و10 ميغاواط من الكهرباء. الآن ننتج 15».
وتابع أن معظم محافظات العراق «ستستلم ما لا يقل عن 20 ساعة من الكهرباء يوميا. وهذه في الحقيقة مستويات إنتاج وتجهيز لم تشهدها البلاد منذ سنين طويلة».
وعلى المدى المتوسط، تعمل وزارة الكهرباء على تطوير مشروع الطاقة الشمسية، وقدرات استثمار الغاز المصاحب، إضافة إلى اتفاقيات في مجال الطاقة مع دول مجاورة.
وقد تم توقيع عقود بقيمة 700 مليون يورو (785 مليون دولار)، مع شركة سيمنز الألمانية الشهر الماضي، وسط توقعات بصفقات مماثلة مع شركة جنرال إلكتريك الأمريكية.
ويستورد العراق ما يصل إلى 28 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي من طهران لمصانعه، كما يشتري بشكل مباشر 1300 ميغاواط من الكهرباء الإيرانية.
بعدما أعادت واشنطن فرض عقوبات على إيران العام الماضي، منحت العراق إعفاءات مؤقتة حتى أواخر حزيران/يونيو المقبل.
لكن الخطيب لم يملك جوابا عن السيناريو المحتمل في حال عدم تجديد الإعفاء.
وقال «لست في سوق التوقعات، لكن ما أرجوه من القوى العالمية هو القليل من التعقل كي نعيش في سلام على هذا الكوكب».
وتصاعد التوتر مؤخرا بين واشنطن وطهران، وعادة ما تجد بغداد نفسها في قلب هذا الصراع، خصوصا وأنها حليفة للخصمين اللدودين.
وتقول مصادر حكومية عراقية إن الولايات المتحدة تضغط على بغداد للشراكة مع شركات أمريكية، ومن ضمنها جنرال إلكتريك وإكسون موبيل وهانيويل، ووقف الاعتماد على الطاقة الإيرانية.
وأقر الخطيب بأن السفارات الأجنبية تضغط من أجل مصالحها في قطاع الطاقة العراقي، لكنه قال إن بغداد ستبقى غير سياسية في قراراتها.
وأضاف «بصراحة لا نريد أن نكون كبش فداء في داخل صراعات ستنسحب سلباً على أمن المنطقة، والتالي اقتصاد العالم».
وإلى جانب الساعات الموقوتة في الشارع العراقي والتوترات الجيوسياسية، اعترف الخطيب بالضغط من داخل الحكومة نفسها.
وقال إنه «ورث بيروقراطية»، وكثيراً ما طلب منه تقديم خدمات أو توظيف أشخاص.
ولدى سؤاله عما إذا كان، وعلى غرار رئيس الوزراء عادل عبد المهدي يضع كتاب استقالته في جيبه، قال الخطيب إن «الشخص يجب أن يكون جلده قاسيا. إما أن أركز على السياسيين، أو أركز على العمل».